Alef Logo
يوميات
              

عود الثقاب الإخوانىّ

فاطمة ناعوت

2014-01-13

فى أحد صباحات عام ١٩٤٨، فى ضاحية حلوان الهادئة، ودّع قاض اسمه أحمد الخازندار أسرتَه، متجهًا إلى عمله بالمحكمة. عند باب البيت، التقاه شابان من التنظيم السرى للإخوان وأفرغا فى صدره وابلاً من الرصاص، فسقط مُضرجًا فى دمائه أمام زوجته وطفليه اللذين كان وعدهما بقطع الحلوى عند عودته. كان القاضى التعس يباشر إحدى قضايا إرهاب الإخوان وحكم بإدانتهم، فدفع فاتورة واجبه.

إلى هنا لا نندهش. فقد عرفنا دموية الإخوان عن قرب وتجربة مباشرة، وليس عبر سطور نقرؤها فى كتب التاريخ. المدهش هو أقوال «حسن البنّا»، مؤسس التنظيم الإرهابى، فى تحقيقات القضية. حزن على مقتل الخازندار (!) وبكاه (!) وأعلن براءته من دمه لأنه لم يأمر رجاله بقتله صراحة. لكن «عبدالرحمن السندى»، رئيس التنظيم السرى، قال إن دم القاضى المغدور فى عنق حسن البنا، لأنه «تمنّى» موته حين قال: «لو ربنا يخلّصنا منه!»، و«أمنياتُ» المرشد العام «أوامرُ» واجبةُ النفاذ، وإن لم يُصدر أمرًا صريحًا. وتكرر الأمرُ فى كافة جرائم الإخوان فى عهد الملكية، منذ اغتيال «على ماهر» رئيس الوزراء، وحتى النقراشى باشا، مرورًا بالقنبلة التى حصدت أرواح عشرات الأبرياء أمام النيابة العامة وحرق بنزايون وجاتينيو وسيكوريل وغيرها. عقب كل جريمة كان حسن البنّا يصدر بيانًا يستنكر العنف، ويعلن براءته من دماء الضحايا! وحين أصدر محمود فهمى النقراشى، رئيس الحكومة، قرارًا بحلّ جماعة الإخوان المسلمين عام ٤٨، ودفع حياته ثمنًا لهذا القرار، تذلّل «البنّا» لطوب الأرض للوساطة عند الملك فاروق علّه يعفو ويلغى قرار حل الجماعة. وبعدما نبذه الجميعُ: المصريون والإخوان والحكومة والملك، وأغلقت فى وجهه أبواب الوساطة، كتب بيانًا عنوانه «ليسوا إخوانًا ولا مسلمين»، متبرئًا ممَّن ضحّوا بأعمارهم من أجل هوسه الماكبثىّ الأرعن بسيادة العالم وخلافة المسلمين. سخّر جنودًا من شباب مصر الطيب، وثقوا به وصدقوه، دون أن يعرفوا أنهم مجرد أعواد ثقاب رخيصة يُشعل بهم سيجارته الرعناء. وحين اغتيل، لم يحمل نعشَه إلا أبوه وامرأتان من أسرته.

وتكرر السيناريو ذاته مع جميع المرشدين الذين خلفوا حسن البنا على مدار ثمانين عامًا. ثمة طامعٌ فى السلطان، وثمة سُذجٌّ يقبلون أن يكونوا حطبًا فى مدفأته. يروّعون الناسَ ويقتلون الأبرياء، فيخسرون مستقبلهم فى الدنيا، وفى الآخرة. ذلك هو «الكود الأخلاقى» المنخفض للإخوان الذين نزع عنهم «الأخوةَ والإسلام» عرّابُهم الأول وصانُعهم ومُحرّك خيوطهم.

هل تشاهدونهم من حولكم كل يوم الآن؟ فى جامعة الأزهر وفى سائر شوارع مصر؟ هل صادفتم عيدان ثقاب تُشعل مصر، قبل أن تسقط وتطأها قدمُ السيد المرشد؟

[email protected]

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

يا الله، من رسم الخطوط حول الدول؟ ترجمة:

07-تشرين الأول-2017

«الشاعر» هاني عازر

20-تموز-2014

نوبل السلام لأقباط مصر

28-حزيران-2014

هنركب عجل

18-حزيران-2014

النور يعيد السيدة العجوز

11-حزيران-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow