مقاربات في فكر الإصلاح
خاص ألف
2013-02-10
عند التمعن في منظومة القيم والأفكار التي يتبناها النظام السوري في مواجهة منظومة القيم والأفكار التي يتبناها الشعب، أي قيم الثورة ومبادئها "الحرية والكرامة"، وليس ما تتبناه المعارضة على مختلف مشاربها وخطاباتها السياسية، فإننا سنقف أمام عناوين رئيسية كبيرة، تتمحور جلها حول الإصلاح ومسيرة التغيير والاستجابة لمطالب الشعب المحقة في التطوير والتحديث والمحاسبة، وإحقاق الحق ومحاربة الفساد على المستويات المختلفة.
لكن بوقوفنا على الواقع، فإن هذه المنظومة القيمية والفكرية لا تتعدى أن تكون حبراً على ورق، وبرهاناً آخر على عدم الترابط العضوي بين أركان النظام المختلفة، وخاصة فيما يتعلق بعملية اتخاذ القرار السياسي، ناهيك عن القرار الأمني والعسكري، فلو وقفنا أمام بعض الإجراءات الإصلاحية، فسنجد بأن الدستور الجديد والذي أقره النظام باستفتاء شعبي، أحادي القطب! قد ألغى المادة الثامنة من الدستور الذي سبقه، والتي تنص بأن حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع، فلو كانت دعاوى الإصلاح السياسي هذه جدية وحقيقية، لوجدنا استجابة وترجمة لها على جميع الأصعدة في الدولة بما فيها من مؤسسات ووزارات. ولكن ما تراه عندما تكون في إحدى المدارس في سوريا وقد مضى على اعتماد الدستور الجديد أكثر من ستة أشهر، فستجد بأن الاجتماع الصباحي ما زال يحافظ على إجراءاته السابقة، فما زال التلاميذ يرددون شعار "أمة عربية واحدة ... ذات رسالة خالدة ... أهدافنا ... وحدة حرية اشتراكية"!! وهو شعار حزب البعث، ما يجعل المؤسسة التربوية ترتكب مخالفة دستورية واضحة لا لبس فيها ولا من حسيب أو رقيب. وإذا تابعت المشهد أكثر، فستجد بأن وزارتي التربية والتعليم العالي لم تكلفا العناء بأن تعمم على مدارس الوطن وجامعاته ضرورة إلغاء هذا الشعار، عملاً بأحكام الدستور الجديد، كي تعتبر ضرباً من ضروب الإصلاح. ناهيك عما تستلزمه المرحلة من إعادة هيكلة المناهج التربوية في سوريا على نطاق واسع وشامل، بما يتماشى مع متطلبات العصر واحتياجات الأفراد المكونين للمجتمع السوري كوحدة اجتماعية لهم طموحاتهم الفردية والجماعية من أجل النهوض بالبلد والوصول به إلى مصاف الدول المتقدمة.
وفي مشهد مماثل، ترى وزارة البيئة السورية تعمل بكل جد ونشاط في إطار حملتها لحماية التنوع الحيوي في سوريا "نحو حماية التنوع الحيوي في سوريا"، متناسية أو متجاهلة ما يتعرض له التنوع البشري في سوريا من مخاطر قد تصل في بعض المناطق إلى مستويات تقترب من الانقراض، فكان من الأجدى بها أن تطلق مبادرة لصون دماء السوريين والذين يشكلون تنوعاً حيوياً بمعناه المجازي إلى جانب التنوع البيئي بكل تفرعاته.
ولوزارة الثقافة وبخاصة الهيئة العامة للآثار والمتاحف السورية صولات وجولات هنا أيضاً، فقد قادت حملة لحماية الآثار والمنشآت السياحية (معاً لحماية آثار سوريا) وكأن هذه الآثار قد غارت عليها طائرات المجموعات الإرهابية المسلحة (مبرملة إياها ببراميلها) أو دباباتهم أو مدافعهم الميدانية!! كما حدث في بقاع كثيرة كقلعة جعبر وحلب والحصن وغيرها من المواقع الأثرية التي تمثل جزءاً من التراث الإنساني العالمي بحسب منظمة الأونسكو.
إن استغلال النظام منابره الإعلامية لترويج فكر الإصلاح الهش والمفروغ من المضمون والمحتوى، يدل على عمل النظام الدءوب للحفاظ على موروثه القيمي والفكري والذي بدونه يمسي غير قادر على الاستمرار لا على المستوى النظري والفلسفي فحسب، وإنما على المستوى العملي والتطبيقي أيضاً.
مجيد محمد
4-12-2012
08-أيار-2021
09-كانون الثاني-2021 | |
15-آب-2020 | |
16-أيار-2020 | |
26-تشرين الأول-2019 | |
15-أيلول-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |