من كتاب " كليلة ودمنة ":
خاص ألف
2012-02-22
يُحكى أنّ الغابة ثارت يوماً على أسَدِها، فما كان من هذا الأخير سوى الدعوة لاجتماع عائليّ.
" هذه الغابة، المورّثة لي، كانت حتى الأمس مثالاً للطاعة "، استهلّ الأسدُ القولَ بتأثر ثمّ أضافَ " فلا بدّ، والحالة كذلك، من الاعتقاد أن مؤثراً ما، خارجياً على الأرجح، هوَ وراء القلاقل الأخيرة ".
العائلة، حبّذت أيضاً رأيَ عميدها، مُقترحة ً عليه من ثمّ أن يُزيدَ حصتها في الطرائد والفرائس. بُعيدَ انفضاض المجلس، استدعى الأسدُ الثعلبَ ليبلغه بما تمّ الاتفاق عليه عائلياً: " يا وزيري الحكيم، ها أنتَ ذا في صورة الوضع. فهل لديك من مَشورةٍ ما، نافعة، تستطيع إفادتنا بها ". الوزيرُ، بقيَ لفترة على إطراقته، حتى جعلَ ملك الغابة ينفخ مُتضجراً، نافدَ الصّبر.
" مولايَ الملك "، بدأ الثعلبُ الكلامَ عندئذٍ، " بل أنا أرى أن تخرجَ على رعيّتك غداً، لتبشرهم بتقليص حصّة العائلة من المغانم. وبالمقابل، سترفق ذلك، عملياً، بزيادة عدد الطرائد والفرائس ". استغربَ الأسدُ من هذا الاقتراح، واجداً فيه تناقضاً مُبيناً: " ذلك معناه إثارة العائلة ضدّي، وفي آن، عدم تحقيق مطالب الرعيّة بتقليص الصّيد، العشوائيّ ؟ "
" يا مولانا، بما أنّ سبباً خارجياً هوَ أصلُ هذه الثورة، فالمهمّ الآن ألا يستغلّ أسود الغابات المجاورة وضعنا الحَرج لكي يتدخلوا في شؤوننا الداخلية "، أجابَ الوزيرُ. بدوره، أطرق ملكُ الغاب برأسه مُطوّلاً قبلَ أن يفتح شدقه المُريع: " فهمتُ عليكَ، أيها الثعلب المخلص ".
عشرة أشهر، على الأثر، وحضرَ الوزيرُ إلى عرين سيّده. فلاحظ ثمة، أمام المدخل، أنّ أكوامَ العظام المتراكمة قد أضحت بحجم تلّ كبير، فهز رأسه بحركة تدلّ على الأسف. فما أن مثلَ في حضرة الأسد، حتى بادره هذا بنبرَة متوجّسة: " أعدادُ الضحايا لدينا، تزداد بشكل غير عاديّ. والمؤامرة الخارجية لم تهدأ، بل إنها تستعرّ أكثر باقتراح جديد؛ وهوَ أن يحلّ أحدُ الحاشيَة بمحلي على رأس الغابة "
" من الطبيعي أن يزداد عددُ الضحايا، ما دام أهلكَ لا يعرفون الشبَعَ "
" وأنتَ أيها الثعلب النتن، المتطاول على أسيادك، ألستَ جشعاً مثلهم ؟ "، تساءلَ الأسدُ بغضب ثمّ استطردَ مُنذراً " ولكنك غيرَ قلق، على ما يبدو، بشأن المؤامرة الخارجية ؟ ".
في اليوم التالي، مرّ ملكُ الغاب من أمام ذاك التلّ، المرفوع من عظام ضحاياه. ثمة، في قمة التلّ، كانت تتكوّم أشلاء الوزير السابق: " لم تفِدني، أيها الماكر، لا برأيكَ ولا بلحمكَ "، خاطبَ الأسدُ بتشفٍ ما تبقى من آثار الثعلب القتيل.
08-أيار-2021
04-آب-2013 | |
27-تموز-2013 | |
18-تموز-2013 | |
11-تموز-2013 | |
06-تموز-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |