Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

موت و حياة البارات الإنكليزية الشهيرة / توم لامونت‏ ترجمة

صالح الرزوق

خاص ألف

2015-10-31

كانت عائلة مورفي، جون و ماري و ابنهما البالغ دايف، يجهزون أنفسهم لقضاء عيد الميلاد الثالث و الثلاثين و كان بار الأسد الذهبي ( غولدين ليون) في كامدين، بشمال لندن، لا يزال بعهدتهم، وذلك حينما تناهت لأسماعهم الإشاعة. سمعوا أن شخصا مجهولا يسطو على مجال تجارتهم ، فيشتري البارات و يهدم أبنيتها. لقد كان " سفاحا بلا قلب يهاجم البارات"، هكذا سمعت عائلة مورفي، و كان يدور حول مبناهم الفكتوري الأنيق في شارع الكلية الملكية ( رويال كوليج ستريت).
التوقيت هو كانون الأول ٢٠١١. أمام البار الذي يشبه الجفون، و تحت لوح أسود يعلن عن تنزيلات كبيرة على "ميست" الشراب الإيرلندي، كما يذكر الجميع، التقت العائلة بممثل عن حانات الأدميرال ( أدميرال تافيرنز). و أدميرال هي الشركة الكبيرة المالكة لبارات واسعة - تسمى بابكو في عالم السوق- و التي عملت على تأجير الأسد الذهبي لعائلة مورفي. قال دايف مورفي و هو رجل متين البنية بوجنتين حمراوين يبلغ ٤٠ عاما من العمر:" إن المندوب أخبرنا بأنباء سيئة".
كان عمر دايف مورفي ١١ عاما في ١٩٧٨، العام الذي وقع فيه والداه أول عقد إيجار في الأسد الذهبي، و انتقلا بالعائلة إلى غرف في الطابق الأخير من المبنى. أما بيتهم السابق، في هولو واي، فقد اندمج مع سجن. و لذلك توجب على دايف أن يخبر آصدقاءه في المدرسة أنه يعيش في بار.
و قبل أن يتوج نفسه مشرفا على عقار، كان جون مورفي، و هو بالأصل من كورك، قد عمل لسنوات في لندن سائقا لحافلة، أما ماري و هي من غال واي، فقد عملت بالتمريض. و تتذكر ماري هذا الانتقال فتقول:" أنت ترعى المرضى، و فجأة تتحول لرعاية السكارى. لم أجد هذا التبدل صعبا".
في السبعينات كان الأسد الذهبي ملكا لشارينغتون: وحمل رخام رائع على جدار البار اسم الجعة البريطانية باحتفال مهيب. وفي التسعينات التهمت حانات بانش ( بانش تافيرنز) شارلنغتون. ، و هي واحدة من الحانات المخملية التي توفرت لها الظروف للسيطرة على صناعة البيرة. و حينما باع بانش بعض باراته ورثت حانات الأدميرال تقاليد شارلنغتون. و ذلك كان في الألفينات ( عام ٢٠٠٠ و ما بعدها)، و استبدل الأسد الذهبي العاملين مرة إضافية. و ذكر دايف مورفي أن العائلة اطلعت على هذه التفاصيل بالصدفة، و ذلك خلال تناول أكواب الشاي، مع ممثل من إحدى الشركات التي كانت تمتلك هذا المكان الانيق و المرتب. و أردف:" أصبحت عادة لديهم أن يخبرونا عن كل شيء يجري كلما حصلت مستجدات".
وكانت العائلة تمر بثورات حنق و غضب لانتقال البار من شركة معروفة إلى أخرى. هذا لم يغير حياتهم أبدا. و في نظر عيون الزبائن المستمرين، كان آل مورفي هم الأسد الذهبي. كانت اأديهم دائما فوق صنابير الغينيس و الغينيس إكسترا كولد، كانوا يسجلون الطلبات على علب رقائق تايتو. و آل مورفي ينظفون طاولة الوسط قبل مباريات النادي المسائية و يستمعون لصريف أسنان أي شخص فقد جنيها أو أكثر في آلة "دريم"المضيئة. وكانوا يستضيفون حفلات الزفاف، و التعميد، و الصلوات و الابتهالات. و هم يحتفظون بصورة واحد من الزبائن على رف فوق الرخام، لأنه حصل على آخر مكيال قدمته له ماري مورفي قبل أن يلاقي حتفه على الرصيف في الخارج، لقد استمر بالحياة هنا في داخل البار.
الأسد الذهبي علامة محلية مميزة، فهو برج من القرميد الأحمر بسطح مزدوج و مثلث و مرتفع، مع مدخنة شاهقة. من بعيد يمكن أن تراه حينما تدخل إلى شارع الكلية الملكية، و تبدو البناية بشكل دمية صينية لها ملامح قطة تتموج. و كلما اقتربت، يبدي المنظر الخارجي عجائب لافتة للانتباه، من حجارة منحوتة، و سيراميك لماع و ملون، و حواف ألمانية- وقد تم إنجاز هذا العمل المتميز حينما هدم الأسد الذهبي و أعيد بناؤه في نهاية القرن التاسع عشر. وكان مالكه يومذال هو رجل أعمال فكتوري واسمه ويل هيذيرينغتون. و قد أعلن في جريدة الأبرشية في ذلك الوقت لتحسين البناء المرتفع التكلفة. و أهاب بالسكان المحليين للاستفادة من "جو الراحة و الاطمئنان" الذي يوفره الأسد. وخلال قرن من تتالي الملكية، بقي الأسد الذهبي دائما بار السكان المحليين، و استعمل أساسا من قبل من يعيش و يعمل على مسافة مائة متر من أبوابه المفتوحة.
و مع الزمن وفي رعاية آل مورفي اختفى السجاد ثم الستائر وورق الجدران ، و بقي الهيكل بجدرانه الشاحبة و لكن النظيفة مع أرض خشبية عارية. و أدخلت العائلة علبة موسيقا، و دريئة لرمي السهام، و لاحقا شاشتي تلفزيون مسطحتين، كل واحدة في جهة من الصالون و دائما، و كقاعدة، تعرض قنوات الرياضة و برامج المنوعات، أو ( في أمسيات العطل الأسبوعية) برامج مسابقات المواهب. و غالبا يحتل الطاولات في الخارج، حتى في الشتاء، المدخنون.
وفي حمامات الرجال وضع عابر سبيل من مؤيدي أرسينال وساما خشنا من القماش فوق المغسلة و لأن دايف مورفي من أنصار أرسينال لم يأمر بإزالته. أما جون مورفي، وبعد عدة عقود من الإدارة، فقد تقاعد لأسباب صحية، و حل محله دايف و حمل أعباء الأسد الذهبي كله. و مع أنه لا يعيش فوق البار، فإن ماري لم ترحل. و لا تزال تخدم خلف البار في جميع الأمسيات ابتداء من منتصف اليوم.
و خلال اجتماعهم مع ممثلة الأدميرال، علمت العائلة أن الأسد الذهبي قد تعرض للمبيع مرة أخرى. ليس لبابكو و لكن لمشتر يعمل لحسابه الشخصي. و يقول دايف مورفي إن ممثلة الأدميرال كانت متعاطفة، و بلغة ودية، أخبرتهم أن الرجل الذي اشترى الأسد الذهبي " كان جازما في قراره بهدم البارات". و بعد الاجتماع، اتصل دايف مورفي ببعض الأصدقاء الذين لهم علاقة بهذه المهنة. و قرأ الاسم المسجل على قصاصة ورق: أنتوني ستارك.
سأل: هل سمع به أحد؟.
و يضيف مورفي قائلا:" أخبروني، أن هذه هي النهاية. إنه السفاح عديم الشفقة. لو أنه قرع باب بارك، حسنا... هذا يعني أنها النهاية".

توم لامونت Tom Lamont: صحافي يعمل في الغارديان البريطانية.
تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة :

17-نيسان-2021

قصائد مختارة لمارلين مونرو

03-تشرين الأول-2020

قصة / كانون الأول / كريستال أربوغاست

12-أيلول-2020

مدينة من الغرب اقصة : تميم أنصاري ترجمة

22-آب-2020

قصائد لهنري راسوف ترجمة :

20-حزيران-2020

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow