ثمة مايقرف حقا ؟
خاص ألف
2010-05-28
لا يختلف أحد منا على رداءة الوضع الثقافي في البلد وعلى تراجع دور القراءة وعلى انحلال مفهوم المثقف وعلى تحول المثقف إلى نوع من البريستج الذي يضاف على هامش فعاليات أو مهرجانات ليس إيمانا بدوره! بقدر ماهو انتظار غير معلن لموته كي تستريح السلطات وأصحاب الضمائر المتعفنة من نقه !
ولكن رغم كل ماسبق لم يصل الوضع يوما إلى الحضيض الذي نصله اليوم, مايحصل اليوم في الثقافة يشبه العاهرة التي لم تعد تكتفي بمجاهرتها بالعفة رغم معرفتها بأنها نعرف من تكون, بل أصبحت تطالبنا بأن نعلن على الملأ عفتها وطهارتها كي نكون شهود عهر على شرفها المستباح!
من يتابع ما يجري في الثقافة العربية والسورية تحديدا, سيصيبه العجب دون الصيام برجب,خاصة لجهة السرقات المعلنة والتحدي الصريح والعلني والبلطجي ليس على أرزاق الكتاب الشرفاء فحسب, بل على كراماتهم بغية تلويثها وتشكيك الناس بها, سعيا لتحويل المثقف إلى أي عاهرة يمكن أن تشتم وقت تشاء وترجم وقت تشاء!
مااستدعى الحديث السابق, هو تراكم ثلاثة أحداث حدثت معي في يوم واحد, أحداث تمر مرور الكرام في حياتنا المتلبدة ولكن التفكر بها ومساءلتها يقود إلى نتائج نفضل عليها الموت ونشتهيه, كي لا نتأكد أننا حقا وصلنا هذا الدرك؟ ولكن للأسف وصلنا !!
في الصباح قرأت نداء الشاعر العراقي "سعدي يوسف" إلى كل الشرفاء في العالم العربي كي يوقفوا طباعة أعماله في دار الجمل التي سطت على حقوقه, دون رازع أو ضمير, ودون أدنى احترام لرجل ترك من المواقف الشجاعة والمناهضة للاحتلال مايكفي أمة بكامها في زمن العهر والخذلان, عدا عن الشعر الرقيق والجميل والمدهش الذي يقودك نحو مناخات برزخية من المتعة والشبق والحب الانزلاق في عوالم شقية!
من هي الأمة التي تهين شاعرا بحجم سعدي يوسف ؟
ثاني الأحداث هو قلة الحضور المخجل في محاضرة الروائي والكاتب الاسباني الشهير "خوان غويتسلو" هذا الكاتب الذي قدم للثقافة العربية ما لم يقدمه العرب لأنفسهم, محاضرته التي حملت عنوان"شرقنا القريب" كانت دفاعا عن بشر غابوا عن محاضرته!! هل حقا ثمة من تدافع عنهم ياغيستولو؟
وهنا نقول لن نطالب الناس العاديين بالحضور الذين نجد لهم ألف عذر كي لا يحضروا وهم الملحوقين بلقمة خبز أرهقتهم, بل نسـأل أين المثقفين والاعلاميين الذين من المفترض أن يملأوا وحدهم خمس قاعات مثل قاعة مكتبة الأسد الصغيرة أصلا!
غويستلو الاسم المتلألئ في سماء الثقافة العالمية, والمدافع الصلد عن حقوق الفلسطينين, والمدافع عن الحلم الاندلسي و"الفردوس المفقود", يهان بهذا الحضور المخجل!!
في النهاية جاء غويتسلو ليدافع عنا فلم يجد من يدافع عنهم؟
ثالث الأحداث كان في محاضرة غويتسلو نفسها , حيث التقيت شاعرا متشحا ببياضه الأبدي , قضى عمره بحثا عن كلمة لا تنتهك و قصيدة لا تتعهر في زمن اليقينات المطلقة.
حدثني الشاعر بمرارة فاجعة عن أن جريدة الثورة السورية وضعت له استكتاب عن مقال له مبلغ سبعمئة ليرة سورية فقط لاغير!!
تخيلوا, شاعر سافر وتغرب بحثا عن كلمة نقية لم تتلوث, هجر كل متع الدنيا كي لا يتعهر, رفض كل ما "يريب ويشكك به", سطر من المواقف ما يكفي جيلا بأكمله؟
ومع ذلك سبعمئية ليرة!
من وضع هذه "السبعمئة" واحد من اثنان, إما "موظف" لا يعرف هذا الشاعر, وماقدم الرجل للثقافة, وإما قاصد تعمد أن يهين الشاعر وقيمه , وأن يهيننا من وراء هذا الخبر؟
وفي الحالين الأمر فاجع ومقلق ومقرف, في الاحتمال الاول يكون السؤال : من وضع "موظفا" في جريدة الثورة؟
والاحتمال الثاني : لماذا يتم الاستهتار بكرامات الناس وأرزاقهم, لما يتم تصغير الكبار وتكبير الصغار, لماذا اهانة المثقف الشريف في زمن أصبح فيه الشريف كمن يقبض على الجمر.
في محاضرة غويتسلو حضر الوزيران, وزير الثقافة ووزير الاعلام, وكلاهما قدم مداخلة عن العرب والاسلام والثقافة وو..لم يتحدث أحدهم عن وضع الاعلام أو الثقافة السوريتين!!
هل نتحدث المزيد؟
ثمة قلق يصل حدود القرف!!
وتريدون من أمي أن تحب الشعر ؟ يبدو أنه معها حق !!
××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
27-آذار-2021 | |
13-شباط-2021 | |
17-تشرين الأول-2020 | |
23-تشرين الثاني-2019 | |
14-أيلول-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |