الشـــرائــع القــوانــين في ثقافة الشرق القديم
2008-01-14
تُعتبر شرائع الشرق القديم أول شرائع مكتوبة في تاريخ البشرية، وُضعت لتنظيم علاقات الأفراد على أساس من العدل والمساواة. كما تُعتبر الهيئات القضائية وتنظيماتها في حواضر الشرق القديم أول محاولة لتنظيم المؤسسات الحقوقية في مجتمع المدينة الذي أخذ شكله الأول في هذه المنطقة. وعلى الرغم من أن قوانين حمورابي، الذي حكم بابل بين عام 1792 و 1750 ق.م، هي أول مجموعة شاملة من النصوص القانونية التي وصلتنا من الشرق القديم، إلا أنها ليست القوانين الأكثر قدماً في المنطقة. فلقد استن العديد من الملوك الرافدينيين الذين حكموا دويلات المدن قوانين مماثلة، وإن على نطاق أضيق، لم تصلنا كاملة لسوء الحظ. وكمثال على ذلك ما تبقى من قوانين أورو كاجينا ملك لجش، نحو عام 2360 ق.م؛ وقوانين صارغون الأكادي. نحو عام 2300 ق.م؛ وقوانين أور- نمو ملك مدينة أور، نحو عام 2100 ق.م؛ وقوانين لبت عشتار ملك مدينة إيسين، نحو عام 1930 ق.م،
وقوانين مدينة إشنونا من نحو 2000ق.م، ولدينا من العهود التالية لعصر حمورابي أيضاً مجموعتان من القوانين الأقل كمالاً من مجموعة حمورابي، هما مجموعة قوانين آشور الوسطى، نحو عام 1115 ق.م؛ ومجموعة القوانين الحثية من أواسط القرن الرابع عشر ق.م. ويمكننا الافتراض أيضاً أن ملوكاً آخرين على شاكلة هؤلاء قد أصدروا قوانين خاصة لدولهم لم تصلنا، وأنه كان هنالك قوانين مكتوبة في بابل في الفترة السابقة على حكم حمورابي.
لقد كان القانون ومفهوم العدالة من الأفكار الرئيسية التي تخللت ثقافة الشرق القديم، وفي كلتا الناحيتين النظرية وما يستند إليها من ممارسة عملية. فخلال القرنين الماضيين عثر علماء الآثار على ألوف الألواح المدونة بشتى أنواع الوثائق القانونية، كالعقود والوصايا وصكوك الديون وقرارات المحاكم، وما إليها. وكان الطالب في مدارس تخريج الكتبة يخصص وقتاً لا بأس به من وقته لدراسة القانون ونسخ نصوص القوانين وقرارات المحاكم التي اكتسبت صفة السوابق القضائية.
وبشكل عام يمكن القول بأنه سواء فيما يتعلق بشريعة حمورابي أم بالشرائع السابقة واللاحقة لها، فإن هذه الشرائع لم تكن منظومات قانونية بالمعنى الذي نعرفه للكلمة، فهي لا تحاول أن تغطي جميع الحالات الممكنة، وتتكون من سلسلة مختلطة من القرارات التي اتخذها القضاة في حالات مستقلة. كما أنه لا يوجد ما يدعونا للافتراض بأن هذه القوانين كانت ملزمة بأي حال من الأحوال، وإنما هي إقرار لمبادئ يحتذي بها القضاة المختلفون عندما يأتون إلى إصدار قراراتهم.
ولكي نتعرف على طبيعة هذه المنظومات القانونية، سوف نبدأ بعرض فقرات مختارة من الشرائع السابقة على حمورابي، وبعدها إلى ما تلاها من شرائع في ثقافات المنطقة.
مختارات من قوانين إشنونا:
لو لم يكن لرجل حق عند رجل أخر، ومع ذلك احتبس الآخر أَمَتَه، يعلن مالك الأمة تحت القسم قائلاً: «ليس لك عندي حق». وعند ذلك يدفع المستولي على الأمة تعويضاً كاملاً، فضة، مقابل الأمة للطرف الآخر.
لو لم يكن لرجل حق عند آخر، ومع ذلك احتبس أمته في بيته وتسبب في وفاتها، يعوض المالك بأَمتين بديلاً عنها.
لو زار رجل بيت حميه المقبل، وقدم له مهراً لابنته فقبله، ثم أعطى ابنته لرجل آخر، عليه أن يرد ضعفي المبلغ الذي أخذه من الأول.
لو قدم رجل مالاً مهراً لابنة رجل آخر، ولكن رجلاً آخر أخذها بالقوة دون رضا أبويها وحرمها من عذريتها، يعد ذلك جريمة كبرى ويقتل ذلك الرجل.
لو أخذ رجل ابنة رجل آخر دون إذن من والديها، ودون عقد زواج رسمي. لا تعتبر زوجة له. أما إذا عقد عقداً رسمياً مع أبويها وساكنها، تعد زوجة له، وإذا قبض عليها مع رجل آخر تموت، ولا منجاة لها.
لو تم أسر رجل خلال غارة أو غزوة، وحُمل بالقوة إلى ديار أجنبية وبقي غائباً مدة طويلة، ثم قام رجل آخر بأخذ زوجته فولدت له ولداً، فإن الرجل الأسير يسترد زوجته إذ عاد حتى وإن ولدت للثاني ولداً.
لو كره رجل بلدته وسيده وهرب، فأخذ رجل آخر زوجته، لا يحق له استعادة زوجته إذا رجع.
لو حرم رجل أَمة رجل آخر من عذريتها يدفع له ثلث مينا من الفضة، وتبقى الأمة ملكاً لصاحبها الأول.
لو أعطت أمة طفلها خفية إلى ابنة رجل آخر، ثم رآه سيده عندما كبر، يحق له أن ينتزعه من مربيته ويسترده.
لو أودع رجل مالاً عند رجل آخر، ثم اختفى المال الذي أودعه، دون أن يكون هنالك دلالات واضحة على سرقة، كأن تخلع النافذة أو يُكسر القفل، على المودع لديه أن يرد المال المودع.
لكن إذا انهار بيت المودع لديه أو سُرق، وحدثت خسارة للمودع والمودع لديه معاً، على صاحب البيت أن يقسم عند بوابة المعبد قائلاً: «أقسم إنني فقدت أموالي مع أموالك، وإنني لم أقترف ذنباً ولا دبرت خديعة». إذا أقسم المودع لديه كما ذُكر، فلا حق للمودع يطالب به.
لو مر إنسان بضائقة مالية فباع بيته، يحق للبائع أن يشتري بيته بعد ذلك إذا أراد مشتريه أن يبيعه.
لو اشترى شخص عبداً أو أَمةً، أو أي بضاعة ذات قيمة، ثم لم يستطع أن يحدد البائع الأصلي، فهو لص.
لو عض رجل أنف رجل آخر فقطعه، يدفع له مينا واحدة من الفضة. وإذا عض عينه يدفع له مينا واحدة من الفضة. وإذا كسر له سناً يدفع له نصف مينا من الفضة، وعلى الأذن يدفع له نصف مينا من الفضة، وعلى صفعة الخد يدفع له عشر شيكلات من الفضة.
لو قطع رجل إصبع رجل آخر يدفع له ثلثي مينا من الفضة.
لو طرح رجل رجلاً آخر أثناء الشجار فكسر له يده، يدفع له نصف مينا من الفضة. ولو كسر قدمه يدفع له نصف مينا من الفضة.
لو نطح ثور ثوراً آخر وتسبب في موته، يتقاسم صاحبا الثورين ثمن الثور الحي، وثمن ثور مشابه للثور الميت.
لو كان من عادة ثور أن ينطح الناس، وأُعلمت السلطات وصاحبه بهذه الحقيقة، ومع ذلك لم ينزع صاحبه قرنيه، ثم قام ذلك الثور بنطح رجل آخر فأماته، على مالكه أن يدفع ثلثي مينا من الفضة. أما إذا نطح ذلك الثور عبداً وتسبب في موته، يدفع صاحبه عشرة شيكلات من الفضة.
لو كان لرجل كلب مسعور وأعلمت السلطات صاحبه بذلك، ومع هذا لم يحبسه في فناء البيت، ثم قام الكلب بعضّ رجل وتسبب في موته، يدفع صاحب الكلب ثلثي مينا من الفضة. أما إذا عض عبداً وتسبب في موته فيدفع 15 شيكلاً من الفضة.
لو آل حائط إلى السقوط وأَعلمت السلطات صاحب البيت بذلك، ولكنه لم يدعمه فسقط وتسبب في قتل رجل عابر، فإنها جريمة كبرى ومن اختصاص الملك القضاء فيها.
لو طلق رجل زوجته بعد حملها منه، ثم اتخذ زوجة أخرى، يطرد من بيته ومن أملاكه؛ ولتلحقه بعد ذلك من تقبل به زوجاً.
مختارات من قوانين لبت- عشتار:
لو دخل رجل بستاناً وضبط متلبساً بسرقة، عليه أن يدفع عشر شيكلات من الفضة.
لو أَبِقَ عبد أو أمة واختفى في أزقة المدينة، ثم ثبت بعد ذلك أنه، أو أنها أقامت في بيت رجل آخر لمدة شهر، يعوض عبداً بعبد. وإذا لم يكن يملك ذلك الرجل عبداً، فإنه يدفع 15 شيكلاً من الفضة.
لو عوض عبد سيده ضعف الثمن الذي اشتراه به، يعتق ذلك العبد.
لو اتهم رجل آخر بتهمة ولم تثبت ضده، يتحمل ذلك الرجل العقوبة المفروضة على التهمة التي اتهمه بها.
لو أن سيداً تقاعس عن دفع ضريبة عقار خاص به، ثم قام رجل آخر بدفعها، تبقى ملكية العقار في يده مدة ثلاث سنوات، ثم تؤول ملكيتها إلى من دفع ضريبتها.
لو تزوج رجل من امرأة ثم أنجب منها أطفالاً، ثم حملت منه إحدى إمائه وأنجب أولاداً فأعتقهم. لا يتقاسم أولاد الأمة العقار مع أولاد الحرة.
إذا لم تلد زوجة رجل له أولاداً، وإنما ولدتهم له عاهرة، عليه أن يقدم لها حبوباً وزيتاً وكساءً، ويكون أولادها ورثته، ولكنها لا تسكن في البيت نفسه مع زوجته ما دامت الزوجة حية.
لو مال قلب رجل عن زوجته الأولى وتزوج من غيرها، ولكنها لم تترك البيت، عليه أن يستمر في إعالتها، وتكون المرأة الجديدة زوجة ثانية له.
وقد ختم الملك لبت عشتار لائحة قوانينه بالكلمة التالية:
«أنا لبت عشتار بن إنليل، نزولاً عند كلمة أوتو (إله العدالة) الصادقة، جعلت سومر وأكاد تتمسك بدرب العدل. كما أنني خضوعاً لإرادة إنليل، فقد قمت بمحو الخصام والشقاق، وأنهيت الدموع والندب والعويل. لقد أظهرت الحق وجلبت السعادة لأهل سومر وأكاد».
مختارات من قوانين أور- نمو:
تعود قوانين لبت عشتار الآنفة الذكر إلى نحو عام 1930 ق.م. وكان يعتقد أنها أقدم شريعة مكتوبة في تاريخ الإنسان؛ هذا إذا أخذنا بالحسبان أن الشرائع السابقة عليها، مثل شريعة أورو كاجينا، وشريعة صارغون الأكادي، لم تكن قوانين بالمعنى الحرفي للكلمة بقدر ما كانت مراسيم إصلاحية ذات طبيعة عامة. ثم جاءت قوانين إشنونا لتتفوق على قوانين لبت عشتار في القدم، فهي تعود إلى نحو عام 2000ق.م . بعد ذلك جاءت قوانين الملك أور- نمو لتثبت أحقيتها بلقب أول شريعة مكتوبة في تاريخ الإنسان، وهي تعود إلى نحو عام 2100ق.م، تاريخ تأسيس الملك أور- نمو لأٍسرة أور الثالثة الشهيرة في تاريخ بلاد الرافدين. ولسوء الحظ فإن هذه الشريعة وصلتنا على لوح كثير التشوه. لم يبق منه إلا جزء صغير من مقدمته وعدد قليل من فقراته.
تقول المقدمة إنه بعد أن جرى خلق العالم، وبعد أن تقرر مصير بلاد سومر ومصير مدينة أور، سلّم الإلهان آن وإنليل حكم مدينة أور لإله القمر نانا؛ ثم إن نانا بدوره قد اختار أور- نمو، الابن المولود من الإلهة ننسون، ملكاً على أور وعلى جميع بلاد سومر. وقد بدأ أور- نمو حكمة بشن الحروب على الأعداء المتربصين وضمن سلامة حدود البلاد. بعد ذلك، وانسجاماً مع مبادئه في حب الحق والعدالة والمساواة، فقط التفت إلى الشؤون الداخلية وحقق الإصلاحات الاجتماعية، فقضى على الغشاشين والمرتشين، وأوجد نظاماً مضبوطاً للأوزان والمكاييل، ومنع أن يقع اليتيم فريسة للغني، والأرملة ضحية للقوي. وإليكم فيما يلي أوضح الفقرات التي بقيت من منظومة قوانين أور- نمو:
لو أن زوجة رجل تبعت رجلاٌ آخر وأغوته عن طريق مفاتنها، تُقتل تلك المرأة ويطلق سراح الرجل.
لو طلق رجل زوجته الأولى يدفع لها مينا واحدة من الفضة. فإذا كانت أرملة سابقة، يدفع لها نصف مينا من الفضة.
لو نام رجل مع أرملة دون عقد زواج، لا يدفع لها شيئاً.
لو اتهم رجل رجلاً آخر بـ .. .. .. وجاء إلى تحكيم النهر فأثبت براءته، فعلى من وجه الاتهام أن يدفع للآخر ثلاث شيكلات من الفضة.
لو اتهم رجل زوجة رجل آخر، وأثبت امتحان النهر أنها بريئة، يدفع متهمها ثلث مينا من الفضة.
لو أن صهراً متوقعاً دخل بيت حميه المتوقع، لكن حميه نكص بعد ذلك وأعطى الفتاة لرجل آخر، على الحمي أن يعيد للرجل المرفوض ضعفي هدايا الزوج التي قدمها.
لو هشم رجل عضواً من أعضاء رجل آخر أثناء العراك يدفع مينا من الفضة.
لو جدع رجل بسكين أنف رجل آخر عليه أن يدفع ثلثي مينا من الفضة.
لو كسر رجل سن رجل آخر، عليه أن يدفع شيكلين من الفضة.
لو ماثلت أَمة نفسها بسيدتها متحدثة إليها بتكبر، يحشى فمها بقيراط من الملح.
لو وقف رجل شاهداً في دعوى قضائية وثبت أنه كاذب، يدفع خمسة عشر شيكلاً من الفضة.
لو أقدم رجل على فلاحة أرض زراعية تخص رجلاً آخر، عنوةً، وتقدم صاحب الأرض بدعوى قضائية ضده، لكنه رد عليه باحتقار، يخسر المغتصب أمواله التي أنفقها في فلاحة الأرض.
لو أغرق رجل حقل رجل آخر بالماء، يدفع له ما زنته ثلاثة كور من الشعير لكل إيكو واحد من الأرض.
لو أجَّر رجل أرضاً زراعية لرجل آخر ليعمل على حراثتها، لكنه لم يقم بذلك بل جعل الأرض بوراً، فإنه يدفع للمؤجِّر ثلاثة كور من الشعير لكل إيكو واحد من الأرض.
هذه هي أهم البنود الواضحة في شريعة أور- نمو. وهي تتخذ أهمية خاصة بالنسبة إلى تاريخ الحقوق في بلاد الرافدين، لأنها تضع محل مبدأ القصاص الذي ساد بعد ذلك في شريعة حمورابي، والذي يقوم على قاعدة «العين بالعين والسن بالسن» مبدأ أكثر إنسانية يقوم على مبدأ الدية بالمال بدلاً من عقوبة القصاص.
مختارات من شريعة حمورابي:
إذا اتهم رجل رجلاً آخر بجريمة قتل، ثم لم يثبت ذلك ضده، يُحكم على الذي اتهمه بالموت.
لو اتهم رجل رجلاً آخر بممارسة السحر، ولم يثبت ذلك ضده؛ فعلى من اتُهم بالسحر أن يذهب إلى النهر المقدس ويقفز فيه، فإذا غلبه النهر فإن صاحب الاتهام يستولي على بيت المتهَم ويحتفظ به. وإذا أثبت النهر المقدس أنه بريء وعاد سالماً يُقتل صاحب الاتهام، ويأخذ الذي قفز في النهر بيت متهمه ويحتفظ به.
لو سرق رجل شيئاً من أملاك إله أو قصر، يدان ذلك الرجل ويحكم عليه بالموت. كما يُقتل أيضاً كل من أخذ شيئاً مسروقاً من يده.
لو سرق رجل ابناً لرجل آخر يُقتل.
لو سهل إنسان هروب عبد أو أمة من البوابة الرئيسية للمدينة، يُقتل.
لو أخفى رجل في منزله عبداً ضائعاً أو أَمةً، ولم يظهرها حين ينادي المنادي عليها، يقتل مالك البيت.
لو أمسك رجل عبداً آبقاً أو أمة خارج المدينة، ثم دفع به أو بها إلى المالك، على المالك أن يعطيه شيكلين من الفضة. ولكن إذا احتبس العبد في بيته، وتمت مداهمة البيت فوُجد العبد عنده، يقتل.
لو نقب رجل بيتاً يُقتل عند ذلك النقب ويُسد النقب بجسده.
إذا اقترف رجل سرقة وأُمسك، يُقتل.
إذا لم يُقبض على اللص، على المسروق منه أن يصرح بما فقده أمام إله، وعلى المدينة، أو العمدة في المنطقة التي اقترفت فيها السرقة أن يعوض له خسارته.
لو شبَّ حريق في بيت رجل، وقام آخر لإطفائه متبرعاً لكنه سرق شيئاً من أملاك صاحب البيت، يُلقى السارق في نار ذلك الحريق.
لو أجَّر سيد حقله لمستأجر، واستلم أجرة الحقل، ثم أغرق المطر حقله أو داهمه طوفان، تكون الخسارة على المستأجر فقط.
لو أن رجلاً استدان من أجل زراعة حقله، ثم أغرقه المطر أو جرف سيل تربته، أو لم يُسبل الزرع لأن الماء كان شحيحاً، لا يدفع في هذه السنة حباً لدائنه في ذلك العام ولا تحسب عليه فائدة.
لو أعطى رجل لرجل آخر فضة من أجل شراكة في تجارة ما، عليهما أن يتقاسما الأرباح أو الخسائر بينها بالتساوي.
لو تكاسل رجل أثناء شق ترعة للري في أرضه بحيث ترك المياه تتلف محصول الحقل المجاور، يزن لجاره حباً بمقدار ما كان في أرض جاره من حب.
إذا أعطى سيد حقلاً لبستاني يشتله، وقام البستاني بذلك، عليه أن يعتني بالبستان لمدة أربع سنوات، ويتقاسمان الأرباح مناصفة في السنة الخامسة. أما إذا لم يشتل البستاني الحقل بأكمله وإنما ترك جزءاً منه بلا غرس، يُلزم بالجزء الخالي حصة له.
لو أجَّر رجل منزلاً ودفع المستأجر نقود الإيجار كاملة لمدة سنة، ثم قال صاحب البيت للمستأجر قبل انتهاء عقد الإيجار: «أخلِ بيتي»، يغرم مالك البيت بالمال الذي دُفع له، لأنه أخلى المستأجر قبل انتهاء العقد.
لو كان لرجل عند رجل آخر ديْن موضوعه الحبوب أو المال، فقام باحتباس شخص ما كرهينة، ثم ماتت الرهينة ميتة طبيعية في بيت محتبسها، فلاحق لأحد بالادعاء.
لو ماتت الرهينة من الضرب أو سوء المعاملة في بيت محتبسها، فعلى صاحب الرهينة أن يثبت ذلك ضده؛ فإذا كانت الرهينة ابنه يُقتل ابن المحتبس، وإن كانت عبدة يدفع المحتبس ثلاث مينات من الفضة ويغرم بكل ما أقرضه.
لو استحق سند الدفع فاضطر المدين إلى أن يبيع زوجته أو ابنه أو ابنته، عليهم أن يعملوا في بيت من اشتراهم ثلاث سنوات ثم يعتقهم في السنة الرابعة.
لو استحق دفع سند فاضطر المدين أن يبيع أمته التي حملت منه، يحق له استرداد أمته في أي وقت يستطيع فيه وفاء دينه.
لو أراد أحد أن يودع عند آخر فضة أو ذهباً أو أي شيء آخر، ليحفظه له أمانة، عليه أن يُحضر شهوداً ويبرم عقداً قبل أن يسلمه الأمانة.
أما إذا ائتمنه على شيء دون شهود أو عقد، ثم نازعه عليه، لا يتخذ بحق المؤتمن لديه أي إجراء قانوني.
لو أودع رجل أملاكاً له عند رجل آخر كأمانة، ثم سُرقت أملاكه مع أملاك صاحب البيت عن طريق نقب الجدار أو الاقتحام، فعلى صاحب البيت أن يعوض صاحب الأملاك ما خسره، لأنه كان مهملاً وترك ما حفظ عنده يضيع. وعليه بعد ذلك أن يجري بحثاً شاملاً عن أملاكه الضائعة ويستردها من سارقها.
لو اتخذ رجل امرأة زوجة له ولم يعقد عليها، هي ليست زوجته.
لو ضُبطت زوجة رجل تضاجع رجلاً آخر، يربط الاثنان ويلقيان في النهر. أما إذا رغب زوج المرأة مسامحة زوجته فله ذلك، وللملك الحق في العفو عن مواطنه الآخر.
لو قيد رجل امرأة مخطوبة لرجل آخر، لا تزال تعيش في بيت أهلها، وكانت عذراء لم تعرف رجلاً من قبل، يُقتل ذلك الرجل وتذهب المرأة حرة طليقة.
لو اتهم رجل زوجته بالزنا دون أن يضبطها نائمة مع رجل آخر، عليها أن تقسم على براءتها بحياة إله، فتغدو طليقة وتعود إلى بيتها.
لو أُخذ رجل أسيراً، وكان في بيته ما يكفي من الزاد، على زوجته ألا تترك بيتها، وتلزم نفسها بعدم دخول بيت رجل آخر.
إن لم تلزم المرأة نفسها بذلك، ودخلت بيت رجل آخر، يثبتون عليها ذلك وتُلقى في النهر.
إذا أُخذ رجل أسيراً ولم يكن في بيته ما يكفي من الزاد، فدخلت زوجته بيت رجل آخر وولدت أطفالاً قبل عودته، على تلك المرأة أن تعود إلى زوجها الأول إذا رجع من الأسر، ويبقى أولادها من الثاني مع أبيهم.
إذا دخلت زوجة رجل هجر مدينته بيت رجل آخر، لا تعود إلى زوجها الهارب إلا إذا ورغب في استرداد زوجته، لأنه حقَّر مدينته وهجرها.
إذا كرهت امرأة زوجها كرهاً شديداً إلى درجة اضطرها أن تقول له: «لن تقربني»، يُستقصى عن سجلها وماضيها في سجلات مجلس المدينة، فإذا كانت ربة بيت صالحة ولا سوابق لها، يحق لها أن تأخذ مهرها وتذهب إلى بيت أبيها دونما ملامة.
أما إذا لم تكن ربة بيت صالحة، وكانت كثيرة التطواف على البيوت مما يسبب إهمال بيتها والانتقاص من زوجها، ترمى تلك المرأة في النهر.
إذا تزوج رجل امرأة ثم أصابها مرض طويل، يستطيع زوجها أن يتزوج بأخرى دونما حاجة إلى طلاق زوجته المريضة، التي ستظل تعيش في بيته وعليه أن يستمر في رعايتها ما دامت حية.
لو تسببت امرأة في مقتل زوجها بسبب رجل آخر، توضع على الخازوق.
لو نام رجل مع أمه بعد وفاة أبيه، يحرق كلاهما.
لو نام رجل مع ابنته يُجبر على ترك المدينة.
إذا قدم سيد لولده البكر حقلاً أو بستاناً هدية، ووثق بذلك سنداً مختوماً، على الابن أن يحتفظ بالسند، وإلا تقاسم الورثة أملاك الأب بالتساوي عقب وفاته.
لو قرر رجل حرمان أحد أولاده من الإرث، فقال للقضاة: «أرغب في حرمان ابني»، يبحث القضاة في ماضي الابن، فإن وجدوا أنه لم يرتكب ذنباً جسيماً يبرر حرمانه، لا يحق للأب أن يحرمه.
إذا ولدت زوجة الرجل أولاداً، ثم ولدت له أمته أيضاً أولاداً، ثم قال الأب يوماً لأولاد الأمة: «يا أولادي»، اعتبرهم بذلك كأولاده الذين ولدتهم زوجته. وعند وفاة الأب يتقاسم أولاد الزوجة الأولى وأولاد الأمة أملاكه بالتساوي. على أن للابن البكر من الزوجة أفضلية الحصص.
أما إذا لم يخاطب الأب أولاد الأمة بقوله: «يا أولادي»، طوال حياته، لا يتقاسم أولاد الأمة بعد وفاة الأب أملاك أبيهم مع أولاد الزوجة. ويجري إعتاق الأمة وأولادها، دون أن يكون لأولاد الزوجة حق استعبادهم.
لو تزوج عبد من سيدة فولدت له، لا يحق لصاحب العبد أن يطالب بأبناء السيدة عبيداً له.
لو قررت أرملة لها أولاد قاصرين أن تدخل بيت رجل آخر، لا يحق لها أن تدخل دون موافقة القضاة، الذين يقومون بالتحري عن وضع تركة زوجها السابق، ثم يضعون زوجها الثاني وصياً على تركة زوجها السابق بالاشتراك معها، ويتعهد الاثنان خطياً بأنهما سيعتنيان بالأملاك ويربيان الأولاد الصغار. هذا ولا يحق للزوج الثاني بيع أي من أدوات البيت. وفي حال حصول ذلك فإن المشتري الذي سيشتري من أملاك أولاد الأرملة سوف يغرم بثمنها مع إعادة الأملاك إلى أصحابها.
لو تبنى رجل ابناً ورباه وأعطاه اسمه، لا يحق استعادة الطفل المتبنى.
لو تبنى رجل طفلاً ثم أصر الولد بعد ذلك على البحث عن أبويه الحقيقيين، يعود الولد إلى أبيه.
لو أجرى طبيب عملية جراحية على رجل بمشرط من البرونز وأنقذ حياته، أو فتح قناة الدمع في عينه فأنقذها، يأخذ عشر شيكلات من الفضة. أما إذا كان المريض من العامة فيأخذ خمس شيكلات من الفضة، وإذا كان عبداً على مالك العبد أن يدفع للطبيب شيكلين من الفضة.
لو شق طبيب جرحاً عميقاً في جسم رجل بمشرط برونزي، ولكنه تسبب في وفاته، أو فتح قناة الدمع في عين رجل، ولكنه عطل له عينه، يقطعون يده.
لو أجرى طبيب عملية جراحية على ثور أو حمار فأنقذ حياته، على المالك أن يدفع له سدس شيكل من الفضة. أما إذا تسببت العملية في موت الحيوان، فعلى الطبيب أن يدفع للمالك ربع ثمنه.
لو بنى معماري بيتاً لسيده وأكمله، ولكنه لم يجعله قوياً فانهار وتسبب في موت صاحب البيت، يقتل ذلك المعماري. ولو تسبب في قتل ابن صاحب البيت، يقتل ابن المعماري. ولو تسبب في موت عبده، يعوض عنه بعبد آخر. أما إذا تسبب في إتلاف أملاك، فيعوض عن كل ما أتلف، ثم يُجبر على إعادة بناء البيت الذي انهار على نفقته الخاصة.
بعد هذه الفقرات التي اخترناها من شريعة حمورابي، ننتقل إلى عرض فقرات من أهم شريعة في الشرق القديم بعد شريعة حمورابي، وهي مجموعة القوانين الحثية، والمتأخرة عن شريعة حمورابي بأكثر من ثلاثة قرون.
مختارات من القوانين الحثية:
إذا قتل شخص رجلاً أو امرأة، عامداً، يعتبر مسؤولاً من الناحية القانونية؛ عليه أن يدفنه، ويسلّم من لدنه أربعة أشخاص، ذكوراً أم إناثاً (لأهل القتيل)، وتُرتهن أملاكه كضمان.
إذا قتل شخص عبداً أو أمةً، عامداً، يعتبر مسؤولاً من الناحية القانونية؛ عليه أن يدفنه، ويسلّم من لدنه شخصين، ذكوراً أم إناثاً (لصاحب العبد)، وتُرتهن أملاكه كضمان.
إذا ضرب شخص رجلاً حراً أو امرأة حرة، فقتله غير عامد، يعتبر مسؤولاً من الناحية القانونية؛ عليه أن يدفنه ويسلم من لدنه (لأهل القتيل) شخصين، ذكوراً أم إناثاً، وترتهن أملاكه كضمان.
إذا ضرب شخص عبداً أو أَمةً فأماته غير عامد، يعتبر مسؤولاً عن الناحية القانونية؛ عليه أن يدفنه ويسلم من لدنه شخصاً واحداً (لصاحب العبد)، وترتهن أملاكه ضماناً.
إذا تسبب شخص في عمى رجل حر، أو ضربه على فمه فخلع له سناً، عليه أن يدفع عشرين شيكلاً من الفضة، وترتهن أملاكه ضماناً.
إذا تسبب شخص في عمى عبد، أو أمة، أو ضربه على فمه فخلع له سناً، عليه أن يدفع 10 شيكلات من الفضة، وترتهن أملاكه ضماناً.
إذا ضرب شخص رجلاً على رأسه، عليه أن يدفع له ثلاث شيكلات من الفضة.
إذا ضرب شخص رجلاً على رأسه وتسبب في مرضه، عليه أن يعتني به ويسلم من لدنه شخصاً لينوب عنه في العناية بأسرته حتى يتعافى. وعندما يتعافى يدفع له ستة شيكلات من الفضة بالإضافة إلى أتعاب الطبيب.
إذا كسر شخص يد رجل حر أو قدمه، فتسبب في إعاقته بشكل دائم، عليه أن يدفع له 20 شيكلاً من الفضة. أما إذا لم يتسبب في إعاقته بشكل دائم، فعليه أن يدفع له 10 شيكلات من الفضة.
إذا عض رجل أنف رجل حر فقطعه، يدفع له مينا واحدة من الفضة، وترتهن أملاكه ضماناً.
إذا اقتلع شخص أذن رجل حر، يدفع له 15 شيكلاً من الفضة، وترتهن أملاكه ضماناً.
إذا تسبب شخص في إجهاض امرأة، وكانت في شهرها التاسع، عليه أن يدفع لها 10 شيكلات من الفضة، وإذا كانت في شهرها الخامس، يدفع لها خمس شيكلات من الفضة.
إذا خطب رجل فتاة من أهلها، ودفع لهم مهرها، ثم فسخ الأهل الاتفاق ومنعوها عنه، يعوضونه ضعف ما دفع من مهر.
إذا كان عدد من الرجال أطرافاً في قضية قانونية، ثم اقتحم (المحكمة) شخص يود الانتقام، فقام أحد المدافعين بضربه في فورة غضب فقتله، فإنه لا يُغرم شيئاً.
إذا عثر شخص على أدوات أو ثور أو خروف أو حمار أو حصان، عليه أن يسوقه إلى صاحبه فيكافئه، فإذا لم يكن يعرف صاحبه أو لم يجده، عليه أن يؤمن شهوداً. إذا جاء المالك بعد ذلك وتعرف على أملاكه يعيدها له ويعوضه عن أي ضرر وقع لها. أما إذا لم يؤمن شهوداً ثم جاء المالك وعثر على أملاكه، فإنه يعتبر لصاً ويعوض صاحب الأملاك ثلاثة أضعاف.
إذا سرق شخص ثوراً، وكان فطيماً فإنه لا يعد ثوراً، وإذا كان ابن سنة واحدة، لا يُعد ثوراً، أما إذا كان ابن سنتين فيعد ثوراً، وعليه أن يعوضه بخمسة عشر رأساً من الثيران، خمسة منها في عمر السنة، وخمسة في عمر السنتين، وخمسة في سن الفطام، وتُرتهن أملاكه ضماناً.
إذا سرق شخص حصاناً، وكان فطيماً فإنه لا يُعد حصاناً، وإذا كان ابن سنة فإنه لا يعد حصاناً، أما إذا كان ابن سنتين فيعد حصاناً، وعليه أن يعوضه بخمسة عشر رأساً من الخيل؛ خمسة منها في عمر السنة، وخمسة في سن الفطام، وخمسة في عمر السنتين، وترتهن أملاكه ضماناً.
إذا سرق شخص كبشاً، عليه أن يعوضه بخمسة عشر رأساً من الخراف؛ خمس نعجات، وخمسة حملان، وخمسة أكباش.
إذا عثر شخص على ثور وأزال شارته (التي تميز صاحبه) ثم عثر عليه مالكه، فإنه يعوضه بسبعة رؤوس ثيران، ثلاثة رؤوس في سن السنتين، وثلاثة في سن السنة، وواحد في سن الفطام.
إذا كسر شخص قرني ثورٍ لشخص آخر، أو أعطب قدمه، فإنه يأخذه ويعوضه بآخر سليم. أما إذا قال صاحب الثور: «أريد ثوري» فإنه يسترد ثوره ويعوضه الآخر شيكلين من الفضة.
إذا استأجر شخص ثوراً أو حصاناً أو بغلاً لغرض الفلاحة، فمات الحيوان، أو افترسه ذئب، أو ضاع، عليه أن يدفع للمالك قيمة الحيوان. أما إذا ادعى المستأجر بأن الحيوان قد أخذته يد الإله (أي مات ميتة طبيعية)، فعليه القسم على ذلك.
إذا دخلت ثيران حقلاً، فإن صاحب الحقل يستطيع أن يقرنها إلى النير ويفلح عليها حتى حلول المساء ثم يعيدها إلى صاحبها.
إذا ضرب شخص كلب رعاة فأماته، عليه أن يدفع عشرين شيكلاً، وترهن أملاكه كضمان.
إذا ضرب شخص كلباً عادياً فأماته، يدفع لصاحبه شيكلاً من الفضة.
إذا أشعل رجل حر حريقاً متعمداً في منزل، فإنه يعيد بناء ذلك المنزل، ويعوض أصحابه ما فقدوه.
إذا ارتكب رجل فعل السوء مع رأس من الماشية، فهذه جريمة كبرى. يؤتى به إلى محكمة الملك، وسواء أمر الملك بقتله أم عفا عنه، فإنه لا يحق له الاحتكام إلى الملك وطلب عفوه.
إذا اغتصب شخص أمه أو ابنته أو ابنه، فهذه جريمة كبرى.
إذا اغتصب شخص زوجة أبيه في حياته، فهذه جريمة كبرى.
إذا ضاجع رجل حر عدة أخوات وأمهن، وكن في بلدات متباعدة، فلا عقاب. أما إذا كن في مكان واحد ويعلمن بالأمر، فإنها جريمة كبرى.
إذا ماتت زوجة رجل ثم تزوج أختها بعدها، فلا عقوبة.
إذا ضاجع رجل حر عدة جواري وأمهن، فلا عقوبة. إذا ضاجع عدة رجال تربطهم قرابة الدم امرأة حرة، فلا عقوبة.
إذا نام رجل مع زوجة أخيه في حياته، فإنها جريمة كبرى.
إذا كان لرجل زوجة حرة فراود ابنتها عن نفسها، فإنها جريمة كبرى. وإذا تزوج من فتاة ثم لمس أمها أو أختها، فإنها جريمة كبرى.
إذا ارتكب رجل فعل السوء مع خنزير أو كلب، يقتل كلاهما. يؤتى بهما إلى محكمة الملك. وسواء أمر الملك بقتلهما أم عفا عنهما، لا يحق للرجل الاحتكام إلى الملك وطلب عفوه.
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
01-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
13-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |