Alef Logo
الغرفة 13
              

الشعب يريد إسقاط "الميكانيكيين"

حسان محمد محمود

خاص ألف

2015-11-21

(اجمل قصيدة: مسامحة القتلة مسؤولية الله، اما ارسالهم الى الله.. فتلك مسؤوليتي .

فلاديمير بوتين أبو عفش ...)


هذا ما كتبه المعروف سابقاً باسم "نزيه أبو عفش" على صفحته الفيسبوكية.
تنظر للعنوان، فتقرأ "أجمل قصيدة" وتنظر للتوقيع، فتكتشف أي زخمٍ أعطاه لهذا الموقف "الأخلاقي".
"نزيه" سابقاً، فلاديمير حالياً، المشتغل بالشعر لم يجد على مدى التاريخ شخصيةً ينفحها اسمه، ويتلحف بها إلا "بوتين".
من بين القامات السياسية والأدبية كلها، كان المافيوزي، زعيم الأوليغارشية الروسية الحاكمة صاحب قصب السبق في المضاجعة الإسمية هذه. وبإضفاء صفة مشبهة بالفعل "أجمل" على دورٍ سياسيّ منحه "نزيه" رتبة "قصيدة" تصير الصفة فعلاً يهبط بالشعر إلى منزلةٍ لا يرتضيها إلا الصغار، صغار الكَـتبة.
الصغير إذ يلهو بما هو أكبر منه عقلياً وجسدياً، تحدوه الرغبة أن يصير كبيراً. يهرب من ضآلته، مستعجلاً الكبر، وهذا طبيعيّ ومشروعٌ وبنّاء إن اقتصر على المدة التي تستغرقها اللعبة، أما حين يستغرق العبثُ العابثَ، ويصبح مهجوساً به حدّ جعل القتل قصيدةً، ونعتها بالأجمل، ثم يتماهى بشخصية "البطل"... ساعتها لا نكون بصدد طموحٍ طبيعي بالنمو، إنما أمام فرارٍ تعويضيٍّ لمشلولٍ وجدانيّ من خوفٍ وسوداويةٍ، يشتهر بهما "نزيه" (فلاديمير حالياً).
بدّل اسمه! ربما لأنه يكرهه، وكره الاسم عرضٌ يصاب به الكثيرون. ينظر "الولد" في نوبات اكتئابه المسربلة بعاهات الانطواء في معاني الأشياء، ومنها اسمه المفروض عليه، فلا يعجبه، فيتحين الأساليب والفرص لتغييره.
حرفان مشتركان بين "داعش" و "عفش" ...يا للعار ! يقول "الولد" لنفسه.
المشتغل بالشعر عُدّته اللغة، ميدانه المفردات ومعانيها، هذا يجعله بمواجهةٍ دائمةٍ مع مدلولات اسمه في القواميس.
(عفشة) في معجم اللغة العربية المعاصر:
- سقيط ؛ كلّ ما له قيمة ثانويَّة في الذبيحة كالرِّئة والقلب والكرش والقوائم .

- أجزاء ميكانيكيَّة مساعدة تعمل على توازن إطارات السَّيّارة وتحافظ على عدم تآكلها.

ويقال ( اكتشف الميكانيكيّ سوء حالة العَفْشة والمُحرِّك).
يهرب الكئيب المتشائم إلى قاموسٍ آخر، فيجد:
ـ أعفش أعمش، ضعيف البصر، جمع : عفش ، مؤنث عفشاء.
ـ العفاشة من لا خير فيه.
ـ عَفَشَ الشيءَ عَفْشًا : جَمَعَهُ .
والعفش هو أثاث البيت، وقد انتشر مؤخراً ـ لأسباب تافهة غير جديرة بالملاحظة والذكر ـ مصطلح عاميٌّ كريه يقارب الشتيمة هو "التعفيش".
مع هكذا معطيات معجميّة، ما المتوقع من سوداويٍّ صغير يلاعب أفكاراً ووقائع كبيرة ؟
ألم تروا أطفالاً يسمون أنفسهم "غراندايزر" أو "جاك السفاح" ...؟
لا يختار الذكور منهم إلا هكذا أسماء، هم ميالون للبطش، فلا مكان لديهم لأسماء مثل "هايدي" أو "ساندي بل" أو "نيلسون مانديلا" أو "حمزة الخطيب".


على صعيدٍ ميكانيكيٍّ آخر، تداول مثقفون سوريون "مقولة" الكاتب والمفكر الإيطالي "أمبيرتو إيكو" مؤلف رواية "اسم الوردة" التي أقتبس نصها كما نشرت:

"إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً. أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البلهاء"

بعيداً عن أي سياقٍ من سياقات الجدل المتجذر بين أتباع تقسيم "غرامشي" ـ الذي صادف أنه إيطالي كصاحب "المقولة" ـ بين المثقف العضوي والمثقف النخبوي، ودون استعادة حجج مذاهب "علم الجمال"، وتفرعاتها، ومقولاتها الفلسفية "الفن للفن ـ الفن للشعب" و الشائع الشعبي منها "السكن بقصور العاج، التعفر بتراب ووحل الواقع" أتساءل:

ـ أليس للحمقى "حق الكلام"؟

ـ أية معاقل للحائزين على "نوبل" يهددها "غزو البلهاء" هذا؟

ـ لماذا يخشى "النوبليون" المفترض أنهم "نوعيون" من اجتياح كميٍّ لبوستات وتغريدات "الدهماء، البلهاء، الحمقى، الرعاع..."؟!

يجيب صاحب "المقولة" عن تساؤلاتي، فيقول: إنهم يتسببون بالضرر للمجتمع.

هذا يقودني للاستفسار عن تعريف "المجتمع المتضرر"، وكيفية تسبب "حق الكلام" بالأذى لهذا المجتمع.

هل نحن إزاء أرستقراطية عولمية جديدة، لها وحدها حق التحدث، فيما "الجموع" عليها الإصغاء، والاكتفاء بالتحدث في البارات فقط، بضع كلمات لا غير، تحت طائلة إسكاتها على الفور؟!

صه !! إخرس يا من أكتب عنك، ومنك!!

لا تتحدث يا "مدمّر" المجتمعات، إلا في التوقيت والمكان وبالقدر الذي يمكّنني من سرقة بعض عباراتك، أو استلهام حالاتك، فأكتب أو أرسم أو أعزف، فنبدع نحن "النوبليون" ما يسعد المجتمع الذي يعرف حدوده ولا يتجاوزها.

لا تقل شيئاً عن سيارتك أيها "المستهلك" ، لا تتكلم عن أعطالها، ثمة نخبة من الميكانيكيين ـ مهندسين وفنيين ـ تقوم بكل شيء يتطلبه استخدام وصيانة السيارة، و "حق الكلام" عنها، والتعبير عن انطباعاتك وتصوراتك وأحاسيسك تجاهها.... يضر "المجتمع".

أنت باستخدامك حقاً ليس لك "حق الكلام" تخلق ضوضاء، وضوضاء الوقحين تثير نزق الميكانيكيين، وربما تحرض وتحفز غيرك من "المستهلكين" على التحول إلى "ميكانيكيين" وهذا ضارٌّ للمجتمع: مجتمع الميكانيكيين الفلاديميريين البوتينيين العفشيين.

















تعليق



مخلص ونوس

2015-11-21

أيضا تحتاج Animal Farm إلى منشد ، أوإلى عنزة ربما ، تحب قطع السكر والشرائط الملونةيعطيك العافية حسان

أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

المتة إن عزت

05-أيلول-2020

قصة مقالة عن أدونيس

23-أيار-2020

ضحكة فلسفية

04-نيسان-2020

هكذا تكلم أبو طشت ـ جزء 6 المرأة التي قتلتها مؤخرتها

21-أيلول-2019

هكذا تكلم أبو طشت ـ الجزء 5 كورنيش الشمس لدعم النقد الأجنبي.

14-أيلول-2019

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow