Alef Logo
ابداعات
              

مرَّة وإلى الأبد

فتحية الصقري

خاص ألف

2015-08-31

أَحلمُ دائمًا بالجلوسِ مع الطبيعة
المياهِ، الألوانِ، شجاعةِ الظلِّ
كلامِ الأشجارِ المُبلَّلة، وحفلاتِ العصافيرِ الغنائيَّة
تقلُّباتِ الحشراتِ الصغيرةِ في العُشب
وفي الهواءِ المشحونِ بالغِبْطة
أَحلمُ بتَوْقٍ فاضحٍ، وأَجلسُ معك
دونَ تخطيطٍ مسبَقٍ مع الوقتِ والساعة
قد يحدثُ ذلك بإشارةٍ مفاجئةٍ منك
تجعلُ منِّي غصنًا مِطواعًا يميلُ مع الريحِ في كلِّ اتجاه
أنا البنتُ العنيدةُ الصُّلْبةُ كعمودٍ فولاذيّ.
أُحبُّ كلَّ تلكَ الفصولِ التي تمرُّ بي وأَلمسُها
أحبُّ عُروضَ الفرحِ السِّحْريَّةِ صانعةِ اللذةِ
باسطةً لقلبي يدَها الرحيمة
أحبُّ انبساطَ ملامحِ وجهكَ العُمانيَّةِ شديدةِ الرِّقةِ والحِدَّةِ معًا.
أحبُّ نظراتِ قلبكَ المنهمرةَ بالصَّمتِ والغموض
أحبُّ عينيكَ الممتلئتينِ بالحبِّ المائلتينِ بإفراطٍ مُدوٍّ جهةَ القلقِ اللاهيتين بقصِّ أغصانِ شهوةِ شابَّةٍ تنمو بشراسةٍ في موسمِ المطر. .
أحبُّ صوتَك
صوتَكَ البارعَ في التخفِّي، البارعِ جدًا في حثِّ شغفِ الصيَّادِ على الكلام.
أحبُّ التفاتةَ حنانِكَ المائلةَ للاقتصاد.
أحبُّ أصابعَكَ التي حتى في وقتِ الشروقِ لا تتحوَّلَ إلى عازف.
أحبُّ قسوتَكَ التي تجرُّ فضولي، مثلَ جروٍ وفيٍّ يبرِّرُ أفعالَ صاحبِهِ؛ لينامَ بجوارِه.
وأخافُ مِن خوفِك
خوفِك الذي يقفزُ فجأة
وسْطَ التماهي الحرِّ بين روحين
مثلَ أرنبٍ بريٍّ مهووسٍ بتخريبِ الحقولِ المزروعة
أخافُ وأندم
أندمُ وأنسى
ودونَ قصدٍ أفتحُ مَلفَّاتٍ أخرى
لخوفٍ جديدٍ، وندمٍ جديد، ونسيانٍ جديد
هل تتذكّرُ تصرُّفَ خوفِكَ الأخير ؟
لقد مرَّ عليه الآنَ 63 يومًا
أنا أتذكَّرُهُ جيِّدًا
كما لو أنَّه يحدثُ الآن.
انظرْ
لقد استيقظتُ هذا الصباحَ على دويٍّ جديد
أَرعَبني
مِن الممكنِ جدًّا أنْ تحتجزَ لحظةٌ سخيفةٌ كائنًا حيًّا
وأنْ تحوِّلَه وَفْق هواها إلى قطعٍ متعدِّدةِ الأغراض
كنبة، سرير، شمَّاعة ، مِشْبَك
حسنًا
كانَ بإمكانِ يدِكَ التي كانتْ تعبَثُ بأزرارِ الهاتفِ سرًّا
أنْ تختارَ اسمي؛ لتُحدِّثَني عنْ خوفِك
عوضَ الاستعانةِ باسمِ أخرى
_تحفظُ جدولَ أعمالِكَ في مذكِّرةِ المكتبِ، وحافظاتِ الكمبيوتر؛
لتبديدِ لحظةٍ حنونة
كانتْ على وشْكِ أن تعمل َكغيمةٍ بارَّة
لوطنٍ يُسيءُ الفهمَ، ويتصرَّفُ بغرابة
لقد طعنتَ قلبي
بسكِّينٍ صوتِها المجلجل
مرَّةً وإلى الأبد
أَعدتُ المشهدَ مِرارًا؛
لأفعلَ شيئًا آخرَ غيرَ الجلوسِ ومشاهدةِ ما يحدُث
أعدتُ المشهدَ مرارًا
لم أستطعْ فتحَ فمي للصُّراخ
أو تحريكَ قدميَّ المثبَّتتينِ بلا دوافعَ قويَّةِ على أرضيَّةِ المكتب ؛
لحثِّهما على المغادرة
أو على الأقلِّ دفعَ يدي الصامتةِ للتصرُّف، وفعلِ أيِّ شيءٍ
حيالَ الألمِ الذي سيُولَد.
لقد ساندتُ دونَ قصدٍ
أشخاصًا لا يُحسنونَ التصرُّفِ مع الكتبِ المغلقة
ويَفْصِلونَ بعنفٍ بينَ ربيعٍ جادٍّ وحديقةٍ ناضجة.
لكَ أنْ تتخيَّلَ
ما لمشهدٍ قصيرٍ وتافهٍ
مِن قدرةٍ على ملاحقتي بإصرارٍ فاضح
في كلِّ مكان
أمامي، خلفي، عن يميني، عن شمالي
متعلِّقٌ بقلبي، راسخٌ في بالي
يمزِّقُني على مهل
يكرِّر بغباءٍ حضورَه اللزج
ويكتبُ يوميّاتي.
لا أطلبُ منكَ أنْ تفعلَ شيئًا
أنْ تذكرَ لي، مثلا،
في رسالةٍ مختصرة، سببًا واحدًا لما حدث
أو تُبادرَ بفكِّ اللبْس
لا أطلبُ شرحًا أو تبريرًا
يمسحُ كافَّةِ الصورِ عاليةِ الجودةِ مِن رأسي
في مواقفَ مشابهةٍ
كنتُ أقرأُ صمتَكَ الغامضَ بحبّ
أقلِّبُ صفحاتِه الكثيرةِ بتأنٍّ
مانحةً روحي وُشُومًا أبديَّة
وهي تسيرُ حافيةً في كَوْمةِ الرَّمادِ الحارّ.
بحنوّ مَن ربّى وحَلَم آمنًا بجوارٍ ظليل
تضعُ يدَها على كلِّ شيء
وحينَ تعودُ إلى البيت
إلى بدايةِ وَحشةٍ لنْ تنتهي
تنهارُ باكيةً
كأيِّ أبٍ هشٍّ عائدٍ للتوِّ مِن جنازةِ أبنائِه:
"لماذا لا تستعملُ قوَّتَكَ ضدِّي مِن وقتٍ لآخَر؟
لأنَّ الحبَّ يعني أنْ نتخلَّى عن القوَّة"*

*كونديرا
(كائن لا تحتمل خفته)

مرَّةً وإلى الأبد
أَعدتُ المشهدَ مِرارًا؛
لأفعلَ شيئًا آخرَ غيرَ الجلوسِ ومشاهدةِ ما يحدُث
أعدتُ المشهدَ مرارًا
لم أستطعْ فتحَ فمي للصُّراخ
أو تحريكَ قدميَّ المثبَّتتينِ بلا دوافعَ قويَّةِ على أرضيَّةِ المكتب ؛
لحثِّهما على المغادرة
أو على الأقلِّ دفعَ يدي الصامتةِ للتصرُّف، وفعلِ أيِّ شيءٍ
حيالَ الألمِ الذي سيُولَد.
لقد ساندتُ دونَ قصدٍ
أشخاصًا لا يُحسنونَ التصرُّفِ مع الكتبِ المغلقة
ويَفْصِلونَ بعنفٍ بينَ ربيعٍ جادٍّ وحديقةٍ ناضجة.
لكَ أنْ تتخيَّلَ
ما لمشهدٍ قصيرٍ وتافهٍ
مِن قدرةٍ على ملاحقتي بإصرارٍ فاضح
في كلِّ مكان
أمامي، خلفي، عن يميني، عن شمالي
متعلِّقٌ بقلبي، راسخٌ في بالي
يمزِّقُني على مهل
يكرِّر بغباءٍ حضورَه اللزج
ويكتبُ يوميّاتي.
لا أطلبُ منكَ أنْ تفعلَ شيئًا
أنْ تذكرَ لي، مثلا،
في رسالةٍ مختصرة، سببًا واحدًا لما حدث
أو تُبادرَ بفكِّ اللبْس
لا أطلبُ شرحًا أو تبريرًا
يمسحُ كافَّةِ الصورِ عاليةِ الجودةِ مِن رأسي
في مواقفَ مشابهةٍ

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أُحَدِّق في الشاشة الكبيرة للعالم، وأكلِّم نفسي

04-أيار-2019

السماء ترعدْ وردةٌ جفّفتُها في كتابْ

27-نيسان-2019

مرَّة وإلى الأبد

13-تشرين الأول-2018

سيرة ذاتية

21-أيار-2016

مرَّة وإلى الأبد

31-آب-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow