Alef Logo
يوميات
              

جيوش الحزن

جيلان زيدان

خاص ألف

2014-01-15

أيّ أنواعٍ من التقبّل عليّ أن أحصيها كي أستقبل كل هذه المواقف, والأحداث المهاجرة من الذاكرة إليّ في موسم البؤس والاحتياج؟
حملات توعية عليّ أن أقوم بها لكل أطراف أعصابي المنسابة كجذور هوائية. وتدريبات رهيبة على النوم الجيد لأقصى عدد ساعات محتمة عليّ, وإهمال تلك الصور المعلقة دوما بداخلي قد يكون مهربًا مناسبا من جيوش الأحزان.

بصماتي أتركها للكتب, وأدّعي أنها تنتشي بالتسلية معها. وآثار مشي غائر لآخرين في الأحلام, لم تُردم مع الوقت.
أغلق الكتب تلك. وما زالت همهمة أرواح أصحابها تنفعل مع أحاديثي الصامتة.. لكني أحاول أن أجد مسارا آخر يضللها عن ساحة القلب الرئيسية.

أحمد الله أن لأمي ابنة تشبه أختي. باستطاعتها سرد ما يحدث في شهرين وإعادته في ساعتين لجلسة واحدة.
بينما أعيد تقطيع جملة شعرية طويلة من ثلاث كلمات, لا تصلح لأن تكون مفتتحا صامدًا أمام عين قارئ ثاقبة.
قلة كلامي هي صداقتي مع الورق. أخشى دوما زيارة النسيان لي. الذي يجعل صغار مواقفي المفرحة معك تفرّ بين الأزقة الجانبية للذاكرة.
تجدني في الزوايا, وخلف طاولة ضخمة تبرز بالكاد رأسي. دوما بغطاء حيثما أجلس.
تلمح صوتي بلا صدى. مرة واحدة تكفي لطرق الأبواب. والعودة من طرق متفرقة..

أحاول دوما فرك العالم لكنه يتشكل بطريقة أسوأ. ونمضي كلانا أحمل همومه ويُحملني همومه من جديد.

فقداني ساعتي المذهبة مؤخرا, لم يفقدني شعوري بالزمن. فللوقت صحة للمشي وخدعات مهمة لتركنا أحيانا في منتصف الطريق.
للوقت صداقات عارمة مع كل هذا الكون, إلى اللحظة الأخيرة.

هنا أنا وحدي, بدون زوار, أحاول إسكات تلك الصافرات التي تصيح دوما بداخلي منذرة بإقلاع ما.
القطارات التي ترحل وتُبقي يدين هامدتين من حديد تودعانه على الأرض. السفن التي يأكل البحر نصفها السفلي, تتجه دوما نحو الظلام ليخفي العلوي منها.
الصواري القديمة المقتلَعة, تخلّف دوما فتحة غليظة بالأرض. لا أمان للزوار الراحلين.

من أراد منكم أن يرحل فلا يأت. لكنه كان دائما بتوقيت صباحيّ شتوي, يأتي بموجة ضبابية مشوِّشة, تحيل عيني إلى شاشة حزينة بمسطّح واحد, تسوّي فيها منظر الأيام.

زارني النسيان. وهذا أول خروجي من فتحة قلبك الأخيرة. بعد اقتلاع الأمان منك. مخلفا هذا الثقب العظيم في عاطفتي. وكثيرا ما كنت أتوقى أن يحلّ بي هذا الزائر الخائن فأستسلم لجيوش الأحزان. أنفجر أحيانا بالبكاء كمحاولة لتقطير هذا الضباب الفاحش واستعادة نقاط رئيسة من البهجة المحصّنة.
كنت أظن أني بحاجة إلى الحديث عن نفسي. وبأني في طريقي بكتابات متفاوتة إلى إنهاء قصتي.
بدت الحكايات أشبه بطرق متفرعة تزداد عند رأس الشجرة, لتصبح في النهاية أعظم تشابكا. مما يجعل الإحباط أعظم وقتها من الخلاص.
.



"وأنّ الحزن ليس دربة لنشاط الدموع..." توقّفت عن البكاء بعد كتابته, ووقفتُ برجليّ معك في آخر مشهد تقول فيه "سامحيني لو تقدري"..

هنا تحديدا أريد أن أستسلم, مع النهاية وليس مع السماح, مع الحكاية وليس مع البطل الغائب, مع آخرك لأحظى بالفرجة عليك وأنت تمشي مديرا ظهرك في اتجاهي المعاكس.
لوحتك من الخلف تجعلني أستسلم براحة. وزيادة المسافة من جهتي بتنقّل نقطتك على خطّ البعد نحو الأفق, يجعلني أستسلم أكثر.. الحكايات عن اللا مصير وارتطام القفلات بالظلام في آخرها يجعلني أستسلم أكثر فأكثر.
تربط عيني. تكتب على عصابتها كلمة انجليزية من ثلاثة حروف... ...
وترحل.

تستسلم أي تنسدل مفككا بعيدا عن العالم, وتحلّ مفصل رأسك الذي يسقط ببساطة إلى جانبك. وتوقف ذرات روحك النشطة في ممرات الشعور. تضمّ ساقيك بثني ركبتيك إلى بطنك, وتضغط على بطنك بتكتيف ذراعيك عليه. وعيناك من المؤكد مغمضتان عن كل شيء حتى عن الرؤية الداخلية. كل شيء فيك متصلّب, إلا الدموع السائلة.
هنا بين بين, تعرف أنك حجر يتشقق منه الحزن. تدرك لونك الغريب الذي يعيد حياتك للتشويش دون أدنى مغامرة منك في التذكر.

متى ستتخلى عني الكتابة؟ السؤال الذي سألته لنا ونحن سائرين
أتساءل, هل هذا هو مرض الحزن؟






تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

فريدة إلى الآن

09-تشرين الثاني-2014

فريدة تحديدا

01-تشرين الثاني-2014

على كلّ جانب لنا ... ألف قصة بلا موت ...

26-تشرين الأول-2014

من الورقي ياسين للثائر عمر

19-تشرين الأول-2014

جيم فاء راء

08-تشرين الأول-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow