الإسلام والعروبة بين الإرهاب والعنصرية
2007-09-23
ليس كل ماننشره مقتنعين به .. وفي هذه المادة كثير من المغالطات، الناتجة عن الغضب والتفسير الخاطئ لكثير من الأمور بسبب مانمر به من مآس ... وكذلك فيها تعميم لا نوافق عليه .. ولكننا وجدنا فيها فاتحة لحوار حول الإرهاب ، حول الإسلام .. حول واقع العرب الآن .. نتمنى أن يساهم متصفحينا في الرد على ما جاء في هذه المادة .. وتبيان مكمن الصواب ومكمن الخطأ .. وسبب نشرنا لها أننا نرى الكثير من شباب هذا الجيل يحمل مثل هذه المعتقدات التي تحتوي الكثير من الرؤيا الخاطئة التي يفرضها الواقع الذي نعيشه الآن.
ألف
لا أبالغ أبدا إن اعترفت أخيرا أننا نحن المسلمون نشكل الفئة الدينية التي لا تقل عن غيرها إرهابا للشعوب وللعالم, وأننا نحن العرب نشكل الشعب الذي لا يقل عنصرية وتخلفا عن غيره على مر الشعوب. وسأسرد فيما يلي بعض القرائن والمشاهدات التي تجعل هذا الرأي جديرا على الأقل بأخذه على محمل التفكير, هذا ما لم يكن أصلا حقيقة واقعية يجب الاعتراف بها وتأمل أسبابها ومحاولة معالجتها.
لقد آن لنا – عزيزي القارئ- أن نواجه أنفسنا قليلا, وأن نخلع أردية العنصرية والكراهية التي تعمينا عن رؤية أنفسنا على حقيقتها العارية أمام مرآة الذات. آن لنا أن نتجاوز أفكارنا الراديكالية التي لا تزيدنا سوى تخلفا وعجزا عن اللحاق بالركب الحضاري لبعض الشعوب.
إن العرب بتخلفهم الحضاري والثقافي والمعرفي, العرب بمعتقدات الشرف والثأر وعقدة غشاء البكارة, العرب بكسلهم وبغضهم للعمل والعلم وبعشقهم للمقاهي ولعب الورق وشرب النراجيل, العرب بخضوعهم لحكامهم الأوتوقراطيين والديكتاتوريين وبالأفراد الكثيرين الذين يعملون لصالح الأجهزة الأمنية من أجل حفنة من الدراهم, العرب الذين لا يأبهون إن أنشأت الجامعات في بلادهم أم لم تنشأ, وإن شيدت مراكز الأبحاث أم لم تنشأ, العرب الذين تمتلئ شوارعهم بالقذارة والغبار والذين أخذوا من إسلامهم تقصير الثوب وإطالة اللحية ولم يأخذوا أن النظافة من الإيمان, العرب الذين لا تستطيع أن تزرع في مدنهم حدائق للأزهار لأن الورود ستقتلع على الفور والأصص ستتحطم بكرات القدم التي يلعبون بها أينما اتفق, العرب الذين تعودوا في شركاتهم ومؤسساتهم على الواسطة والرشوة والمناقصات المشبوهة وسرقة الأموال العامة وتمرير الفساد والأخطاء حتى ولو تعلقت بمستقبل الأفراد أو حياتهم وبيوتهم, العرب الذين لا يجيدون حتى الدعارة, لأن دعارتهم مليئة بالفوضى الأخلاقية وبعيدة عن الرقابة الصحية, وقواديهم وشراميطهم لا يجيدون سوى السرقة والابتزاز وتشويه سمعة بلادهم, العرب الذين يحترفون الجلوس في المقاهي والكذب والنميمة واغتياب بعضهم بعضا بدءا من القريب والجار وليس انتهاء بالأشخاص العابرين الذين لا يعرفون عنهم شيئا. العرب الذين لا تخلوا بيوتهم من أجهزة التقاط البث التلفزيوني الفضائي المبرمجة دائما على قنوات الجنس, فيما تخلو من الكتب ودواوين الشعر واللوحات الفنية الراقية. العرب الذين نجحوا في تقليد وإخراج برامج كسوبر ستار وإخراج مغنيات عالميات كهيفاء وهبي وإليسا وفشلوا في إخراج فيلم واحد يحسن صورتهم أمام الآخرين وفي تقليد اختراع واحد يضاهي اختراعات الآخرين ويعود بالنفع عليهم, بل إنهم فشلوا حتى في إنتاج فيلم سكس ناجح فنيا, وأفضل ما قدموه في هذا المجال هو تسجيلات بكاميرات هواتفهم المحمولة تظهر مشاهد الاغتصاب والوحشية والسادية وانعدام القيم العاطفية والأخلاقية, وهم على أية حال يباهون بعرضها ونشرها على مواقع الانترنت المختلفة من أجل مزيد من التكريس لصورتهم التافهة. العرب هؤلاء –عزيزي القارئ- يستحقون الصورة المأخوذة عنهم من قبل الشعوب الآخرين, إنهم يستحقون أن ينظر إليهم الغرب على أنهم أقل من الهنود الصينيين والبنغاليين بل وأقل من القرود أيضا, ولا أدري لماذا يغضبون ويدافعون عن أنفسهم مستشهدين بإنجازاتهم التاريخية الآفلة, متناسين حاضرهم المخزي, ومتعامين عن بقية تاريخهم الوحشي المليء بالحروب الداخلية والطائفية بدءا من حروب شيعة علي مع أصحاب السنة وانقلاباتهم الدموية على حكامهم وليس انتهاء بنزاعاتهم السياسية الحالية وانقساماتهم التي أراقت من دمائهم أضعاف ما أراقوه من دماء أعدائهم, في الوقت الذي تتوحد فيه الأمم والشعوب من حولهم وتعم دول الآخرين -كدولة منغوليا مثلا ولا أقول غيرها- الحضارة والسلام.
إن المجموعات الإرهابية التي تخرب العالم الآن (بشكل لا يقل دمارا وعنجهية ووحشية عن بعض المجموعات الغربية التي يقودها اليمين المتطرف المسيحي واليهودي) معتمدة على أفكار ابن تيمية وبعض الشيوخ البغيضين, لم تأت قناعاتها من العدم, إنما جاءت من القرآن نفسه المليء بآيات التحريض على القتل والإرهاب والعنصرية, وجاءت من الأحاديث والسيرة النبوية لمحمد والذين معه, وجاءت من الشواهد التاريخية والأحداث التي جعلت من المسلمين شعبا بربريا أو مغوليا غزا بلاد الآخرين بقوته الضاربة وعنجهيته الهمجية. لا أدري كيف يستطيع من يدافعون عن الإسلام اليوم أن يتعاموا عن بعض الآيات القرآنية مثل: (واقتلوهم حيثما ثقفتموهم), و(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل), وغيرها من الآيات الجهادية التي لا تقل تحريضا على القتل والوحشية, عن بعض الفقرات الواردة في التوراة والتي تدعوا إلى القتل واستباحة دماء الناس وبلادهم وأعراضهم. ولا أدري أيضا كيف يجرؤ العرب والمسلمون اليوم على مطالبة الغرب أو الأسبان تحديدا بالاعتراف بالحق التاريخي بالأندلس وبفضل العرب والمسلمين عليهم, وهم لم يكونوا سوى مستعمرين حكموا بلاد الآخرين بالقوة والمال والعنصرية والتمييز. لماذا إذن لا يطالبون أنفسهم بالاعتراف بفضل الاستعمار عليهم في بدايات القرن العشرين, هذا الذي شيد لهم الصروح العمرانية والمستشفيات وفتح لهم الطرق والسكك الحديدية وشق قناة السويس وعرفهم على الثقافات المتحضرة والمعارف السياسية والأحزاب والبرلمانات وغيرها. إنهم يريدون أن يأخذوا فقط دون أن يعطوا, ويطلبون من الآخرين الاعتراف بهم دون أن يعترفوا بأحد, ويريدون أن يشعروا بعقد الاضطهاد والظلم التاريخي دون أن يحسوا باضطهاد الآخرين وظلمهم.
لقد أوجد شيوخ الإسلام دائما كل المبررات والذرائع التي تبرر لإسلامهم أفكاره وشرائعة, الجيدة أحيانا كتحريم القتل والسرقة وفرض الزكاة وغيرها, والمشينة أحيانا أخرى كتعدد الزوجات وقتل الآخر الذي يحمل عقيدة مخالفة, والسخيفة أحيانا كصيام رمضان الذي يأكل المسلمين خلاله أضعاف ما يأكلون في باقي شهور السنة, وكالصلاة التي أصبحت تستخدم كشهادة حسن السلوك لأشخاص احترفوا الكذب والرياء وأكل أموال العمال وظلم الزوجة وسفاح القربى وغيرها, ولعل بعض المجتمعات العربية اليوم تشكل نموذجا جيدا للمجتمع الذي يصلي نهارا, ويفسق ويفجر ليلا. ولعلنا ندرك جيدا أن لا الصلاة ولا الصيام -عزيزي القارئ- تستطيع أن تردع الإنسان عن الشوائن والأفعال المخزية, لكن الضمير والتربية والأخلاق الفاضلة والفكر الحضاري هو فقط ما يستطيع منعه, وأبسط دليل على ذلك هو وجود الكثير من الأشخاص الخيرين والفاضلين في مختلف الأديان والعقائد السماوية والوثنية والإلحادية.
إن القرآن المليء بالآيات المتناقضة, والذي أثار آلاف الإشكاليات اللغوية والفكرية والعقائدية حول آياته, لا يشكل بهذا سوى دليلا أو نموذجا للكتاب الضعيف والمليء بالثغور ونقاط الضعف, ولعل غموض بعض آياته هو ما أسبغ عليه هذه الهالة الميتافيزيقية التي جعلت منه كلاما إلهيا وكتابا سماويا على مر التاريخ. الغموض هذه الأداة البلاغية هي ذاتها التي استخدمها الكثير من الشعراء مما أضفى على شعر كثير منهم صفة الإعجاز البلاغي. ولن أدخل هنا في إشكاليات الأحاديث النبوية وطبقات قوتها وتناقض بعضها لأن هذا أمر بات معروفا للجميع وقد ألفتْ حوله الكثير من الكتب.
حيثما وجد العرب والمسلمون وجد الفساد والقتال والجريمة والمشاكل والإرهاب والتزوير والكذب والانقسام العرقي والطائفي والاجتماعي. لماذا؟. لا شك أن لحكامهم وسياساتهم دورا كبيرا في هذا, لأن حكامهم أيضا مثلهم, عملاء وجواسيس ومتخلفين وعديمي الثقافة, لأن حكامهم هم أبناء ثقافتهم المتخلفة ويعرفون كيف يروضون شعوبهم بذات المنطق الذي يفهمونه مستخدمين عصا الإرهاب والسجون تارة وعصا الدين تارة وعصا العروبة تارة أخرى, المهم أنهم يستخدمون العصا في كل مرة, وهي الأداة الوحيدة كما يبدو التي يستطيع العرب أن يتفاهموا من خلالها. ولأن حكامهم مثلهم لا يهمهم تحقيق التطور الثقافي والمعرفي لشعوبهم, ولا يأبهون بالارتقاء الإنساني والأخلاقي, وقد دربوا شعوبهم الغبية جيدا على (طاعة أولي الأمر). ولأن هذه الشعوب نفسها مازالت تتعلق بخيوط الدين الواهية, وتتمسك بقشة الغيبيات, وتكرس وقتها لفتح الحوارات المختلفة حول وجوب الصلاة والصيام وتقصير الثوب وإطالة اللحية والإعداد الشره لموائد الإفطار الرمضاني وتحريم الغناء, ومواضيع العذرية والبكارة وابنة الجيران (الفلتانة) أو القحبة, والفتاة التي قتلها أهل ضيعتها بالأحذية والحجارة لأنها تزوجت من رجل خارج طائفتهم. هذا من جانب, أما على الجانب الآخر (الجانب الذي يشكل الجزء الآخر لشخصياتهم التي تعاني من الانفصام الحاد) فتدور حواراتهم من حول هيفاء وهبي ونانسي عجرم وقنوات الهستلر والملتي فيجين والإكس إكس إل, وحول الأزياء والموضة والسيارات التي لا يخترعونها ولا يبدعونها إنما يقلدونها فقط ويركبونها ويؤدون الاستعراضات المميتة بها. وحتى الذين يتحدثون في السياسة والثقافة فإنهم يتكلمون بمنطق فوقي كذاب أجوف, يفاخرون بأمجادهم ويلعنون أمريكا وإسرائيل والغرب وكأنهم أفضل منهم, إنهم يتناسون أن إسرائيل والغرب يمقتونهم ويحتقرونهم لأنهم ضعفاء ومتخلفون وهمجيون ولا يستحقون الاحترام. أوليس من حق القوي أن يزدري الضعيف, والمتعلم أن يزدري الجاهل؟ أليس هذا هو المنطق الطبيعي للأشياء؟.
من حق العربي اليوم أن يشعر بالخجل الشديد عندما يسافر إلى الغرب أو الشرق ويسأله أحدهم من أين أنت؟ من حق آلاف العرب اليوم أن يعودوا إلى بلادهم من الغرب, لأنهم لم يقدموا عن أنفسهم للآخر سوى أبشع الصور وأكثرها قتامة.
آن لنا –عزيزي القارئ العربي المسلم- أن نتوقف قليلا عن الدفاع الأجوف عن أنفسنا وصورتنا وعقائدنا, آن لنا أن نقف وقفة قصيرة مع الذات لمراجعة أنفسنا وديننا وأفكارنا وتربيتنا, آن لنا أن نعترف قليلا بمواضع الضعف والتشويه الواسعة في ذواتنا, آن لنا أن نعيد قراءة تاريخنا جيدا, ونتأمل المسكوت عنه من الشواهد والأحداث الدموية والعنصرية والطائفية, آن لنا أن نعترف –عزيزي ابن لادن وأعزائي مناصريه- أننا إرهابيون وقتلة وعنصريون وممتلئون بالكراهية وعقد النقص وأفكار الثأر والشرف والانتقام. آن لنا أن نعترف أن عقيدتنا فاسدة ومتخلفة, وأن أفكارنا وموروثاتنا القبلية والعروبية والبدوية بغيضة ومتخلفة, وأن إسلامنا دين نازي عنصري لا يعترف بإنسانية الآخر ويأمر بقتله حيثما وجد, تماما كاليهودية, مع فارق أن اليهود أقوى منا وأكثر حضارة وثقافة ولذا فقد استطاعوا نيل احترام وثقة العالم.
آن لنا أن ننظر مليا إلى إسلامنا الذي بنى دولته بالسيف على حساب دماء الشعوب الأخرى وأموال جزياتهم والغنائم التي نهبها من المناطق التي احتلها. لا أدري كيف لدين يدعي الإنسانية ونشر الخير أن يخير الآخر بين الخضوع له أو الموت أو دفع الجزية, ولا أدري أي إله منطقي هذا الذي يطلق على مجموعة من البدو والأعراب وتجار الدم والشرف لقب (خير أمة أخرجت للناس).
آن لنا أن نؤنب أنفسنا قليلا, وأن نوجد معتقدا وفكرا جديدا لنتبناه, لأن هذه هي الخطوة الأولى على طريق التغير الإيجابي والفعال, الذي ربما سيوصلنا يوما ما إلى المراتب الراقية على سلم التقدم الإنساني والحضارة القوية المسالمة (لا الإسلامية) التي تجلب السلام والاحترام.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
04-أيار-2019 | |
06-نيسان-2019 | |
24-شباط-2018 | |
23-كانون الأول-2017 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |