قراءة في ديوان الشاعر وائل زيدان (ما سأعزفه للتماسيح في الغد )
خاص ألف
2010-08-22
هذه هي المجموعةُ الأولى للشاعرِ وائل زكي زيدان ،التي يشدَّك إليها عنوانُها الملفت الذي عَنْوَنَ بها مجموعتَه :( ما سأعزفه للتماسيح في الغدِ ) ، حيث يدهشك الإهداءُ في أولى صفحاتها إذ أهدى الشاعرُ تلك المجموعة لنفسه مما يثيرُ بعضَ التساؤلاتِ لدى القارئ عن قصديَّة الشاعر من ذلك .
ثم تزدادُ وتكبرُ دهشتُك من خلال العناوين الملفتةِ التي اختارها وائل لقصائده فيدفعك الفضولُ لاستكشافِ واستقراءِ ما تحت تلك العناوين ومابين ضفافِ الكتابِ وغلافهِ الأنيق الذي يحمل بواجهتهِ لوحةً للفنانِ كوفاني وذلك يدل على عشقِ الشاعرِ للفنِ بكلِّ أشكالهِ إضافةً لعشقهِ للمسرحِ كتابة ً وقراءة .
هاهو وائل زيدان يدوّن باقةً من روحهِ بين جنباتِ الكتابِ فعندما تقرأ وائل للمرةِ الأولى تشعرُ أنك بحاجةٍ للقراءةِ أكثر من مرةٍ دون مللٍ أو تململٍ فلقلمهِ أسلوبٌ ونكهةٌ خاصةٌ تستدرجك بلباقةٍ وتهذيبٍ إليها ، ففي أغلبِ القصائد نجدُ اللونَ واحداً والبنيةَ ذاتها فالقصيدةُ باختصارٍ تحملُ بصمة شاعرها وصانعها .. و أحياناً نجد الصورةَ خجولةً متناثرةً لكنها تحمل الكثيرَ من الجمالِ والتفردِ تشبعُ خيالَ القارئ النهمِ ، ولا تخلو بعضُ الجُملِ من السرديةِ العفويةِ لكنه يبعدكَ عن الشعورِ بها من خلالِ كلماتهِ المطواعةِ السلسةِ بمفارقةٍ أو صورةٍ أو سخريةٍ أنيقةٍ عابرةٍ أو قفلةٍ تصفعك بالدهشة .
أقفُ قليلاً عند قصيدة شدّتني عَنْوَنَها الشاعرُ بـ( حسنه ) تلك الجدة التي رسمها وائل بحروفهِ وعَشَقَ عفويتها وبساطتها وقارنها بالعالمِ بكل تعقيداته ، فنجد الشاعر يعشقُ البساطةَ كجدتهِ التي ظلت طوالَ عمرها تقيسُ الأرضَ بالذراعِ فيما العالم يقيسُ بالكربون جدته التي رفّعها عن كل تلك الأسماء والحروب والانكسارات ونصبها مثالاً للسلام والخير والإنسانية
وعندما تمرُّ على هذه القصيدة أو غيرها فإنك تجد كَمّاً من الإيحاءاتِ والشخصياتِ التاريخيةِ التي يعشقها وائل تارةً ويبغضها أحياناً حسبَ ورودِها في سطورهِ ومراميهِ التي يقصدها ولكن لم يقحمِ وائل تلك الأسماء جزافاً ولم تدخل قصائده عبثاً بل استطاع توظيفها بلغته الخاصةِ وخيالِهِ الخصبِ فيترككَ برهةً تتساءل عن شيءٍ ما ينقص لوحاتهِ أو قصائده لم يقلهُ بل تركهُ مبهما ًيثير الحوارَ والجدلَ في نفسك ، وهذا هو الشعرُ الجميلُ الذي يتركك في حيرةٍ من أمركَ لأنكَ تجد أقفالاً كثيرةً ومفاتيحَ أكثرَ تجدها معلقةً أمامكَ ووميضاً يدلك إلى الطريق
للوصولِ إلى ضفافِ القصيدة بأمانٍ وعند الوصولِ تجد نفسَك متعاطفاً مع الشاعر الذي يغرقك بإنسانيتهِ وشفافيتهِ وهمومهِ وآلامهِ المريرة ويسلط كلماته على الواقعِ ويفتح أمامك نوافذَ روحِهِ لتظهرَ من خلالها محبته للإنسانية ويرش من خلالها ملحَ قلبِه فوقَ الجراحِِ فضمائره تتكلم وذاتيته تظهر جليةً واضحةً ويقارن نفسه بالجميع ،أصدقاء وأعداء وينتظر كسواه مجهولاً وسراً كبيرين فعندما يقول ما أغبى العالم بدون سرٍّ ..
ما أقسى العالم بدون سرٍّ ؟!!.
ما هو السرُّ الذي يبحث عنه وائل والذي يثير جدلاً في روحه والذي يتنامى معه..؟؟ ويظهر من خلال مصطلحاته وإشاراته بـ (كيف، من ، لماذا ؟؟ ) هل هو الموتُ أم الحياةُ أم الله أم أم . .الخ
ونسيرُ مع وائل لنقفَ على روابي قصيدة أخرى فيشدّك عطرُها ووميضها للاقترابِ أكثر فأكثر من هدوئها وصخبها دون شعورٍ ، فنجد نقمةَ الشاعر وصرخاته وألمَهُ الذي رسمه من خلال نزفه اليومي وما وصلت إليه مجتمعاتنا
و يتضّح ذلك في نص : (وحلَّق الغيابُ طويلاً فوق الحضورِ)
فقد عَبَّرَ من خلال هذا النص عن كل تلك المرارات بلغةٍ نثريةٍ سلسةٍ حمّلها الكثير من التفاصيلِ والمواجعِ والشخصياتِ والأساطيرِ فجاءت اللغةُ جميلة ًعميقةً وتتكورُ القصيدةُ لديه كوحدةٍ مترابطةٍ تشدُّ انتباهَ القارئ
وأخيراً نقفُ مدهوشين من قصائد وائل ولوحاته كما وقف
أمام لوحةِ الموناليزا بكامل دهشته ليعيدَ رسم ابتسامتها من جديد وعلى طريقته البسيطة ولكن العميقة .
×××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف
08-أيار-2021
23-نيسان-2014 | |
قراءة في ديوان الشاعر وائل زيدان (ما سأعزفه للتماسيح في الغد ) |
22-آب-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |