نثر شعري / مُنَمْنَماتٌ عَلى وِشَاحِ أَمِيرَة ٍسُوريَّة ٍ
2010-05-18
خاص ألف
ليلةُ الأحدِ تنمنمُ قمرَها في حِضنِكِ
وتزوّدُ بالنّورِ سَائرَ أيّامِ الأسبوعِ
سأحملُ غيومّكِ على سفحِ لغتي
أصلّي صلاةَ المُسافرِ: شَجرتينِ تنحنيانِ على أعشابٍ غامضة
أبتهلُ: نجمتينِ ترتديانِ مشلحاً من ضوءٍ يكسّرُ أقداحه عليَّ
فأدخلُ في دينِ القمرِ
أختبرُ نكهةَ عطري برَائحةِ الأغنيةِ بينَ شَفتيكِ
حواسّي مَعنيَّةٌ بالتقاطِ إشاراتكِ يا عِطرَ الكلمات
حيث تبصمين بفاكهة الشّتاءِ على ذاكرةٍ تخرجينَ منها
أميرةً للشّجرِ في قصرٍ جدرانه هواء عالٍ
من ظلالِكِ هبطتْ قوافلُ الشّعراءِ عن يمينِكِ وشمالكِ
جالسةٌ أنتِ كمطلعِ نشيدٍ على كرسيّ من خشبِ الأرز
تنعشُكِ بناتُ المدينة بمناديل تقطرُ براعمَ فلّ
تسندكِ أغصانُ التّفّاح
من قدميكِ تنطلقُ أسرابُ الأنهارِ
إلى كافّةِ جسدِ الكوكبِ السّائر في ليلِ رغباتكِ الخالصة
في المرآةِ أنتِ: اسمٌ جسمٌ رسمٌ
في القلبِ أنتِ قنطرةٌ ماورديّةٌ تعبرُ تحتها أطيافُ الوقت
في المرآةِ أنتِ صورةٌ مرئيّةٌ
في القصيدةِ أنتِ إشاراتٌ للزّوارقِ حتى تغادرَ مرابضَ العتمة
إلى حَيثُ يُوحى إلى البرّيّة أن تلدَ سلالة غزلانٍ ترحّبُ بكِ
أشعارٌ حول مهدكِ تُنْشَدُ
أوتارٌ تُدَوْزَنُ على صوتِ بحّتِكِ التّفّاحيّة
ولوحاتٌ زيتيّةٌ تنتظرُ تحت شَعرِكِ لتأخذ توقيعها
أمّا أنا كلما اقتربتْ منكِ قصيدةٌ رميتُ في بيدرِ الخيالِ شرارةَ البداية
وكلّما اكتملَ وترٌ واستدارَ حول خصركِ
استمعتُ إلى غناءٍ هيلينيّ منبعثٍ من عمق سفينةٍ تحملُ كنوزكِ عائدةً بكِ إلى أوّلِكِ
أبوابُ المدينةِ بلمسةٍ من يدكِ تُفتَحُ
والموشّحاتُ المطرّزةُ على مزاجِ الغجرِ تنتقي جسدَكِ السّوريّ لتكتشفَ إيقاعها
إلهُ الرّعدِ يشتغلُ عندكِ تلميذَ موسيقى
إله الحربِ ينزعُ في حضرتك أسلحتَه يلقيها حطباً لنارِ وليمةٍ
إله الموتِ يعتذرُ لعينيكِ عن أخطائهِ يتعلّمُ منكِ فقه الوجودِ
إله الرّيح يتخلّى عن ممتلكاته التي اقتناها من الدّمار ويجلسُ القرفصاءَ أمامكِ
ما أجملَ الآلهةَ تغيّرُ مهنتها كرمى لإلهةِ سوريّة الحنطيّة
أولِمِي عند الشّروقِ شمساً للبحرِ المتوسّطِ
انقعي فيهِ أجسادَ عشّاقِكِ
أجراسكِ المعتّقةُ في قبوِ مريم تذكّرُ أنكِ
هِبَةٌ مَمنوحَةٌ في عيدِ القمحِ للعائدينَ من حُقولِ الصّيد...
أراكِ سيّدةً يطلبُ رضاها نهرُ الفرات
ويشربُ من عينيها طائر الشّمالِ لونَ الجبالِ الهابطة في النسيانِ
أراكِ: أأكثرُ من أنثى أنتِ؟
تتحكّمينَ بحركةِ الينابيعِ كما تتحكّمُ أحلامُكِ بحركة المجرّات
تقفين / يقف الشّجرُ المولودُ من آخرِ رقصة مطر
ترفعين يديكِ / ترتفع منارة البحر
تصمتين / تهدأُ العاصفةُ
تقولينَ / يكملُ " أوفيد " نشيد حبّه
أراكِ: على جبينِكِ وريقاتُ الكرْمة
في صدركِ عنبٌ محمومٌ
يداكِ معصرتان للنبيذ
قدماكِ تبعثانِ روحَ العناقيد تحتهما
و" باخس " يختمرُ فيكِ على نايٍ هادئَةٍ
تترنّمُ بكِ طيورٌ برّيّةٌ وحَمَامَاتٌ دمشقيّةٌ
وفي حلب تبتهلُ بذكرك الأروقةُ البيزنطيّةُ
على تخوم الجزيرة تنزرعينَ نهارات مقمّرةً
أراكِ تخرجينَ من أحياء الحجارةِ السّودِ مليكةً تغار منها عذارى المشرق
تنسكب لعبورها أقداح عنبرٍ
وتُرَشّ مباخرُ تتمايلُ في أيدي رعيانِ النعمةِ
إلى أن تتّجهين؟
هل إلى عرشٍ ضيّعته بلقيس؟
أم إلى صَدفةٍ فارغةٍ تعيدين لها أيام اللّؤلؤ؟
أحسبُ أنكِ ستدخلين بيت المقدّس على إيقاعات الغزلانِ
تنبعث منكِ عطور البرتقال اليافاويّ
وتلمع حواليكِ أقمار الزّيتونِ
مرّي إذاً بمهدِ القيامة
كاهن الزّمان أيقظيه
لقد هُدِمَ الحرمُ يا أبانا
فهاتِ حجارة الضّوء نعمّرْ...
تقول الحماماتُ إنّكِ ستختارين دمشقَ لتزدادَ مآذنها
وتفتحَ أبوابها
ويجد النهرُ بقاياه التائهة في صوت فيروز
هذه قلعة دمشق تُقلعُ إلى المجهولِ إذا مررتِ بها
شارع الحميديةِ يتحوّلُ جدولاً من ياسمينٍ
قوسُ جوبيتير يتفتّت إلى قطع فسيفساء بحجم عينيكِ
هنا تتوقّفُ المعاركُ
والمذبحُ يفرح بانتهاء عهد الدم
أيتها العروس السّوريّةُ
بوركتْ حجارة البيت إذْ تدخلين
تفيضُ الخوابي بالنبيذ والزيتِ والعسل إذ تفرحين
إليكِ تُرفَعُ العرائشُ بعناقيدها
عليكِ تُلقى زهرات اللّوز لتنّضجي
وعنكِ تروي الشّرفاتُ سماءكِ
هل لي أن أحيطَ بهذا اللاّنهائيّ يجلسُ طيّعاً جوارَكِ؟
تروّضين إكليل الشّوكِ ليبني عليه الحمامُ برجاً
هل لي أن أبلغَ صولجانَ الماء في يدكِ
تأمرين المحيطات فتمتدّ
والسّحاباتِ تسرع خطاها على أرض السّماء...
أراكِ في القلعةِ الشّرقيةِ تنحنين على حجر الشّمس
تدعين شعباً من الجوريّ ليمتصّ رحيقَ قدميكِ النّائمتينِ في الأزرق
الشّرق يدورُ حيث يدورُ جسدكِ
اغسلي الحجرَ الأسودَ النازلَ من نيزك الرّحيل
نوّري صلابته بشتلةِ ياسمينٍ تنمو على فقراتِ ظهركِ
أراكِ تغزلين عباءة الضّوء لعرّافِ المدينة المرصودةِ
فيك تذوبُ خيطان الذّهب وتنصهرُ بجدائلكِ
أشمّ رائحةَ النّبع في جدائلكِ
ألتمسُ زخّة أوّل مطرٍ عندما تعبرين
أيتها الأميرةُ الطالعةُ من حيّ القرنفلِ
حولكِ أوثان الماء تطوفُ بها جنّيّاتُ نهر العاصي
ستسمعين في الليل ضراعات العذراوات:
أوقفي تقدِمَتنا قرابين في النار
أعيدي لنا حكمة العنب
نطرّز لكِ ثياب الزفاف
وأنت تغادرين شرقَ مدينتنا إلى روحِ الشرق
1/3/2009
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
02-أيار-2020 | |
15-كانون الأول-2018 | |
10-شباط-2018 | |
04-تشرين الثاني-2017 | |
29-نيسان-2017 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |