Alef Logo
يوميات
              

إلى ميم محمود (الميم الثانية)

جيلان زيدان

خاص ألف

2013-12-12

(آآه يا محمود. اشتريت لك ببالي هدية عيد ميلادك القادم قبل أربعة أيام. أرسلتها لك بأشكال مفاجئة. سترحب بها جدا وبجنوني الذي لم تلبث لتدريه. وضعتها مرة أسفل غطاء سيارة الرجل الذي يسكن جواركم, حين يلتقطها صباحا سيعلم أنها لك. لا أعرف كيف عرف هذا الخبيث, بالرغم من أني لم أكتب عليها ما يشير لك. لكن هكذا سوّل لي بالي.


ثم صباحا جدا علّقتُها بمقبض باب مقر عملك في فكرةٍ أخرى. التقطتْها هند واحتفظتْ بها لك بعد أن ابتسمتْ بدهاء وتمنت لو أنها لها من رجل تعرفه. ثرثرت على عادتها لصديقاتها وحدة بعد أخرى, عن أنك تلقيتَ هدية رومانسية من امرأة مجهولة. "بالطبع هي جميلة". –قالت هذا-

"لأنها فعلت ذلك". –أردفت-.



أيضا لا أعرف كيف أدركتْ بتلك البساطة أنها لك! إلّا أيضًا أن هذا ما رتّبه لي بالي بأساطيره المتجددة.


وبعد إجهاد طويل تصورتُ أني تركتها لك في محل غريب لا يعرفني رَجُله ولا يعرفك. وبالمصادفة سيمشي حدسك إليه وتعرف أني قد توسّلتُ أن تُلهَم روحُك مكانَها الذي يربطني بك. كلّ هذا لأن شجرة قصيرة الجذع تحيا في شارعك, لم تقبل أن أترك هديتك على أحد فروعها يوم 14 من هذا الشهر, وأصرّتْ أن أعلّق قلبي عليها وأرحل.).


آآه يا محمود. أضع الشال الأسود على كفيّ وبرأسٍ مطأطئ أمضي في هذا الشارع أكتب شفهيا لك. حبلٌ من الأحلام ألتقطه بصعوبة, ويظل يجرجرني إلى هذا الحزن والأسف.
الشارع مليء بالتجاعيد التي تُظهره في قصص التاريخ شخصًا منهزما لم تباركه معركة. تجاعيد من الإسفلت, والطين الذي يلحق بالمطر, وأطفال من الحصى الذين يصيبونني.. أفكرُ في عددهم اللا متناهي ورحلة مجيئهم إلى هنا لا في ألمهم المسببوه لي.

وكأن كل هذه الطرق تعرفني, أمشي بها كأني أعرفها, وأنا في الواقع أسترجع كل هزائمي التي فرطتها فيها. أحاول لمّ حطام من قلبي. كالذي في شقة أبي القديمة. السقف فيها يفترش الأرض. هذا لأنّ عاملًا يعيد ترميم بعض شقوقها التي تُبرز أضلاعها الخرسانية من جسمها.
دعاءُ ما قبل المذاكرة بخط يدي الصغيرة كنتُ أعلّقه فوق السرير. قد يعود إلى ما قبل ثلاثة عشر عاما. يتخلى اليوم لاصقه عنه بوهن. لأراه يسقط في ركام الحجارة.
هل تتصور يا محمود أن الدعوة المعلقة معه من حينها وقعت اليوم؟ كتبتها لله. وقلتها. وأحببتها بالأرض ساجدة. لكني شاهدتها اليوم وسط حجارة السقف الأرضية. وكأن كل شيء يتجه للأسفل. يضيع في قسوة هذه الحجارة.

تغيرتُ كثيرًا. أصبحت سيئة الطبع في يومين. حتى أني صرت أدعو ربي بأن أفقد طيبتي بشكل نهائي. تخليتُ عن نسياني من أجل حقدي. أحبّ أن أفسح له مكانا كي لا أسامح.
ماذا جنيتُ أنا غير خسارتك؟
حتى أني مددتُ سوئي لألوم قدري أن التقاني بك في هذا الديسمبر. ربما نالنا حظٌ من بعض مسماه.


أنا حزينة من أجلك بالفعل. وبسببك بالفعل. هذا جعلني أتذكر مساوئك التي ذكرتها لي أول تعارفنا: "قلبي إسود مش بنسى".. وأنا أيضا أصبح قلبي "إسود" ولكن من رماد.. أُشفقُ على الرماد التعبان من رحلة جري بحريق. من طول مقاومته مع النار في مباراة خاسرة.
أصبح أسود. قلبي. هامد بلا مشوار. وكأنه آن له أن يستريح على هذه الصورة.

أشعر بسحابة سوداء كبيرة تقف الآن في قلبي. أشعر بسحابة سوداء أكبر منها تقف في رئتي. أشرق بغصتها. أعرف أني بخار ماء. بخارٌ كذلك الذي قد يرسم وجهي وأنت واقف في بلكونتك لفراغ ما. فـ تتذكرني معه وهو يتصاعد من سيجارتك. وربما يصعد للأعلى قبل وضوحي لك.
ومائية الآن على أثر بكاء. لا أكاد أفتر حتى أمطر. لا أكاد أتجمد حتى أنصهر وأندلع كالبركان. وحيدة كقطعة ثلج في كأس فارغة. فاتها أن تذوب في ماء العصير.. ولا حاجة لهم بجمودها ولا بمائها. لكنها وحيدة تتحوّل. ووحدية ستسكبفي أي هيئة.



(كنا سويا بينما تخشّبَ قلبك وتحوّل إلى سفينة, وظللتُ موجةً أركض خلفك.
كنتَ تتجه لترسو على برّ أمان. وأنا أتبعكَ أنسى أني أموت كلما اقتربتُ من شاطئك).


10/12/2013















تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

فريدة إلى الآن

09-تشرين الثاني-2014

فريدة تحديدا

01-تشرين الثاني-2014

على كلّ جانب لنا ... ألف قصة بلا موت ...

26-تشرين الأول-2014

من الورقي ياسين للثائر عمر

19-تشرين الأول-2014

جيم فاء راء

08-تشرين الأول-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow