Alef Logo
يوميات
              

انتخبوا.. لتعارضوا

فاطمة ناعوت

2014-05-28

رفعتْ صديقتى أنفها فى كبرياء وقالت: «سأقاطع الانتخاباتِ حتى يكون بوسعى أن أعارض الرئيسَ القادم»! ابتسمتُ لها ظنًّا منى أنها تمزح، لكنها كانت جادة، حين أردفت: «كيف تنتخبين فلانًا أو علاّنًا، ثم يكون بوسعك معارضته؟!» أذهلتنى رؤيتها ومفهومها السطحى لفكرة «المعارضة».

قلتُ لها: «إن فاز مَن انتخبته وأصبح حاكمًا، سأكون فى اليوم التالى على يساره، وفى واجهة المعارضة. لأن اليمين لا يليق بمثلى، مهما كان الحاكمُ ممتازًا وكاملَ الأوصاف. مقعدُ اليسار هو المكان (الأوحد) الذى يليق بالمثقف والشاعر». لهذا قال أوكتافيو باث: «واجبُ المثقف انتقادُ الإدارة الجيدة، (لأن هناك دائمًا ما هو أفضل)؛ فما بالك حين تخطئ أو تقصّر؟».

وحين أقول «يسار» الحاكم، فإنما أعنى أصل المصطلح يوم مولده عام ١٧٨٩ على مائدة الملك لويس السادس عشر، الذى كان يُجلس إلى يمينه فى البرلمان: رجالَ الدين، وطبقةَ النبلاء، وكلا الفريقين يمصّون دمَ الغلابة ويُسخّرونهم باسم الله تارةً، وباسم الطبقية والأرستقراطية ونقاء السلالة تارة أخرى. بينما يجلس على «يسار» الملك، نوابٌ ليبراليون مثقفون من البرجوزاية الوسطى ممثلين لطبقة العامة والفقراء الذين يشكلون ٩٨٪ من الشعب الفرنسى. أولئك الجالسون «يسارًا» طالبوا برفع ظلم النبلاء الإقطاعيين عن الغلابة والفلاحين، ورفع سلطان رجال الدين الفاشيين عن البسطاء، وأجبروا الملكَ على الصدوع لمطالبهم؛ ما أرهص للثورة الفرنسية وهدم سجن الباستيل، وصدور إعلان حقوق الإنسان، وتحوُّل فرنسا من الملكية إلى الجمهورية، وكتابة دستور يقوم على مبادئ التنوير والعلمانية وهى: الحرية والإخاء والمساواة فى الحقوق والمواطنة. ومهما تداعت تلك الثورة وأخفقت وماتت، ثم عادت واستيقظت، على مدار عقود طوال، حتى وصلت فرنسا إلى ما هى عليه الآن، إلا أن مفهومى عن «مقعد اليسار» ينطلق ويقف عند المناداة بالمساواة والعدالة والإنسانية وحقوق المواطنة والتحضر.

مَن، يا تُرى، أقنع صديقتى بأن انتخابى حاكمًا ما، يمنع معارضتى له إن أخفق فى تحقيق الحلم الذى من أجله انتخبته؟! إنما يمنحنى انتخابى إياه «الحقَّ كاملًا» فى انتقاده والثورة ضده إن خذلنى بعدما منحته «صوتى»؛ وهو شرفى وبطاقةُ مواطنتى وصكُّ إنسانيتى، وسلاحى الذى أذود به عن مصريتى وهويتى.

اليومَ الاثنين، وغدًا الثلاثاء، سأذهبُ مع ملايين الشرفاء من أبناء مصر لنختار من نراهن عليه. سنمنح هذا المرشح أو ذاك أصواتنا، ثم نبدأ معه، من الغد، رحلة العمل الجاد والكفاح من أجل إنهاض مصر من كبوتها. فإن عَدَل ساعدناه، وإن حادَ عن السبيل القويم قوّمناه، وإن ظلم ثُرنا عليه وأسقطناه.

انتخبوا اليومَ، لتعارضوا غدًا، وينهض الوطنُ بكم. وتحيا مصر قوية بأبنائها الشرفاء.

Twitter: @FatimaNaoot



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

يا الله، من رسم الخطوط حول الدول؟ ترجمة:

07-تشرين الأول-2017

«الشاعر» هاني عازر

20-تموز-2014

نوبل السلام لأقباط مصر

28-حزيران-2014

هنركب عجل

18-حزيران-2014

النور يعيد السيدة العجوز

11-حزيران-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow