مرآة البنفسج
خاص ألف
2011-01-07
أيعقل أن كل ما دار ويدور من حولنا ليس إلا رموزاً تفسيرها هو ذكرياتنا القادمة؟.
البعض يؤمن برقم معيّن يبثّ فيه التفاؤل أو العكس, والبعض الآخر يؤمن بدلالاتٍ معروفة لأحلامٍ متداولة, آخرون بالنّجوم, أو بأحرف أسماء تصارع عليها والداه لأشهرٍ تسعة... إشارات وإشارات ما هي إلاّ وليدة خوفنا من مجهول ينتظرنا وهوسنا بحماية حاضرنا المقدس أو ما خُيِّل لنا أنه مقدس و بأنه علينا خوض أية حرب لحماية هذه القدسية.
لم تُتعِب نفسها يوماً بأيّ تفسير لطالما آمنتْ بأنّ مستقبلها هو استمرار لماضيها بمخطط بياني ذو معادلة معينة توهمت بأنها استنتجتها بطرقها الرّياضية الخاصة.
حين كانت تمارِسُ شغفها بقراءة الرّوايات, وتتفاعل بأحداث غريبة مثيرة تحرك حياة الشخصيات, لم يذهب بها خيالها يوماً إلى أن حياتها وأحداثها وإشاراتها وحيوات العديدين ممن مرّوا بها سابقاً أو لاحقاً كانت عصيّة على خيال أيّ روائي. ألم يقلْ محمود درويش " ومن سوء حظّ المؤلّفِ أنّ الخيال هو الواقعيُّ على خشبات المسارح".؟
غريبةٌ تلك الصور لمواقف وشخصيات وأماكن وخيارات, تستقرّ بقعر ذاكرتنا على الرغم من ثانويتها وقتها, لتعود وتطفو على السطح وتغدو المحرّك الرئيسي لعجلة حياة جديدة اتخذت سكة تتقاطع مع السابقة بزاوية لا يحكمها أي منطق مفهوم.
الخطأ الشائع هو الإيمان المطلق بأن الحقيقة التي نراها أمامنا واضحة لدرجة تكاد تتجسد وتُحسّ بالحواس الخمسة أو الستة ربّما, هي الحقيقة الوحيدة الغير معرّضة للهزات. فبعد ثوانٍ أو سنوات لا فرق, قد تأتي حقيقة أخرى لتنقلب عليها كلّياً وتجرفنا إلى إيمانٍ أحمق آخر بها.
هناك من يموت, من ينكسر, من يضيع, من يقوى, من يتحجّر,...انعكاسات متباينة لهزائم البشر في معارك الحياة الكبرى, إلاّها انتصرت رغم السيناريوهات المتلاحقة المصرّة على إسنادها دور الضحية مراراً وتكراراً. بشّرت بقيامة الروح, بطاقة الحبّ التي لا تنفد مهما استُنزِفَت, بنورٍ انبثق من رَحِم جرحٍ فُتِحَ للورود, بأحلام رممتها متحدية جميع عوامل الاندثار.
البنفسج لونها؟... قدرها؟
هل البنفسج فعلاً لون الرحيل؟ أم هو الشاهد على أمسِك الغائب؟ هل اتكاؤه رسالةٌ من فرحٍ سابق؟ أم هو مجرّد زهرٍ بريء من أية دلالة, مسكينٌ مثلنا تسيّرُه أقداره ليظهر حيث تشاء فيلتقي به من أخذته أقداره هو الآخر إليه؟ أتراه لون وحسب تتحكم بإحيائه أهواء أسياد الموضة في العالم؟
في البدء كان بذرة اعتلى صهوة ريحٍ غدرتْ به ورمَتْهُ ليسقطَ بأحضان أرضٍ حنون أحسنت رعايته ليكتسب ملامحه وأسديته ومدقاته وكؤوسه وتويجاته ولونه. اللون الذي جعله فريسةً يتسابق للفوز بها عاشقٌ محموم جعله سهما يرمي به قلب أميرته, مفجوع ألبَسَه لموتٍ زارَه, هائمة ادّعَت حبّه وإذْ بها بلحظة غياب تفركه بين يديها وتنثره بَددا, جميلة استغلّته ليضفي على شَعرِها غوايةً فتسقط قدرا أكبر من الضحايا, ربة منزل زينت به مملكتها, عطّارٌ استنزفه حتى العطر الأخير.
هي لم تخترْه بوعْيِها, هو جذبَها, سحَرها, جرّدها من كلّ سلاح تقاوم به إغواءه. لا بل وأوقع من حولها ممن كرهه في الماضي بشرك حبه من فرط التصاقه بها. مغفورة له كل ما اقترفه بها إلاّ رميها هي أيضاً بالتّعويذة التي أسرَته منذ الأزل "إبهاج كلّ من يمسّها على الرغم من أنها أصبحتْ بنفسجَها نفسَه"
08-أيار-2021
27-شباط-2021 | |
07-كانون الثاني-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |