Alef Logo
ضفـاف
              

الروح يمكنها أن تتألق في الصلاة أو البار أو عند المضاجعة 1 / 4

ماجدة سيدهم

خاص ألف

2014-06-07

بنات الغابة

سفر الجسد المقدس

---------------------------------------

منذ عدة أشهر فقط - اقتنيت هذا الكتاب –بنات الغابة – سيرة النص والجسد –للشاعر الليبي سالم العوكلي ،لأقترب في هذا أكثر من الأدب والثقافة الليبية وأعيش إبداعاتها ورؤاها المتجددة ،قد كنت قبلا اعتقد كما الكثيرين غيري في وطننا العربي الكبير- أنه لاثمة شيء هناك يحدث- ليس تقصيرا - بل في ذاك الضوء الشحيح على الإبداع والأدب الليبي الذي وان وجد متسعا لائقا لإحتل بكل ترفع مكانا متميزا على عرش الكلمة والإبداع العربي والرؤى المختلفة والجديدة لكافة همومنا العربية والحياتية ، حثني الفضول على التصفح السريع وللوهلة الأولى أيقنت أن ثمة شيء ما يعتلى هذه السطور مختلف يستحق عنده التوقف ..

بنات الغابة

---------- ذاك المأثور الشعبي الليبي والذي سنجد له المرادفات العديدة في منطقتنا العربية الممتدة من وجع التاريخ وحتى انقطاع الحلم - ويعنى انه لن تجد فتاة عذراء في الغابة –ذاك الفضاء الرحب ألحميمي والمتسع الكوني الذي يعود بالجسد حيث براءته وطبيعته الأولى والنظرة الشفافة التي كان يتمتع بها الإنسان قبلا ليرجع به إلى قداسته الأولى، وكما يجب أن يكون.. الجسد المقدس ..


يدور محور النص وان كان يبدو عن الجسد غير أن المحور الرئيسي للطرح في رؤية إنسانية اقرب إلى الصوفية هى لحظة تألق الروح وازدهارها حين الالتحام الجسدي،فليس هناك أعظم وأسمى أن تتوهج الروح وتنطلق خارج حدود الجسد، خارج نطاق الذات والخوف والأنانية وتتحد بآخر،ما أرقى وأعمق أن تتحرر الروح فينا من وقار الرياء ووهم الفضيلة الوحيدة ، تتحلى بطهارة العرى المقدس في لحظة صدق لا متناهية مع الله ،مع النفس، مع الحياة – هي لحظة الإصغاء والتوحد الحقيقية إلى ترتعش لها السماء فرحا وتنتفض لها الطبيعة إجلالا وينتشي بها الإنسان تميزا عن سائر الكائنات ، تلك اللحظة والتي يوجد في طرحها ضربا من السفور والإباحية الأخلاقية والتي إن لم تقوض سريعا فعلى الأقل يبصق عليها وعلى طارحيها في مجتمعات تتشدق بإخصاء العقل ومصادرة كينونة الجسد خاصة الجسد الأنثوي باعتباره الرجيم المتجسد والملتوي حافيا الذي يسعى حثيثا ليبتلع كل ما هو طاهر مهوب ،الذي لا ينفك يبحث في شقوق ظلمة الأعراف الراكدة والغيبيات القلقة عن ما يلتقطه رفضا ليعيث في لثوابت المطمئنة صدعا و خرقا من شأنها تحدث قلقا للعقل حتما نخشاه ...!!


قبل الدخول

-------------- احتاج لمن يشتمني...!!

------------------------------

رغم قراءتي للنص عدة مرات لم يكن الدخول إلى الغابة بالأمر الهين ، فقراءة الغابة شيء والدخول إليها شيء آخر يختلف ،على باب الغابة علقت لافتة كتبت بخط يد الشاعر ( احتاج أحياناً لمن يشتمني..!!) لا بأس ،دعوة واضحة وصريحة – دعوة هي لإثارة الجدل ، احتاج لمن يثير عقلي وتفكيري ، نحتاج لمن يقرأ ويفهم ، نحتاج لمن يغالط ما نكتب، يرفض ما ندون ،يناقش ما نطرح ، فا لرأى الواحد ليس سوى عطن نعتقه لأجيال أخرى ، القلم الوحيد الذي لا يعتركه آخر- سريعا ما ينوء بالسخرية والغرور، الرأي الأعرج لا يتقدم حتى للوراء بل سريعا ما يسقط مكانه ويزول ، نحن في حاجة أن ننتبه .. نتقارب..نختلف.. أن نمارس حضارة الحوار والتجاورمع اختلافات الآخرين .

مابين الأسود و الأبيض منطقة ضبابية تلك التي تبحث في مقدرتنا على الفهم وممارسه الصدق والانتقال من دائرة الانغلاق الفكري المدقع حول ما يتعلق بالجسد إلى ضرورة إعادة التقييم وما آلت إليه كافة الموروثات و المفاهيم التقليدية الملقنة للعقل مسبقا من قبل المنظومات الاجتماعية والدينية والتي وجدت في رتابة أعرافها وصلف نصوصها مهربا أمينا لاستمرار الهيمنة على جسد الأنثى ، ومابين ثقافة التجريم والتحريم تزداد الفجوة اتساعا مابين الجنسين ليكون الهاجس المخيف لتلك المجتمعات هو المكبوت الجنسي ويصبح الجسد تباعا بمعزل تام عن حقيقته ،وهو في ذلك يعد محورا جيدا للنزاع مابين الأدعياء ومادة خصبة لمبرر مصادرته وتعنيفه الإجباري والتراشق به مابين عارف وما عداه ( الجسد المتنازع دون الرفق بكينونته لا ينفك يعيش في النبذ والخوف ،يعيش المفارق ليكون مرجعية وحيدة لوجوده ) وفى هذا السياق المتردي والمفهوم المضطرب عن الجسد تتولد تباعا تلك النظرة المغلفة بالسخرية والاستخفاف - إذ يفقد الجسد هويته ويسقط عن الجنس قدسيته ويصبح مرادفا للرذيلة التي تسرع بشأنها المجتمعات الواصية مجتهدة في سن المزيد من ممارسات العنف والاختزال ،هي مجتمعات تختصر وتستمد حدود استقرارها واستمرارها من مراقبة وإنكار جسد الأنثى ليصلب الأخير مشنوقا مابين مكبرات التهديد ومكافآت الصبر والانتظار فغدا منذ ولادته مسرحا لكل ابتكارات القمع والتشوه ( انهمرت عليه الأقفال تباعا وحاصرت الملابس حركته المرتبكة) على اعتبار أن في هذا كل الصواب والثواب، هنا تصبح هوية وافتخار المجتمع رهن تلك النظرة السطحية (عاره عارها وهزيمته هزيمتها نزوته مصدر تهديد لشرفها) ويزداد الأمر خطورة في محاصرة العقل وكبت الوجدان ليصبح المجتمع كله مصادرا مختونا بدءا من ختان الجسد وحتى ختان الحياة نفسها - لينعدم معه كل فكر مضيء وكل رؤيا جديدة ..

**ثمة علاقة ترابط بين الحب والجنس، هي في ذاك الحنين الذي يقود إلى البحث الدائم والرغبة الملحة في البحث عن الشريك الآخر( هذا البحث المهووس عن الشريك الذي نعرج معه إلى الصمت المطلق الذي يعقب النشوة القصوى) لذا يبقى الرجل في اشتياق دائم ليعيد الأنثى إليه حيث من أعماقه خرجت- ويشدها هي الحنين إلى مكانها الأول والالتحام المذهل به من جديد حيث كانا منذ البدء وهو لا يتحقق إلا من خلال فعل الحب المقدس في اللقاء الجنسي الذي هو لقاء إنساني في المقام الأول لذا المرأة عندما تحب تهب نفسها بالكلية وليس جسدها فقط ، لذا عندما تتعرض الفتاة للهجر أو لعدم التقدير فالأمر يشكل كارثة حقيقية كبيرة قد تدمر حياتها بالكامل .

– وهنا يطرح لنا الكاتب جل تجربته حول مفهوم الحب : (ما هو الحب إذ لم يفض إلي التحام منكر للذات ) فالحب الذي لا يقود عبر الاندماج العظيم بين الشريكين إلي ذروة التواصل الروحي المضني لا يستحق أن نسميه حبا ،هذا التوحد الأثيري المدهش الذي يتلاشى ويجد فيه كل شريك ذاته في الآخر ( ألا يجرب المحبون الشعور الهائج ولو بشكل استثنائي بفقدان أنفسهم كلا في الآخر – بل أن العشاق لا ينفون ذواتهم في بعضهم البعض فحسب – لكنهم يجدون أنفسهم في بعضهم البعض ، وذلك هو جوهر العاطفة بمعناها الفيزيائي – إنها حالة قصوى من التخريب الذاتي عبر الاندماج المتداول بين الشريكين في لحظة الشهوة الكبرى وهو المستوى الذي تطمح إليه فلسفات العارفين والمتصوفة الذين يكابدون لحظة الاتصال الروحية الكبرى من اجل الاندماج في الإلوهية الذي به تتحطم النفس وتنمحي ) وهي الحالة الفطرية الأولى التي تسمو بالعلاقة الجنسية إلى البهاء مكتملا والتي تفشل وتخجل من معايشتها الأنثى في مجتمعات لا يجوز فيها للأنثى أن تبوح بمكنونات الجسد ورغباته – فهو الجسد الأخرس خاصة داخل المنظومة الاجتماعية المتعارف عليها لما في هذا من تعارض مع الموروث المخيف ضد الجسد والجنس، فالأمر يحمل قدرا ممتازا من ثرثرة العيب وتعاويذ الإثم -وهو ما يفسر رفض الكثيرين في وضع أية رموز دينية داخل غرف الحياة الخاصة- باعتبار أن ما يتم بداخلها لا يليق بقداسة الله أو بعرف الإيمان المتداول - وكأن الله يتحاشى فعل الحب - لتصبح العلاقة الجنسية هي في حد ذاتها عائقا دون تواصل الروح والالتحام بالشريك الآخر والاكتمال به فيتم كل شيء ملبدا بالرتابة والاختناق ،هو الموت الإنساني المؤكد، كأننا أحجار بلا مشاعر أوملائكة بلا جسد – الأمر الذي يقود الجسد إلى السقوط في هوة القلق الضبابي –من ثم تتصاعد كل أنواع الخوف والكبت والأزمات النفسية والعاطفية ( أجسامنا المنكرة قهريا في حالة المضاجعة المبرمجة والتي تتم ضمن تعاقد اجتماعي يصبح للعناق طقسه الوظيفي المحايد ويكون الجماع أنانيا إذ تكون العلاقات الناجمة مجرد علاقات جنسية لكنها ليست أفعال حب ،) لذا نجدها متى خلت العلاقة الحميمة من عاطفة الحب والصدق الأعلى وتحت أي مسمى اجتماعي - هي حتما خارج نطاق الجمال والنقاء ولا يتحقق معها أية ازدهار أو نجاح أو ادني قناعة مهما استمرت ومهما أثمرت، يشير الكاتب هنا (.فعل الحب هو التعبير الأسمى للأشياء هو التقديس الرمزي لهذا الفعل الذي بدأت ممارسته في المعابد قبل أن ينجس ويربط بالمؤسسة العالمة التي لم تكتف بتحويله إلى نوع من التداول الإداري المقنن بل عاثت فيه تشريحا ) علاقة هي فارغة من حميمية البراءة وحرارة اللقاء حتما لا تمتلك شجاعة الحب. الحب قرار والتزام بين الشريكين ، يخترق حدود الزمان والمحيط المكاني ويتجاوز كل الحدود الشائكة والمرسومة مسبقا - الحب بصير ، يواجه ، يقتحم بمفرده ،لا يهاب، يخلق حالة من الإتحاد والتلاشي الجميل في الشريك الآخر ليصل بهما إلى ذروة الحقيقة الأولى في اللذة الإنسانية والتي تعد ضرب من الحياة نفسها - اللذة الجنسية إنسانية جدا – يشير الكاتب هنا وعن المتصوف الكندي اريك باريه ( اللذة الجنسية لذة عميقة جدا إنها اقرب إلى الإلهي ومن شأنها أن تنقلب وتصير رعشة روحية عميقة – فإذا قرب كل من الشريكين نفسه للآخر فإن القربانين في لحظة معينة يتلاغيان ويتحولان بالكلية )

تلك الحقيقة التي شوهت عمدا ، بينما أيقنها وتجاسر بشأنها وميض العديد من الأقلام لإزالة غبار القبح عنها وفك بعض الحصار ، تلك التي أدركتها بنات هن بنات الغابة مصلوبات ومزدرى بهن على مر صفحات التاريخ منذ العصور الوثنية مرورا بزمن المجدلية والسا مرية والى الآن - ليصنعن مواجهة ضارية ضد تحصين أجسادهن واختصار وجودهن في محيط بدوره خائف يقدمن في ذلك ثمنا باهظا قد يقضى على حياتهن -


منذ البدء

----------

في البدء هي الكلمة وصارت الكلمة جسدا ، بينما يمازج الكاتب مابين الكلمة والجسد (لا يمكن الفصل بينهما ، النص مثلنا له جسد وحواس وغربة أيضا ، للنص لذة تتصاعد وذروة تمثل في حجمها الأدنى اختبار مدى ادبيته وشعريته .. النصوص منفى إخفاقاتنا في الحياة وملاذ النفوس المهزومة ... مالا نستطيع أن نفعله بأعضائنا نفعله بالقلم ) الكلمة التي لم تجسد و تخرج من حيز الانغلاق والتعالي الوهمي لتصبح فعلا يمارس ..عملا ينبض ..يتفاعل ..ينمو يؤثر..حتما تختنق و تموت ،بالكلمة نعبر عن أفكارنا ورغباتنا أحزاننا وعشقنا وأخطاؤنا الخليقة كلها المفعمة بالحياة هي كلمة متجسدة .. كن فيكون ..إذ تصبح كن ( الكلمة) فيكون (جسدا ) من هنا كانت وستبقى القداسة للجسد

.. على مساحة امتداد أنين الخريطة ، بنات الغابة . .متسع خصب للتناول وطرح الرؤى المختلفة والمتعددة ، قد تختلف الآراء حول نصهن غير إنهن جميعا باحثات عن الحب الذي يتوج الإنسان إنسانا عن سائر الكائنات ،لاهثات إلى العودة بالجسد إلى صدق البداية والطهارة الأولى قد ينجحن وقد يخفقن لكن ..تبقى الحياة هي الحياة





















تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

الروح يمكنها أن تتألق في الصلاة أو البار أو عند المضاجعة 1/ 4

09-تشرين الثاني-2019

قد نرحل يا صديقي

22-كانون الأول-2018

نساء بلا حيض

09-حزيران-2018

انطلقت الشحرورة وما غرب الصباح

10-أيلول-2016

نصان

16-تموز-2016

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow