أحمد فؤاد نجم ضيفاً في بيت القصيد بدمشق...
خاص ألف
2009-12-27
مثل مارد في حوزته مفاتيح كل البيوت والعقول، حلَّ أحمد فؤاد نجم ضيفاً طارئاً لبيت القصيد يوم الاثنين بتاريخ 7/12/2009 ، كأنه يعتلي البيت إثر الدخان الملفوف حوله.
خُيّل لي أنني في حلم.. أسمع صوت لقمان ديركي.. إنه أحمد فؤاد نجم ابن النيل، أهم شعراء العامية في مصر و أحد أشهر اليساريين في مصر و أحد ثوار الكلمة والاسم البارز في الفن والشعر العربي الملتزم بقضايا الشعب و الجماهير الكادحة ضد الطبقات الحاكمة الفاسدة فهو من عاش القهر والألم .
صنع له لقمان باقة ورد من الفوضى والضجيج ليهتز كل كائن في هذا البيت بقدوم ابن النيل أحمد فؤاد نجم ،تدافعت كل القلوب حول هذا الشخص البسيط المظهر والفؤاد ، الصامت والمرهق كفاية من حبه للشعر .
شاعر ذاكرة مزدحمة بمحرضات إثارة الانفعال الشعري ليتفاعل بها.
استغرقتُ في مراقبته لحظاتَ فضول لأحس بما يجري حولي ، تقصَّدتُ الإحساس به فوقعت ، كأنه كتلة آلام و قهر تاريخي وهزائم، عاجزٌ عن الاستمرار ، لا يقبل أن يُعلَّقُ على الرّف كثقافة مضت ، بل كروح يولد في كل عصر ولحظة، لم يكن يكترث لأحد مهما كان اسمه يتردد في تلك الحجرة من قبل الكتاب و الشعراء ، غير مبال، حتى ظننت في قرارة نفسي أنه مطعون في السن وقد قضى العمر عليه (مواليد 1929 - محافظة الشرقية) ، بعد وفاة والديه عاش في ملجأ للأيتام 1936 حيث قابل هناك عبد الحليم حافظ .
بيد أنني في لحظة ما اختلست البريق في عينيه ، بريق مفكر مخضرم يخفي حزن معاناته في ملجأ الأيتام و شقاء عمله كراع للبهائم و الزج في السجن بتهمة لُصقت به من قبل بعض المسؤلين في تزوير استمارات شراء عندما كان يعمل في أحد المعسكرات الإنجليزية بسبب معارضته لهم في سرقة المعدات من الورشة كونه إنسانا شاعراً شريفاً في أي بقعة يعمل فيها و سفيراً للفقراء ، حُكم عليه 3 سنوات بسجن قره ميدان ، وكأن كل هذه الذكريات كانت تتقاسم معه حب بيت القصيد له.
ففي السنة الأخيرة له في السجن اشترك في مسابقة الكتاب الأول التي ينظمها المجلس الأعلى لرعاية الآداب و الفنون وفاز بالجائزة وبعدها صدر الديوان الأول له من شعر العامية المصرية (صور من الحياة والسجن) ليصبح أهم شاعر وهو في السجن.
لم تخلو داخله السعادة ، سعادة وجوده بين أشقاءه في دمشق وإدراكه لحب دمشق و شغف الناس وولعهم به على أرض معهودة بحضارة الكلمة و تميزها، لن أخفي بأن لقمان ديركي مارس شغبه المتألق بكل جرأة في وقف شغب الحضور المؤلف من تشكيلة واسعة من الثقافات( الشعراء –الممثلين- الصحفيين – الموسيقين – الموهوبين -المدخنين –العاطلين- إلخ ....) .
يقفز لقمان كالعادة يمنة و يسرى مستخدما كل إشارات و عبارات التنبيه عندما يٌقرأ الشعر للحفاظ على حالة تامة من الهدوء بوجود أحمد نجم .
فهو دائماً يتعرض لانتقادات من كتاب و صحفيين ، لكنني سأكفل حلاوة قلبه من حسن نية وصفاء وحس عال دون تصنع أو تمثيل . لا يمكن لأحد أن يكون لقمان ديركي في بيت القصيد ومهما تعرض للنقد سيظل هكذا بسيطا لا يشبه أحد، فهو الذي استطاع احتضان أحمد فؤاد نجم واختصر حب دمشق له من بيت القصيد ، وقدم النجم إلى محبيه حتى يقرأ لهم قصيدته "الليل ملاح"
الليل ملاح
تايه سواح
لا بيوصل شط
ولا بيرتاح
الليل مشحون
أسرار وشجون
و ألم ونغم
و كاسات و نايات
ودموع وآه....
لغته ولهجته المصرية المليئة بأحلام الشيخ إمام عن روح الاحتجاج الجماهيري و رؤية الكثيرين من العمالقة المصريين، اللغة عنده أحكمت اصطياد الإحساس فينا قبل أن نفكر بهوية اللغة، لأن حاسة الروائع عنده لا تنتهي وهذا بحد ذاته هو سر نجاح هذا المارد .
عرفته وأدركت تأثير و أثر هذا النجم خلال قصيدته التي أحببتها بكل ما أملك من رومانسية ، وكنت أرددها دون معرفتي لكاتبها والتي تغنت بصوت محمد منير " لما النسيم بيعدي"
لما النسيم بيعدى بين شعرك
حبيبتي بسمعه
بيقول آهات
وعطورك الهاربة الدايبة فيكي
كل ما تلمسك
بتقول آهات
يا نجمة كل ما ضيها
يلمس حجر
يعلى ويتحول قمر
بكتب حروف اسمك بحبات الندى
على كل اوراق الشجر
مين اللى يقدر يعشقك ادى انا
مين اللى يقدر يوصفك زى انا
يا حلم نفسي تحلمه كل القلوب
يا اغلى احساس
شدني خلاني ادوب
خلاني احس اني بشر
عايزاني ليه لما تقوليلي
بعشقك مااصرخش واملى الكون آهات
حقا كانت الأجواء مفعمة بالحب فقد شهد بيت القصيد أهم لحظات مع صاحب أهم كلمة وذائقة صادرة من مهيئات بيئة اجتماعية منفتحة و غير متصارعة ، لا يكون ناتجاً عن فعل ثوري بل عن رؤية إبداعية تراعي جميع الأذواق .
أحمد فؤاد نجم الذي جرّنا خلفه كجمهور أكثر من أي تقليد.
08-أيار-2021
26-شباط-2013 | |
27-كانون الأول-2009 | |
20-آب-2007 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |