ـ أخي، هل ما نراه على التلفاز هو سيرك أم مظاهرة ؟
° بل هي مظاهرة، كردية، في مدينة القامشلي. ولكن، الحق معك أن تظنها سيركاً؛ طالما أنّ الألوان فيها، العجيبة، تشبه ملابس المهرّج.
ـ وهل شعبنا، بالله عليك، يحتاج للتهريج، في جمعة للوحدة الوطنية ؟
° يا سيدي، جماعة المهرجين، إياهم، المسماة بحزب الإتحاد الديمقراطي ( الآبوجية )، كانت قد قررت تغيير اسم الجمعة، نفسها، إلى جمعة " آلا رنكَين "؛ أي العلم الملوّن.
ـ وما هوَ هذا العلم، في آخر الأمر ؟
° على أساس، أنه العلم الكرديّ و..
ـ ولكن، على علمي، فإنّ العلم الكرديّ مكوّن من ثلاثة ألوان، هي الأحمر والأبيض والأخضر، تتوسطها شمسٌ صفراء. أما هذه الأعلام، الغريبة العجيبة، فما أنزل الله بها من سلطان ؟؟
° بل، أنزل بها المقبور جميل الأسد؛ عمّ صاحبنا، المتفرعن في الأرض.
ـ وما علاقة المقبور، ذاك، بعلم كرديّ.. على أساس ؟
° لأنه، قبل أن يقبرَ بعشرين سنة، كان هو متعهّد إقامة عبد الله أوجلان في سورية.
ـ أنعم وأكرم.
° وكان المدعو عمر أوسي، محاور النظام ما غيره، هوَ السمسار بين الرجلين، المناضلين.
ـ ما شاء الله. ولكن، كما تعرف، فإنّ النظام السوري عادَ وانقلبَ على هؤلاء الآبوجية؛ فكيف لم يقم الأمنُ باعتقال عمر ديّوسي..أقصد، عمر أوسي؟؟
° أنتَ، بنفسك، أجبتَ عن السؤال. فما دام الأمن هوَ من يمسك بكل الأمور في سورية الأسد، فلا عجبَ أن يهيأ شخصاً، كهذا الأوسي، لمهمة أخرى.
ـ قصدكَ، ما يسمى بالمبادرة الوطنية الكردية ؟
° أجل. ثمّ عاد الأمنُ، إثر تفجّر الثورة السورية، إلى محاولة توظيف جماعة أوجلان، السورية، المسماة بحزب الإتحاد الديمقراطي.
ـ وما هوَ موقف الأحزاب الكردية، الأخرى، من هذا الأمر الخطير جداً ؟
° يا سيدي، كان موقفها مسؤوولاً، جداً. إذ قام وفد منها، ومباشرةً بعد اتساع رقعة الثورة السورية، بزيارة لجبل قنديل، في كردستان العراق، لكي يقابلوا المسؤول العسكري لحزب العمال الكردستاني، التركي. ثمّ عاد الوفدُ راضياً مرضياً، وأصدر بياناً على لسان أحد قيادييه، مثمناً التوجيهات التي زوّده بها ذاك المسؤول.
ـ يا سلام. أحزاب كردية، سورية، تذهب إلى مسؤول من بلد آخر، يقيم بدوره في بلد غير بلده ـ لكي تأخذ توجيهات تتعلق ببلدها هيَ ؟؟
° بمعنى آخر، أنّ ذاك المهرّج، الآبوجي، ألبسهم قبعته وهم كالأطفال الأغرار، مسرورون وراضون.
ـ ها، وما هيَ توجيهات ذاك المسؤول ؟
° لقد طلبَ من أكراد سورية، بحسب بيان تلك الأحزاب، أن يلتزموا بتعليمات رئيس الكونفيدرالية العظمى و..
ـ وما شأن رئيس الجماهيرية الليبية الاشتراكية العظمى، هنا ؟؟
° يا أخي، أنا أحدثك عن أوجلان لا عن القذافي. على كل حال، فإنّ أوجلان كان قد أرسل، كالعادة، تعليماته المقدّسة عبرَ محاميه. وبخصوص الوضع في سورية، فإنّ تعليماته تلك قد نصّت على أنّ الأكراد يجب أن يثقوا ببشار الأسد، ووعوده الإصلاحيةـ كذا ـ وألا يورّطوا أنفسهم في الثورة.
ـ وإذن، فإنّ حجة هؤلاء الآبوجية، المتعلقة بالخلاف في مؤتمر اسطمبول مؤخراً، هيَ كلها نفاق وكذب ودجل ؟
° بالتأكيد. وينطبق عليهم، بالتالي، صفات الإعلام الأسدي نفسها، المشنوعة. لأنه، كما رأينا، كان هؤلاء الآبوجية يتآمرون على الثورة السورية منذ اليوم الأول لانطلاقتها. بل وبلغت بهم الصفاقة، أنهم حينما صاروا يشاركون بخجل في المظاهرات، فقد اختاروا يوم الأحد، وليس الجمعة: أي أنهم، بغباء أيضاً، شاركوا أبواق إعلام النظام في زعمهم بأنّ المجموعات المسلحة، السلفية، هي من يقود التظاهرات؛ طالما أنها تخرج من المساجد في يوم الجمعة.
ـ وهل حقا أنّ رئيس حزبهم، المدعو صالح محمد مسلم، يعقد الندوات والإجتماعات، الجماهيرية، ولا يقوم الأمن باعتقاله أو إطلاق الرصاص على المجتمعين ؟
° ما أصلاً، الأمن نفسه هوَ من أمرَ صالح بالعودة من جبل قنديل إلى سورية، لكي يكمل مهمة إعادة توظيف جماعته، الآبوجية، في المناطق التي تقطنها غالبية كردية.
ـ فعلاً، رجل مناضل.
° وشريف، أيضاً. حتى أنه، ومنذ وصوله بالسلامة على أجنحة الأمن الملائكية، أمرَ أنصاره بتخريب المظاهرات في القامشلي باعتدائهم على العرب والآشوريين، المشاركين، وكذلك برفع أعلامهم، الحزبية، لاستفزاز المكونات هذه، غير الكردية. وبالنتيجة، يحاولون تحقيق هدف السلطة الأمنية، بزرع الخلاف بين صفوف المتظاهرين تمهيداً لوأد الثورة.
ـ واليوم، يتباكى هؤلاء الآبوجية على العلم الكرديّ؛ هم الذين لم يعترفوا به من قبل، بل ومسخوه في صورة ألوان ملابس المهرّج. كما أنّ حملتهم على علم الاستقلال السوري، تشبه تماماً متاجرة أسيادهم، البعثيين، بالوطنية والعروبة.
° ويستنكرون أيضاً ما يسمونه " التدخل الأردوغاني في شؤون سورية "؛ وهم بأنفسهم أدوات التدخل الأوجلاني في شؤون سورية.
ـ والله يستر من الأعظم، وهوَ أن ينقلب هؤلاء الآبوجية إلى شبيحة أكراد بخدمة بشار الأسد، تماماً كما كانوا من قبل بلطجية في خدمة أبيه المقبور..
° هذا المقال، نشرته في صفحة " الثورة السورية " في شهر تموز / يوليو 2011؛ أي قبل ان تحسر جماعة اوجلان اللثام عن وجهها تماماً..