ثمة قلب صغير يتسع للولد الضال، قلب يتسع لـ (أغنية الارض)، أغنية أطلقها مايكل.. أغنية لا تشبه أي من الأناشيد الوطنية لدول الملوك
والكل ماشي، من أقل أعضاء البشرية أهمية، الى ذروتهم ، الكل ماشي، بدليل أن مايكل جاكسون (مشي)، وقبله ألفيس برسلي، الكائنان المنحوتان من جناح طائر استبدل المحيط بـ (ستاج المسرح).
كلنا ماشي، والفارق مابين ماشي وماشي، ربما يختزل في سؤال:
ما قبله كما م ابعده، وما قبله غير ما بعده.
الصنف الأول لا ضرورة إطلاقا للالتفاتة إليه، لأنه ماشي منذ ولادته حتى حتفه، والتوقف لابد وأن يكون عند الثاني.
الثاني هنا هو مايكل جاسكون.
والسؤال، من فينا شاهد هذا الطائر، وهو يبوح بصوت خليط من أنوثة مستجدة على رجولة منسحبة؟
كان يتحدث عن الاطفال، وكان الطفل يرتفع الى درجة لم يعد ينقصه الا جناحين ويرتفع الى صفوة الملائكة.. ينتقل اليهم وعلى جناحي مايكل، ذاك الولد القادم من ضمة اولاد، هم مجموع اخوته التائهين مابين خياراته ، وخيارات قارة نقلتهم الى قارة، كان الأسود فيها ممنوع من :
دخول المطعم، ومن دخول الشارع، ومن دخول البيت، ومن دخول الحياة، ومنها اطلق جاكسون وانطلق، ومنها ارتدى قفازيه الأبيضين معلنا أن :
يده نظيفة.
مات جاكسون حزينا، ومخدرا، وربما مسموما، وربما مقتولا، وربما تاركا لقلبه متسعا لحب لم يأت، أو حبا مضى ليعود، ولكنه وبلا شك مات حزينا، و(مشى) في جنازة فقيرة مجموع سكانها 200 رجل وامرأة من حقهم ذرف الدموع.
لنتصور أن (الملك) مات حزينا؟
كم ملكا دخل البشرية وغادرها حزينا؟
ملوك ماتوا من التخمة.. حصل.
ملوك ماتوا اغتيالا.. حصل
ملوك ماتوا بالنقرس.. حصل.
ملوك ماتوا لأن الموت واجب ملكي.. حصل.
ولكن ملكا لايموت من الحزن، باستثناء ألفيس برسلي، مايكل جاكسون، والملكة سعاد حسني، كذلك الملك سيد درويش، كما حال الملك ألبير كامي، وليس مسموحا لكل هؤلاء أن يكونوا ملوك دول ولا ملوك حكومات، ولا سادة برلمان، وليس بأيديهم ثمة سيف يقطع اليد أو يبتر اللسان.. وحدهم يموتون من الحزن، ومن تبقى من الملوك يميتون البشرية، كمدا، ويميتون البشرية عزلة، ويميتون البشرية نهبا، ويميتون البشرية لأن مهنتهم الاماتة (ولا يموتون).

بالأمس كانت جنازة ألفيس برسلي، ثمة مساحة من بيتي لاتصلح لتضم شاهدة قبر.. ثمة قلب صغير يتسع للولد الضال ذو القفازين الابيضين.. ثمة قلب يتسع لـ(أغنية الارض)، أغنية اطلقها مايكل جاكسون.. أغنية لاتشبه أي من الأناشيد الوطنية لدول الملوك.