Alef Logo
ابداعات
              

الشّرفةُ

سُوف عبيد

خاص ألف

2015-10-10

1
كُلّمَا دخل عبدُ المجيدِ يُوسُفُ عليهَا
وجدَ في شُرفتِها غِلالا
يقُول لها أنَّى لكِ هذا ؟!
تقُول هِبةُ البَحر
الفصلُ فصلُ صَيفٍ
تَباشيرُ الخريفِ تَلوحُ
مِنْ تَخاريم الشّرفةِ
2
يومًا بعدَ يومٍ
فِي بَاكر الصَّباح أو فِي العَشايَا
يَطوفُ عبدُ المَجيدِ على شُجيْراتِ الشُّرفة والزّهَراتِ
يَسقيهنَّ بالقِسط مِنَ الإبريق
واحدةً تِلوَ واحدةٍ
لليَاسَمين نصيبٌ
لشَقائق النّعمان والخُزامَى والقَرنفُل نصيبٌ
للأقحُوانِ للإكليل
ثُمّ يَنزلُ مِنَ الشّرفة يسقِي صَفّ السَّرول
سَيطُول السَّرولُ بعدَ سنينَ
ويُظلّل الشّرفةَ
3
الشّرفةُ مَوعدُها
والبحرُ
لَثَمَاتُ المَوج على حفيفِ فُستانِها
صَافياتٌ ناعماتٌ
لمَساتُ رَمل السّاحل
كهَسْهسةِ النّسيم فِي النّخيل
حانَ قِطافُ العَراجين
مَدّتْ يديْها
فَإذا النّجومُ أقربُ
4
مِنْ شُرفتها أطَلّتْ
بَينها وبينهُ
خطوتان فقطْ
هي الشّمسُ
لو تقدّمَ خطوةً واحدة
كان منها اِحترقْ
هُو البحرُ
لو تقدّمتْ خُطوةً واحدة
فِيهِ كان الغَرقْ
رآها رأتهُ
رأتهُ رآها
وثلاثُ...نُقطْ !

5
مِنْ شُرفتِها راحتْ تَنسابُ
مِثلَ الأنامل تَتَراوحُ عَلى النّاي
اِتّبعَتْ خُطاهُ
لَحِقَتْ بهِ
سارتْ أمامَهُ
وراءهُ سارتْ
على يَمينهِ سارتْ
سارت ْعلى يَسارهِ
تَحسَبُ أنّه لم يَشعُرْ بها
عجبًا
يُوسفُ يَبتعدُ عَنِ الشُّرفةِ
لمْ تَرَ ظِلَّهُ لمْ يُفارقْ ظلّها
معًا دائمًا أبدًا
6
شُرفتُها
لوحةُ سَحابٍ وسِنفُونيّةُ أمواج
ومَدًى
بحرٌ وسماءٌ
شَمسٌ تجري لمُستَقرّ لهَا
ثِمارٌ ...أزهارٌ
على كلّ شَكل ولونٍ وشَذًى
تَبارَكَ اللّهُ
أحسنُ الخالقين
7
َجلستْ في شُرفتها ذاتَ يوم
رُبّما يُوسُف يَمُرُّ
رأتْ بَالُونةً زرقاءَ
هَبّتْ ريحٌ
طارتِ البالونةُ
مَسكَ الصَّبيُّ بالخيطِ
البالونةُ تعلُو...تعلُو
الصّبيُّ يجري...يجري
يَجري والبحرَ
اِنفرط الخيطُ مِنْ بَينِ أصابع الصَّبيّ
طارتِ الزّرقاءُ في الزُّرقةِ على الأزرق
رجعَ الصّبيُّ من حيثُ أتَى
جلسَ تحتَ شُرفتِها
وبَكى
8
تحتَ شُرفتها ظلّ يُوسفُ يَنتظرُ
اليومَ أيضًا
ساعِي البريدِ لمْ يطرُقْ بابَها
لا جارٌ ولا جارةٌ
اليومَ أيضًا
الهاتفُ لم يَرِنْ
ولا حتَّى بالخَطإ
9
مرّةً في شُرفتها جرَى الحديثُ
حدّثتهُ عنهُم جميعًا
الذي
والذي
الذي وعدَ أخلفَ
الذي سَافر لم يَعُدْ
والذي تقدّم توقّفَ
حدّثتهُ عنهُم جميعًا
وهو أمامَها
يَذُوبُ صامتًا
10
مَع فِنجانِها جلستْ في شُرفتِها
تَستعذبُ الوقتَ رَشفاتٍ
أينعَ الزّهرُ...اِعْشَوْشَبَ المَمْشَى
المُصطافُونَ غادرُوا
عادتْ إلى بطحاءِ القريةِ عَصا الشّيخ
وجَلَبَةُ الصِّبيان
اِنتصبتْ حَلَقاتُ المقهى تحتَ زيتُونةِ المَسجِدِ
المُصطافونَ غادرُوا
تَركُوا القريةَ في سُكونها
إلا مِنْ هَدير البَحرعَلى صُخور المِيناءِ
وصَخَبِِ اِنتظار شُرفتِهَا
11
يُوسُفُ غادرَ أيضًا
يَداهَا تُرفرفان إليهِ بالوَداع من شُرفتِها
سلامًا سلامًا
جبينُها وَضّاحٌ
ثغرُها باسِمُ
حالمُ
كأنّهُ وهوَ يبتعدُ
تراهُ عائدًا نَحوَ شُرفتِها
وقبل أن يُغادرَ اِزّيّنَتْ وهِيتّتْ لهُ
ثُمّ قالتْ متَى نلتقي ؟
وأين ؟
فأسرعَ بالجوابِ
ـ الآن وهنا
ورجعَ منَ البابِِ
12
كمْ يلزمُ مِن عَصر وكمْ لابُدَّ من مِصْرٍ
و مِنْ حِبرٍ ومِنْ سَطر
كيْ يصفَ أحلامَ شُرفتِهَا
واِنثيالَ طيفِها
قَدُّهَا ألِفٌ
الباءُ بَسمتُها
الخاءَ خدُّها
بِالهَاءِ خَتمَ رَسْمَ أبجديّةِ البَهاءِ
فلاحَ فِي الآفاق قَوسُ قُزح
13
أتمَّ ـ لِيُونَارْدُو ـ المُوناليزَا ـ
وبلمسَةٍ أخيرةٍ أكمَل اللّوحةَ
نظرَ فيها مَليّا
فأيقَنَ
أنَّهُ رسَمَ شُرفتَهَا…!

هِرقلة ـ رادس / صيف خريف 2014
تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

الشّرفةُ

10-تشرين الأول-2015

يومٌ في غير العُـمر

20-حزيران-2015

البرتقالة والسكين

05-كانون الثاني-2015

لزوم ما لا يلزم

18-كانون الأول-2014

المَهدِيُّ الّذِي يَنتَظرُ

23-أيلول-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow