الملك السويدي كوستاف فوسا للكاتب السويدي هانس بيترسون
2009-08-02
الثائر يتحدث عن نفسه..
أنا إيريكسون كوستا فوسا
والدتي أسمها, سيسيليا إيكا مونسدوتير, والدي اسمه فوسا يوهانسون إيريك.
في ريعان كنت شاباً، كانت الحياة في عصري مملوءة بالأحداث الكثيرة.
لأكثر من مئة عام كان الدانماركيين بقيادة ملوكهم يسيطرون على السويد عبرالأحتلال العسكري المباشر.
خلال هذه المدة كان الشعب السويدي يناضل ويكافح من أجل استقلاله وحريته, من أجل أن تصبح السويد دولة حرة مستقلة.
ترعرعت في هذا الجو المشحون بالأحداث العارمة. كانت الحياة في نظري قاسية وتزداد قسوة وصعوبة يوماً بعد يوم.
وكان عامل الوقت ضاغط إضافي علي.
ولدت في عام في 12 أيار 1496.
سأتكلم قليلاً عن نفسي..
أنا صاحب مزاج معقد وقاس, منذ أن كنت صغيراً. العناد والصلابة في الواقف جزء أساسي من تكويني النفسي والعقلي. لقد أعطاني هذا العناد أشياء كثيرة ومفيدة, منها على سبيل المثال, أحب أن أقررمصير حياتي دون تدخل الأخرين فيها, سواء في البيت أوالشارع أوالمدرسة..
وأعطاني القوة والثقة بالنفس.
عائلتنا كبيرة, لها صلات قرابة على طول البلاد وعرضها, ويتمتعوون بثروات هائلة. لقد ناضلوا طوال الوقت من أجل حرية السويد واستقلالها التام. بالطبع وجودي في عائلة ثرية جعلني أنال تعليماً رائعاً وعالياً. بالأضافة إلى إتقاني للعديد من اللغات..
وكان لي اهتمامات بالمزارع والغابات ورعايتها. كما أحب صيد السمك.
خلال فترة الشباب نما في داخلي ميل للثورة والكفاح ضد الاحتلال الدانماركي وملكهم وجنوده. كان هذا الملك أسمه كريستيان الثاني. لقد عمل طوال حياته حتى يبقى ملكاً على السويد مثل والده.. ووالد والده.
كنت في التاسعة عشرة من العمرعندما جاء هذا الملك إلى استوكهولم في سفينته الملكية لاخماد المقاومة السويدية بقيادة زعيمها الثائرستين ستوريه, ذلك الزعيم الذي قاد الثورة المسلحة ضد الاحتلال الدانماركي وملكها.. كريستيان الثاني.
لقد قبض الجنود الدانماركيين علي وعلى بضعة رجال من السويديين ووضعونا على ظهر سفينة الملك الدانماركي وأمرونا أن نرفع الأشرعة.
هدرت أصوات الأشرعة وأرتفعت وراحت السفينة تمخرعباب البحرمتجهة إلى الدنمارك مع بقية السجناء مثلي.
منذ ذلك اليوم أزداد الكرهه في داخلي للملك كريستيان. لقد رأيته أكثر من مرتين على ظهرتلك السفينة العملاقة.
كنت أتساءل في سري كيف يجرؤ كريستيان أن يأخذنا بهذا الشكل.
لقد نقلونا إلى مزرعة كبيرة في منطقة يولاند في الدانمارك.
في فترة مكوثي في الدانمارك, سمعت أن الملك كريستيان يرتب اوضاعه, وعلى وشك أن ينجح في بسط نفوذه على كامل التراب السويدي, ويلم الصفوف حوله من أجل أن يتم أختياره ملكاً على السويديين جميعاً. أدركت ساعتها إنه يتعين علي الهرب والعودة بسرعة إلى وطني السويد.
ورحت أبحث عن أفضل طريقة تعيدني إلى دياري, إلى وطني.
مات الثائرستين ستوريه, قائد ثورة الأستقلال ضد الوجود الدانماركي وملكهم.
عند ذاك, خلا الأمر للملك الدنماركي كريستيان الثاني كي يبسط سيطرته ونفوذه على كامل التراب السويدي.
أثناء بحثي عن أفضل طريقة للهرب, استطعت أن استعيربعض الأسمال القديمة والثياب البالية. لبستها وتخفيت بها وهربت.
نجحت في الانسلال خلسة تحت جناح الليل في طريق فرعي, في جو مثقل بالعواصف والبرد والرعد والاعاصير.
لقد بحث الجنود عني في كل مكان, لمرات عديدة. كانوا على وشك ان يقبضوا علي ويعتقلوني. بالرغم من النجاح الذي لاقيته في البدء, لكني في النهاية وصلت إلى منطقة ليبيك في المانيا.
من هناك استقليت سفينة إلى مقاطعة كالمار في الجنوب الشرقي من السويد, وتحديداً في مدينة كامار. من هناك سرت مشيأ على الأقدام عبر غابات سمولاند, إلى أن وصلت إلى مقاطعة سودرمولاند. كنت على صلة قرابة مع الثائرستين ستوريه.
الأن مات هذا الثائر, لذا يجب أن نملأ هذا الفراغ الذي خلفه هذا القائد الأستقلالي..
كنت أعد العدة لأقود ثورة الأستقلال ضد الدنماركيين والعمل على طردهم من بلادنا.
كانت أختي ونسيبنا يقيمون في مزرعتهم الكبيرة في مقاطعة سوديرمولاند. قلت في نفسي, يجب أن أبحث عن موطأ قدم, موطأ أمان في بيت أختي. في هذه المقاطعة أستطيع أن أختفي عن الأعين. لكن ظهر ما لم يكن في الحسبان. عند مجيئي إلى هذا المكان, سمعت أن الوجوه البارزة والعائلات المعروفة في هذه المنطقة, كانوا في طريقهم إلى استوكهولم لحضور دعوة لأحياء حفلة كبيرة في قصرالملك من أجل تقديم التهنئة للملك الدانماركي كريستيان الثاني.
حذرتهم, قلت لهم, لا تذهبوا. هناك بوادر خيانة وغدر في حقكم. لكنهم لم يسمعوا ندائي, لم يلتفتوا لأقوالي.
غادرت المكان على وجه السرعة وأنا ممتلئ بالهموم والهواجس والقلق. اترقب بفارغ الصبررجوع الأهل إلى ديارهم من تلك الحفلة المشبوهة.. تلك التي أقامها الملك المحتل على شرفه.
كان ذلك في 8ــ 9 تشرين الثاني/ اكتوبر/ من العام 1520 .
كان قلقي في مكانه.
انتهت الحفلة الموعودة بمذبحة كبيرة وعارمة. كان والدي أحد ضحاياها. لقد قطعوا رأسه مع ثمانون رجلاً من رجالنا البارزين والمعروفين في الساحة العامة لمدينة استوكهولم.
الدماء الحمراء القانئة سالت في الشوارع والطرقات حتى وصلت إلى المراكب الراسية على موانئ البحر وأسفل موانئ السفن.
اعتقلوا أختي وأخذوها معهم إلى السجن, إلى الدنمارك مع أمي وجدتي.
من الصعب بل من العسير أن أصف أوأقدر على شرح مقدار حزني ويأسي والغضب الذي يعتمرقلبي وروحي ويقذفني إلى ممرات مختلفة.
في كل مرة يخون الملك كريستيان العهود والوعود التي كان يقطعها للسويديين. الثائرستين ستوريه والعديد من رفاقه الذين قاموا في الثورة والعصيان ضد الدنمارك في عداد الأموات في هذه الأوقات.
لكن هناك الكثيرة من الأشياء التي يجب البدء في القيام بها.
يجب أن تستمر الثورة ضد الدنماركيين, ان يستمرالكفاح من أجل استقلال السويد التام.
راح الدنماركيون يبحثون عني. فتشوا في كل مكان. جروا ورائي في كل مكان يخطر على بالهم أنني هناك. في البيوت, المزارع والطرقات. في محاولة اللحاق بي ومن ثم اعتقالي.
لم يكن لدي الجرأة والجسارة أن انتظر المزيد أكثر. لم أكن أرغب أن يضيع المزيد من الوقت. لهذا قررت أن أمشي. أن اسيرواتجه إلى الناس مباشرة في محيط منطقة دالارنا. من هذه المنطقة الثائرة والشجاعة انطلق الثائرستين ستوريه ورفاقه للكفاح والنضال من أجل طرد الدانماركيين من بلادنا.
هنا أيضاً. في هذه البقعة من الأرض السويدية, من منطقة الكفاح من أجل حرية السويد, مات العديد العديد من أصدقائي ورفاق عمري وزملاء الدراسة في المدرسة. أولئك المزارعون الذين كانوا يملكون الكثير من المزارع. وكانت لي رغبة في التعاون معهم ومساعدتهم.
الظروف الخطيرة التي مررت بها, تجوالي الدائم. خط مسيري باتجأه الشمال. استدعى مني أن أكون محترساً, يقظاً بشكل دائم.
الدانماركيون رصدوا جائزة مالية كبيرة للشخص الذي يقبض علي ويسلمني لهم. هذا الوضع الجديد جعلني محترزاً ولا أثق بأحد بسرعة.
من السهولة بمكان أن يخون المرء. هناك الكثير من وضيعي النفس. المكأفاة المالية, كبيرة.
لهذا كنت طوال الوقت البس الأسمال, الثياب الرثة, البسيطة. ورغبة مني في الظهور بمظهر الفلاح الأجيروالإنسان العادي الذي يبحث أو يسعى في البحث عن العمل في المزارع.
بهذه الطريقة كنت أمل أن لا يتعرف الدانماركيون علي مرة ثانية.
بعد انتهاء مراسم العيد. قررت في النهاية أن أظهرفي دالارنا من أجل أن اتابع الكفاح.
بعد ذلك, تحدث الناس كثيراً عن الأشياء التي حدثت معي في دالارنا.
لكنها لم تجانب الحقيقية الكاملة.. العديد من الناس سمعوا عني. وسمعوا أنني احث الجميع على إعادة الروح إلى الثورة ضد الاحتلال الدانماركي من جديد.
يجب التذكير أن الجنود الدانماركيين كانوا يتعقبون خطاي في كل مكان.
منذ البداية, في بادئ ذي بدء بحثت عن أندش بيرشون في رينك نييتان.
عملت في مزرعته كعامل بالإجرة حتى ابتعد عن الانظار, لكني بقيت حريصاً. لم أثق به مطلقاً. من خلال وجودي في العمل, استطلعت الوضع.
في احد الأيام, رأيت الخادمة تطرز قبة قميصي باللون الذهبي. راقبتها من بعيد, رأيتها تتكلم مع أندش بيرشون حول الموضوع. هذا الشيء جعلني ارتاب وأشك وأخذ الحيطة والحذر. زاد الشك لدي عندما طلب مني أن أبقى في مكاني, أن انتظره. بل حذرني من الإقدام على الهرب.
الدانماركيون علموا بوجودي في دالارنا. راحوا يبحثون عني ويجرون خلفي من قرية إلى قرية ومن مزرعة إلى مزرعة. هربت من مكان إلى أخر إلى أن وصلن إلى بيت صديق حميم أسمه أرينت بيشسون. إنه.. أي هذا الصديق، يقطن في مزرعة أسمها أورنيس. عندما رأني عرفني على الفور. بعد أن جلسنا مع بعضنا قليلاً, رحت احدثه عن الأحداث الجسام التي حدثت في استوكهولم.
قلت له, شرحت له باستفاضة عن مطلبي, مطلب السويد. عن رغبتي ورغبة السويديين في القيام بالثورة من جديد, من أجل طرد الدانماركيين وملكهم كريستيان الثاني. طلبت مؤازرته ومؤازرة الناس لي. واردفت:
الأن الثورة بدون قائد. والثائر.. ستين ستوريه قد مات.
لكن أرينت خذلني وخانني وغدربي. هذا الرجل السيء, الحقير. سافر بعيداً إلى مزرعة أخرى بعد أن سمع ما حدثته به. ذهب ليبلغ عني ويسلمني للدانماركيين. لم يكن يعلم إنني أضحي بحياتي من أجل حرية السويد. لقد باع هذا الخائن نفسه ببضع قطع من الفضة. لكن زوجة أرينت كان لها رأي أخر, وطريق أخرمختلف عنه. طريقها يتقاطع مع طريقي. كانت صاحبة فكر ثاقب ورؤية مختلفة عن زوجها. بالإضافة إلى أنها لم تكن تثق بأرينت. وكانت مثلي, ثائرة ضد الدانماركيين.
عندما حل الليل, وخيم الظلام. نادت على الغلام, العامل بالإجرة. طلبت منه أن يجهز الحصان والزحافات "عربة الجليد". من خلال النافذة المفتوحة في أعلى المنزل نزلت على الحبل المدلى إلى أصبحت على العربة. ركبتها وسرت بعيداً إلى أن ضعت عن الأنظار في الظلمة الحالكة.
لولا ذكاء هذه المرأة الرائعة ومساعدتها لكان تغير كل شيء ولما حدثت ثورة قادها العديد من الرجال.
لقد نجوت بروحي وسرت بشكل تدريجي إلى سفين في إسالا. انتظرت هناك بعضة أيام. بقيت في ثيابي البسيطة, الرثة, حتى لا يتعرف علي الجنود الدانماركيون. لأنهم كانوا ما يزالوا يبحثون عني في ذلك المكان من بيت إلى بيت.
في مزرعة إسالا كانت زوجة سفين واقفة تخبز عندما جاء مجموعة من الجنود الدانماركيين. داخلوا من الباب الرئيسي. كادوا يقتربوا من النجاح في مسعاهم ويلقوا القبض علي. حدقوا ملياً في عيني وقبل أن يقدموا على أي خطوة, فطنت هذه المرأة النبيهة للأمر. قامت هذه المرأة الرائعة على أثر ذلك بعمل لم يكن في الحسبان. مسكت العصا الطويلة التي كانت تخبز بها، وراحت تشبعني ضرباً أمامهم. صرخت في وجهي ووبختني. قالت, لماذا تقف هنا أيها الأجير. أذهب إلى عملك, إلى زملائك العمال, الذين مثلك.
لم يخطر في بال الجنود أن هذه المرأة الفلاحة البسيطة, يمكن لها أن تتصرف على هذا النحو وعلى هذا القدرمن الحكمة والحيلة مع كوستاف فوزا وتنقذه من موت محقق.
سفين وزوجته باربره علموا بأن الوضع غير أمن. حمل سفين المذراة وطلب مني أن أجلس فوق زلاجة الجليد. ثم مضى يملأها بالقش والتبن إلى أن اختفيت بالكامل تحت هذا الكابوس الطويل. سار بنا هذا الموكب! إلى مدينة مورنيس. هناك, في تلك المدينة فيها الكثير من الناس الذين يمكن أن أثق بهم.
ندف الثلج ملأت الطريق الضيق الذي سرنا عليه. كان اللون الأبيض الجميل, لون الثلج يغطي كل شيء. في الطريق التقينا ببضعة جنود دانماركيين. أوقفوا سفين. راح سفين يشرح لهم ويبررخروجه في هذا الطقس القاسي. قال لهم, أن جاره في مدينة مورنيس يحتاج إلى القش والتبن. لكن الجنود لم يصدقوه، أشتبهوا في مسلكه. لهذا مسكوا الرماح وراحوا يغرزوا سنانها في قلب القش ويفتشوا ما بداخلها لأحساسهم بأنني مختبأ في الزلاجة تحت القش.
في أثناء التفتيش تعرضت لطعنة رمح في ركبتي. بعد لحظة بسيطة راح الدم ينقط وينزل على الطريق, على الثلج الأبيض. بعد ذهاب الجند, نزل سفين من العربة. أخذ سكيناً وجرح رجل الحصان جرحاً خفيفا.
بعد لحظات أخرى التقينا بجنود دانماركيون قادمين من مكان آخر. أوقفوه. سألوه من سبب سيلان الدم, مما حدا بسفين أن يريهم رجل الحصان المجروحة.
بعد ذلك مضوا لشأنهم.
ثم راح يشرح لي عن مسار الطريق والمسافة المتبقة.
يقطن في مورنيس أثنان من الأخوة لي. عندما علموا بقدومي جاؤوا وأخذوني إلى كنيسة مدينة ريتفيك. المطلة على البحيرة سيليان التي غادرها الدانماركيون.
بعد قداس الأحد جمعت الناس خارج الكنيسة ورحت أروي لهم عن الملك الدانماركي وعن المذبحة التي قام بها في استوكهولم. كنت في هذا الوقت في العشرين من العمر. بدأت الأمور تأخذ مجرى جيد وراحت الأصوات تهدربقوة. سمعت ذلك في كل محيط الكنيسة.
الناس في ريتفيك اصغوا السمع لحديثي, لما قلت بدقة. أمنوا بكل كلمة قلتها. صدقوا كل كلمة نطقتها. لكن إصغاء هذه القرية لي لا يفي بالحاجة, لا يكفي على الأطلاق. ماذا عن القرى الأخرى؟ كيف يمكن إقناعهم والوصول إليهم.
رحت أفكر. قلت لنفسي, ربما يعتقد الناس في بقية القرى كما يعتقد أهل هذه القرية.
كنت ما أزال صغيراً. وعلاوة على ذلك, كان الملك الدانماركي، لطيفاً طوال الوقت مع الناس العاديين، بل كان طيباً معهم. وربما كان طيباً أيضاً، مع الناس الأقوياء والأغنياء الذين يقطع رؤوسهم.
لكن بعض القرويين قالوا لي أنه يجب علي أن أتكلم مع الناس في القرى الأخرى.
كانت الأصوات مشجعة. رحت أسير بشكل سري إلى مورى. في هذه المدينة, بحتت عن القسيس. لكن هذا القسيس لم يجرؤ أن يبقيني في هذه المنطقة: الدانماركيون يبحثون عنك ويتعقبون أثرك ويسيرون ورائك في هذا المنطقة, منطقة مورى. هنا.
رحلني القسيس خلسة إلى بيت فلاح اسمه ماتس لأرشون.
فيما بعد. مضى الرجل، يتحدث عن وسيلة ناجعة لأخفائي. اقترح أن يضعني في قبوالمطبخ.
بعد بضعة أيام من وجودي في هذه المنطقة, جاء الدانماركيون إلى المزرعة. تسلقت الحبل بسرعة ونزلت إلى الأسفل. إلى القبو.
السيدة مارغيت زوجة ماتس جلبت حوض غسيل الثياب ووضعته فوقي في فجوة في أسفل القبو. جاء العسكر يبحثون في طول البيت وعرضه, في مداخل البيت ومخارجه, في خارج البيت أيضا.ً لكنهم لم يعثروا على الفجوة في الأسفل, في داخل القبو الذي كنت مختبئاً فيه.
دهاء النساء وذكائهن أنقذني مرة أخرى.
خرجت للناس مباشرة، بعد ذهاب الجنود. رحت اخطب فيهم. في المحيط الدائري للكنسية في مورى. وقفت اشرح لهم. أقول لهم, كيف ذبحوا والدي وأخي, كيف قطعوا رؤوسهم مع بقية الأعيان في استوكهولم. وكيف ساقوا أمي وأخواتي البنات إلى العاصمة الدنماركية كوبنهاغن مع العديد من النسوة. قلت لهم إنني على صلة قرابة مع الثائر السويدي ستين ستوريه. وطلبت من الناس أن تقف معي وتساعدني ضد الملك كريستيان من أجل التحرروالاستقلال من التبعية الدنماركية. لكن الناس في مورى لم يؤمنوا برسالتي. لم يقفوا إلى جانبي. لكنهم انصتوا إلى كلامي بشكل جيد. لم يكن يرغبوا أن يصدقوا أن الملك كريستيان بهذه الفظاظة والقسوة والغدار. لا يرعى العهود والمواثيق.
حينئذ هممت بالمغادرة. لكن.. ممتلئاً بالحزن والخيبة. لقد خذلوني وخذلوا مسعاي في الحرية والاستقلال للسويد.
كما لم يرغبوا أن يقفوا إلى جانبي في مسعاي. ولم يساعدوني.
لقد استعرت زوجاً من الزحافات. أخذت طريقي باتجاه ليَما. هناك, في تلك الأصقاع. وقفت انتظر الناس خارج الكنيسة. انتظرت خروجهم منها. لكن بدا لي, إنه من غير المفيد أن أحاول إقناع هؤلاء الناس لأنهم لن يلبوا ما أنا قادم من أجله.
تابعت رحلتي باتجاه الشمال, باتجاه النرويج.
حدث تطور لم يكن في الحسبان. خلال هذا الوقت العصيب الذي مررت به، عاد أحد رجال الثائرستين ستوريه إلى مورى . راح يحدثهم عن المذبحة الكبيرة التي حدثت في استوكهولم. قال أشياء كثيرة متطابقة مع الأقوال التي قلتها لهم قبل فترة وجيزة. ومضى الرجل يقول: ما زال الملك كريستيان الثاني ملك الدانمارك يهدد ويتوعد. قال, أنه سيقتل كل من تسول له نفسه بالتمرد والعصيان أو الوقوف في وجهه سلطته ونظامه في السويد.
لم يكن لهذا الحدث الجلل أن يمر مرور العابرين الكرام.
الأن الناس في مورى معبئون حتى الثمالة من القهروالجور. الأن صدقوا كل كلمة قلتها لهم.
كانت علائم السخط والقلق بادية على وجوههم, بعد أن علموا أن ما أقوله هو عين الحقيقة. لكن ماذا يجب علينا فعله الأن.
كنت وحيداً في الميدان, وممتلئ الرغبة في القيام بالثورة من جديد, من أجل أنقاذ السويد, من أجل حريتها واستقلالها..
لكن الناس خائفة, لا تحرك ساكناً.
في الحال. طلبت من رجلين أن يجهزوا زلاجاتهم, من أجل أن نسير وجهنا باتجاه النرويج. سألوني باستغراب, لماذا؟
قلت ساخراً, سأذهب إلى فقمات البحر, من أجل أن تنظم إلي, من أجل الحرية والاستقلال!
قالوا: يجب أن تعود ادراجك. كل الناس في مورى في انتظارك. ينتظرون إشارة منك. جميعهم سيتبعونك في مسعاك. من أجل النضال ضد الملك كريستيان الثاني, من أجل الحرية للسويد.
الأن تأكد لي, أن الثورة من أجل الاستقلال قد بدأت من جديد, وأن زمام الأمور صارت لي.
أنا القائد الجديد للثورة.
جمعت الرجال من مدبنة مورى, أوشا, ليَما, وريتفيك. بالطبع.. من كل المقاطعة والمناطق المحيطة بدالارنا.
الأن نحن في شباط.. لدي بضعة مئات من الرجال جاهزين للإنخراط في الثورة.
لكن الدانماركيين لم يسلموا بسهولة.
في كل مجابهة, في كل صراع بيننا وبينهم, يتنهي القتال إلى المزيد من الدم, إلى المزيد من الاحتقان. لكننا كنا ممتلئين رغبة في الخلاص من الاحتلال.
في النهاية أرغمنا الدانماركيين في الخروج من ديارنا والعودة إلى بلادهم.
صار معي ثلاثة آلاف رجل مسلح, مستعدون أن يسيروا معي في طول البلاد وعرضها. بينما الملك كريستيان, خسركل شيئ, الكثير, الكثير من الناس..
بعد عامين على هذا الوضع, اخترت ملك على السويد.
في منتصف الصيف من العام 1523 ركبت جوادي الأبيض, واتجهت إلى استوكهولم, عاصمة الدولة السويدية. كان قد مضى ثلاث سنوات على المذبحة الكبيرة في استوكهولم.. في هذه السنوات الثلاث نجحت في إرغام الملك الدانماركي على التخلي عن عرش السويد.
الأن. انا من يقرركل شيء في السويد وشؤون الناس فيها.
لكن ما يزال يوجد العديد من الجنود الدانماركيين في البلاد يسعون من أجل عودة الملك كريستيان إلى الحكم والسلطة وقيادة السويد.
لكني ناضلت وكافحت حتى تبقى السويد حرة مستقلة. من أجل أن لا يدفع السويديين المزيد من الدم في أشياء عبثية.
لقد علمني والدي منذ أن كنت صغيراً..
أن ارعى واهتم بالمزارع والغابات. أمسك بيد الناس في المحن, اتصرف بشكل لبق مع الآخرين.
الأن. تقع مسؤولية السويد ومواطنيها على عاتقي. أرغب ان أضع علمي ومعرفتي في خدمتهم. وفي الوقت نفسه, يجب أن يستمر كفاحي ضد الدانماركيين.
ناضلت وكافحت كثيراً. كتبت آلاف الرسائل. وكنت على استعداد تام للسفر إلى ابعد نقطة في البلاد, في الطول والعرض.
لقد تكلمت مع السويديين, شرحت لهم. كافحت ضد التمرد وضد الجيوب المسلحة من الدانماركيين الباقين في البلاد.
لقد اختارني السويديين ملكاً عليهم. توجت في كاتدرائية أوبسلا في العام 1528 .
أحياناً كثيرة, كنت أرغب أن اترك العمل, أن اترك قيادة دفة الحكم, من أجل أن أرفه عن نفسي. تنتابني لحظات حب جامحة للغناء, أن أنظم إلى حفلة رقص كبيرة وصاخبة. أرغب أيضاً أن يكون لي عائلة.. وأسرة. تزوجت من الأميرة الألمانية كاترينا, عندما كانت في الثامنة عشرة من العمر. بعد عامين من زواجنا وعرسنا رزقنا بمولودنا الأول واسميناه إيريك.
زواجي لم يدم طويلاً. لم يدم زواجي من مع كاترينا أكثر من أربعة أعوام. لقد ماتت في ظروف غير متوقعة. وبعد سنة من موتها تزوجت من مارغريتا ليون هوفد. لقد أثمر زواجنا عن عشرة أولاد. ثمانية منهم عاشوا وبلغوا سن الشباب. الكبير من أولادي أصبح اسمه يوهان والأصغرعمدناه باسم كارل. ستة عشرة عاماً عشتها مع زوجتي وحبيبتي قبل أن تموت عن عمرقارب التاسعة والثلاثون. لقد كان لديها الصبروالجلد الطويل, لأنها تحملت غضاضتي, مزاجي المتقلب. كان على كاهلي واجبات كبيرة وكثيرة, اتجاه أرضنا ورعايتها.
يجب أن تصبح السويد كما أرغب وأريد. وعلاوة على ذلك كان تنتابني في أغلب الأوقات آلام في اللثة والأسنان. لكن بصورة عامة كنت قوياً.
كنت أشتاق كثيراً لزوجتي مارغريتا.
بعد عام على وفاتها تزوجت للمرة الثالثة. كان اسم أميرتي الجديدة كاترينا ستين بوك,وكانت في عامها السادسة عشرة.
ملاحظة..
حكم كوستاف فوسا السويد منذ العام 1523 وحتى وفاته عام 1560 ويلقب بكوستاف الأول, بينما الملك الحالي يلقب ب كوستاف السادس عشر.
الكاتب السويدي هانس بيترسون
نقلها عن السويدية آرام كربيت
08-أيار-2021
30-تموز-2010 | |
17-تموز-2010 | |
02-آب-2009 | |
21-تموز-2009 | |
15-تموز-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |