محمود على كرسي في الروضة
2009-09-04
ثمة من أنجز، وثمة من كسر انجازاته.. ثمة من رغب بالانجاز وعجز عنه، وثمة من توهم الانجاز واستغرق بالوهم..
ثمة من لايرى أن لاضرورة للانجاز وأضاف:" كلها خدعة"، وقصد بالخدعة تلك الولادة المخادعة في كرة مخادعة هي الكرة الارضية ، وأضاف الى الكرة جملة مأثورة لوليم شكسبير:" الحياة كذبة يرسمها أبله".
لؤي كيالي أنجز بالاضافة الى اللوحة "انتحاره".
وروزا ياسين أنجزت بالاضافة الى الرواية، مكانا صغيرا في "جرمانا الضاحية" لتكون وحدها ضاحية نفسها.. حديقتها الخلفية والنافذة والشرفة.
ومحمود عبد الكريم وغازي سلامة، انتميا الى الثالث، الى شكسبير، فبدآ، يسارا، ولعبا وسطا، وذهبا لاحقا الى الأكثر عزلة ، وعجزا معا عن انهاء الحكاية، على الاقل بعد شحنات الوهم التي يزودهما به، صديق قديم، يتقن الوهم ويتوه في الوقائع، وحين يتزاوجا يستقيمان على اغتصابه، ونعني بهما (الوهم والوقائع).
من رأى محمود عبد الكريم يوم 2/9/09 في مقهى الروضة؟
أنا رأيته.
و 2/9/09 ليس بعيدا عن 2/9/07، ولكنه سيختلف كثيرا عن يوميات الاجتياح الاسرائيلي للبنان حين كانت :" ثورة حتى النصر"، وحين كان الطريق الى القدس يمر بكل العواصم العربية، وحين كان محمود درويش يكتب مديح الظل العالي، فيما كان زياد رحباني يأخذ شفطة حشيش نافثا دخانها في وجه العسكري الاسرائيلي، وحين كان الكل بمن فيهم بنات سوريات صغيرات، يمارسن المراهقة الملتهبة بتزويد ياسر عرفات بأخبار قلعة الشقيف، كما بتزويد عشاقهن بقبلة تحت ركام القنابل، وكان محمود عبد الكريم كما سمّيه محمود درويش، من بين من يتناولون القبلة ولا تهزهم القنبلة، وكنا (ربما معا)، نعرف أسرار الباخرة الناقلة لمقاتلين سيذهبون طوعا الى حمام الشط التونسي، هربا من حياة مسترخية تدعونا اليها عواصمنا.. حياة تنساب لحساب الأسلم، لا الأجمل، والحمقى كما الشعراء، كما المنتحرين، طالما اختاروا الأجمل مستخفين بالاسلم، ومن تونس، الى رحلة العودة، ومازالت الرحلة مستمرة و .. لكنها ليست في (الأسلم)، وليست في (الأجمل)، فهي رحلة في اللامعنى، الذي يعطي للكثير من المعاني معناها، مستمدا كل المعاني من :
هزيمة المشروع، وفشل العصاة، وانهدام الكرة الارضية تحت أقدام لم تعثر على أرضها.
محمود عبد الكريم في 2/9/09 لا الهزيمة تعترف به، ولا هو يعترف بأي من النصر، وحين يتكور في كرسيه المقشش، سيعترف بما يزيد عن اعترافات رجل قتلته الوحشة:
انه يتألم.
محمود يتألم.. ولكن أين؟ ومتى؟
في مساحة هي مساحة من :"ممانعة العولمة في السياسة ومثابرتها في الاقتصاد".
مساحة لم تذهب في مواكب تعزية بوفاة نايف بلوز، ورقصت بصخب للياقة المذهبة لتامر حسني.. في مساحة هي الارض المقتطعة من شرطها التاريخي، فتحولت على يدي الثنائي سايكس – بيكو، الى ممر قوافل، فأضاعت قوافلها.. مساحة هي المساحة المقطعة التي تقطع ناسها فتسلخ ذاكرتهم، وعلى محمود أن يبني ذاكرته فقط.. ذاكرة فرد تثبت فيها المعطيات التالية:
الاسم:
الكنية:
المواليد:
اسم الأب:
اسم اللأم:
رقم الخانة:
وعلى خلفيتها سيكتب رقم وطني، رقم يجعلك كما يجعله واحد من أرقام.. أرقام فيها المختلس واللص والقاتل، والمحب، والمعزول والمتوحد، ومريض الكلى، وكلهم يمشون معك الى رقمك الوطني ليسبقك واحد برقم ويتخلف الثاني عن رقمك، وفي الحالين أنت رقم من رزمة أرقام، تماما كما التعدادات السكانية لبشرية تتناسل بصمت وتعيش بصخب، وتاكل ماتبقى من آدميتك وأنت متصلب أمام الشاشة الفضية لتتفرج آخر ابتكارات ممثلة تتقن الاستحواذ على حمالات ثدييها.
ما الذي سيفعله محمود عبد الكريم بعد اليوم الثالث من 9/09 ؟
كان عليه أن يعيد ترتيب المعطيات السابقة، ولو تسنى لي أن أجلس مكانه وارتب جدول عمري ، لكتبت:
الاسم (س)، والكنية كذلك والمواليد واسم الام وكذا رقم الخانة، ثم أطلقتها صوتها هامسا يرافقني الى قبري.
08-أيار-2021
05-تشرين الأول-2019 | |
14-تشرين الأول-2017 | |
09-أيلول-2017 | |
13-حزيران-2010 | |
30-أيار-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |