من سلمان إلى بنت السلطان..!!
2008-04-14
" قراءة ناقدة"
لفت نظري الضجيج الذي أثير مؤخرا حول انفجار بالوعة شتائم الكاتبة الأمريكية من أصل سوري "وفاء سلطان " باتجاه الإسلام والمسلمين وذلك على الضفاف المالحة للجزيرة القطرية في برنامج الاتجاه المعاكس الشهير والحاصل على وسام الزعيق من الدرجة الاولى مع المذيع الأصلع العتيق" فيصل القاسم ..!!
ويبدو أننا تعودنا إلا يمر عام إلا ونجد أنفسنا أمام ضجيج مفتعل لنكرات و تفاهات نلمعها للأسف بأيدينا وبحماقاتنا ومظاهراتنا لتصبح معارف ومزارات يسعى إليها كل حاقد أو ملحد أو جاهل مارق ..!!
تماما كما لمعنا سلمان رشدي وآياته الشيطانية المغمورة في الثمانيات بالمظاهرات العارمة وفتاوى استباحة الدم..ليصبح أشهر من نار على علم..!!
وبنفس الطريقة وضعنا قبل عامين صحيفة دنماركية لا يقرؤها في أحسن الأحوال عشرة أشخاص مع رساميها المعاتيه في بؤرة الشهرة ومركز الحدث..
وهكذا فنحن المسلمبن بتنا كأهبل الحارة نجري ونطارد ونزعق على كل من تسول له نفسه أن يستفزنا بينما المنطق السليم يتطلب منا بحكم ثقتنا بديننا ونبينا عليه الصلاة والسلام أن نكون أحكم وأعقل وأكثر رباطة جأش..!!
لم أتسرع في الكتابة عن وفاء سلطان التي شاهدتها في نفس البرنامج قبل عامين تواجه الشيخ العلامة إبراهيم الخولي المنفعل والعصبي وقد فازت عليه حينها بالنقاط ..!! ليس بسبب صحة أقوالها أو جرأتها وإنما لأنها نجحت وبخبث في استثارة عصبيته وتشويحاته الانفعالية..!!
قرأت الكثير مما كتبت بنت ال.. سلطان هذه بفضل الانترنت وتوصلت إلى قناعة أنها مريضة بعقدة نفسية منذ الصغر رغم أنها طبيبة نفسية وليس في ذلك ما يثير الاستغراب فطبيب القلب قد يمرض بالقلب وطبيب العيون قد يمرض بالكتراكت..!!
وفاء سلطان بدأت عقدتها الإسلامية لسوء الطالع في سن الطفولة وباعترافها من خلال معلم قاس وفظ للتربية الدينية..وهذه البداية كانت بمثابة عين الغضا التي رأت وترى بها الإسلام والمسلمين من ذلك الحين ..!!
عين تحكم بها سوء الظن والتعمد والتأويل والتزوير والشك وما عزز ذلك للأسف ممارسات خاطئة من مسلمين حولها..مثل اغتيال أستاذها في الجامعة..!!
لست معنيا بتشخيص حالة وفاء سلطان بقدر ما أنا معني برد ذلك الحقد المرير والمركب إلى أبسط دوافعه من مثقفة عربيكية لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في التطاول علنا وبصفاقة.. على نبي أمة ودينها..!!
مما لاشك فيه أننا أمام نموذج غزير الاطلاع والبحث وخاصة في القرآن والسنة والأثر ولها ذكاء حاد وشرير يصل إلى درجة متميزة في التلاعب بالمنطق وتكرار طرح مقولات بعينها للنيل من القرآن والسنة باعتقاد مريض من مريضة يخيل لها أنها تضرب الفكر الإسلامي والمسلمين في الصميم ، ولعلها تتبع نفس الإستراتيجية التي اتبعها يوما الشيخ الشعراوي رحمه الله في مناهضته للشيوعية في السبعينات من خلال دراسة معمقة وناقدة للماركسية..!!
ونموذج مستفز كوفاء سلطان لا يحتاج للنجاح في مواجهته إلى دراويش وحفظة خطب وإنما إلى عقلية إسلامية متنورة وواعية تتمتع بالهدوء والإيمان والثقة وتتقن لغة الخطاب الغربي.. عقلية فذة..كعقلية الشيخ " أحمد ديدات " رحمه الله والذي استطاع أن يفحم بهدوء وبتفوق العديد من رجالات الدين المسيحي واليهودي ودعاة العلمانية في مناظرات عديدة..!!
إذا نحن هنا أمام بوق إعلامي متقدم عربي الوجه غربي التوجيه ملوث بكل فيروسات غسل الأدمغة ، ومما يساعده على ذلك حالة السبات بل الهذيان والانفصام التي يعيشهما العالمان العربي والإسلامي .
نعم..
اعتقد أن هناك انفصام إيماني بين ولاة الأمر وإتباعهم القائمين على الدعوة الإسلامية وبين الإسلام كدين إنساني متسامح ومتكامل..
وهناك من المسلمين من أساء و يسيء عامدا أو غير متعمد إلى هذا الدين العظيم أكثر مما أساء سلمان رشدي ورسامو الدنمارك وبنت سلطان مرة بالذبح والتنكيل عبر الفضائيات ومرة أخرى بتفجيرات يذهب ضحيتها الأبرياء..!! ومرة ثالثة بالاقتتال فيما بينهم وانقسام المقسوم فيهم شيعا وطوائف ...!!
ولقد حضرتني كلمات قالها الرسام الدنماركي الذي كسب شهرة بغضب مليار مسلم.. حين سئل: لماذا رسمت محمدا هكذا وأنت لم تره..؟!! فأجاب لقد تخيلته على هذه الشاكلة من أعمال العنف التي قام بها بعض المسلمين..؟!!
ليس دفاعا عن هذا الغبي أو غيره من الأغبياء والغبيات الذين يرشقون أمة عمرها 1400 سنة بتفاهات و تهيؤات عمرها سنوات..!!
وإنما دعوة مخلصة لنرى أنفسنا جيدا في مرآة ديننا وعالمنا.. ونحاكم أخطاءنا وخطايانا إنصافا لدين يستحق بالمنطق والبرهان أن يكون دين البشرية جمعاء.
ان ممارساتنا الخاطئة سياسيا واجتماعيا وإنسانيا كانت البيضة التي فقست لنا أفكارا تكفيرية مشوهة وتطرفا قبيحا وفتاوى مريضة وانقسامات بغيضة أساءت لصورتنا الحضارية بين الأمم..كذلك كانت شرخا عميقا في مهابتنا كمسلمين أغرى بنا الصديق قبل العدو وتسربت من خلاله وبجرأة تصل إلى حد الوقاحة آيات سلمان رشدي الشيطانية والرسومات الدنماركية وعقد وفاء سلطان المتفرنجة..!!
وفي الطريق كذلك فيلم كامل بعنوان "الفتنة" وهو فتنة تسيء إلى القرآن الكريم على الطريقة الهولندية..!!
عدا العديد من النيران الصديقة أحيانا من أقلام عربية و إسلامية.. !!
لاشك إننا كعرب ومسلمون نواجه عداء دينيا وتاريخيا دفينا من جهات عديدة ولكن تلك الحقيقة يجب ألا تعمينا عن حقيقة أخرى وهي فشلنا الذريع في إيجاد لغة التواصل الملائمة مع من حولنا ..!!
ويجب أن نعترف بذلك حتى ولو بيننا وبين أنفسنا..كخطوة صحيحة باتجاه صحيح..
فتحجر الفكر في التعامل مع الآخرين على منطق دفع الجزية..أو ضرب الرقاب.. ونحن أذل ما نكون لا يخدم قضايانا ومصالحنا.. يضر بنا كمسلمين ويشوه صورتنا ويغري أكثر بالنيل منا .
إن هناك خللا خطيرا ومزمنا في دعاتنا وفي طرق الدعوة ..فمن الدعاة من كانوا ولازالوا خدما لسلاطين وحكام سيئي السمعة ، وهم أبعد ما يكونون عن القدوة ، ومنهم من أصبحوا رجال أعمال ومليونيرات ونجوم فضائيات فأكلوا " الفالوذج " بالدين كما قال أبو حنيفة النعمان في تلميذه أبي عبد الله صاحب كتاب الخراج..!!
أحد الدعاة الجدد على ذمة مجلة "فوربس" للأثرياء يملك مليونين ونصف من الدولارات ووراءه صف طويل من مليونيرات طلاب الدنيا بالدين..!!
ومثل هؤلاء يصح فيهم قول الله تعالى في سورة التوبة" وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ."
أما طرق الدعوة فهي جد تقليدية وبالية ولغتها الخشبية تعتمد قص مكرر لما هضمناه في سنين التعليم الأولى وترتكن غالبا على الزعيق والتشويح و الترهيب أكثر من ابتسامة وهدوء الترغيب والتشدد أكثر من التسامح والتنفير أكثر من التيسير ..!!
لقد أدهشني أن أحد دعاتنا الجامدين أفتي بعدم جواز استخدام فرشاة الأسنان دون السواك بمنطق وجوب الاقتداء بما كان يفعل الرسول ص حرفيا وكأني به لم يسمع بالاستحسان والمصالح المرسلة..!!
إلى هذا الحد وأكثر وصلنا من التحجر والانغلاق..
ليس من منطلق جلد الذات أقول ما أقول وإنما من منطلق تعرية العفن الذي يعشش في أدمغتنا..
يجب أن نواجه وبجرأة عيوبنا وآفاتنا حتى لا نبصم رسميا بحوافرنا على تخلفنا المؤبد في ذيل الأمم ..!!
لقد أثبتت الحاجة وخاصة بعد سيل الفتاوى المضحكة والمتعارضة ان علينا القيام بإعادة تحقيق الأحاديث والمرويات في البخاري ومسلم من جديد وتنقيتها من كل ما يتعارض مع هدي القرآن وخلق النبوة وسمو السنة ..!!
ومن كل ما يتعارض مع مقتضيات تطور الحال والمصالح الإسلامية الراهنة..!!
ليس من الغيرة على الإسلام ونبيه ص أن نتشنج ونهتف ونحرق فقط وإنما الغيرة الحقيقية أن نكون صورة مشرفة لهما أمام الأمم الأخرى قولا وفعلا..!!
ويكفي أن الله جل وعلا كفل الدفاع عن نبيه الكريم بقوله في محكم كتابه العزيز "وكفيناك المستهزئين"
ان الذي يحكم الشارع الإسلامي اليوم للأسف لوبي من دعاة وأنصاف دعاة ممالئين للفساد.. تابعين لأولياء النعمة.. سريعي الغضب و الفتوى..سلاحهم اللعن والتكفير..ويا ويل من يقترب من بابويتهم المقدسة ..!!
أننا بحاجة شديدة إلى دعاة علماء أتقياء أنقياء من طراز القاضي العز بن عبد السلام..أو الشيخ محمود شلتوت.. أو احمد ديدات رحمهم الله جميعا..
ولسنا بحاجة إلى دعاة فضائيات وتجار دين محترفين.. يلبسون الجينز..أو يتبارون في الظهور بمسوح التقوى أمام الفقراء البسطاء..ويتخصصون في الدفاع عن أموالهم وأموال الأثرياء ورجال الأعمال وملاينة الفنانات..بينما هم يصمتون تماما أمام معاناة طوابير الذين يحجون بقربهم صباح مساء إلى رغيف الخبز ..!!
لقد بتنا نتوجس خيفة من كل تنظيم سياسي بجلباب ديني مزركش من فرط مامررنا ونمر به من تجارب مؤلمة و مرة ..!!
وصدق الشاعر العربي عندما قال :
نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا ..!!
08-أيار-2021
22-آب-2008 | |
30-حزيران-2008 | |
26-أيار-2008 | |
28-نيسان-2008 | |
15-نيسان-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |