انحطاط المثقف ..عن التعليقات والردود عليها
2010-06-23
أول مرة أنتبه فيها إلى الدونية التي ينظر فيها المثقفون إلى موضوع السجال مع العامة, كانت عندما كنت أود أن أرد على تعليق نشر تحت مقال لي في موقع الاوان التابع لرابطة العقلانيين العرب, قال لي الصديق يومها : "لا ..ديبو عيب عليك تنزل لها المستوى"..
حقا فاجأتني العبارة, بما تحمله من دونية واستخفاف بالتعليق والمعلق والجمهور, مما دفعني إلى سؤال صديقي : هل حقا تعتبر أن النقاش مع صاحب التعليق دونية لي, ألا تعتقد أن العكس هو الصحيح, أي أن الكاتب يجب أن يتفاعل مع قرائه, ويناقشهم في مايطرحون؟ وأن في الامر كرامة وعلو لا دونية! وبل إن التهرب من عدم الرد على قارئ هو الدونية والعجز !
..هرب صديقي, وبقيت الأسئلة تؤرقني كالعادة.
بقي موضوع التعليقات عالقا في ذهني, وبقيت أتابع ردود الفعل عليه بين مقال وآخر, إلى أن اتخذت خطوة الرد على كل تعليق على حدة(باستثناء تعليق واحد), عندما نشرت مقالي في "موقع ألف" المعنون بـ "جائزة لمن يجعل أمي تحب الشعر", وكنت أحاول أن أستفز أصدقائي وقرائي لأرى ردة فعلهم, بل كلفت عدد من أصدقائي بسؤالهم أثناء غيابي عن الأمر, وكانت النتيجة مفجعة, و هي كالتالي : الجميع اعتبر أن نزول الكاتب إلى مستوى قرائه هو اسفاف, والبعض اعتبر أن في الامر اظهار لبطولة ما أو شهرة ما, وكان بعض التعليقات قد لمح إلى أمر أن الكاتب هو من قام بالتعليقات كلها والرد عليها في آن.
لم ير أحد في التعليق والرد عليه مايجب أن يكون عليه الامر, أي أن التعليق هو سؤال من قارئ موجه لكاتب, ورد الكاتب على السؤال هو احترام للقارئ واعتراف به ككاتب آخر وشريك آخر في رأي عام نسعى لبلورته حول قضية ما أو طرح ما.
لم يجد أحدا في الامر, دعوة إلى الحوار والنقاش ليصبح هذا الحوار الراقي ذا حضور يومي في حياتنا الثقافية بعيدا عن أي اسفاف أو خصومة, بل حوار يكون به القارئ ندا للكاتب وشريكا معه, بعيدا عن العلاقة المزيفة المتمثلة بـ " كاتب متعالي وقارئ راضخ !.
ماسبق, يدعو للعجب حقا, ولكنه بنفس الوقت يحلل شيئا من أمراضنا الثقافية المتراكمة, مرض يتمثل في الفوقية التي ينظر فيها المثقف إلى مجتمعه, فالمثقف العربي والسوري تحديدا ينطلق من فكرة أن القارئ غبي وجاهل وأنه يحتاج للكثير كي ينضج, وبالتالي على الكاتب أن يترفع ويعلو عن سفاسف هذا المجتمع.
والطامة الكبرى أن هذا المثقف نفسه يعلو صوته ويرغي ويزبد حين لا يقرأه القارئ, تراه متذمرا من انخفاض نسبة القراءة, ومن تراجع مستوى مبيعات الكتب ومن...
هذا يحصل ياسادة ياكرام, لأننا لم نعرف ماذا يريد مجتمعنا؟ دون أن يعني هذا النزول إلى مستواه, إذ على المثقف أن يعرف كيف يحافظ على نصه ابداعيا وكيف بنفس الوقت يجعل منه مقروءا وقريبا من القارئ,لأن النص بلا قارئ يشبه ربا بلا ملائكة ولا شياطين ولابشر يعبدونه ولا... هل لله معنى عندها؟
مشكلة المثقف أنه يعلو على المجتمع وهو (المثقف) مازال يحمل أمراضه نفسها ولا يعترف بذلك, يعلو عليه ظنا منه أن العلو يرفعه, دون أن يدرك حكمة ماقاله ماركيز " لايحق لك أن تنظر إلى أحد من أعلى إلا إذا كنت تنظر إليه لتنهضه!
شكرا ماركيز, لهذا أنت كبير, ونحن صغار!
××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
27-آذار-2021 | |
13-شباط-2021 | |
17-تشرين الأول-2020 | |
23-تشرين الثاني-2019 | |
14-أيلول-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |