قبل فوات الأوان
2012-08-17
تكفي نظرة سريعة إلى ماضي ثورة الشعب السوري القريب لنرى أنَّ جهات عدّة، بعضها عامد وبعضها بسذاجة تدّعي الحكمة، قد خوّنت، دون أيّة أدلّة، كلّ كلام أو رأي سياسي ورمته باتهامات سخيفة أقلّها أنّه يخدم النظام ، وأقامت تعارضاً عجيباً بين "السياسة" و"الثورة" (كأنّّ كل سياسة إنهاء للثورة) أو مطابقةَ ساذجة بينهما (كأن الثورة هي سياسة ذاتها الوحيدة). ولم يعد أمام هؤلاء الأخيرين (وبينهم مساكين وأبناء سبيل ومحدثو ثورة ونصّابون ونصّابات)، سوى التلكؤ خلف الأحداث مكتفين بوصفها، متوصلين في كلّ مرة الى الاعتراف بصحة آراء سبق لهم أن رفضوها أو شتموها، وصولاً إلى النعيق مثل البوم فوق الخرائب.
والغريب، أنّ هؤلاء لم يكن لهم على أرض الثورة ما يتعدى الوجود الإعلامي الذي يقلّ كثيراً عن الوجود الفعلي لمن اعتبروهم خصومهم. والأهمّ من ذلك ما يبدونه كلّ يوم من جهل فادح (يبلغ حد الولدنة الخطيرة) بطبيعة النظام والموقع الجغرافي-السياسي للبلد، ذلك الموقع الذي يقيم علاقة خاصة بين الثورة والسياسة (الداخلية والإقليمية والدولية) تنطوي على جدل شديد الخصوصية والخطورة بين الثورة وإدراج قضية الشعب السوري على جدول أعمال السياسة والعالم (مثالا الانتفاضة الفلسطينية الأولى وإيرلندا)، دون أن يقلل ذلك مطلقاً من قيمتها كثورة أو يلغيها ويوقفها. ذلك أنّ سوريا ليست من البلدان التي تحسم فيها الأمور بالضربة القاضية، والثورة فيها، بل حتى الإصلاح، ثورات وثورات وإلا، لماذا يخشى النظامُ السياسةَ كل هذه الخشية ويفضل عليها آلة الحرب التي لا تتوقف؟ والسؤال الآن لماذا يرفض هؤلاء أيضاً السياسة، بل لماذا يخشونها، في الوقت الذي لم يقدموا فيه للثورة تلك التضحيات ولا ذلك الحضور الذي يُذكر؟.
أجل، كان ثمة منذ البداية خطان في الثورة السورية، بل ثورة وثورة مضادة، يمكن التمييز بينهما إلى ما لا نهاية غلى الرغم من الأخطاء والخطايا في بعض الأحيان:
- ثورة تريد بلداً قائماً تجري فيه الثورة وتعلم أن لا ثورة ولا ثوار في الخرائب والحروب الطائفية
وثورة مضادة لاتكترث لذلك أو تجهل أهميته وخطورته،
- ثورة تريد الحفاظ على الدولة كلها والجيش كلّه واستعادتهما من مغتصبيهما
وثورة مضادة تريد هدم ذلك كلّه أو تجهل خطورة هدمه وتخلق تناقضات في صفوف الشعب تتعدّى التناقض بين الشعب والاستبداد الفاسد،
- ثورة تميّز بين الوطنية و"ممانعة" النظام الهزيلة وشبه الكاذبة ولا تطابق بينهما فتبقى وطنية بالمعنى الجذري للكلمة وثورة مضادة تعبث بذلك عبثاً خطيراً،
- ثورة تتعامل مع القوى الإقليمية والدولية (بما فيها القوى الحليفة للنظام) انطلاقاً من مصلحة البلد والثورة وثورة مضادة لا تعني لها الثورة سوي تغيير تحالفات سورية من حلف إلى حلف،
- ثورة تدرك قيمة النقد وقيمة أن تبقى نقيضاً للنظام وثورة مضادة تشبّح تشبيح النظام ذاته أو تبرر مثل هذا التشبيح بتبريرات مضحكة،
......
هل حان وقت الصدق والشجاعة البعيدة عن منافقة من نظنه المنتصر؟
هل حان وقت أن نفكّر نحن ولا نوكل لأحد أن يفكّر عوضاً عنا؟
08-أيار-2021
08-آب-2020 | |
18-آب-2018 | |
12-كانون الأول-2015 | |
عن المطرقة والسندان السوريَّيْن أو عن الأزمات السياسية التي لا يحلّها أيّ عسكر |
15-تشرين الأول-2015 |
17-آب-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |