لجنة التخفيف من آلام أدونيس
خاص ألف
2006-10-15
في كل عام وفي مثل هذا الوقت تنهمر المقالات لبعض الكتاب العرب من لجنة تخفيف آلام أدونيس، تعتبر فيها أن الفائز بنوبل الآداب قد سرقها من أدونيس، وفي كل عام في مثل هذا الوقت، تبدأ الصفحات الثقافية العربية بالاستنفار وتحضير الملفات عن أدونيس وفوزه بنوبل ومن ثم ركنها جانباً كالعادة بعد إعلان فوز غيره بها.
وبالطبع لن يستنفر أحد من أجل محمود درويش العربي الوحيد الذي يستحق نوبل، لأن سيطرة أدونيس على المنابر الثقافية العربية تمنع من ذكر اسم درويش رغم أنه كان مرشح هذا العام مع آسيا جبار لنوبل
الشاعرة السورية عائشةة أرناؤوط.
وكأن الفوز العربي بنوبل ليس مهماً بقدر ما هو مهم أن يفوز بها أدونيس تحديداً، ويكرس وكأن الفوز العربي بنوبل ليس مهماً بقدر ما هو مهم أن يفوز بها أدونيس تحديداً، ويكرس هذا التجاهل لدرويش ونوبل في الصحافة العربية تجاهل لجنة نوبل له أيضاً، علماً أنه الأديب العربي الوحيد الذي له تأثيره في الشارع وله قراؤه الذين يفوقون قراء الشعراء العرب المعاصرين مجتمعين بمن فيهم أدونيس وأنا، ولأن لجنة نوبل لم تمنح الجائزة لأدونيس طيلة سنوات ترشيحه لها فقد ظهرت لجنة عربية رحيمة مواجهة للجنة نوبل اللئيمة واستطاعت هذه اللجنة أن تمنح أدونيس جائزة عويس وجائزة باشرحيل للتخفيف من آلامه، ولم تكتف اللجنة بهذا بل تابعت نشاطاتها بالتخفيف من آلام أدونيس السنوية المعتادة في مثل هذا الوقت.
ومن مقالات هذا العام هناك مقالتان لافتتان، الأولى للدكتور غسان الرفاعي من باريس وهي رثائية كتبت بعد إعلان الجائزة ونشرت في جريدة تشرين السورية والثانية احترازية كتبها عبده وازن من لبنان ونشرت قبل إعلان نوبل.
في المقالة الأولى يبدأ الدكتور الرفاعي بحديث الذكريات عن علاقته بأدونيس وكيف أن التركي أورهان باموق «اغتصب الجائزة» هذا العام وبعد ذلك يبدأ بامتداح أدونيس ونصوصه دون أن يترك للقارئ فرصة للحوار عندما يقول: «تجاوز أدونيس حجم الفرد الذي يرتكب الشعر كهواية مترفة ليصبح من شاء أم لم يشأ ظاهرة في الفضاء العربي الثقافي»، إذاً فالرفاعي يقرر شئنا أم أبينا ما علينا أن نؤمن به، بل ويطلب منا أن نحتذي بهذا النموذج، وبعد هذا الفاصل التخفيفي من آلام أدونيس ينقل لنا الرفاعي الإهداء الذي وقعه له أدونيس على كتابه الجديد، مذكراً إيانا بعبد الله باشرحيل السعودي المكي الذي نشر رسالة لأدونيس يمدحه فيها، يقول الإهداء الأدونيسي للرفاعي: «عزيزي غسان، أظن ـ وبعض الظن أثم ـ أنه لم يتح لك سابقاً أن تقرأ لي. إليك مكذباً هذا الظن أبجدية ثانية، معجباً بك وبكتاباتك معتزاً بصداقتك». وهكذا فبعد كل هذه الذكريات الطويلة مع أدونيس نكتشف أن الرفاعي لم يكن قد قرأ سابقاً له حرفاً واحداً!!!....
أما الرسالة الأخرى المهمة في مقالة الرفاعي فقد وصلت وهي أن أدونيس معجب بكتاباته، وليستمحني القارئ العربي عذراً لأنني لا أجد مساحة في هذه المقالة لأشرح لهم من هو هذا الكاتب الدكتور غسان الرفاعي الذي يعجب أدونيس بكتاباته، أصلاً لا توجد لدي فكرة عن كتاباته.
ويتابع الرفاعي التخفيف من آلام أدونيس ويكتب ما يتلذذ به أدونيس دائماً أمام الغرب: «ولا ينتمي أدونيس إلى وطن محدد الملامح والهوية، إنه في منفى متنقل وكأنه من البدو الرحل، منفى قسري بعد أن احترق بنار العصيان والخروج عن القانون إنه طريد شامخ، ولو بين الخرائب والدمار، يعيش مع ألفاظه وهي غيتوبات مسيجة مزروعة في أرض اليباب ـ ومع أفكاره ـ وهي سجون بقضبان حديدية تمنع المد والجزر ـ ومع أبطاله ـ وهي أشباح بلا تاريخ أو جغرافيا وعالم أدونيس كتيم يفتقر إلى الحب والحرارة، الحب يفترض الاعتراف بـ "الأنت" كما هي والحوار الحر معها، وأدونيس "أنا" متغطرسة عدوانية لا تترك لمن يقترب منها إلا خيارين: إما أن ينقلب إلى سماد، وأما أن يبقى في الخارج»، بهذه الجمل الإنشائية غير الصريحة يوصل الرفاعي رسالة إلى الغرب تحديداً فحواها أن أدونيس منفي، وأين؟!.. على صفحات جريدة تشرين الرسمية السورية، علماً أن أدونيس ليس منفياً، وهو يزور سوريا كل عام، وله بيت في قريته قصابين زرته شخصياً مع مجموعة من الشعراء أثناء تواجدنا في مهرجان السنديان في طرطوس وبدعوة من أدونيس، بل إن أدونيس لا يفوت حضور المهرجانات المحلية في الساحل السوري الجميل كل عام، حتى أنه خالف منطق الانتشار الأدبي والفني، فجميع الأدباء انطلقوا من المحلية إلى العالمية، باستثناء أدونيس الذي انطلق من العالمية إلى المحلية، فعلى أي أساس يريد الرفاعي أن يوصل رسالة للاتحاد الأوربي أو للأمم المتحدة أو لجماعات حقوق الإنسان فحواها أن أدونيس منفي ومطارد!!...
ويتابع الرفاعي حملته بالتخفيف من آلام أدونيس ويقول: «أدونيس يثور على الحملة الظالمة والجاهلة معاً التي يتعرض لها اليوم والأمس، أنه يرفضها إذ يعتبر نفسه في خندق المجابهة الواعية والحقيقية ضد الغرب المتعصب وأفكاره، إنه يخوض المعركة من منطلق الإنسان العربي الديمقراطي الأصيل الذي لا يأخذ بشعارات المزايدة والتجهيل، ولا تخفى عليه خلفيات الغوغائية والظلامية والإيديولوجية والسلطوية العربية، إنه غائص ـ كما يزعم ـ حتى النخاع الشوكي في محليته العربية، قل في جذوره الفلاحية المتواضعة، ومتمسك بعالميته التي فتحت له نوافذ التهوية والحرية، ولئن نقل البندقية من كتف الحرب الدائمة إلى كتف السلام العادل والشامل» وهنا يعتبر الرفاعي أن أدونيس محارب عربياً وعالمياً لأنه مجابه واع وحقيقي ضد الغرب المتعصب وأفكاره، ولكن زلة لسان من الرفاعي وهي جملة «كما يزعم» توضح للقارئ اللبيب أن هذه المقالة قد أمليت على الرفاعي من قبل أدونيس، ولكن يبدو أن الرفاعي غير شاطر تماماً في دروس الإملاء!!..ويتابع الرفاعي رسالته الى لجنة نوبل عندما يقول أن أدونيس يحب السلام، ورسالته الأخرى للعرب أنه كان يحمل البندقية !!.
ولعلم الرفاعي الذي لم يقرأ أدونيس من قبل كما كتب له في الإهداء، فإن مجابهة أدونيس الواعية والحقيقية تجلت في نصوص عديدة كتبها، منها قصيدة في مدح الخميني وثورته الإسلامية، والخميني كما تعلمون هو نفسه الذي أهدر دم سلمان رشدي، والمدائح العديدة التي كالها لشخص سعودي اسمه عبد الله باشرحيل تعرفنا عليه بفضل أدونيس، هذا الشخص نفسه أجبر أدونيس على إشهار إسلامه على المسرح عندما طلب منه أن يردد «أشهد أن لا إله إلى الله وأن محمداً رسول الله» وأن هذا الشخص اعتبر معظم الشعراء الحديثين صهاينة وخص شاعرنا محمود درويش بذلك معتبراً إياه صهيونياً، حتى أن الصهاينة تعجبوا من ذلك، وهذا الشخص نفسه استثنى أدونيس من تهمة الصهينة حالياً فقد اعتبره «تائباً»، وهذا الشخص نفسه اخترع جائزة مالية قدرها 30 ألف دولار وقدمها لأدونيس من جيب دشداشته الخاص، فيا للمجابهة الواعية والحقيقية!!.. وبعد كل ما أسلفنا يتابع الرفاعي مختتماً مقالته القول: «لقد رفض أدونيس أن يكون راقصاً في باليه السلطان»، نعم أدونيس لا يحب الباليه إنه يفضل الدبكة، أو ليس عربياً كما قال على لسان الرفاعي!!...
أما المقال الثاني فقد كان احترازياً لأنه كتب قبل إعلان نوبل بقلم الصحفي «عَبْدُهُ.. وازن» وفيها يحتج وازن على السيد الفرنسي «جان بيير بالب»، فقط لأنه نشر ملفاً عن الشعر السوري باللغة الفرنسية دون أن يستشير أدونيس، واعتبر وازن متجاهلاً ذكر اسم بالب أو أسماء الشعراء الموجودين في الملف أن هذا الملف إلغائي، واستغرب عدم وجود اسم أدونيس في الملف، وكأن هذا الملف هو خاتمة الملفات عن الشعر السوري، وينتمي وازن إلى ورشة يرأسها أدونيس تقوم بالتنقل معاً وبشكل دائم طيلة العام ما بين المهرجانات العربية والعالمية والمحلية، والملفات والانطولوجيات، ومع ذلك ضاقت عينه على هذا الملف، موصلاً رسالة تهديدية إلى كل من تسوّل له نفسه في الغرب أن يترجم شاعراً عربياً إلى لغة أخرى دون استشارة أدونيس، ويا لهول الجريمة التي ارتكبها جان بيير بالب، فقد استشار شاعرة سورية مقيمة في باريس اسمها عائشة أرناؤوط ومترجمة سورية اسمها رانيا سمارة، وقد تجاهل وازن ذكر اسميهما في معرض حديثه عن «ثقافة الإلغاء»!!.. وسماهما بالشخصين!!
هذا التهديد المبطن لرجل أحب أن يقدم شيئاً للشعر السوري في مجلته الفرنسية «الحركة الشعرية» سيجعل باقي منابر العالم تعد للعشرة قبل أن تتجرأ على تقديم الشعر العربي دون الاتصال التقليدي بأدونيس، علام تحسد هؤلاء الشعراء يا وازن وأنت الذي لم تترك مهرجاناً لم تتذوق الطعام فيه، ولم تجرب النوم على أسرته، لأنني أعتقد أنكم ترون في المهرجانات مجرد ولائم تتم دعوتكم إليها بسبب نيلكم رضا أدونيس، أما ذكر وازن لاسمي سليم بركات ونوري الجراح فما كان إلا محاولة يائسة لافتعال اشتباك بين هذين الشاعرين العزيزين على قلوبنا وبيننا، لأن رسالة وازن واضحة، والاملاءات الأدونيسية واضحة أكثر من الاملاءات الفظيعة في مقالة الرفاعي، فمنذ متى كان وازن مهتماً بالأدب السوري، وهو الذي يفتح الملفات عن الشعر السعودي على صفحات جريدة الحياة دون هوادة، بحديثه وقديمه، ولم يبق إلى أن يفتح ملف الشعر النبطي السعودي ليكتمل المشهد الثقافي العربي على صفحات جريدة الحياة، هذه الجريدة التي أقرؤها من صفحتها الأولى حتى الأخيرة مستثنياً صفحتها الثقافية لأنها صفحة لا أمل منها، والله يرحم أيامك يا مصطفى الزين.
منذ متى لم يكن وازن إلغائياً، وصفحته عبارة عن غنيمة يتقاسمها بضعة كتاب يظهرون لنا على مدار الأسبوع دون أن نستطيع إكمال مقالاتهم، فمن من القراء يستطيع إكمال مقالة أدونيس الأسبوعية أو مقالة محمد بنيس أو جابر عصفور؟!.. إن الثقافة ليست غنيمة، كي تحتج على عدم وجود «لحسة أصبع» لك أو لورشتك، وها هو ملف كتاب في جريدة يستعد للصدور عن كل الشعر العربي، وستكون لوازن غنيمته في الإشراف على ملف الشعر اللبناني، وليتصرف بها كما يشاء ولكن دع الشعر السوري بحاله فله ممثلوه وله شعراءه، وإذا تم استثنائي من ملف الشعر السوري فلن أكون حزيناً أو محتجاً كوازن، لأنني أكتب لأستمتع وليس لنيل الغنائم.
08-أيار-2021
13-تموز-2019 | |
09-آذار-2019 | |
29-أيلول-2018 | |
11-آب-2018 | |
17-آذار-2018 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |