لماذا يشمت السوريون بمحنة إعلامهم الوطني؟!
خاص ألف
2012-06-16
منذ أيام تحدثت إحدى مذيعات التلفزيون السوري على صفحتها على الفيسبوك بمرارة عن الشامتين بقرار حظر بث القنوات السورية على العرب سات والنايل سات، وأسفت للسوريين الشامتين بهذا القرار، وحاولت أن تذكرهم أنه: "إعلامهم الوطني"
حين أستعيد هذا الوصف بعيداً عن لغة الشتائم التي لا أحبها، يمر أمام ناظري عشرات المشاهد التي قال فيها المواطن السوري رأيه بهذا "الإعلام الوطني" مشهد طرد مراسل التلفزيون السوري من بانياس في نيسان 2011 بعد أحداث قرية البيضا التي نفي فيها الإعلام السوري قرية البيضا من الخارطة السورية وقال إنها في العراق... مشهد طرد مصور قناة الدنيا من حي باب السباع في حمص، في 8/8/2011 بعد أن بثت قناته الموقرة تقريراً تقول فيه إن أعلام الكيان الصهيوني رفعت في الحي... مشهد طرد مراسل الإخبارية السورية من حي المرجة بحلب بتاريخ 5/1/2012، حيث هتف ابن الشارع أمام أعين المراقبين : (انقلع ابن الحرام... الإخبارية السورية انقلع لبرا... إخبارية مجرم)
وأستعيد في الوقت نفسه مقاطع ومقابلات لمواطنين صدق فيها الناس أن هذا هو إعلامهم الوطني الذي سينقل صورتهم، كمقطع عضو مجلس الشعب السابق يوسف أبو رومية الذي تحدث في قلب مجلس الشعب في بداية الأحداث، عن الأخطاء والفظائع التي ارتكبها الأمن السياسي في درعا، رداً على مطالبة الأهالي بالإفراج عن الأطفال الذين كتبوا العبارات عن الجدران، فلم يبث هذا المقطع على الإطلاق... وتم تسريبة لينشر على اليوتيوب، أو المقابلة التي أدلى فيها مواطن سورية من مدينة دوما في ريف دمشق للفضائية السورية بتاريخ 10 نيسان عام 2011 والتي يقول فيها أمام مايكروفون الإخبارية السورية، والكلام منشور من الفيديو المنشور على اليوتيوب.
وليكن إعلامنا دائماً صادق وينقل الحقيقة...( وقد تم الهجوم على المشفى من قبل الأجهزة الأمنية وأخذ الجرحى بعد أن تم تهريبي أنا من المشفى, لا وجود لمندسين في مدينة دوما، لا وجود لعصابات مسلحة، لا وجود لعصابات سرقة. نحن سلميون حضاريون، نحن بناة هذا الوطن لنا مطالب حق نرجو أن يتم التواصل بين القيادات والشعب... فلينزل إلى الشعوب ليروا مطالبهم الحقيقة )
وثق هذا الرجل بإعلامه، ولم يقل كلامه للعربية أو الجزيرة كي لا تصطاد في الماء العكر كما يظن البعض... فكان النتيجة عدم إيصال صوته، وحذف المقطع كله من البث... وهذا حدث أيضاُ في مقابلة للتلفزيون السوري مع جريح نشرت على اليوتيوب بتاريخ 5/1/2011، وقال فيها بالحرف: ( مافي شي... العالم ماشية سلمية ولا في شي، وكان في حاجز للجيش... يعني وقفوا. وماحسينا إلا الرصاص مثل زخ المطر. الناس اتدافعت... اللي انبطح... اللي بالأرض. الجيش أطلق الرصاص )
بعد هذا هل تتوقعين يا عزيزتي مذيعة التلفزيون السوري، التي أحترمها على الصعيد الشخصي... ألا يهتف السوريون في مظاهراتهم: (كاذب... كاذب... كاذب... الإعلام السوري كاذب) هل تتوقعين ألا يشمتوا بحظر بث القنوات التي لا تنقل صوتهم، وتزور آلامهم، والتي يركب فيها المصورون في سيارات أجهزة الأمن، ويديروا ظهورهم للناس والمظاهرات، كي يصوروا أماكن فارغة لرسم صورة للحياة الطبيعية المزعومة؟!
هل تستغربين أن يتصل مواطن من حماه بقناة الدنيا... ثم يفاجئ زميلتك السابقة في التلفزيون السوري وفاء الدويري قائلاً: (الله يخلصنا من بشار الأسد) وتحاول السيدة وفاء أن تداري هذا الدعاء بالاستشهاد برسول حمزاتوف... بل هل تستكثرين على مواطن حلبي أن يقوم بضرب مراسل التلفزيون السوري أثناء تقديم رسالته على الهواء بتاريخ 2-6-2012 ... ثم يتحدث المذيع أسامة شحادة بكل صفاقة: (هذا يدل على الديمقراطية التي طالب بها الكثير) ثم يعود المراسل المهان بكل صفاقة: (إذا كان الإعلام السوري كاذب فليتركونا نكذب)
لا لن يتركوك يا عزيزي... أنت تكذب في الوقت الذي يعيش الوطن أوقاتا عصيبة لا يجوز أن تكون هناك مساحة للكذب وخصوصاً في الإعلام الوطني الذي هو مطالب قبل غيره بأن يكون حريصاً على الصدق والحقيقة لأن هذا هو بلده، وكل كذب يمارس هو مشاركة في الجريمة وفي التزوير وفي تخريب إمكانية إيجاد حلول .
أعود للزميلة في التلفزيون السوري الحزينة على شماته بعض السوريين بقرار حظر بث القنوات السورية... لأسأل ضميرها: بعد كل هذه المرارة، وهذا الألم، وهذا الكذب الممنهج عن سبق إصرار وتصميم، ما الذي تبقى من الإعلام السوري في نظر أبنائه؟! هل نبالغ إذا قلنا أنكم صرتم شركاء في الجريمة؟! هل نتجنى أو نتطرف إذا قلنا إن هذا الإعلام الذي يؤله الفرد، لا يمثلنا... لماذا هتف الناس في تلبيسة للسوري محمد دغمش l موفد العربية الله يحميك بينما أهان الحلبيون ابن مدينتهم على الهواء مباشرة وعلى مرأى من العالم؟!
لماذا لم يعد يجرؤ مذيع أو محرر أو مراسل في أي قناة سورية أن يواجه مواطني بلده مادمت تعتبرون أنفسكم منهم وفيهم وصوتكم صوتهم... لماذا صرتم حبيسي أسوار التلفزيون... لا تجرؤون على الظهور في الشوارع إلا بعد أن يهيئ الأمن لكم من سيتحدثون، ومن سيأتي بهم من مناطق أخرى؟!
نعم يا عزيزتي أنا كإعلامي لست شامتاً فقط، بل أنتظر اليوم الذي يحاسب فيه الشعب السوري إعلامه الوطني حساباً عسيراً على الجرائم التي ارتكبها أثناء الثورة... أتخيل وجه زميتلك رائدة وقاف الذي يقطر سماحة وصدقاً وهي تستقبل اتصالا يحلف بالطلاق أن ساحة البيضا في العراق... أتخيل وجه نزار الفرا ووفاء الدويري وهناء الصالح وهم يتحدثون عن العصابات المسلحة من الأشهر الأولى للثورة بعد أن اعترف بشار الأسد في خطابه الأخير في مجلس الشعب، أن تسليح الثورة بدأ في رمضان أي بعد ستة أشهر على انطلاقة الثورة... أتخيل مشاعر المعتقلين الذين زارتهم وسائل الإعلام في أقبية التعذيب كي تنتزع منهم الاعترافات الباطلة بعد أيام من التعذيب قبل أن ينهاروا ويقبلوا الوقف أمام كاميراتكم؟!
وأتخيل مشهد انجلاء الحقيقة وانجلاء العار وانجلاء حقيقة الموقف والقضية التي تبناها إعلامكن غير الوطني طيلة كل أشهر الثورة: الأسد أو نحرق البلد... أتخيل كل هذا ثم لا أرثي لكم بمقدار ما أرثي لشبيح... وأعتقد أن معركتم الحقيقة ستكون مع الشعب الذي يهتف ضدكم مثلما يهتف للطاغية... فكل نفس بما كسبت رهينة
__ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ محمد منصور
08-أيار-2021
16-حزيران-2012 | |
09-شباط-2010 | |
" بوابة الجنة" أردأ فيلم عن القضية الفلسطينية في تاريخ السينما السورية |
13-تشرين الثاني-2009 |
10-تشرين الأول-2009 | |
مسلسل 'الدوامة': التنكيل بتاريخ سورية في الخمسينيات بأسماء وهمية! |
03-تشرين الأول-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |