هل مقاطعة مناطق السلطة الفلسطينية تخدم طرد الاحتلال
2009-11-03
حيّرني موقف الشاعر زكريا محمد من زيارة الممثّلة التونسية هند صبري لمناطق السّلطة الفلسطينية ، فالمقالة بالغة الغضب التي كتبها ونشرها في مواقع الكترونية كثيرة ثم نشرتها له بعد ذلك جريدة الأخبار اللّبنانية حملت إلى الغضب والانفعال دعوة مباشرة للكتّاب والفنانين والمثقفين العرب بعدم زيارة مناطق السلطة الفلسطينية0 هي دعوة تنطلق بحسب الزميل زكريا من موقف سياسي "يرفض التطبيع" مع الاحتلال باعتبار الزيارة بمثابة اعتراف بالمحتل!!!
ما حيّرني وأثار استغرابي فعلا هو أن الرّفض – ودون أن يقصد الزميل زكريا – يضمر تسليما بأن مناطق السّلطة هي "مناطق إسرائيلية" لا تجوز زيارتها وإلا وقع الزائر في محذور التطبيع سيء الذّكر0 سأتساءل هنا ببساطة : هل نحن الشعب الوحيد في الكوكب الأرضي الذي وقع وبلاده في براثن الاحتلال؟
باعتبار الجواب بديهي ، سأتبع سؤالي السّابق بسؤال آخر : لماذا يخلط الزميل الشاعر زكريا محمد بين الأرض الفلسطينية المحتلّة وبين السّلطة التي نرى من حقّه أن لا يحبّها وأن يرفضها؟
تنطلق الدعوة للمقاطعة من هاجس وطني برفض التطبيع ، وهذا لا نشك فيه مثلما لا نشك في نوايا الزميل زكريا ، ولكننا مع ذلك نتساءل : هل تخدم قضية طرد الاحتلال مقاطعة الكتاب والفنانين والمثقفين للمناطق الفلسطينية ، وإضافة جدار عازل آخر يكون عربيّا هذه المرّة؟
لا أختلف مع زكريا محمد في توصيفه لانحدار الحالة الفلسطينية ووصولها درجات من السّوء والتخبّط لم تبلغها من قبل ، ما يدفعه ربما إلى التوجّس من أي شيء ، ومع ذلك فالمسألة بالغة البساطة : علينا أن نفرّق بالتأكيد بين زيارة المدن الفلسطينية والالتقاء بأدباء وفناني فلسطين ، وبين زيارة إسرائيل ، وإن لم يجد الزميل زكريا فرقا بين الحالتين فسنبدأ في الخلاف فعلا0
أما التطبيع فتلك مقولة أعتقد أنها تحتاج إلى تحديد المقصود منها : مع توقيع إتفاق أوسلو كتبت تعريفا للتطبيع لا أزال أراه صالحا للحكم على المواقف : التطبيع هو أي تصرّف أو موقف سياسي أو فكري يوافق على التفسير الصّهيوني للصّراع العربي الإسرائيلي0
أقول ذلك وقد اختلطت الأمور ودخل شعبان في رمضان حتى صارت قراءة نص عبري تطبيعا في رأي البعض ، وحتى أن كثر من "مقاومي التطبيع" اعتبروا كتاب وفناني الجليل "إسرائيليين" يتوجّب منعهم من زيارة البلدان العربية ، بل واعتبار أفلامهم وكتبهم نتاجات إسرائيلية لا يجوز السّماح بها ، وكلّ ذلك تحت ذريعة ساذجة هي أنهم يحملون جواز سفر إسرائيلي ، دون أن ينتبه كل أولئك إلى أن من يحمل ذلك الجواز ليس كتاب وفناني الجليل والمثلث والنقب وحسب ، ولكن أيضا وأساسا مليون ونصف المليون من المواطنين الفلسطينيين الذين لم يغادروا وطنهم عند وقوع نكبتنا عام 1948 0
أعتقد أن المسألة ليست بالتبسيط الذي يعلنه الزميل زكريا محّمد ، فالمسئولية تفترض رؤية واضحة ومحدّدة ترى الواقع ، تتعامل معه ، ولا تعترف أو تسلّم به0
المحزن في غضب الزميل زكريا أنه يدعو ببراءة إلى تطويق الفلسطينيين بحصار عربي هو موجود أصلا ، وتمارسه الحكومات العربية بوعي ودراية ، ولا يحتاج دعوة جديدة لضبطه ومنع الخروج عليه0
08-أيار-2021
06-حزيران-2020 | |
16-شباط-2011 | |
"كثيرة أنت" للشاعرة السورية سوزان ابراهيم وحيدة ولي ما لـيس لهنّ |
27-تموز-2010 |
23-تموز-2010 | |
09-أيار-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |