Alef Logo
يوميات
              

عالم في عالم في فينا

جيلان زيدان

خاص ألف

2014-08-31

هذا العالم الذي قسّمنا إلى أراض كثيرة, كان يرحل بنا ليأتينا هناك.. كما تسافر الطيور بعيدا لتضع بيضها,,
يقطع مسافة طويلة.. حتى إذا جاءه المخاض.. وضعنا على حافة جارفة في أقاصي الحياة, أو دفننا في أغمق سرّ في الغابة, مدّعيا بذلك سُنة الحفاظ..
ثم يعود بعد الخريف بخريف آخر, ليجدنا إما انحدرنا, وإما ابتلعتنا الأسرار..
وغالبا لا يعود..

هذا العالم الذكي, استطاع أن يقسّم الأرض إلى حيث نقف, وإلى حيث نغيب, وإلى حيث نموت.. وإلى حيث وضَعَنا أول مرة.. حين أنجبنا في سرّ الإقصاء..
استطاع أن يصنّف الأرض ويسمّيها, ويلونها بدفء الوطن تارة وبقرْس الغربة كلما شاء..
ثمّ وزّعنا في كل بقعة صلبها لاسم.. هذا العالم مبتدئ التوازن.. نصبَ ادعاءه لنا شركَ الحفاظ مجدّدًا.. في كل مرة كان يرتل "الحفاظ" ..
ونحن ندرك ما سنكتشفه لاحقا.. أنه كان يعني : الحفاظ على نفسه فقط.

وكلما حاولنا الفرار من طينتنا.. علّمَنا أسماء دخيلة على إنسانية آدم.. منها: السياج.

هذا العالم الغبي, قسّم الأرض.. ولم يستطع تقسيم السماء!


أعتذر لله, لم أشك الوحدة في وحدتي, حيث تواتري مني إليّ في عدة هيئات كان يطمس التوصيف والتجنيس لعوالمي الصغيرة..
ويعيد تفرعاتي لهذا العالم الأكبر..

قررتُ أن أصنع عالما صغيرًا مني,, إنسانه أنا والكائنات, ودويلاته المقامة والساقطة!
قررتُ أن أحافظ على مبدأ الحفاظ, وأن أوازن تعريف التوازن, أن أكون العالم لهذا العالم.
"
كيف تصنع نفسك من تربة وبذرة وجذر وفرع, .. كيف تصنع روحك من زهرة,
كيف تكتبُ على العالم : ورقة!!
ثم تعتدل بهيبة وتقرّر أنك شاعر, وتقرأ النبات.. وتكتبُ: ورقة!
وتقرأ الحصى.. وتكتبُ: ورقة!!, وتقرأ الجرذان.. وتكتبُ: ورقة!!
كيف تصنع حبركَ من نهر؟!
ثم تجمع كل حطب العالم وتحرقه في دفتر بنيّة إعدام النار, فيصاعد غبار الأرفف..تختنق به,
يذكرك بأنك الحطب الوحيد المتبقي في سطر عاق,...
ستحرق نفسك ببطء في القصيدة..!
"
نحن فينا.. نحبل بالفكرة, والحلم المكوّر, نحلم أننا نحلم.. ثم نفيق على سفر. الأحلام لا تهاجر إلينا..
الأحلام تومض في الأقاصي.. تومض في العدم... قبل تكويننا تشع..
ربما خلقنا من ومضات أمل!
نسافر.. إلى تلك الحافة التي عليها وُضعنا,, أو في سرّ الغابة الذي فيه أهمِلنا..!
نقطع مسافة من طاقة التحقيق, نصرّ أننا سنفعل.. وحينما نصل إلى حيث أنفسنا البعيدة, نجدنا هناك قد احترقنا, قد أُفنينا في زمن مجهول,, بكل طاقة الوقت,,
فنفعل..إما أن نضع أحلامنا وسط أرواحنا المشوهة, وإما أن نعود مثقَلين بمشاهدنا المسحوقة علاوة على ثقل الأحلام.

"
كيف نعبر إلينا؟

كل السيارات مهووسة بالعبور, تعرف أنها صنعت للطرقات, صنعت لسرعة أعلى من السكون.. جميعها يتحرك نحو هدف ما,
في مُتاحها كل الطرق مشروعة..
الخرائط لفافة الأرض.. لها,, كلّ مسميّات الشارع.., الغربة والوطن..
فكيف نعبر وسط كل هذه السيارات, وسط هذه الوظائف الخبيرة بالسير..
ونحن الخبيرون بالانتظار؟!

الغريب أننا من يقودها إليها.. لكن: من سيقودنا إلينا؟!!


قد يأتي يوم وننهض من حيث ودعنا الأحلام فينا أو من حيث أحرقناها هناك.. فينا أيضًا..
لكننا سننسى أننا أتينا من بعد أن تجاوز العيش طاقتنا, سنأتي نشتري أحلاما جديدة, سنأتي بنا, لا نملك غيرنا.., في هيئة عملة معدنية صدئة,
سيرفض العالم إباعتنا حلمًا, كما سترفض الأحلام مصاحبتنا للعالم..
سينظران للصدأ, ويهملان قيمتنا المدفونة أسفل هذا الموت المتراكم.

لا بأس أيها العالم الذي اخترعتكَ لي.., لا تدربني على الحزن الأكثر, بعض التدريب يفقدني فطرتي الأصقل على الحزن.
بعض البريق ينطفئ بالتلميع أكثر.. دعني رخامة في منجم, لؤلؤة ثمينة في بطن سمكة غارقة, لا أود أن يكتشفني صياد,,

فقط, أبقِ السماء على هيئتها, لا تقسّمها, تقاضَ الأرضَ لك, والحلم لك, والعناوين المطموسة..

أهدِني السماء مغلّفة بالغيوم,, حينما أعرّيها.. سأفصحُ عني..
سأتنهّد معها لتنقشع منها الغيوم, ومن الأرض رزمانة الذاكرة.



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

فريدة إلى الآن

09-تشرين الثاني-2014

فريدة تحديدا

01-تشرين الثاني-2014

على كلّ جانب لنا ... ألف قصة بلا موت ...

26-تشرين الأول-2014

من الورقي ياسين للثائر عمر

19-تشرين الأول-2014

جيم فاء راء

08-تشرين الأول-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow