كذبت عليك الأقدار

كذب المؤرخون والمعلمون

وسرقوا بلادك من بين يديك

كذبتْ عليك القابلة

ورمتْ حبلَك السُرّي في صحن المقبرة.



كذبت عليك العمَّات والخالات والشقيقة

وضِعتَ من فم الحليب

في سوق البلدة القديم

راحت أمك تبحث عن سعر للبساط

ونسيتك في يد التيه

تلاقي غدَّك الباهتَ

في مدرسة "العنيد"

حيث كانت مقراً ًللأتراك

سجناً للانجليز

مخفراً للفرسان

مكاناً لقهر العبيد

وأفقاً لغدٍ مغدور

في يومك المدرسي الأول.



كذب الذي عليك كذب

وأسمّاك باسم نبي اليهود

وسوَّاكَ في بيت الغضب.



للآلام روعتها

وللشتائم رائحة القُرّيص والخرفيش والمُرَّار

ربتك الحواري وسوء الأحلام

متاهة الخرافات

وطاعة الوالدين.



كذبوا عليك في كل يوم

وفي كل عيد

وأوجعوا قلبك بالأماني.



كذب الذي عليك كذب

وكلاء الثورة

وتجار الحرية

كذبت عليك الدوالي

الجدران

والغدران

خذلتك الأيام

وخانتك القصيدة.



يا مرحباً بالهزيمة

فهي زينة الليالي

وكأس النحيب

هناك وجدت مقعدي بين الحاضرين

كان يسبقني المسيحُ المخدوعُ على صليبه

و"الحسين" المفجوعُ

وكان وجه "عليٍ" منارتي للحكمة الخاسرة.

ضحكتُ

قهقهتُ حتى غار الرعد من صوتي

وأعطى البرقَ متسعاً للصاعقة.



كذبتْ عليك الكلمات

والحقيقة خاتلت معناها

ومعناك.



وفي بيت العنكبوت

ضربوا اسمك على وجه الزهور

ومنحوك أفضلية الذبول.



حَدِّقْ طويلاً قبل انبهارك بالزعفران

الطين ليس رخواً

لكنَّ قدميك من ماء

قدماك من ماء.



دع الفضيلة في حانة العناء

واسلك سبيل الصعاليك

بشِّرْ بدينك الجديد

وبلا ضمير

اغرسْ ما تبقى من سنوات

واحصدْ قمح الآخرين.

للحرية طعم الفقد

وللخسارة سرير النقاء

ولي

ما لا تقوله الملاحم والفجيعة.

مدَّ يديك للسماء

وللنهر ذكرياتك

وبع تلك المنى القديمة

في سوق الخردوات.

تراجع قليلاً عن معنى الكمال

ليس للورد فضيلة على القمامة

تذوي الورود

وتكتب الزبالة تاريخ الزهور.



ما أحسب أنك مكتمل النشيج

يزداد يأسك الحاداً

وتزداد أيامك نفوراً

تخطَّ حاجز الكتابة

ومنزل أبي تمام

حلَّ وثاق الشتيمة

واطلق للرداءة أنهارها العذبة.





ارفع كتفيكَ قليلاً

تهدَّل الجمالُ على حائط الخسة

وما كان ينبغي للشريد

أن يحلم برغيف الوهم الطازج

ولا فائدة التمرد

على التفعيلة.



كذبت عليك الفضيلة

والمعاني واصلت تخريب معناها

وأنت ما زلت تصدق

عد لنيتشه مرةً

وثق بشطحات المجانين.



ستعرف

وماذا ستعرف؟

ستدرك طين الأسى

ولن تدرك سر النسر البعيد

ستكبر خيبةً بعد خيبة

وتجفُّ سهول الذاكرة

رويداً رويداً

سيزهر النسيان

وتنمو فيه شتلات الخراب.

كذبت عليك الطريق

والحلم

والرؤى

وتلويحة الفرح

رسمتْ صورةً للوداع.

احملْ زعترَكَ الجبلي

تابع رحلة الأسى

ويا للحكمة الرديئة

في كتاب السيرة

يا للحكمة الرديئة.

20-9-2016



موسى حوامدة