العدوان سيكولوجياً
خاص ألف
2013-01-25
إن السلوك العدواني أحد أهم خصائص السلوك البشري والذي يمكن عدّه معياراً يميز البشر عن باقي الكائنات الحية بالإضافة لصفات وخصائص أخرى ينفرد بها الإنسان، في مقدمتها ملكة العقل الواعي والذي به يستطيع أن يميّز بين ما هو صواب ويتوافق مع المعايير والنظام القيمي السائد في مجتمعه، وبين ما هو غير متوافق مع ذلك، وقد اتفق علم النفس الاجتماعي وكذلك علم الاجتماع والانثروبولوجيا على أن صفة العدوان سائدة في كل زمان ومكان وبأن هناك قدراً من التجهيز والاستعداد البيولوجي للقيام بتصرفات توصف بأنها عدوانية أو تتضمن في جزء منها عنفاً أو عدواناً صريحاً أو مبطناً، وقد اجتمعت هذه العلوم على تعريف العدوان بأنه مظهر سلوكي يقصد من ورائه المعتدي إلحاق الضرر والأذى بالطرف الآخر، سواء ضرراً مادياً أو معنوياً أو ضرراً في الممتلكات، وهذا الإيذاء يجب أن يكون متعمداً حتى نميّز بينه وبين أشكال السلوك الإنساني العدواني الأخرى،حيث هناك ضروب من السلوك الإنساني يدرج في سياق الأفعال العدوانية ولكنه يكون موالياً للمجتمع أو يكون مجازاً قانوناً كحالات الدفاع عن النفس أو التصدي لهجوم من قبل لص أو تعنيف الأولاد تعنيفاً غير خطير أحياناً من قبل الأهل بداعي التربية، ومن هنا يمكننا أن ننطلق في رحلة سبر الحالة السورية من حيث مكامن ومناشئ الحالة العُنفيّة وما وصلت إليه الثورة من أفق مسدود، ينغلق في وجه الحل والمرحلة الانتقالية المتنازع عليها بين أطراف المعارضة التقليدية والمعارضة الثورية بشقيها السياسي والعسكري وبين المجتمع الدولي وبين النظام، فحالة النظام المتقوقع والمتموقع ضمن سياج من المعايير والأفكار والنظم القيمية التي بناها على مدار خمسين عاماً فرضت عليه أن يكون في موقع المدافع عن مثل هذا النظام وهذا الإرث كواجب أيدلولوجي وكوريث لحالة اكتسبت الشرعية الشعبية المغلوب على أمرها من خلال الشرعية العسكرية والقمعية ومؤسسات المجتمع الأمني فتكونت لدى هؤلاء حالة من الانقطاع الوظيفي والنفسي مع الحقيقة البسيطة وهي أن الدولة تخدم مواطنيها وليس لها الحق في إلحاق الأذى بهم تحت أي مسمى كان، وتحولت مفاهيمه إلى أدوات ومحفزات تدفع بهم إلى ارتكاب أبشع وأفظع أشكال العدوان أو العنف الممنهج،ومثله كمثل أشكال السلوك الإنساني الأخرى للعدوان! أيضاً جوانب إبداعية تكمن في مقدار العنف والضرر الذي يحمله بين طياته، فصور العدوان والعنف من قبل الأجهزة الأمنية والتي نزل وقعها كالصاعقة على الشعب السوري هي التي قادت المعتدى عليه إلى الانجرار لقانون الطبيعة الذي تحدّث عنه "روسو ولابواسييه وكانط وماركس" والذي يدافع فيه الإنسان عن حياته وأملاكه كحق طبيعي في مواجهة العنف أو الظلم بمفهوميهما الواسعين، ولما لجأ الطرف المعتدى عليه إلى ممارسة حقّه الطبيعي في الدفاع عن حقوقه كحق الحياة وحق الامتلاك وحق الحرية وغير ذلك، لجأ المعتدي إلى تطوير نظام القيم والمعايير والتجهيزات الاجتماعية مرة أخرى لتتوافق مع الحالة الجديدةالتي جاهدت لخلق مُحفّزات ودوافع سيكولوجية وسوسيولوجية تضع الإرث المتداعى في حالة من الدينامية الجماعية أو المجتمعية سواء كانت هذه الجماعات طائفية أو إثنية في محاولة لخلق مشاكل أصيلة بين مكونات الشعب السوري تستند إلى مكمن العنف الأعرق في التاريخ وهو الدين والمتاجرة من خلال رجالات عرفوا بمرجعياتهم الدينية وبخدمتهم للسلطة، أي فقهاء السلطة ، لمواجهة الامتداد الشعبي المطالب باللاسلطة الحالية والذي يعتقدون بأنه يعتمد في مرجعيته هو الآخر إلى ولاء ديني طائفي، وهو إدعاء لم يثبت إلا في حالات بسيطة لا يمكن لأي كان أن يدّعي عموميتها على الحالة السورية ككل، وبالفعل فقد نجح في ذلك جراء تضافر العديد من الأسباب الأخرى من قبيل هشاشة الموقف الدولي وامتلاك النظام للسلاح والإرادة العدوانية في مواجهة كل ما يشكل خطراً لوجوده الفعلي، ويمكن لنا أن نصنّف من يقودون العملية الأمنية في سوريا من الناحية السيكولوجية بأنهم سيكوباتيون أو شخصيات مضادة للمجتمع وهو اضطراب في الشخصية أما من يحتضن هؤلاء الأشخاص اجتماعياً فهم الرهط والذي من صفاته أنه يتأثر بالإيحاء والإشاعة والدعاية أكثر مما يتأثر بالعقل والمنطق. فتراه منقاداً وراء ما يحاول النظام إحاكته من حجج ورسائل اقناعيةهي أبعد ما تكون عن الحقيقة في أبسط معانيها وتجردها.
20-9-2012
08-أيار-2021
09-كانون الثاني-2021 | |
15-آب-2020 | |
16-أيار-2020 | |
26-تشرين الأول-2019 | |
15-أيلول-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |