معذرة .. ماذا لو أصيب أحدكم بالعمى ..!
خاص ألف
2011-07-16
"على الجانب الآخر من الرؤية مساحة شاسعة من الظل والعمى والبصيرة "
************
*وبيت ماذا لو أصيب أحدكم فجأة بالعمى ..؟ لا تنزعجوا ..هل اختبرتم مثل هذا على سبيل التخيل ..؟ قد أجد صعوبة ما في وصف تفاصيل تجتهد في تفعيلها المخيلة - لذا امتن جدا لتجربة عشتها حين داهم عيني وتوغل الفترة الماضية فيروس حاذق أعاق رؤيتي حينا - وربما لو تفاقم الأمر لفقدت معه بصري كلية ، و أثناء توجهي إلى طبيبة العيون رحت أمارس هوايتي الأولية في ضرب الخيال المستباح ،استمد شجاعتي من زهو الآلام الحاسمة التي التقيها بأناقة - فقد تعاملت وكأن الأمر قد قضى به ، بل وكأني عمياء ومنذ وقت - فلم اشعر حتى برغبة السؤال أو المقارنة..عمياء ..كفيفة أو ..! المسميات لا تختلف كثيرا مادام المعنى له لون واحد ، لا بأس ..علىّ إذا اشحذ طاقتي كي أطلقها إلى حاستيّ استرقاق السمع وجذب الروائح ، أتدرب جيدا كيف افهم انحناءات جسدي عبر السيارة التي تقلني- كي أعرف ملامح وجهتي - والى أي منعطف انخرط ، هذه المطبات ما أعريتها من قبل اهتماما ،الآن بات لها وقعا آخر يشبه اليقين بشراستها ،صوت التكدس له لون اصفر ورائحة الاحتكاك والمسارات المتشابكة لها ما يشبه الغلالة أو ملامح الغبار،المارة لا يعرفون غير ملاحقة مقصدهم ،أحاول أيضا ترجمة الصراخ المتداول بين حوانيت الزحام ومفترق الارتباك المألوف لأعيد تشكيل العناوين ،عندما نحس الزحام نكون أكثر حـُلما وتساؤلا :ما الذي يدفع الاتجاهات إلى يقظة الانخراط تباعا ..؟
ورأيت لأول مرة تدفق لجمهور من العميان ، ربما من يتكئ كتف احدهم أو يستند إلى عكاز لا يرى ، أو من يمكث مترقبا عبور مراحم السبيل ، ما كان يجب ألاّ أتكاسل بالأمس وأنهي مهاما كثيرة.. ، لم يجدر بي أن أتخاذل أمام ضروريات على عاتقي.. !و لماذا توانيت في لقائي به.. ، وهكذا تناسلت الإحتمالات مابين حقيقية أو ما حاكته الشطحات الفائرة .. لكن هل خسرت حقا .؟ جيد.. مازال هناك ما يكفى للانطلاق من جديد ،سأمرن أذني على إفراز الأصوات عن أبعاد متفاوتة ،سأقرأ إيقاع الهرولة ما بين سرعتها أو صعودها الدرج الهابط لخطوة أنثى أم لرجل مهاب أو لطفل آو لرغبة ما ..،سأفسر خطوط التنفس بشكل يضاهي صفيرا محددا في العمق، والرائحة أيضا سألتقط بها عطور الراحة والتلصص والتعب ، وربما مع مرور الوقت يتضخم أنفي وتكبر أذني لكثرة عملها المثقل بالإيضاح ،هل تمتلك القطط والكلاب شفافية الروائح لذا تهرع مهللة بمقدم من يهتمون بها.! وعلى أتدرب جيدا على الإحساس الفطن بملمس الأنسجة وألوانها حتى لا ارتدى ما لا يناسب أو ينحرف منى خط الشفاه البرتقالي ـ يا للروعة سأتعلم أمورا في غاية الدقة والحرص الذي افتقده متى كانت عيني تلازم لونها ،سأتقن تناول الطعام بكميات قليلة وأفرط في تنظيف أسناني وتقليم أظافري ، ولأني أجيد الكتابة في العتمة بات الآن انتقي من سيعيد عليّ قراءة ما أتمخضه ،في العتمة ينصب تركيزنا على الهدف الأهم -ونكتشف قدراتنا المهملة على ترتيب الأفكار والأشياء وأيضا دعم أصحاب الحواس المكتملة ،وما كنا نظنه منسيا يحضر تباعا عن أرفف سبق وأعددناها للخفية عن مرآى شجاعتنا ، في العتمة نعانق الهدوء ومن الضجة نخترع موسيقى تبدد وحشة الانفراد ، نحب الضحك الذي للصلابة ..
- انزلقت أمام عيني رواية العمى للروائي جوزيه ساراموغا والتي داهم أبطالها عمى ابيض اللون ، قلت لأختبره لحظات ،يا للقسوة ما فلحت أن أرى حلما أو وجها أو حتى صقيعا ، انكفأت الروائح على ضجة الارتباك وشعرت أنى متعثرة داخل كتلة قطنية كادت تفتك بي ، هنا لذت فورا إلي الأسود ..
*العمى الأسود أكثر جمالا وإشراقا ،تستطيع أن ترى بوضوح وتحلم وتلعب وترقص بأناقة ،مع الأسود بمقدورك أن تتنفس بعمق، ترفع قامتك باستقامة ، أن تعرف المواسم والمواقيت والأشياء بأسمائها ، في الأسود لا تتعثر بل تمتلك مهارات الفطنة والدقة والشجاعة لذا ليس من السهل سقوطك بل تتحرر من مخاوف كثيرة ،لا تخشى الأماكن المغلقة أو الشوارع الخالية أو الإرتفاعات المنطفئة أو الحواف العارية ،لا تخاف الحشرات والقوارض المارقة ،معه لا نحابى الوجوه لذا نصافح من لا يحبوننا برحابة أمينة ونكون معهم أكثر نبلا ، سهم الكلمات دوما صائب –العمى الأسود أكثر نصوعا وأنت أكثر نورا وإنسانية -بينما العمى الأبيض أكثر سوادا واختناقا وقسوة ، الأبيض عمى حقيقيا .. ، لذا كان من حكمة اله النور أن يضيء العمى باللون الأسود.
*عندما نرى نفقد أشياء ًمضيئة ..هذا يحدث متى حلـًت الخسارة بالبصيرة..!
- الآن أطرق باب حجرة الكشف.. وصديقتي الكفيفة أيضا ..!
08-أيار-2021
الروح يمكنها أن تتألق في الصلاة أو البار أو عند المضاجعة 1/ 4 |
09-تشرين الثاني-2019 |
22-كانون الأول-2018 | |
09-حزيران-2018 | |
10-أيلول-2016 | |
16-تموز-2016 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |