رسالة مفتوحة الى مسؤولي الثقافة الفلسطينيين
2010-03-21
صدور مجلة ثقافية في فلسطين خبر مفرح بالضرورة.
ذلك ما أحسست به عند قراءتي خبر صدور العدد صفر من مجلّة "أوراق" الثقافية الفصليّة عن "دائرة الثقافة والإعلام" في منظمة التحرير الفلسطينية ووزارة الثقافة في السلطة الفلسطينية ، لما يحمل الخبر من مساحة تفاعل جديدة للمبدعين الفلسطينيين وهم يواجهون أشكالا مختلفة من التضييق والحصار.
مع ذلك توقفت طويلا أمام "هيئة التحرير" التي أنيطت بأفرادها مسئولية الإشراف على المجلّة لسبب بسيط لا يتعلّق بنيّة رفض هذا الاسم أو ذاك ، ولكن ببساطة بسبب ما يكرّسه اختيار البعض من "تقاليد" ثقافية ووظيفية تجعل الحياة الثقافية الفلسطينية في شقّها الرّسمي حكرا على أسماء محدّدة لا تكاد تتغيّر إلا نادرا. فأن تعين الكاتبة ليانة بدر مديرة لتحرير المجلّة الجديدة أمر يثير دهشتي وهي المدير العام لمؤسّسة السينما التابعة لوزارة الثقافة الفلسطينية أيضا، ما يدفع للتساؤل هنا بجديّة كاملة : أين ذهب الآخرون؟
والآخرون الذين أعنيهم هم مجموع الشعراء والكتاب والمثقفين عموما ممّن يعيشون في فلسطين وخارجها على حد سواء ، خصوصا وأننا جميعا نعرف أن مسألة الجغرافيا لم تعد مشكلة أو عائقا أمام الصّحافة في وجود وسائل الإتّصال الحديثة وبالذّات شبكة الإنترنت ، ما يجعلني أتساءل أيضا : هل الثقافة شأن لموظّفي السّلطة الفلسطينية دون غيرهم ؟
السّؤال يعيدنا من جديد وبقوّة إلى الحالة الثقافية التي تعيشها فلسطين، والتي يمكن القول باختصار أن إبداعاتها الأجمل والأهم قد تحقّقت في صور فردية تماما فالأشرطة السينمائية الناجحة والتي حقّقت حضورا لافتا في العالم تحقّقت بجهود أصحابها ودون أي عون من "مؤسّسة السينما" ، والحال بالطبع ينطبق على بقيّة الفنون والأجناس الأدبية.
الحال التي يعيشها المثقفون الفلسطينيون باتت ومنذ زمن طويل تحتاج وقفة جديّة مسئولة :
ما العلاقة التي تربط المبدعين الفلسطينيين فعليا بمؤسساتهم ؟
ومن المسئول عن حياة هؤلاء المثقفين وأمنهم المعيشي في وطنهم ومنافيهم على السّواء ؟
قبل أعوام قليلة كنت أحد من قاموا باستقبال الكاتب الصّديق يحيى يخلف على الحدود السّورية الأردنية وهو في طريقه إلى معرض الكتاب العالمي في مدينة فرانكفورت الألمانية.
في تلك الجلسة القصيرة وبحضور الكاتب الصّديق عمر حلمي الغول بادرني يحيى بالحديث عن ما اعتبره هو ظلما لحق بي ، قبل أن يضيف لذلك تبريرا يقول أن "الظروف الفلسطينية صعبة جدا".
يومها لم أعلّق لسببين الأول أنني لم أطالب الصّديق يخلف بشيء ، أما الثاني فهو لاجدوى الحوار الذي أوصله هو إلى طريق مسدود مختصره أنه لا يستطيع فعل شيء مع العلم أنه كان وقتها وزيرا للثقافة وعلى رأس عمله ، بل إنه حين ترك الوزارة في أعقاب الانتخابات التشريعية الأخيرة أصبح مسئولا عن الثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية ، أي تسلّم المنصب الأعلى والمنوط به الإشراف على وزارة الثقافة ووزيرها ، ناهيك عن أنه قام في الفترة ذاتها بإصدار قرارات تعيين لكتاب ومثقفين فلسطينيين يعيشون في الشّتات كانوا في الغالب من الذين ليسوا بحاجة مطلقا لتلك الوظائف.
هي مرّة أخرى حال الثقافة الفلسطينية الرّسمية وشجونها التي لا تحصى .
بعد يحيى يخلف زارت دمشق وزيرة الثقافة السّابقة الدكتورة تهاني أبو دقّة وعرفت بزيارتها بعد شهر من انتهائها إذ هي قامت بالاتصال بعدد محدود من الكتاب الذين أخمّن أنها حملت أسماءهم معها من رام اللّه ، وهو أمر تكرّر أيضا وفي صورة فاقعة عند تشكيل اللّجان الخاصّة باحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية ، وكلّها تمّت في صورة "سرّية"تبعث على الشّك ، وتفوح منها رائحة الإقصاء والاستبعاد واحتكار العمل والوظائف.
أقول ذلك وفي البال مواقف أخذتها "على حسابي الخاص"حين كنت أرى مثقفا فلسطينيا يتعرّض لشبهة اضطهاد من هذا المسئول السياسي أو ذاك كما فعلت يوم أبعد الرئيس الرّاحل أبو عمار يحيى يخلف عن موقعه كمدير عام لدائرة الثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية. يومها – وكنت محرّرا ثقافية لأسبوعية الأفق في قبرص – كتبت افتتاحية العدد عن ذلك، وأتذكّر أن الصّديق يحيى يخلف قد بعث لي برسالة لا أزال أحتفظ بها في أرشيفي إلى اليوم..رسالة مفعمة بالتحيّة والشكر على تلك الوقفة التي اعتبرتها ولا أزال موقفا مبدئيا تفرضه تقاليد المهنة بل والشّرف الشّخصي.
مع ذلك كلّه انتظرت عشرين عاما إلا قليلا دون أن أجد في السّاحة الفلسطينية كلّها من يسأل عني ، أو كيف أعيش، وكأنني أمضيت شبابي سائحا وليس في صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية.
مجرّد تداعيات وردت إلى الذّهن مع خبر مجلّة أوراق في عددها صفر الذي صدر أخيرا والذي باستعراض مقالاته وهي المكرّسة للشاعر الرّاحل محمود درويش لم أجد بينها شيئا ممّا كتبت ونشرت في الصّحف والمجلاّت وآخرها الدراسة التي نشرتها في مجلّة "نزوى" العمانية.
أي ثقافة تديرون أيها الأصدقاء.
08-أيار-2021
06-حزيران-2020 | |
16-شباط-2011 | |
"كثيرة أنت" للشاعرة السورية سوزان ابراهيم وحيدة ولي ما لـيس لهنّ |
27-تموز-2010 |
23-تموز-2010 | |
09-أيار-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |