الثورة بين قوى المعارضة التقليدية والقيادات الميدانية
خاص ألف
2013-05-10
لم يستطع المجتمع الحزبي السوري ما قبل الثورة من إنتاج وعي شعبي قادر على استعياب ما تمر به البلاد من أزمات منذ تولي الحزب القائد لدفة السلطة إلى اللحظة التي انبثقت فيها الثورة في مارس من العام 2011. فقد كانت الحالات الحزبية على قلتها حكراً على النخبة المثقفة التي خلقت عالماً خاصاً بها بعيداً عن الحاضن الاجتماعي، متبنية لهيكلية تنظيمية سرّية في الغالب، تقولبت على شكل إرهاصات وردات فعل على سياسات النظام في بعض الجوانب، مهملة الجوانب الأخرى على أهميتها. فأدت هذه الفجوة النمائية في صعود الفكر المعارض إلى تحول المعارضة التقليدية، إلى شكل من أشكال معارضة الصالونات. التي سادت إبان عصر النهضة في أوروبا رغم الاختلاف الكبير بين المعارضة الأوربية لنظام الحق الإلهي المباشر وغير المباشر، وبين المعارضة المتشكلة في كنف حزب البعث. إن كان على المستوى الفلسفي والاجتماعي أو حتى على مستوى الهيكيلة التنظيمية؛ متباهية فيما بين مكوناتها بمدى التقدم التي أحرزته على مستوى التنظير السياسي في ملفات وقضايا كان الحزب الحاكم نفسه منافساً فيها، والذي استخدم كل طاقات الدولة في مواجهة صعود الفكر المعارض، الأمر الذي أصابها في مقتل نتيجة لحالة عدم التوازن في الإمكانيات. فاستطاع النظام عبر الإمكانيات اللامحدودة المتوفرة لديه من خلق حالة من القطيعة بين الحاضن الاجتماعي والمعارضة المتشكلة في أجواء سريالية بعيدة كل البعد عن عالم الواقع، والمتمرغة في عالم من الافتراضات. الأمر الذي أدّى إلى غياب خطاب سياسي معارض يتماشى مع حجم التحديات، فارتهنت معارضة الصالونات لخطاب توافقي بعيداً عن الخطوط الحمراء التي فرضها النظام، بحيث يبعدها في الكثير من المحطات عن الملاحقات الأمنية وخاصة بعد اكتمال صورة النظام الأمنية.
وفي المتابعة التاريخية للثورات الخالدة، نجد بأن هذه الثورات كانت نتيجة لنضال فئات اجتماعية واسعة لسياسات الدول على اختلاف انظمتها السلطوية، فكانت تملك الحاضن الاجتماعي، والإطار الفلسفي النظري الذي يؤسس لخطاب سياسي واضح المعالم إلى جانب فلسفات خلاصية متراكمة، واستفادتها من الأزمات التي تعرضت لها على فترات زمنية طويلة نسبياً، أما في حالة الثورة السورية، فلم يكن هناك خطاب سياسي واضح ولم يكن هناك وجود لحاضنة اجتماعية واسعة لقوى المعارضة يمكن الارتكاز عليها في عملية التغير الثورية، ولذلك تخبطت هذه الثورة كثيراً مصطدمة مع الجدار الذي فرضه النظام، دون أن تستطيع المعارضة التقليدية تشكيل خطاب يقود إلى حل المشاكل المتمخضة عن الرتق الاجتماعي الحاصل إبان الثورة وفي أثنائها وحتى بعد انتصارها.
هذا الفراغ النخبوي بشقيه (الاجتماعي – الفلسفي)، أدى إلى ارتهان الثورة بيد المعارضة التقليدية نتيجة لفشلها في تكوين الحاضن الاجتماعي القوي، ولعدم قدرتها على إفراز خطاب سياسي تراكمي يؤسس لحالة التغيير المأمولة، ما أدى بدوره إلى افتقار الثورة للممثل السياسي والاجتماعي، وأفسح المجال لهذه المعارضة للإمساك بدفة هذا التمثيل نتيجة لحالة العقم التي كان يعانيها المجتمع طوال الفترة الماضية.
في مثل هذه الحالة كان لصعود قيادات ثورية تملك بعداً اجتماعياً مقبولاً وخطاباً سياسياً يلتزم بقيم الثورة نفسها، دوراً في تجنب كل هذه المآزق، على شاكلة الثورات السياسية في دول أمريكا الجنوبية التي أوصلت رؤساء من عامة الشعب إلى دفة السلطة دون أن يكون لهم تاريخ سياسي نخبوي صالوناتي، إلا أنهم كانوا يملكون تمثيلاً اجتماعياً لفئات واسعة وتجربة نضالية فعالة، وفلسفة سياسية تعبّر في الكثير من الجوانب عن هموم الأغلبية الساحقة من الشعوب.
خاص ألف
08-أيار-2021
09-كانون الثاني-2021 | |
15-آب-2020 | |
16-أيار-2020 | |
26-تشرين الأول-2019 | |
15-أيلول-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |