أجمل ما في النقاب والفيس بوك
خاص ألف
2011-09-07
رغم رفضي للمظهر الإنساني المغلف بغلالة الضباب والعتمة إذ يحمل احتقارا معلنا لعمل الله الفريد في تصحيح ما سبق واعده على صورته ومثاله - إلاّ أن ثمة علاقة وثيقة بين النقاب ورحابة عالم الفيس بوك – بينما في الأولى نختبئ تحت ساتر الاختزال الأسود يكتظ الفيس بوك أيضا بولع الصور المستعارة والأسماء الوهمية والحوائط المختفية ليؤكد أقنعة الخوف المتجذر في دواخلنا ، فنحن إذا أمام نقاب التقنية الحديثة ..! هل نجد متسع البوح عبر الأسوار والحواجز الاجتماعية و الفكرية أكثر تعبيرا عنا ..؟– ربما هذا ما يفسر التواء الكثير من المعلومات حتى في تضليل النوع ، وجدت باجتهادي المتواضع ثمة مساحة من الخوف جديرة جدا أن ترتدي النقاب – فالدين يعوقنا ، والله يفزعنا ، الجنس يطاردنا ، الرجل يقهرنا ، المرأة خطيئتنا ، السلطة تخيفنا - الأثرياء ننحني لهم، الغرب عقدتنا، الجهل يتاخمنا والمحرمات تكاد تفتك بنا ، المستقبل غول متربص بلا ملامح مطمئنة ، الحب يرعبنا، الاعتراف بالخطأ عيب، والاعتذار خزي ، نتعامل مع الآخر و شتى التقنيات بطقوس التورية والاستعارة والرفض غير المبرر ، بينما من ثقب الأخبية نتلصص على قائمة الممنوعات المتضاربة لنمارسها خفية إذ نفتقر للثقة والتشجيع والاحترام – نحن إذا نمارس ديانة الخوف والإدانة والطاغي هو المعبود- تلك سمة الأمم المتكبرة التي لا تصدق أنها بشر يخطئ
ولأن كليهما بات وجودا حقيقيا أصبحنا نتعامل مع نمط مختلف من الآخر ،هو الآخر الوهمي والشخص غير المرئي – فهو إما أن يحمل تحفظا أو ارتباكا أو خداعا ، فأنت لا تعرف مع من تصنع حوارا، ولان الوجوه والأسماء عنوان جيد لا غش فيه فاختفائه يدفعك حتما صوب اكتشاف طرق أخرى للتواصل مع الآخر - فقط لأننا في حاجة ملحة إلى هذا - لذا ترتكز إلى الحاسة السادسة معتمدا على حدسك وفهمك فيما تسمع ( النقاب ) أو تقرأ ( الفيس )- لحين إخطار بتوطيد العلاقة أو كشف وزوال القناع ، في كل الأحوال ثمة تعامل مع الأشباه ، ليصبح ملخص المرء هو أفكاره وسلوكه ولغته وأرائه " مادمت لا تعرفني ولا تراني فأنا حر كي أكون حقيقتي بعيدا عن مقصلة الرقابة الاجتماعية ومعايير الكبت الأخلاقي والدينى وغيرها ، فلدي الجرأة أن افعل وأقول ما أريد ولا يهزني انتقادك بل امتلك المقدرة للرد اللاذع والدفاع والتطاول أيضا دونما نيل منى "، في كلتا الحالتين تدفعنا أيضا الحاسة السادسة أن نكون أكثر تعقلا وحيادية وتفاعلا دون محاباة للوجوه أو الاتكاء إلى خلفيات معرفية مسبقة عن الآخر ، فماذا لو علمت مثلا أن من تحرص دوما على التواصل معه خلف ذاك الحاجز الصناعي هو من تسبب في أذى بليغ لك يوما ، أو أميّ، أو صدفة وجدت بصفحة احدهم ما لا يروق لك أخلاقيا أ و إنسانيا ، ظل أشهرا طويلة يخاطبها مثنيا لها برجاحة عقلها ولم يعلم إلاّ مؤخرا أنها ابنه معاونة المنزل المقيمة والمثيرة للشغب دوما والتي يخاطبها باقتضاب المخدوم ، وأيضا لم تتوقع يوما وبعد غياب سنوات طويلة أن ترحب بصديقاتها وقد تنقبن - مجتهدة للتمييز بينهن لتتعجب فيما بعد أن منهن من حرصت قبلا على مقاطعتها لضآلة سلوكها ،ولكن هذا ما يحدث معنا خلال تلك الأنماط الحديثة ، انه الحاجز القاتم بينك وبين الآخر الذي يجعلنا أكثر نبلا وإنسانية مع الآخرين فقط لجهلنا بهم
أعود لأجمل ما في النقاب والفيس بوك انك بشفافية وصدق تقترب مكتشفا هوية الآخر غير المرئي، منتشيا باقترابه منك ومحاولته أيضا في اكتشافك من جديد فتبدي له جل ما لديك بلا تحفظ ما ، ومابين الصدق والخداع مساحة من الوقت تتوقف سعتها على قدرة اختراق كلا الطرفين نطاق الآخر وما يحكم ذلك من التزام أخلاقي ، كثيرا ما ترتطم العلاقة بعدم مصداقية الأشخاص المستترين لكن يظل أجمل ما في هذا التستر هو لذة الاكتشاف وتكرار محاولاتنا للتعامل مع جزء فقط من الإنسان بلا تميز أو محاباة ..ربما هي علاقات يشوبها التوجس لكن أيضا هذا ما يحدث معنا ..
اكتب هذا للأمناء فقط مع أنفسهم
08-أيار-2021
الروح يمكنها أن تتألق في الصلاة أو البار أو عند المضاجعة 1/ 4 |
09-تشرين الثاني-2019 |
22-كانون الأول-2018 | |
09-حزيران-2018 | |
10-أيلول-2016 | |
16-تموز-2016 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |