تدجين الفوضى
خاص ألف
2013-04-26
إن الانتقال السياسي المرتقب حدوثه في سوريا سيؤدي إلى جملة من التداعيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، والتي بدورها قد تزيد من تأزم الوضع الداخلي وكذلك الإقليمي ويؤثر على خارطة التحالفات والتوازنات، ولكن الأمر الأكثر خطراً هو تأثير هذا الانتقال وشكله على الخارطة الوطنية السورية وكذلك على النسيج الاجتماعي المتداعي في أكثر من منطقة سورية متوترة. وهذا ما يدفع الكثير من الناشطين والمهتمين بالوضع السوري لطرح مصطلحات كالعدالة الانتقالية والاجتماعية ودولة القانون والتي يجدون فيها الحل للخروج من المخاض الذي ستمر به سوريا بعد الانتهاء من الأزمة، ولكن حالة الفوضى المرتقبة ستكون من القوة بحيث لا يمكن لمثل هذه المصطلحات أن تستوعبها في المرحلة الأولى، فلابد من التركيز على عملية تدجين الفوضى المحتملة حتى يمكن للمكونات من التعايش في حالة من الفراغ السياسي لا يمكن التكهن بملامحها أو بالأطراف التي يمكن أن تستلم دفة السلطة فيها إبان خروج النظام الحالي. فالعدالة الانتقالية كشعار لا يمكن البدء بتطبيقها إلا بعد إرساء مؤسسات الدولة وتأكيد سيادة القانون وهذه تأتي بعد مرحلة تدجين الفوضى والمرور الآمن والسلس باتجاه الدولة العتيدة.
ما يهم من الناحية الاجتماعية هو التأكيد على الانتماء الوطني وجعله المعيار الذي يمكّن كل الشركاء من الحفاظ على قدر من السلم الأهلي المهدد أصلاً، وترحيل مشاعر الانتماء ما قبل المدنية إلى مرحلة المواطنة التي ستسعى الدولة السورية الناشئة للعمل على تأسيسها وفق معايير ومبادئ قانونية ودستورية تحفظ لكل المكونات انتماءاتها وخصوصياتها، لتمنع أصحاب الأجندات من فرض خططهم على الخريطة السورية الديموغرافية، ومن ملامح هذه العملية "تدجين الفوضى" السعي إلى حصر السلاح المنتشر بأيدي الكتائب والثوار وتحت أي مسمى كان وكذلك السلاح الموروث من النظام في إطار مؤسساتي مرحلي أو حتى مؤقت، بشكل يمأسس على أساس توافقي من قبل جميع الأطراف الفاعلة، والدفع بشعارات مدنية لا دينية أو سياسية للسيطرة على مخزون الأحقية والمنة التي قد تساور الكثير من الثوار أو الكتائب في الوصول إلى هذه النقطة، والعمل على إحياء قيم وأفكار الثورة في الحرية والكرامة وصيانة المواطن من كل شر أو سوء.
إن صراع الأولويات بين الأطراف الفاعلة والمؤثرة السياسية منها والعسكرية، خيرٌ يرادُ به باطل، وترحيل الملفات العالقة وخاصة بين المكونات المتعددة من المعارضة يزيد من قتامة المأزق الذي تقود نفسها والوطن إليه ويصعّب من خطوات تدجين الفوضى، لأن هذا الجو المشحون بالأفكار العاطفية والجذابة والقيم الثورية قد تمثل الفرصة الأخيرة أمام المعارضة للملمة ما يمكن لملمته، وقد تكون عملية وضع الحلول لملفات مثل ملف توزيع الثروة والملف الكردي وملفات الإقليات بشكل عام سهلة ويسيرة فيما لو أوجلت لمرحلة أخرى، لأن التدخلات السياسية الإقليمية والدولية الآن لا تشكل حملاً كبيراً أو عبئاً لا يطاق كما سيكون في مراحل أخرى.
مجيد محمد
كاتب سوري
08-أيار-2021
09-كانون الثاني-2021 | |
15-آب-2020 | |
16-أيار-2020 | |
26-تشرين الأول-2019 | |
15-أيلول-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |