الوعي بضاعة.. نعم.
خاص ألف
2009-08-16
يقول مثقف ثوري، أن معرض الكتاب يحتوي على أربعين ألف عنوان، ويشغله سؤال، (الملحد) الذي يتحول الى ديني، ويشغله أكثر:
- التحقيق الصحفي الذي يمكن أن ينتزعه من مساحات معرض الكتاب في معرض دمشق للكتاب، والمقام في مدينة المعارض منذ أيام.
مايشغلني، ماليس يشغله، وللأسباب التالية:
أن يكون في معرض الكتاب أربعين ألف عنوان ، فهذا يعني محصلة جهود أربعين ألف كاتب، ومترجم، ومدقق لغوي، وطبيع، وكلهم اجتمعوا لحصاد خسارة في معركة عنوانها من البداية خاسرا، وهو خاسر أيضا لأسباب:
اول الأسباب، أن الكتابة تعني انتاجا للوعي، أو اعادة انتاج له، أو انعكاسا لهذا المنتج.
وليكون الوعي قيمة، لابد وأن يكون بضاعة، وليسامحنا الشعراء، فالوعي بضاعة، ومن لايصدقنا باعتبارنا من نكرات التاريخ، فليذهب الى أعلامه، وخصوصا الى الشريكين الالمانيين كارل ماركس – فريديريك انجلز، وسيتيقن بأن الوعي قيمة تتحول الى (محرك للتاريخ)، أي الى آلة ، وبالتالي بضاعة، وأهم منهما، فليذهب الى بيل غيتس، ليتعرف أكثر الى حضرة الوعي حين يصبح (ويندوز) من عائلة ميكروسوفت، وحين يصير انترنيت، وحين يأخذ مساحاته في الفيس بوك، وفي النهاية حين يصبح مليارات تتنقل من حساب الى حساب دون حساب من أي رب من أرباب البشرية.
الوعي بضاعة.. نعم.
هذا هو عنواننا، ولكل بضاعة سوقها، فماهو سوق بضاعتنا؟
مجمل حركة وعينا تتطلب ثلاث جمل، بستة مفردات، مع قليل من توابل الاغراءات اللغوية، بما فيها اغراءات الشعر، ولأنه كذلك فهو الارخص، وهو البضاعة غير المطلوبة، وهو المطلوب بفعل الحد الأدنى في سلم الرفاهيات، وياتي قبله مايقارب ربع مليار رفاهية بدءا من مونيكير النساء، مرورا بملابسهن الداخلية، وصولا الى ربطات العنق، عبورا بأنواع السيارات والبارفانات، وبالتاكيد فان رفاهية بحجم معانقة ساريا السواس، توازي نتاجات اللغة العربية من الكتاب، منذ انتكاس محمد عبدو امام الاصلاحيين، وصولا للعفيف الأخضر، وقد ضاع لونه بعد العلاقة الودية مع العقيد القذافي.
ماسبق سيقول: نعم نحن بضاعة، ولكننا لسنا على الرف الاول من فاترينا العالم الكبير، ونقول ذلك فيما يخصنا نحن وشعوبنا، وهذا بالتأكيد لايطال الالمان ولا الروس، ولا حتى الرفاق الامريكان، والاخوة الباكستانيين، وبما أننا بضاعة على هذا النحو من الرخاوة، فالأشرف لنا، أن نخرج من السوق، وانا واحد ممن يتمنون، وبكل الجدية والوقار والاحترام للنفس، واحد ممن يتمنون أن يكونوا طبالين، وتحديدا في كاباريه الحصان الجامح (الكريزي هورس)، الواقع بمواجهة نادي الضباط في منطقة الصالحية، ووالله العظيم، لو كنت ذلك لكنت:
اكثر استقلالية.
وأكثر احتراما لنفسي.
واكثر صفاء اخلاقيا.
وأكثر رغبة بالحياة.
واكثر توازنا وشرفا مما أنا فيه، وأنا منشغل بمتابعة أخبار الصف الاول من اقتصاديي بلداننا وفناناتها اللواتي لايتجاوزن في فنهن استحقاقات الكيمياء العضوية التي تقربهن من "أخواتي" الداعرات.
لماذ والحال كذلك أربعون ألف كتاب؟
أنا وحدي قرأت ربع مايعرضه المعرض اليوم، وكل ماقرأته لم يساعدني على حلحلة معضلة واحدة من معضلات الحياة.
لامن أسئلتها الجوهرية، ولا من سؤالها الثانوي.
لامن سؤال الهوية والوجود.
ولا من سؤال اليوم بما يمليه من تفاصيل.
لماذا كل هذا الاعياء؟
ربما لاعادة انتاج الغبار الذي يتراكم فوق الغبار.
بالظبط هذه هي الخلاصة، ولهذا فاذا ماكان بوسعي أن أنتقل من موقع المهزوم الى موقع الناصح، فعلي النصح (والارشاد)، أن :
لاتقرأ كتابا.
لانتنج كتابا.
لاتقتني كتابا.
أما بالنسبة للشاغل الثاني لمثقفنا الثوري الذي يبحث عن ملحد وقد تحول الى الدين ، فثمة اجابة واضحة على السؤال:
اوله أن الالحاد يعني عذابين:
عذاب اليقين وهو الدنيا
وعذاب الاحتمال وهو الآخرة.
الأول محقق، والثاني مؤجل، فاذهب الى تلافي المؤجل ولو من باب الاحتياط، واذا ماكنا اكثر جدية فبوسعنا القول:
لو آمن ملحد فثمة من يصفق له، ولكن، لو ألحد مؤمن فماهي النتائج؟
في أبسط الاحتمالات ، يكفر ، ويعزر، ويرجم، ويحال الى الله القابع فوق رؤوسنا على الارض.
مع ذلك، خسرنا الدنيا ، ويفضل خسارة الآخرة، كي تتعمق فينا روح اليأس، فقوة اليأس تساوي قوة الحياة اذا ماغابت الحياة.
08-أيار-2021
05-تشرين الأول-2019 | |
14-تشرين الأول-2017 | |
09-أيلول-2017 | |
13-حزيران-2010 | |
30-أيار-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |