أراجيح ..مر الصغار في طريق العودة بعد المغيب .. تكور الضوء عن بعد وعن قرب أيضا بزغ التعثر وبدا كمأذنة متأرجحة ، لا نعلم إلى أي اتجاه هكذا يميل كي يعبر الحلم فينا حدود المغيب ..!

أراجيح ..ذغردت النسوة في الممرات وعلى حافة الغرف الحرجة اصطففن بإنصات .. زرع الطبيب اسماء الشهداء بعبثية على حتف قلوبهن بينما صدى الزغاريد حطم كاميرات التصوير.. لازالت البيوت ملطخة بحناء الصبي الذي لم يولد بعد بينما هتافات الزعماء ترمم الصور وتقايض العجائز بحفنة من الزغاريد ..!

أراجيح .. تدلت رأس المواطن بين دحرجات الأقدام ..ينسكب الماء يدفع بعصير الجسد إلى بالوعات الصرف ، وملخص الصورة " تحويل الدم إلى ماء " بطاقات الهوية تهالكت لكثرة الخائفين .. انصرف الجمع عن ورق المنابر إلى ورق المراحيض ..مازال الإنشاد هنا يترنح بطلسم اليقين المرمم بالخرب ..!

أراجيح .. الشتاء هذا العام كان حادا .. قبل المغادرة بلل المارة بالاعتذار .. كان أنيقا .. مازال يشد اعصابنا بالمراوغة .. يملأ مطلع كل حصاد بعناوين المغادرين .. جاء المارة هذا الصباح ينثرون بذار الوجوه المحبوبة كيلا نضل بريق عيونهم وأسرار الضحك والحنين ..!

أراجيح ..في المشفيات المجانية يرقد المواطن هنيئا برفقة الآلام .. الزجاج المحطم يؤكد صحة الاخبار " هنا مدفن الأحياء" بينما يغادر الألم إلى مواطن آخر.. يتأرجح بين رطوبة تكدس الفراغ .. يعلمه لأخر مرة كيف يسخر وكيف يبصق على تمادي الاحلام وكيف ينزع من روحه لأول مرة حقول الخدعة المميتة .. الألم صادق ونبيل .. لا يطيب ولا يموت ..الألم يعيش ويتكاثر ويتوحش أيضا بعناية كمامات مصابة بالعمى ..!

أراجيح ..يا يسوع أخطانا الهجاء لطخنا الكتابة .. أعد التشكيل من جديد ..!

أراجيح .. كنا نتزاحم ونحث العامل أن يدفع بالأرجوحة عاليا .. وفي الزوايا المقلوبة نرى الأسفل مرتفعا بالغبار .. سقفا معتما ولا تسقط وحشة الانعكاسات .. ثم نصير فيما بعد جزءا من رمادية التأرجح بين تقاطع الظلال ..!

أراجيح .. نفتش عن وطن يفتش عنا .. نحبه ولا يسخر من أحلامنا ..!

ومازال البحث جاريا ..