Alef Logo
ابداعات
              

قصة / دع عنك لومي

خليل صويلح

2006-04-10

رواية
«رقّ الزجاجُ وراقت الخمرُ
وتشابها وتشاكل الأمرُ
فكأنما خمرُ ولا قدحُ
وكأنما قدحُ ولا خمرُ»
(أبو نواس)
-fuck you
سوف تتحول هذه الشتيمة التي يتبادلها الأمريكيون في الأفلام إلى ترجمة رصينة في العربية، كنوع من البلاغة الكاذبة. عبارة لم تعد متداولة إلا في المعاجم وبعض الروايات المتحذلقة:
- «تباً لك»!
وهناك أيضاً عبارة أخرى مختزلة مثل «سحقاً»، وصراحة، فإنني احتاج إلى عبارات كهذه، في مواقف لا تحصى، اعتاد الآخرون أن يرددوها بصمت أو بصوت عال، حين يكون المرء وحيداً ومقهوراً.
«سحقاً» لبشر وأشياء كثيرة، لطالما عرقلت عجلات قطاراتنا المسرعة إلى مصائر مختلفة، قبل أن تتحطم عند أول منعطف.
«سحقاً» لحياة مبتذلة، نكرر تفاصيلها كل يوم، من دون تفكير بمعنى ما، لما نصرفه من فواتير على مائدة الوهم، ونحن نتجول في شوارع الشهوة، مستعيرين حياة أخرى لترميم أحلامنا المعطوبة.
«سحقاً» للإفلاس. قلتها وأنا أفتش في جيوب بنطالي عن آخر ما تبقى لدي من نقود، بالكاد تكفي لشراء علبة سجائر «غلواز»، ومواصلات إلى وسط المدينة، للالتحاق بشلة الثعالب في حانة «الكهف».
الإنذار الأول الذي تلقيته، كان من جهاز الموبايل، إذ ذكّرني الصوت، أن البطاقة مسبقة الدفع على وشك انتهاء الصلاحية (مثل حياتي تماماً).
الشريط الذي كانت تعرضه قناة الأفلام، في هذا الوقت، وليمة قتل كاملة، كانت تدور في فندق ريفي، حتى أن صوت الرصاص بدا مثل اوركسترا مجنونة، مما استدعى إحدى النزيلات الهلعات أن تقول لشريكها في الغرفة:
هل هذا صوت رصاص؟
أجابها وهو يعانقها: لا. إنه تلفزيون أحدهم!
هكذا قررت أن ألغي مشروع التسكّع، وأتابع مشاهدة الشريط إلى نهايته، خصوصاً أن القناة أعلنت، أن الفيلم التالي سيكون فيلم «العرّاب».
الحكمة التي نطق بها آل باتشينو (كوريليوني)، استوقفتني جيداً، وما أتذكره الآن، أنه قالها بهدوء القتلة:
«ابقِ أصدقاءك على مقربة منك، لكن دعْ أعداءك على مقربة أكثر»
هذا سبب آخر للشرود والتفكير بمعنى الجملة. وكي أمنح الأمر بعداً تراجيدياً، سجّلتها على الفور، على أول صفحة فارغة في المفكرة التي تلازمني، أثناء مشاهدتي للأفلام، بقصد محاكمة حياتي الخاوية، ومحاولة فرز أصدقائي من أعدائي، بعد أن اختلط الأمر علي تماماً، وأنا أغرق في بحيرة النميمة، وأتخبط بين التماسيح الصديقة، التماسيح التي لا توفّر لحظة غيابك كي تنقضّ عليك باتهامات ووشايات وأدوار لم تلعبها على الإطلاق.
بانتهاء الشريط، وردت عبارة أخرى، تسللت من إحدى الغرف، فسجلتها على الفور: «قضيتُ كثيراً من الوقت في هذه الغرفة، أفكر فيك».
على رغم اختلاف الموقف، استعدت صورة شخصية لحنان متولي، كنت التقطتها، لحظة دخولها إلى غرفتي في فندق يطل على النيل في القاهرة. وقتها تمكنت من إقناع مخرج مسرحي أن يضع اسمي في قائمة أعضاء فرقته المسرحية المشاركة في مهرجان المسرح التجريبي، بصفة فني إكسسوار، كنوع من العبث الذي كنا نمارسه باستمرار، أنا وهاملت المسرح السوري، كما كنا نلقبه بتواطؤ مكشوف.
في المصعد، أهديتها أطول قبلة في العالم، إذ استهلكنا فترة الصعود إلى الطبقة الحادية عشرة، من دون توقف، وبحمحمة خيول عطشى، ومشاعر مرتبكة، فالأمر حصل نتيجة ارتجالات سريعة، بدأت في كواليس المسرح، عندما كنت أدخن وحيداً، بضجر، وكنت أتبعها بعينيّ ذئب مستوحش، يتشمّم رائحة طريدة.
سألتني عن مخرج العرض السوري، فقلت لها بثقة صائغ: أنا لا أجري مقابلات صحفية.
واقترحتُ عليها أن ندردش في كافتيريا مجاورة، فوافقت على الفور. علمت أنها ممثلة هاوية، خضعت إلى ورشات عمل متقطعة، وأن لديها محاولات في كتابة نصوص مسرحية. أبديت ترحيباً مصطنعاً بشغلها ودأبها، وطلبت منها أن تطلعني على محاولاتها في الكتابة، وبحركة مباغتة، أمسكت يدها، وكتبت على باطن كفها رقم غرفتي في الفندق (1109).
وقبل أن تستيقظ من دهشتها، استعرت جملة من أحد الأفلام «تربكني عيناكِ إلى أبعد الحدود». في العاشرة ليلاً، وكنت فقدت الأمل تماماً في حضورها، اتصلتْ بي تخبرني أنها أحضرت النص، وأنها تنتظرني في البهو.
غادرت الغرفة على مضض، بعد أن فشلت في إقناعها بالصعود.
كانت تقف وسط الحشود، مضطربة قليلاً، ربتُ على كتفها من الخلف، فأجفلت للمفاجأة، ثم سحبتها إلى البار.
وافقتْ أن نحتسي البيرة، ثم أخرجت النص من حقيبتها ووضعته أمامي: «امرأة وثلاث تفاحات على الطاولة».
قلت: «عنوان مثير»، واستحضرتُ كل ما تحتويه جعبتي من مشافهات مسرحية، خزّنتها تاريخياً من ُفتات الموائد، ومن أحاديث وقراءات متقطعة، وأسماء محفوظة من مثل شكسبير وبرانديللو وسعد الله ونوس، وايرين موشكين، ومسرح الشمس، ومسرح أبي خليل القباني، والفريد فرج وتوفيق الجبالي.
وسعيت من دون كلل، إلى استثمار دلالة التفاحة في الإغواء، وباعتبارنا مسرحيين، التقينا بمصادفة حتمية، كما قلت لها، سألتها بدون مواربة عن علاقتها بجسدها، ذلك أن كل الحواس تبدأ وتنتهي عند برزخ الجسد، قلتها متعالياً. نظرت إليّ بعمق، كانت عيناها ساحرتين بحق. شعرت ببعض الارتباك، بعد أن كادت جعبتي أن تفرغ تماماً.
قلت: رائحة عطرك تجعلني أرتجف.
ضحكت بصوت عال وقالت: لكنني لم أضع عطراً هذا اليوم؟!
- رائحة جسدك أقوى من رائحة أي عطر آخر.
كنت استوليت ليلة أمس على ما تبقى من زجاجة ويسكي في غرفة هاملت، بعد سهرة طويلة وصاخبة، وكان دوري في تلك السهرة، مديح عرضه وحتمية فوزه بإحدى جوائز المهرجان، في حال لم تتواطأ لجنة التحكيم في توزيع الجوائز، وكنت أعلن غضبي الشديد من عروض الآخرين المبتذلة، رغم أنني لم أشاهد سوى عرض الافتتاح، وفي هذه الأثناء، أمدُ يدي نحو زجاجة الويسكي، وأسكب قدحاً آخر.
ما رأيك بكأس من الويسكي؟
هزت رأسها بالإيجاب، بعد أن شعرت بنشوة واضحة من كؤوس البيرة.
أمسكت يدها مثل ساحر، وتفرّستُ في خطوط باطن كفها، وقلت وأنا أشير إلى تعرجات الخطوط: سوف تعيشين طويلاً.
والنبي يا عماد؟
- هززت رأسي بتأكيد، وأضفت:
- تشبهين كليوباترا، وكأنك آخر ملكات الفراعنة.
ثم جررتها من يدها باتجاه المصعد، حاولتْ التملص أمام الباب، لكنني أقنعتها بالصعود لدقائق، كي ارتدي سترة خفيفة، قبل أن نخرج من الفندق.
ضغطت على الرقم (11) وما أن أُغلق الباب، حتى أحطتها بذراعي وقبلّتها بجنون، متجاهلاً تمنعها الواضح وهي تردد: «ما اقدرش»…
(بعض مما رواه عماد معصراني زوراً لزبائن بار الظهيرة) في «الكهف» روى عماد معصراني القصة على نحو مختلف، خصوصاً فيما يتعلق بمرحلة ما بعد المصعد، وكأن الأمر يجري بين انطونيو وكليوباترا فعلاً، وقد تجاهل ثغرات كثيرة في سياق السرد، وأضاف حبكات مبالغاً فيها، أهمها على الإطلاق، أن حنان متولي، تعلقت به، وطرحت عليه أن يتزوجها عرفياً، وأنه تحت تأثير حمّى الجسد الفرعوني، وافق على الفكرة، ونفذها في اليوم التالي، وذكر اسم المأذون والشهود الوهميين، الأمر الذي جعل أنس عزيز، ملك العادة السرية، كما كنا نطلق عليه، يخبط الطاولة احتجاجاً على هذه النهاية السعيدة التي تشبه أكثر الأفلام الهندية ابتذالاً.
عماد معصراني من جهته، وعدنا بإحضار وثيقة الزواج العرفي، في حال وجدها بين أوراقه، وهذا سبب آخر لانتصار أنس عزيز واتهامه عماداً بالتلفيق، لكن الأخير بمهارة الساحر، أخرج أرنباً من شاشة الموبايل، إذ استعرض رسائله وأبرز رسالة من حنان ووضعها أمام عيني أنس، وقال: اقرأ..
- ربما كانت ملفّقة، كعادتك؟
- انظرْ إلى رقم الكود؟
تناول سمير شكري جهاز الموبايل وقرأ: «أنت فين يا حبيبي، وحشني قوي».
عند هذا الحد، انسحب أنس مندحراً، وكرع ما تبقى من كأسه بجرعة واحدة، ثم حاول أن يجر الحديث إلى منطقة أخرى:
- هل قرأتم ما كتبه برهان غليون في موقع "الرأي" على شبكة الإنترنت؟
وعندما لم يجبه أحد، أضاف: تشريح ممتاز لعلاقة السلطة بالديمقراطية.
وهكذا انهالت من سلته بضائع مختلفة: قانون الطوارئ، بيانات الاحتجاج، الاحتلال الأمريكي للعراق، اعتقال بعض ناشطي المجتمع المدني، فساد المديرين العامين، فرقة إنانا للرقص، وأخيراً اعترافات جديدة عن الكبت الجنسي، وهذا الموضوع تحديداً، أشعل جذوة السهرة من جديد، وهو ما جعل عماد معصراني يخترع مكالمة مع حنان بلهجة مصرية، لكن أنس عزيز سحب منه جهاز الموبايل، واكتشف على الفور أن المكالمة وهمية، إذ إنه يعلم أو يتوقع أن بطاقة الموبايل منتهية الصلاحية.
المشاجرة التي جرت على الطاولة المجاورة بين زبائن عراقيين شرسين، أنقذت عماد معصراني من مواجهة مع أنس عزيز، وتبيّن أن سبب المشاجرة هو بيت شعر للمتنبي، إذ اختلف اثنان على معنى كلمة في البيت، انتهت بخلع الأحذية، والتراشق بها، معزّزة باتهامات متبادلة، من نوع أنت «صدّامي»، وحثالة ونعل ابن نعل، ولص من لصوص النظام السابق، إلى ما هنالك مما يحتويه قاموس الشتائم العراقية من نفائس.
لا أحد من شلة الثعالب، يتذكر كيف تسلل عماد معصراني إلى المجموعة، وصار عضواً أساسياً فيها، فهو ليس لديه ما يتباهى به: لا شيم أو أخلاق أو موهبة، وكان يوصف عن بعد بأنه سوقيّ ولص، لذلك لم يستغرب أحد دخوله ذات يوم إلى «الكهف» وهو يتأبط حقيبة سوداء، سرعان ما فتحها عن كمبيوتر محمول، قال أنه يحتوي على نص مسرحيته الجديدة.
هكذا تبرّع سمير شكري على الفور بالجزم أن الجهاز مسروق حتماً، وأكمل متهكماً: أعتقد أن النص المسرحي المطبوع على الجهاز، هو جزء من الصفقة أيضاً.
قال أنس عزيز: ما اسم نصك المسرحي؟
أجاب عماد وهو يستعرض النص على الشاشة:
- «امرأة وتفاحتان»!
وأضاف: «مونودراما».
وأكمل وهو يسحب الزجاجة ويصب كأساً: سيرة امرأة وحيدة، تعيش عزلة «وجودية».
قال سمير شكري وهو يشير نحو أنس: تقصد أنها سيرة معكوسة لملك العادة السرية.
أجاب أنس عزيز: FUCK YOU (على خلفية عمله كسائق في السفارة الأمريكية لعدة أشهر)، وقبل أن تضيع الخريطة من بين يديه، تابع عماد معصراني:
هذه المونودراما، سوف تكون فتحاً في المسرح السوري
أجاب سمير شكري باحتفالية: أهلاً بطارق بن زياد.
وأضاف: اقترح أن «نبيع» الكمبيوتر بأسرع وقت ممكن، قبل أن يتمكّن صاحبه من العثور عليه، أما بخصوص النص، فقد وهبناه لك، هدية أخوية.
اختفى عماد معصراني نحو أسبوعين، مما أفسح المجال لشلة الثعالب الإطاحة به تماماً، وصار لقمة سائغة في الأفواه، يمضغونها بالتسلسل، حتى أنهم تجاهلوا اسمه الحقيقي، واستبدلوه بعبارة «هذا السافل».
- أنت تعلم أن هذا السافل، كان لوطياً؟
- أعلم. وهو اعترف بذلك في لحظة مكاشفة وجدانية.
- سمعت أنه وجد جهاز الكمبيوتر المحمول في سيارة أجرة، ولم ينتبه السائق أن أحدهم نسيه في مقدمة المقعد الأمامي.
قرر سمير شكري الاتصال به، وبعد قليل أعلن وهو يغلق موبايله:
- السافل خارج التغطية.ثلاثون ألف ليرة سورية، مبلغ خيالي بالنسبة لي، مبلغ خطير حقاً، وضعني في متاهة حقيقية، قبل أن أجهز عليه في خريطة متعرّجة بين حانات «باب توما»، وشوارعها الليلية، برفقة كريستين التي تعرفت إليها في إحدى جولاتي الليلية. كنت لمحتها أول مرة في «مرمر»، ثم شاهدتها في «أوكسجين»، ثم أجهزت عليها تماماً في «ألف ليلة وليلة».
أخبرتني كريستين أنها جاءت إلى دمشق لتتعلم العربية، ومن حسن حظي أنها ترطن بفصحى معقولة، مثلما كنت أرطن بفرنسية معقولة، خصوصاً حين تنطق اسمي «ايماد».
أول قرار اتخذته، بعد أن بعت الكمبيوتر، هو التسلل من الغرفة بحقيبة صغيرة، واستئجار غرفة جديدة، على بعد شارعين منها، ففي أزقة باب توما، سوف تحصل على غرفة في منزل مشترك بسهولة، وبمبلغ معقول، وهكذا لن أدفع ما تراكم عليّ من فواتير أجرة الغرفة، وبعض النثريات من جيراني، وهم مغاربة وتوانسة وأكراد، وفتاة يابانية، قطعت لي كرتاً بعد أول لقاء.
قدمت نفسي إلى كريستين بصفتي مخرجاً مسرحياً، وشاعراً، وصاحب أفلام تسجيلية.
وسط صخب الحانة، قرأت لها قصيدة، استعرتها من ديوان سمير شكري، أعجبتها جداً، نتيجة بعض التحويرات التي أجريتها على القصيدة المستعارة من حوارات الأفلام الأمريكية «أي شيء أقلّ من حب جنوني واستثنائي وشغوف، مضيعة للوقت».
وجملة أخرى أثارت تساؤلاتها: «بعض أفضل أوقاتي كانت أوقاتاً أخرى»، وشكرت في سري كيفن كوستنر على هذه الهدية.
وكانت القنبلة المدوية التي أطاحت بها، تلك الجملة التي قالها مارلون براندو في «العّراب»: «العقل يعاني والجسم يبكي، أنني غير قابل للإصلاح».
هكذا أحطتها بذراعي في «الليل البهيم»، من زقاق إلى آخر، إلى أن صعدنا إلى غرفتي الجديدة.
في الصباح، وكانت لا تزال نائمة، أنجزت تحرياتي في فوضى حقيبتها، واستللت مئة يورو، كانت ترقد في أسفل الحقيبة باطمئنان.
اكتشافها الأمر كلفني قاموساً من الشتائم بالفرنسية، لا تعني شيئاً أمام قوة المئة يورو التي أنكرتها بعنف. ثم أن خمسة أيام من العسل في أحضان كريستين ، ليست سيئة، وهي كافية لتدمير شلة الثعالب، وخصوصاً أنس عزيز.
(بعض ما رواه عماد معصراني في لحظة هذيان عن فضائل الكمبيوتر المحمول)من أجل تخفيف الخسائر، وضع عماد معصراني المئة يورو على الطاولة، وقال باحتفالية: هذه هبة للشلة!
المبادرة غير المتوقعة، أربكت خطط سمير شكري في الانتقام منه، مما جعله يقول وهو يتفحصها:
- مزوّرة بالتأكيد.
- هذه ليست ألف ليرة سورية، كي تكون مزوّرة، هذه عملة الاتحاد الأوروبي العظيم، ثم أنها جزء من سلفة لإنتاج نصي المسرحي.
كانت المائة يورو قد استقرت في جيب سمير شكري، كي يحوّلها إلى العملة السورية لدى صراّف في «المرجة» يثق به. أحس أنس عزيز بخسارة مزدوجة، فصاح لكبير نادلي «الكهف»، وهمس في أذنه.
وفيما كان النادل يهز رأسه بالموافقة، مدّ أنس يده، إلى جيب قميص سمير واستل الورقة النقدية، ووضعها في يد النادل، وعلى الفور ارتجل سمير شكري مكاناً آخر يليق بالسهرة، بعيداً عن هذا المكان القذر الذي لا يرتاده إلا الحثالة والعتالون ومنتهيو الصلاحية.
كاد عماد معصراني أن يفقد أعصابه، وقام بمحاولات عدة لاسترجاع المبلغ، من دون جدوى، ولم ينس أن أي نذالة فائضة يقوم بها، سوف تؤدي به إلى التهلكة، فانصاع لخطط سمير شكري وتجلياته الليلية، على أمل غامض أن يستعيد قسطاً من المبلغ.
في مطعم «المحاربون القدماء»، اختاروا زاوية تطل على أضواء جبل قاسيون، وامتدحوا المكان، بالمقارنة مع وضاعة «الكهف»، وقرروا أن يصعدوا السلم درجة، إذ لا يليق بأشخاص مثلهم التردد على أمكنة قذرة، وإن اعتبر سمير شكري أن «الكهف» أفضل تعبير عن تجليات القاع، فيما سعى أنس عزيز إلى تشريح المكان فلسفياً على ضوء اهتماماته بدراسات غاستون بوشلار، وبورديار في كتاباته عن فلسفة الصورة.
وكي يعزز موقعه أكثر، سرّب جملة سريعة تفيد أنه خلق ليكون فيلسوفاً وليس شاعراً، بعد أن رفض الآخرون الاعتراف به شاعراً، خصوصاً سمير شكري، الذي يعتبر أن الشعر ملعبه وحده، فهو كابتن القصيدة الجديدة، وحارس مرماها من المتسللين أمثال أنس عزيز.
وما يدعم سطوته الشعرية، الصورة التي تجمعه بمحمود درويش في بهو فندق «الشيراتون»، الفندق الذي لم تطأه أقدام أحد من الشلة.
هكذا وجد أنس عزيز نفسه خارج الملعب تما

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

وحشة إبراهيم حسو

12-حزيران-2009

أمل عمران: البنت «الصّايعة» التي أغرمت بشكسبير

18-نيسان-2009

غادة السمان: المهنة «متمرّدة»

27-أيلول-2008

عن حنّا مينه... زوربا البحري في قلب العاصفة

08-آب-2008

يهودي في دمشق... يبشّر بالتعايش بين الأديان!

15-أيلول-2007

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow