جميلة هي التعليقات سواء كانت نقدا أم مزاحا أم مجاملة أم تقربا وتجميلا لصورة أحدهم أو تجميلا لصورة صاحب التعليق ذاته. فالتعليق هي مخلص من الوحدة وتمنح الحرية أكثر للقائل والمستقبل وللقارئ العابر كذلك.
هنا في موقع ألف أحيانا استمتع ببعض التعليقات أكثر من النص أو المقالة ذاتها، هناك شيء سحري يجري في نفوس من يعلقون وكأنهم عندما يعلقون تارة يغلقون أعينهم ويتصورون الكلمات المجنحة وتارة يسبحون في بركة باء تصل لارتفاع الركبة أو أقل والبعض أحسُّ بأنَّهم يقفون على البرندا أو فوق السطوح وينشرون الثياب آن يعلقون والجميع واقع في حب الآخر سواء قرأ النص أو لم يقرأ. ولكل كاتب مجموعة من المعلقين الذين يتابعون المشهد دوما بالكلمات المجنحة منها والمنشورة منذ مدة طويلة على حبل غسيل لم يعد الهواء يسير بقربه فلم يعد هناك حاجة لتجفيف ثياب مهترئة وحبل غسيل مقطـَّع أو صدئ.
هكذا يمكنني أن أقرأ التعليقات التي ترقى بمقالة ما أو نصٍّ ما أن يكون الأكثر قراءة ويصطفى جانبا، دون أن تدرس التعليقات أهي فعلا تعليقات نابعة من النص، أهي موحية لروعة النص فعلا ؟ وما مدى جمالية التعليق أدبيا أساسا.
ثم أن المواضيع الأكثر قراءة هي غالبا تلك التي تناقش، أو لا تناقش بل توحي بعبارات وأحلام جنسية أو تلك النصوص التي تبين التفوق الجنسي أو العاطفي لصاحبها على حساب الشريك أو حالات الخذلان الجسدي من احد الطرفين. ومن هنا يتضح رغبات القارئ وبشكل طبيعي يمكننا أن نعرف مسبقا كيف تكون ردوده سواء ايجابية لحد واقعية الجسد أو سلبية كما حدث أن انتقد البعض الصور التي تصاحب النصوص الشعرية بشكل خاص، التي تكلم عنها سحبان في إحدى الافتتاحيات، وحتى هؤلاء المنتقدين الذين لا أسماء لهم، لا على الصفحات ولا في الواقع، يحلو لهم القراءة والنظر إلى صور يمكن ان لا يصنفها بالحرام للوهلة الأولى، لأنَّها منشورة في موقع محترم ولكنه بعد النظر والقراءة يتذكر عقده مع السماء فيستشيط غضبا.
والكل لديه لهفة لقراءة مثل هكذا مواضيع وبشكل طبيعي سيكون الموضوع الأكثر قراءة وبالطبع مع عدم نسيان افتتاحيات سحبان التي غالبا ما تكون جميلة في طرحها مهما كان الموضوع.
على أية حال، لن ندخل بمدى جدية الموضوعات المطروحة، فهنا لن أتحدث إلا عن التعليقات.
معظم التعليقات تدخل في الجانب اللذيذ الذي يضحك معظم الأحيان ولا يبعث في النفس أي عبارة أخرى بل ومعظمها تنقص من شأن المقالة والنص بصورة ما، لأن المرء وما أن يقرأ التعليقات بصورة مستمرة مثلما أقوم بها يوميا - وأنا اعتبر نفسي القارئ رقم واحد حيث أن الموقع يفتح مع قهوة الصباح دوما، يجد بأنها أشبه بفكاهات ليست جميلة كليا لكنها تبعث على الضحك وتجعلني أفكر من هم هؤلاء المعلقين أو المذيعين الذين يرفعون من قدر نص لا يقرؤونه في الغالب وإن قرؤوه لا يتذكرون في النهاية سوى اسم من كتب ... ؟؟؟.
سأسرد بعض التعليقات على مقالات ونصوص بعض الكتاب وهم سحبان السواح، بشار خليف، ديبو والآخرين ..... بشكل دوري . وبالتأكيد سأستثني معلقين من أمثال دريمر والقارئ وأمثالهما لأنه يبدو واضحا أن حقدا دفينا على الموقع هو الهدف من تعليقاتهم.

سحبان السواح

سحبان ارتد إلى الوراء ذات ليلة وهو منهمك بتصنيف القراءات في الموقع ومتابعا ما يُقرأ وما لا يُقرأ .. وقد كان ظمآنا ً إلى قراءة من نمط آخر لا يدري ما هي ... قراءة تقرأ صاحبها بصورة واضحة ... فاتجه إلى الأدراج وليس بباله إلا ما يبحث عنه فلم يجد شيئا ، لكن دفتر وجده فأدهشه ذلك .. وانسحب إلى زاوية مكتبه وأخذ يقرأ بشغف .. أو كان الدفتر يقرأه ولا يتيح له مجالا للتنصل ... فليس بمقدورنا دوما أن نكون عراة أمام نصا نكتبه ... لكن هنا كان العري حاضرا بعد عدّة قراءات... سُعـِد سحبان بذلك فاستمر وأخذ مشاهد الحاضر والماضي تتصبب من كل الزوايا وتقرأه .. واختلط الواقع المعاش بالصور الماورائية فحضر الله وكانت التساؤلات وما إلى ذلك .... وبدأ الحاضر يسيطر في النهاية وتصاعدت المقارنة بين شغف القبلة والصورة بين الحاضر والماضي وتداعياتها. هذا ما حصل بشكل مختصر.
وكان ما تداعى من هذا المشهد هي افتتاحية بعنوان " وأعلى حالات المجون الجنسيِّ .. في نصف قرن ٍ.. بين الحبِّ "
وكانت التعليقات على الافتتاحية التي لا تزال حتى اليوم متاحة في نافذة المواد الأكثر قراءة للقراءة في نافذة المواد الأكثر قراءة كالتالي:
إذا ا
بداية كان التعليق من عمر حكمت الخولي الذي كان سعيدا بقراءة المقتطفات الشعرية حتى أنه لم يجد شيئا ليقوله ؟!... لعلَّ المقتطفات جلبت له الكثير مما حلم به سابقا ولم يجدها بعد. وهو الآن مدهوش من الوقت الذي خانه واستمر في التقدم، بينما هو بقي في مكانه يحلم بما لم يحققه في الأيام الخوالي ... ربما كان ينقصه ألف لا غير ليتحول بمجمله إلى الخوالي .. أو أنه لم يجد شيئا ليقوله لأنه لم يعرف شيئا مما قيل في هذه المقتطفات ... أو لا يمكنه أن يحكمها بصورة ما ... لكنه في النهاية ،ورغم ذلك، كان متحمسا لقراءة المزيد وتحولت الكلمات معه إلى تقاسيم يمكن فقط الإحساس بها .. ولا تحتاج إلى تعليق بالكلمات إذا ... إنه غارق فيما هو فيه والكلمات تخونه آن يحاول أن يعبر عن حماسه أو عن صراحته التي كانت جدا واضحة في التعليق حتى أن اسم سحبان تحول إلى سبحان في لحظة الصراحة المفرطة.
وكنت أنا المعلق الثاني وتحدثت بصورة مشوشة، وخرجت عن الموضوع بشكل كلِّي، لم أرى الحب البدائي والواضح الذي لا يشوبه شيء بل بصورة ما ،ولا أدري كيف ؟، رأيت ما يشبه الالتزام ... الالتزام في كل شيء ! . أخذت أتكلم عن فضائل الخمسين عام الماضية وما قدمته من أسباب الالتزام والإنتاج للمثقفين، وأننا في هذه المرحلة لا نجد ما يعيننا لنكون ملتزمين ومنتجين بالصورة الصحيحة التي لا أدري ما هي ؟. وفي النهاية وأنا خارج عن كل الموضوع، تذكرت الحب وقلت الحب هو من يسمك كل هذا ببعضه، وكان قصدي أن الحب هو ما يُمسك كل هذا ببعضه ... لكن السماكة على ما يبدو كانت حاضرة أكثر، سماكة الوقت أو سماكة الذكريات وكل شيء ... تحولت الكلمات بين أصابعي إلى اسماك تتناطح في بركة ماء فارغة... وكان التعليق وكنت أنا من دون اسمه في البيانات .... ودام الحب مُسَمـِكا للقلوب والذكريات.

والثالث كان بشار سواح الذي أخذته السنوات أكثر مما أخذته المقتطفات ... ويتوقف للحظة فينـَّظر قليلا فيما هي القبلة ومن ثم يرجع إلى تحسُّره على شبابه الذي قضاه في ذلك الوقت ويقينا بإمكانه الآن أن يعـدَّ كم قبلة أخذها في تلك الأوقات ... ومن ثم يرجع إلى ما هو عليه ويـُشيد بتلك الأزمنة وما كتب فيها ... ويزداد حيوية ً وحماسا ً لمواجهة خزعبلات الجيل الجديد وتسطح أفكارهم وكتاباتهم ... إن رأيته سأشتري له هدية مليئة بالقبلات المجانية !.
وكان الرابع سميح سلامة الذي بدأ بأسلوب ذكرني بالمناهج المدرسية والأساتذة الذي حينما يفشلون في توضيح الفكرة فأنهم يلجئون إلى الكلمات المفخمة التي تخفي وراءها تاريخ طويل يجهله الأستاذ ذاته وإلا لما نطق بها ... وبعدها يحاول أن يضيف المزيد من المنطق والعقلانية إلى المقتطفات ... فأخذ بنشر الزرقة على الفجر والتجأ إلى ثقافة البخور والبركات ونشرها على حبه فاخذ الأزرق والبخور والليل والحب يفيض من منطقه وعقلانيته ... !!!
والخامسة كانت رائده شلالفة التي شلفت الكثير من الكلمات وتبعثرت معترفة بسهولة بعثرتها وأشيائها المهيأة للاعتراف .. رائده تحاول أن تكون رائدة في تصريحها وقد تحولت الى نبيذ يسيل بين المقتطفات، ولوهلة نسيت نفسي واقتربت من شاشة الكمبيوتر بشفاهي علـَّني المس شيئا مما قد بعثر منها خارجا ... تخرج من أحاسيسها لوهلة وتصرح بثقة بما تعرفه عن أمور الشهوة والجنس وهي أنَّ الهرمونات والارتعاشات هي قدر نخوضه جميعنا منذ البدء وحتى الآن .. وانسجمت كليا مع سحبان ذاته ومن ثم مع كتابته .... وفي النهاية تغزوها تعبير بسيط ومترهل في الطرح ألا وهو الإثم ولم تستطع أن تخرج عمَّا يسميه الواقع إثما بل وتتغنى بالحب باعتباره إثما وتقترفه !!! .. ولم تغير شيء في النهاية رغم أنها تبعثرت بكل وضوح ... حتى أنني عندما استلقيت ليلا كان بعضا منها لا يزال معلقا بثيابي.
وفي النهاية حتى الآن كانت هالة شركس... تكتب بوتيرة متزنة وعقلانية دون الدخول في الموضوع أكثر من كونه حنينا .. ونفت بصورة ما حنين جيلي إلى أشياءه هو، وأنَّ الجميل مخبأ دوما في الأزمنة السابقة دوما ... وفي النهاية لخصت علاقتها مع المقتطفات باعتبارها كنزا وأن القرَّاء كلهم محظوظين بهذه المقتطفات وبهذا كلفت نفسها عناء الكتابة والتحكيم فيما يتعلق بما يرغبه القرَّاء وبما هو جميل بالنسبة لهم.
××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف