أزمة قيم وأفكار
خاص ألف
2013-01-09
ما تعيشه المنطقة الكردية منذ بدء الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها سوريا، من أقصاها إلى أقصاها، هي أزمة قيم وأفكار ومبادئ يمكن اختزالها على مستوى النخبة السياسية والثقافية التي تتداول الشأن العام الكردي بكل جوانبه؛ ولكن يسأل هنا سائل إن كان المجتمع الكردي يعاني من هذه الأزمة،فكيف بالشعب السوري الذي كان مغيّباً عن المشهد السياسي والاجتماعي طيلة سنوات حكم البعث، أن ينتفض بهذه الطريقة الحضارية ويقدم ثورة اجتماعية قبل أن تكون سياسية بالمنظور الفلسفي ودون أن يكون الكرد قادرين على القيام بمثل ذلك، وبنفس ذاك الزخم الحضاري الصادم لكل التوقعات.
ما عاشه المجتمع الكردي يختلف اختلافاً جوهرياً من حيث الفلسفات والأنساق الفكرية التي كانت سائدة لدى الشريك الآخر في الوطن؛ فقد شب الكرد على ممارسة ومداولة العمل السياسي الرجعي والمتخلف من حيث بُناه التنظيمية والفكرية وحتى من حيث خطابه السياسي، فلم تكن الحالة السياسية التي استأثرت وادّعت أنها ممثلة الجماهير الكردية بالمستوى المطلوب لقضيةٍ بحجم الملف الكردي، فاحتكرت المناخ السياسي والحراك الثقافي السطحي على قلّته، فنجحت إلى حد ما في فرض الجدار الحديدي بينها وبين الشعب الكردي الذي كان ينساق وراء ما يسمى بالزعامات السياسية أو الحزبية؛ هذا الجدار الذي طالما دأبت الأنظمة الستالينية والرجعية في فرضه إما عنوة بقوة السلاح، أو من خلال مؤسسات إعلامية وأنساق فكرية تتغلغل إلى عمق العقل البسيط ليحيله إلى رماد ينفضونه عن أجسادهم وقت الشدة؛ فحيكت المؤامرات وانشقت الصفوف الأولى دون واعز فكري أو دافع مؤدلج، بل كان وراءها انتماءات ضيقة الأفق لشخص الزعيم الافتراضي أو اكتساباً لمكانةٍ اجتماعية واحترامٍ يفرضه منطقُ المنصب على صاحبه، إلى أن وصل الشعب الكردي إلى حالة من اللامبالاة الاعتيادية بالحالة السياسية أو حتى بما يقوم به النظام بحقه من تجاوزات قانونية ظنّاً منه أن الحركة السياسية تعمل على وضعِ حدٍّ لتجاوزاتِ النظام وسياساته العنصرية تجاههم إلى أن جاءت لحظة الحسم في العام 2004، فوجد الشعب الكردي بأن مخاوفه تلك كانت صائبة في عموميتها بأن هؤلاء تفرّغوا لمناصبهم وواجهاتهم الاجتماعية وولائمهم الخيالية!، فكانت النكبة الأخيرة بأن تركَ الشعبُ كل هذا الإرث السياسي وراء ظهره دون أن يلتفت أو يقوم بعمل ارتدادي لبناء نهضة جديدة على المستوى السياسي والاجتماعي، وحتى الثقافي.. فانغلق الجميع على الجميع،وبات المشهد ضبابياً، تاركين لهؤلاء حرية العبث في مصائرهم دون وعي منهم بأنهميتاجرون بهم. فانحدر الحراك الاجتماعي، وتقزّمت منظومة القيم والأفكار، والعلاقات بين المدن الكردية، وعاد الهم الوحيد لهم إلى الواجهة، هوأن يؤمّن واحدهم لقمة عيشه وقوتَ أولاده دون مبالاة بمصير المجموع،عملاً بمقولة ( اللهم نفسي)!!... هذا كله إلىجانب ما مارسه النظام من سياساتٍ عنصرية أجهدت كاهلَ المجتمع الكردي من الناحية الاجتماعية والثقافيةكسياسةالتعريب وتوطين العرب الغمر، والأحزمة السرطانية حول المدن الكردية، والقوانين الجائرة المانعة لبيع العقارات!، إلى جانب مشكلة الأجانب الكرد،وأيضاً التدخلات الكردستانية من الاتحاد والبارتي الديمقراطي، وكذلك العمال الكردستاني في السعي إلى كسب الزعامة الكرديةداخل حلبة أكراد سوريا؛طالما فشلوا في كسبها على مستوى أجزائهم الكردستانية، لإدراكهم مدى رخاوة المجتمع الكردي السوري وسهولة التأثير فيه على المستوى العاطفي والشعاراتي.
هذا المشهد القاتم كله أضعف عزائم الكرد ككتلة اجتماعية متناسقة ومتجانسة يمكن التعويل عليها في أي تغيير منشود في الوطن ككل، وبالفعل كان التناقض بين ما هو وطني سوري وبين ما هو قومي كردي، فتشتت القوى الشعبية وانساقت وراء أجندات حزبية وإقليمية لا دافع وراءها سوى كسب المزيد من النفوذ وجرّ الكرد إلى مستنقع الصراعات الأهلية في مناطقهم، وسلخهم عن تراثهم وتاريخهم الكبير في العيش المشترك والسلم الأهلي مع كافة المكونات وبقوة التاريخ وأدلته.
الكرد لم يكونوا أعداء لأحد، وإنما كان النظام هو العدو الوحيد لهم، وسوف يثبت الكرد برغم فداحة الأزمة التي يعيشونها بأنهم قادرون على الخروج من القمقم الذي سُـجنوا فيه طيلة العقود الماضية ليبنوا الحضارة التي كانوا يحلمون بها يوماً ما بسواعدهم ولن يبنوا حضارة غيرهم بسواعدهم كما دأبوا وفعلوا..................... وليتكلم التاريخ.
مجيد محمد
5/1/2013
Raman
2013-10-05
اريد التواصل مع الكاتب اذا كان لا يمانع ما عبر معرفة عنوان بريده الالكتروني او رابط حسابه على الفيس بوك
08-أيار-2021
09-كانون الثاني-2021 | |
15-آب-2020 | |
16-أيار-2020 | |
26-تشرين الأول-2019 | |
15-أيلول-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |