في مثل هذا اليوم 22-04-1999 ولدت ابنتي سماء، يقولون عن بقائها حيةً بعد ولادتها "معجزة". كانت قد أتمت في رحم أمها أسبوعها الـ 26 فحسب، أي أنها "سبيعية" .
في المشفى، في دمشق، حيث كنت أسكن، قال الطبيب قبل ولادتها "الجنين ميت، سوف نخرجه" لكن هذا الجنين بعد خروجه بكى...فصرت أباً.
كان وزنها عند الولادة 1100 غرام، وضعوها في حاضنة، تطلبت منا بيع مصاغ زوجتي، كله. ثم قال لي صديقي:
ـ خيو ما بقي معك مصاري، خلينا ننقلها إلى مشفى الأطفال، الحواضن ببلاش.
أخرجتها من المشفى، وفي سيارة الإسعاف شارفت على الموت، ازرقّ وجهها، وتسارعت أنفاسها. تصورت أنها سوف تدخل الحاضنة فور وصولها. خاب توقعي، ففي قسم الإسعاف عشرات الأطفال الخدج ينتظرون دورهم، وكنت أرمقهم وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة.
وقف غير بعيد عني الممثل السوري (رياض شحرور) رفقة ابنه، ثم رأيته يحمل حفيده الخديج ميتاً، وشرع بالبكاء.
قلت لصديقي الطبيب: أين الحاضنة؟ ابنتي سوف تموت، مضى علينا ساعة ونحن ننتظرك.
قال: انتظر قليلاً، سوف نقوم بتخريج أحد الأطفال، فنضع ابنتك مكانه.
قلت: لا..لااااااااااااااااااا...فلتمت إذن، أو أعود بها إلى المشفى الخاص، لن أقبل لها حياةً قد تكون على حساب حياة غيرها، لن أقبل كلما رأيتها تكبر أن تغتال فرحتي بها فكرة أنها عاشت مقابل موت غيرها.
...............
هم يأكلون لحم أخيهم اليوم، حياً ميتاً، لا فرق عندهم.
كل عام وأنتي بخير بابا....وضميري متل قلبك.