رحلة عمر عزيز المعاكسة
خاص ألف
2013-03-02
لبس عمر ابتسامته واعتمر سعادته وتألقه، وتوسَّد الوطن. لم ينسَ دواءه، ولكنه ما عاد يحتاج إليه، وهو في عالم المغفرة؛ لم ينسَ زوجه وابنه وبنتيه ، لأنه لن يكون على أية حال بعيدا عنهم؛ لم ينسَ أصدقاءه ومحبيه، فهو سيظل يطل عليهم بين الفينة الأخرى، لشرب كأس نبيذ وتبادل آخر الأخبار والحديث عن أنطونيو نيغري والفورديزم والنيو ليبرالية المتوحشة.
لبس عمر ابتسامته وتوسد المحبة. لم يحمل معه حقدا ولا غلا على قاتليه.. هو يعرف أن قاتله يخاف منه أكثر من مما يخافه هو.. وهو يشعر بالشفقة على قاتله لأنه لا يحب سوريا ولا يحمل سلام المغفرة وليس في قلبه مكان للمحبة.
عندما كان السوريون، بمن فيهمم أنا، يغادرون سوريا إلى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وتركيا ولبنان ومصر ودبي، هربا من الأحداث وإيثارا للسلامة، قرر عمر أن يعود إلى سوريا. وعندما كانت المعارضة في الداخل والخارج تترفع عن "صغائر الأمور، كان عمر يبحث عن هذه الصغائر، فتراه متنقلا من مكان لمكان، من مقهى لآخر، من اجتماع لاجتماع، يلعب دور القائد (ليس بمعنى القيادة البعثية الملهمة) والمنسق والمؤالف والمُصالِح بين الشباب الفاعلين على الأرض.
كان عمر يعرف أن الثورة هي في استمرار العمل المدني والمقاومة في نفس الوقت. دافع عن، ودفع نحو، إنشاء مجالس محلية كحاضن وداعم وحام للثورة، ودافع عن ضرورة تأمين تعليم بديل للأطفال الذين فقدوا مدارسهم ومعلميهم، وعرف أن الثورة هي في شبابها فعاش معهم متخليا عن أصدقائه القدامى من جيله، الذين اكتفوا من نشوة الثورة بمراقبتها عن بعد وتخيُّلِ أنهم محركوها وصانعوها.
بالنسبة لي، سيبقى عمر صديقي الذي أمضيت معه ساعات نتناقش في الراسمالية والعدالة الاجتماعية والاقتصاد المافيوزي. سيظل الشاب لاذي كنت أسير معه صباحا في ملعب الجلاء، ونحن نتبادل آخر الأخبار والتعليقات والأشياء التي قرأناها في الأمس. سيظل المعارضِ الأصيل، النبيل، الجليل، الذي لم يعرفه أحد – باستثناء جلاديه – ولم يشعر نحو بالحب والاحترام.
سيبقى بالنسبة لي ولميسون الصديق الناصح والجميل، ولسوف يستمر في زياراته المسائية مع ندى، نأكل الفستق ونحتسي النبيذ، ونلعب الطرنيب أحيانا: وهو يسأل في منتصف اللعبة: "شو الطرنيب؟" أما إذا طلبت ميسون بطيخا أحمر، فسينهرها، ويقول: "بطيخ؟ في حدا بياكل بطيخ." ولقاؤنا دائما سيكون الساعة عشرة وعشرة!!
----
لا عزاء في عمر، لأنه هو عزاؤنا وهو أملنا في حياة قادمة، ممتلئة أمنا وسلاما..
08-أيار-2021
17-نيسان-2021 | |
10-نيسان-2021 | |
13-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 | |
30-كانون الثاني-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |