المرأة كموضوع مفضل للعنف / ج2 والأخير
خاص ألف
2011-11-21
الولاية والوصاية
تمنح جميع قوانين الأحوال الشخصية حق الولاية "مطلقاً" لذكور الأسرة "الأب، الزوج، الابن، الجد .." ولا تمنحها للنساء، حتى أن قانون الأحوال الشخصية للكاثوليك الذي سمح، بعد تعديله 2006، بنقل الولاية إلى الأم قد اشترط سقوط حق الأب في الولاية ومن ثم تكون الولاية للأم وفق شروط حددتها المادة 91 منه.
تقل المادة 21 من قانون الأحوال الشخصية: "الولي في الزواج هو العصبة بنفسه على ترتيب الإرث بشرط أن يكون محرما،" ما يعني أن الولاية محصورة بـ الأبوة:الأب والجد العصبي وإن علا ،الأخوة: الأخوة لأب – العمومة ،البنوة وإن نزلت.وهذا يجعل الابن في مراكز الولاية الأولى على الأم وله كامل حقوق الولي عليها وله فسخ الزواج إن زوجت نفسها من رجل غير كفء. أما إذا لم يكن للمرأة ولي، فالقاضي ولي من لا ولي له، المادة 24.
وحتى الكبيرة الراشدة الواعية، التي قد تكون طبيبة أو قاضية أو وزيرة تقع تحت خطر وصاية الولي، تقول المادة 27: "إذا زوجت الكبيرة نفسها من غير موافقة الولي فان كان الزوج كفؤاً لزم العقد وإلا فللولي طلب فسخ النكاح." ولولي الأنثى المحرم أن يضمها إلى بيته إذا كانت دون الأربعين من العمر ولو كانت ثيباً، فإذا تمردت عن متابعته بغير حق فلا نفقة لها عليه. المادة 151.
وبعد العقد تبدأ لغة الإلزام. المادة 66: على الزوجة بعد قبض معجلها أن تسكن مع زوجها. والمادة70: تجبر الزوجة على السفر مع زوجها إلا إذا اشترط في العقد غير ذلك أو وجد القاضي مانعاً من السفر. ولا يحق للأم السفر بابنها إلا بإذن أبيه.
الطلاق
وفقاً لقانون الأحوال الشخصية العام، الطلاق حق مطلق للرجل، أما المرأة فلا تطلق بل لها حق طلب التفريق لأسباب محددة هي (للعلل – للغيبة - لعدم الإنفاق - للشقاق). وتبين المواد التالية بعض أحكام الطلاق التي تضمن حقوقا للرجال دون النساء، مثل امتلاك الزوج حق الطلاق بإرادة منفردة لأنه يملك مركزاْ قانونياً يؤهله لذلك متعسفاً بامتلاك هذا الحق. وحقه في إرجاع زوجته في الطلاق الرجعي بالقول أو بالفعل ودون إرادتها ودون علمها، وهو صاحب الصلاحية والحق في تفويض الزوجة بتطليق نفسها، أي حين تكون العصمة بيد الزوجة، وهذا التفويض لايحجب عنه الحق بتطليقها بإرادته المنفردة؛
+++++++
شهادات
يأتي المجتمع والعادات لتزيد من العنف على المرأة المطلقة. فالنظرة الذكورية المجتمعية تعتبر النساء المطلقات والأرامل مستباحات مما يعرضهن للتحرشات من قبل الذكور سواء في مجال العمل أو العائلة، وينطبق عليهن المثل الشعبي "لما شافني أرملة شمر وجاني هرولة."
"لقد أرسل لي ورقة طلاقي إلى مكان عملي بالبريد، وهذا يعني، من وجهة نظره، الفضيحة بالنسبة لي. وبالفعل هذا ما حصل، فقد تناولتني ألسن زميلاتي وزملائي في العمل، واجتهد الجميع في تحديد الأسباب ومنها بالطبع مايمس كرامتي، مباشرة."
"كوني عاملة لا ينطبق علي شرط "البؤس والفاقة" لذلك لايحق لي غير نفقة العدة وقد أخرجت من "منزله"، كما شرع له القانون، لاأملك سوى جهازي (ملبوس البدن) ومصاغي."
"وتبقى المرأة في الهجر على قول المثل "لامعلقة ولا مطلقة" لسنوات عدة، وهذا يعيق استمراري بحياتي كشابة، أسوة بغيري من النساء المسلمات اللواتي لديهن خيارات كثيرة للانفصال عن أزواجهن، أما عندنا، طائفة الكاثوليك، فالقانون لا يجيز الطلاق أبداً، وتبقى النفقة قليلة نسبة لارتفاع الأسعار والتي لاتتناسب مع أجورنا وأتعرض لذات المشاكل التي ذكرتها زميلاتي من نظرة المجتمع لي".
"أنا عشت تجربة الطلاق ولدي ابن واحد وأعيش مع أهلي الآن. كان أمامي خياران: إما أن أتحمل الوضع غير المرضي والمهين مع زوجي، وفي هذه الحالة سيتربى ابني على أن أمه امرأة ذليلة فتتدنى صورتي في نظره وبذلك يرى أن مذلة المرأة أمر طبيعي، فيمارسه في المستقبل مع زوجته مفترضا أن هذا هو الوضع الطبيعي، وأن على زوجته أن تقبل الإهانة كما قبلتها والدته، أو أخوض تجربة الطلاق انتصارا لكرامتي فيتعلم ابني أن كرامة النساء تجب صيانتها وتكون أمه بذلك قدوة له. أما كيف يمكن تخفيف مضار الطلاق فقد حاولت، رغم مقاومة زوجي في البداية، أن نبقى على صلة المودة بيننا وألا نجعل من ابننا موضوع نزاع وصراع، والوضع الآن ممتاز فابني يرى والده متى شاء والعكس صحيح وكلانا، زوجي وأنا، نعيش حياتنا بسلام، ونتمنى كل الخير واحدنا للآخر، وعلاقتنا أفضل بكثير مما كانت عليه خلال الزواج."
"تجد المرأة نفسها بعد الطلاق دون سكن حتى لو شاركت زوجها في الإنفاق على تأمين وتأثيث المنزل الزوجي فهي مضطرة للعودة لمنزل ذويها مع أولادها المحضونين ’ودرءاً لهذا الوضع تتنازل عن الكثير من حقوقها الزوجية وتستمر في زواجها بحكم الأمر الواقع الذي فرضته عليها ظروفها الحياتي."
"اشتغل يوميا في بيوت الناس، ولا أحتفظ بقرش مما أعمله، يأخذه كله ويضربني لأقل هفوة، وحتى بلا هفوة. لماذا تتحملين؟ ماذا يمكنني أن أفعل عندي أولاد، أهلي يرفضون استقبالهم ويقولون بدك تطلقي تأتي وحدك وترمي أولاده له، ومو بعيد يزوجوني مرة تانية. لا أستطيع أن افعل ذلك، وعنا بالحارة عيب المرا تعيش لحالها ولو عندها أولاد، وأساسا، هو لم يترك لي قرشا أستند إليه، علي أن أتحمل، ماذا أفعل؟ وبتعرفي أنت مشاكل المطلقات وكيف ينظر إليهم الناس، يعني يا حكم الرجال يا حكم الأهل والناس، وكله أضرب من بعضه، لأ، خليني مستورة ببيتي مع أولادي، وربما الله بيهديه".
++++++++++++++++++++++++++++++
قانون الجنسية
جاء في المادة 3 فقرة آ من قانون الجنسية العربية السورية الصادر بالمرسوم رقم 276 لعام 1969 ما يلي: "يعتبر عربيا سوريا حكما من ولدفي القطر أو خارجه من والد عربي سوري." وهذا يعني أن الأب السوري يعطي جنسيته لأطفاله المولودين داخل القطر أو خارجه ولو كان متزوجا بأجنبية وتحرم الأم السورية بموجب هذا القانون من هذا الحق ويعامل أبناؤها معاملة الأجانب ويحرمون من كافة حقوقهم الاجتماعية والسياسية كمواطنين سوريين وهنا لابد من القول إن هذا القانون يحتاج ل اعادة نظر لأنه يسبب إشكاليات لا حصر لها للنساء السوريات المتزوجات من عرب أو أجانب إذا ما أرادوا الاستقرار في سوريا مع أبنائهم .
التمييز ضد المرأة في قانون العقوبات باعتباره عنفا
رغم المساواة بين الجنسين في قانون العقوبات ورغم الحماية التي أعطاها للمرأة في حال الاعتداء عليها جنسيا إلى أن القانون لم يتضمن ما يشير إلى اعتبار العنف بكافة أشكاله ضد المرأة جريمة يعاقب عليها القانون إلى جانب ما يتضمنه من مظاهر التمييز ضدها والتي لابد من تنزيهه في بلادنا منها، وتتجلى هذه المظاهر في المواضيع التالية: الزنى، والاعتداء على العرض، وموضوع الأعذار المخففة والأسباب المخففة التقديرية التي تستخدم كدفاع في قضايا ما يسمى جرائم الشرف.
وسنبدأ بمسألة غريبة نادرا ما يتلفت المرء إليها ولكنني أعتقد أنها في غاية الأهمية وهي اغتصاب الرجل لزوجته. تقول المادة 489 فقرة 1من قانون العقوبات السورية: "من أكره غير زوجه بالعنف أو بالتهديد على الجماع عوقب بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل." وتقول المادة 490: "يعاقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات من جامع شخصاً غير زوجه لا يستطيع المقاومة بسبب نقص جسدي أو نفسي أو بسبب ما استعمل نحوه من ضروب الخداع." إن كلا المادتين لا تتحدثان عن اغتصاب الرجل لزوجته. وربما يستغرب البعض منكم هذا الكلام، باعتبار أن الفكرة الشائعة أن المرأة حلال الرجل ومن هنا فإن له الحق في أن يفعل بها ما يشاء أين يشاء وأنى يشاء. ولكن القوانين الحديثة تعتبر أن إجبار الزوجة على الجنس هو نوع من الاغتصاب.
+++++++++++++
شهادات
"لا أذكر أنني بلغت ذروة النشوة على مدى أربعين عاماً، حتى أنني كنت أجهل إلى وقت قريب أنهن يبلغنها"
"حين يركلني زوجي بقدمه أعرف أنه يرغب في ممارسة الجنس، وأضطر للخضوع لأنه إذا تمنعت يصب جام غضبه على أطفالي، ويحول يومنا إلى جحيم"
"حرام أن أمنع زوجي عني لأن الملائكة تلعنني في السماء"
++++++++++++++++++
وأثني بالتمييز في موضوعة كريهة ولكنها واقعية: الزنى. وفقا للمادة 473، تعاقب المرأة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، أما شريكها في الزنى فيقضى عليه بالعقوبة نفسها فقط إذا كان متزوجا وإلا فالحبس من شهر إلى سنة. كما تلاحظون أيها السيدات والسادة فالجرم واحد، أما العقوبة فتختلف بين الرجل والمرأة. وتكون عقوبة المرأة ضعف عقوبة الرجل. ولا يقف الأمر عند حد العقوبة، بل يشمل أيضا الحجة. وتقول المادة نفسها أنه فيما خلا الإقرار القضائي والجنحة المشهودة لا يقبل من أدلة الثبوت على الشريك إلا ما نشأ منها عن الرسائل والوثائق الخطية التي كتبها. وبذلك نرى أن وسائل الإثبات فهي مطلقة للرجل ضد المرأة ومقيدة للمرأة ضد الرجل.
وتقول المادة 474: يعاقب الزوج بالحبس من شهر إلى سنة إذا ارتكب الزنى في بيت الزوجية أو اتخذ خليلة جهارا في أي مكان كان. وهذا يعني أن فعل الزوج مباح إذا ارتكبه خارج منزل الزوجية، ويعاقب عليه فقط إذا ارتكبه داخله بينما تعاقب المرأة إذا ارتكبت الفعل في أي مكان.
المادة 475 تقول: لا يجوز ملاحقة فعل الزنى إلا بشكوى الزوج واتخاذه صفة المدعي الشخصي، وعند عدم قيام الزوجية فتتوقف الملاحقة على شكوى الولي على عمود النسب واتخاذه صفة المدعي الشخصي. ههنا تتعلق الملاحقة عن فعل الزنا بحق الزوج والولي في تقديم الشكوى ولا يوجد ما يشير إلى حق المرأة بالشكوى على الإطلاق لإن مفهوم شرف المرأة يخص الرجل ولا يتعلق بها.
وتقول المادة 508: إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدي أوقفت الملاحقة،وإذا صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه. هذه المادة تكافئ المجرم الذي يعتدي على ضحيته بالزواج منها. ولكم أن تتخيلوا حجم المعاناة للفتاة التي ستمضي حياتها في سرير الرجل الذي اغتصبها.
وتبقى أسوأ عنف يمارس على المرأة باسم القانون قضية الأعذار المخففة والأسباب المخففة التقديرية التي تستخدم كدفاع في قضايا ما يسمى بـ جرائم الشرف. تقول المادة 548 معدلة ( يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد على أن لا تقل العقوبة عن الحبس مدة سنتين في القتل.
جاءت المادة 548 من قانون العقوبات بعد التعديل بالمرسوم التشريعي رقم 37 لعام 2009 لتعطي عذرا مخففا للرجل بمعنى أنها تخفض من العقاب في حال قتله أو إيذائه زوجته أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته عند مفاجأتهم بجرم زنا مشهود أو صلات جنسية فحشاء مع رجل. وهذا عذر خاص بالرجل ولا يشمل المرأة حيث يبرر العذر هنا إن الرجل ارتكب جريمته تحت ضغط وانفعال شديدين دون سبق إصرار وترصد.
ولكن التعديل لم يطل المادة الأشد إجحافا للمرأة، وهي المادة 192 التي تقول إنه "إذا تبين للقاضي أن الدافع كان شريفا قضى بالعقوبات التالية :
ـ الاعتقال المؤبد أو الخمس عشرة سنة بدلاً من الأشغال الشاقة المؤبدة.
ـ الاعتقال الموقت بدلاً من الأشغال الشاقة الموقتة.
ـ الحبس البسيط بدلاً من الحبس مع التشغيل.
وللقاضي فضلاً عن ذلك أن يعفي المحكوم عليه من لصق الحكم ونشره المفروضين كعقوبة.
هذه المادة التي تعطي عذرا مخففا إذا ارتكبت الجريمة بدافع شريف. وأسوأ ما في هذه المادة أنها لا تحدد ماهية الدافع الشريف، ما يؤدي إلى إعطاء الحق للرجال في العائلة في ممارسة العنف ضد النساء (قتلا أو إيذاء ) بحجة الدافع الشريف. فلا بد من تعديل هذه المادة واستبعاد جرائم الشرف المرتكبة ضد النساء في العائلة من نطاق تطبيقها حتى لا تكون سببا لممارسة العنف ضد المرأة داخل الأسرة.
المعاهدات الدولية
صادقت سورية عام 2003على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تعتبر – بتعبير المحامية السورية دعد موسى - بمثابة إعلان عالمي لحقوق المرأة نظرا لما تتمتع فيه من شمولية في معالجة قضايا التمييز ضد المرأة في جميع ميادين الحياة العامة والخاصة. على أنها -ورغم تصديقها عليها - تحفظت على مواد أساسية في الاتفاقية بما لا ينسجم مع غرض الاتفاقية وجوهرها ولا ينسجم مع الواقع الفعلي للمرأة السورية وما حققته من منجزات على صعيد التعليم والعمل والمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية. وجاء التحفظ بدواعي مخالفة تلك المواد للشريعة الإسلامية. ولكن المحامية موسى تؤكد على أن تلك التحفظات تتركز على المساواة أمام القانون وما يتصل بالمرأة لناحية علاقاتها الأسرية وحياتها الخاصة.
إحدى المواد التي تمَّ لتحفظ عليها، على سبيل المثال، هي المادة 2 التي تنص على: "تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتوافق أن تنتهج ،بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء ، سياسة القضاء على التمييز ضد المرأة،" والمادة 9 – فقرة 2، التي تنص على: " تمنح الدول الأطراف المرأة حقا متساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها." وقد تحفظت سوريا على هذه المادة الفقرة 2 لتعارضها مع قانون الجنسية في سورية، والمادة 15 فقرة 4 : "تمنح الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم." لا يوجد في الدستور ولا في القانون ما يميز بين المرأة والرجل لتلك الناحية ،ولكن يوجد أمر دائم رقم 876 تاريخ 8/8/1979 صادر عن وزير الداخلية يقضي بإعطاء الزوج الحق بمنع زوجته من السفر بتقديمه طلب خطي إلى دائرة الهجرة والجوازات يطلب فيه منعها. وهذا الأمر حري بالإلغاء لأنه غير دستوري وغير قانوني ويعطي الحق لشخص بتقييد حرية مواطن ومنعه من الحركة أو السفر؛ والمادة القرة الأولى16: " تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية،وتضمن بوجه خاص ، على أساس تساوي الرجل والمرأة،" والفقرة 2 التي تقول: " لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي اثر قانوني،وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، بما فيها التشريع ،لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرا إلزاميا." وفي هذا اعتراف بعدم المساواة في بلادنا بين الرجل والمرأة، وهو مرة أخرى أمر غير دستوري.
لقد حصلت المرأة على الكثير من الحقوق والتي جاءت منسجمة مع الدستور السوري لعام 1973 وحققت قضية المرأة تقدما شمل مواقع اتخاذ القرار في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية وفي التعليم والعمل والتنمية الشاملة. ولدينا الآن نائبة للرئيس ومستشارتان سياسية وأدبية وثلاث وزيرات وثلاثون نائبة وقاضيات وسفيرات ومديرات وغير ذلك. ولكن رغم تلك النقاط المضيئة مازالت هناك بعض المعوقات الاجتماعية والثقافية المتمثلة بمجموعة الأعراف والممارسات الاجتماعية والإداية التي تشكل تمييزا ضد المرأة إضافة إلى بعض القوانين التمييزية التي تنظم علاقتها داخل الأسرة وحياتها الخاصة،كما وعدم التطبيق الجيد لبعض القوانين المنصفة تعيق تقدم المرأة ومساواتها الكاملة مع الرجل في الحقوق والواجبات وتؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على مشاركتها في العمل العام حيث يستحيل فصل الشأن الخاص عن العام في قضايا المرأة لأن هذا يشكل ازدواجية قانونية وواقعية فكيف يعطي الدستور والتشريعات المدنية المرأة الأهلية الكاملة وتأتي قوانين خاصة بعلاقاتها الأسرية لتعتبرها ناقصة الأهلية.
+++++++++++++++
المرأة كموضوع مفضل للعنف الاجتماعي
أشكال العنف الاجتماعي ضد المرأة أكثر من أن تحصى. فالمرأة دائما موضوع مفضل للعنف المجتمعي. المرأة لها المكانة الثانية دائما. في البيت مهمتها خدمة العائلة والزوج. البنت تخدم أخاها والزوجة تخدم زوجها وأبناءها. ومن الطبيعي أن يخلع الشاب ملابسه لتغسلها أخته، وأن يأتي ضيوفه فتقدم أخته لهم القهوة والشاي. وعندما تسير المرأة مع زوجها فغالبا ما تسير خلفه. وتتعرض المرأة لكل أنواع المضايقات الجنسية في الشارع ومكان العمل وحتى داخل الأسرة.
وعل أكثر أشكال العنف المجتمعي ضد المرأة وضوحا تجده في البرنامج سيئ الصيت الذي يسمعه معظم السوريين يوم الثلاثاء من كل أسبوع، حكم العدالة. هل لاحظ أحكم أن المرأة في البرنامج هي في معظم الحالات الدافع إلى الجريمة، وهي إما غانية أو عشيقة أو قاتلة، إلخ.
ولكنني للاختصار سوف أركز على التداخل بين القانوني والاجتماعي في مسألة العنف ضد المرأة.
أنواع الزواج بين القانون والعرف الاجتماعي
بالنظر إلى ما ذكر يمكن استشراف عمق العلاقة بين العرف الاجتماعي والقانون فكثيرا ما ينشأ هذا عن ذاك، حيث نجد تجليات العرف واضحة في القانون، إلى درجة أن العرف قد يؤثر على مواد في القانون ذاته ويطال جوهرها. وتكمن الخطورة الأبرز في تكريس قوانين الأحوال الشخصية لبعض العادات الخطيرة والتمييزية ضد النساء، بحيث تصبح هذه العادات امتدادا للمقدس الديني الذي تستند إليه قوانين الأحوال الشخصية في سوريا. ولعل المثال الأبرز هو في زواج القاصرات فرغم أن قوانين الأحوال الشخصية لجميع الطوائف تحدد سنٍّ الزواج لكلّ من الفتى والفتاة، وللفتاة عموما دون سن الرشد، لكنها جميعاً تعود لتسمح بالمزيد من الاستثناءات لتخفيض سنّ الزواج لكلا الطرفين بذريعة البلوغ والنضج الجسدي. هذه الاستثناءات ساهمت بتكريس أعراف تؤكّد على تزويج القاصرات في سنٍّ مبكرة قد تصل الى 12 عاماً أو أقل في زيجات مفصلّة على قياس مصالح عائلتي الفتى والفتاة، وعدا عن أضرار هذه الزيجات بصحّة الأم والطفل فهي ترتبط بالسيطرة على حياة الفتيات الجنسية وتغتال حقوقهن بالرعاية والتعليم ... إضافة لبعدها عن الاهتمام بتوفير فرص النجاح لهذه الزيجات. "في استقصاء للآراء تبين أن 24% من الأمهات يفضلن تزويج بناتهن دون سن /18/ وإن 46% من الأمهات يفضلن تزويج بناتهن قبل سن العشرين .."
كما تسود في نفس الوقت أعراف لا علاقة لها بالقوانين مثل بعض أنواع الزواج التي وإن بدأت بالتراجع في مناطق كثيرة من سورية خاصّة في المدن، ولكن مظاهرها لما تزل مرئية وملموسة، رغم أنه لا تتوفر إحصاءات تظهر مدى انتشارها أو انحسارها مثل،الأباعدي والأقاربي ، ،العضل والحيار والمقايضة "ويجدر الذكر أننا لم نجد في أي من القوانين، موضع البحث، ذكرا أو إجازة لها ولا منعا.
ويتفق قانون الأحوال الشخصية العام مع العرف الاجتماعي في زواج الأكفاء ويعني زواج المرأة من الرجل الكفء، و تعود معايير الكفاءة في القانون لعرف البلد. ويفسر المحامي نجاة قصاب حسن هذه المعايير وفقا لكتاب الأحوال الشخصية لقدري باشا: (بالنسب والأصل والدين والمال والصلاح والحرفة). وهي نفس معايير التقاليد والأعراف الاجتماعية التي تعارض، الزواج بين أبناء وبنات الطبقات والأوساط الاجتماعية المختلفة.
وتتفق قوانين الأحوال الشخصية للطوائف، كافة، مع العرف الاجتماعي في وضع القيود على الزواج بين أبناء الأديان المختلفة في البلد الواحد، وغالبا ما تكون الأعراف والعادات الاجتماعية اشد قسوة من القوانين خاصة على الفتاة، فإذا تمّ زواج كهذا تكون عقوبته نبذ الفتاة وإقصاؤها عن الأسرة إن لم يكن القتل تحت ستار ما يسمى بـ جرائم الشرف.
الإرث
رغم أن جميع القوانين تنص على حصص معينة للنساء في الإرث، سواء كانت حصة النصف أو كانت حصصاً متساوية في حالات محددة ، فالممارسات الاجتماعية السائدة قد تحرم المرأة من الحصول على حصتها في الميراث، بخاصة تلك المتعلقة بالأراضي والعقارات الممنوحة لها بموجب القانون. كلّ ما تعرفه المرأة الريفية عن حقها بالإرث "في معظم مناطق الريف السوري" يتمثّل بمقولة ( ما يملكه الآباء يتوارثه الأبناء الذكور)، والعادة السائدة والتقليد المتبع في أغلبية الريف السوري من قبل جميع الأسر بغضّ النظر عن ديانتها هي: عدم توريث الأراضي الزراعية للنساء للاحتفاظ بملكية الأسرة وعدم تفتيتها خارج إطار حيازتها.. ومن هنا كان تفضيل زواج البنت بابن عمّها لاستمرار هذه الملكية . ويستمر هذا الشكل من حرمان الإناث من حقهنّ بالميراث سائداً في العلاقات الأسرية باعتباره عرفاً مقبولاً في المجتمع حتى يومنا هذا.
لحظ الدكتور كريم أبو حلاوة في دراسته "أنّ نسبة المعارضين من الرجال لهذه المساواة في الإرث قانونا: هي 63 % يقابلها 37 % من الموافقين، وهي نسبة معارضة تكاد تبلغ ضعف نسبة المؤيدين لهذا الحقّ، وهذا ينسجم مع نسق الأعراف السائدة المتماهية مع الفكر الذكوري لمصلحة الرجل ومع النصّ القرآني. أمّا فيما يخصّ النساء فترتفع نسبة المؤيدات للإرث المتساوي مع الذكور لتبلغ 58% مقابل 41% من النساء المعارضات. ما يشير إلى تنامي وعي النساء بحقوقهن للوصول إلى دور اقتصادي مستقل.
ورغم هذا التقدم النسبي الذي أشارت له الدراسة تبقى مسالة حصول النساء على حصصهن الارثية، ناهيك عن المساواة فيها من أكثر إشكاليات فقر النساء تعقيدا، إضافة إلى أنها من ابرز إشكاليات التمييز ضد النساء التي تتضافر القوانين والأعراف الاجتماعية لترسيخها، فكرا وممارسة.
الطلاق وتعدد الزوجات
لا ينظر المجتمع بارتياح إلى المرأة المطلقة، فعلى المرأة أن تصبر وتتحمل وتواصل عيشها مع الرجل وبخاصة إذا كان لديها أولاد، ولا يجيز لها الاستقلال بسكنها إضافة إلى التضييق عليها من قبل أهلها في جميع تحركاتها، مما يضطرها للقبول بالأمر الواقع وتحمل بؤسه.
ولم يلغ القانون تعدد الزوجات ولكنه عمل على تقييده بموجبات، وبقرار القاضي إلا أن العرف الاجتماعي مازال يتعامل معه على أنه حق للرجل بإطلاق يجيزه الشرع والقانون والمفاهيم الذكورية. وتستطيع الفتاة اشتراط عدم التعدّد في عقد الزواج وإلا فحق الطلاق بيدها، إلا أنّ العرف والتقاليد السائدة، وعدم تقبّل الرجال لمثل هذه الشروط، تحول دون استعمال هذا الحق في كثير من الأحيان.
العدّة
يلزم القانون المرأة المطلّقة أو المترملة بالعدّة، وعدّة المطلّقة (غير الحامل) ثلاثة شهور، والأرملة أربعة أشهر وعشرة أيام، وعدّة الحامل إلى أن تضع حملها. وتبدأ العدّة من تاريخ الطلاق أو الوفاة، وبحسب القانون، ليس على المطلقة أو الأرملة من قيد في هذه المدة إلا عدم الزواج، للتحقّق مما إذا كانت المرأة حاملاً من مطلقها أو زوجها المتوفى حتّى ُينسب المولود لأبيه.
وتسري أحكام العدّة على النساء المسلمات والموسويات ونساء بعض الطوائف المسيحية، وقد حددت القوانين مسائل العدة، إلا أنّ الأعراف أضافت قيوداً أخرى على المرأة المطلّقة، أو الأرملة تفوق تلك المنصوص عنها في القانون مستندة إلى اجتهادات الفقهاء مثل: ألا ترى المعتدّة رجلاً غريباً في عدّتها، وأن يقتصر لقاؤها في منزلها على محارمها من الأهل والأبناء، وأن تدخل حجرتها إذا جاء غريب إلى منزلها، فلا يجوز أن يراها أو يسمع صوتها، ولا يجوز لها أن تتحدث بالهاتف، وعليها أن تلزم منزلها طيلة مدة العدة لا تغادره أبداً إلاّ لضرورة قصوى مثل الطبيب. وتغالي الأعراف في أهمية العدّة فتفرضها حتّى على المرأة التي جاوزت سنّ الإنجاب بزمن طويل، ولم يعد هناك احتمال لحملها، إضافة الى أن النصوص القانونية أو التقاليد الاجتماعية لم تلتفت بعد إلى التطور العلمي المحقق ولا تقبله حكما في مسائل العدة التي تبرر أساسا بأنها للتأكد من عدم حمل المرأة من طليقها أو زوجها المتوفى.
+++++++++++++++++++++
خاتمة
مشكلة المرأة ليست في دين معين وإنا في عقلية معينة، هي عقلية الذكر ولا أقول الرجل لأن الرجولة هي كرم وتواضع ومحبة واحترام، أما الذكورة فهي عضلات وشعور أجوف بالقوة الطبيعية التي يمتلكها ضد الأنثى التي لا تمتلك هذه القوة. لقد استخدم الذكور الأديان، وحرفوها وأعادوا صياغتها لكي تخدم موقفهم. وهم يملكون كل مقومات الاستمرار. ولذلك لست متفائلا بتغيير قريب قادم يعيد للمرأة مكانتها وحقوقها السليبة. وأنا واثق أن الحركات النسوية يمكن أن تؤدي إلى تحسين وضع المرأة، ولكن المشكلة باعتبارها كذلك ستزول فقط عندما يدرك الرجل أنه يغتصب من الحقوق ما ليس له. وما لم يسر الرجل بجوار زوجته، ويساعدها في الشؤون المنزلية، ويتحدث عن زوجته باسمها وليس بعبارات غامضة مثل" العيلة، اللي عندي، الجماعة، البيت، فإن المشكلة ستظل قائمة، وهي مشكلة لا ترضي الله ولا العقل ولا الخلق القويم.
08-أيار-2021
17-نيسان-2021 | |
10-نيسان-2021 | |
13-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 | |
30-كانون الثاني-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |