Alef Logo
ابداعات
              

قصة / الدَّم

أحمد يوسف عقيلة

2006-09-21

خاص ألف
( 1 )
... (الجارِم) يقود سيارته العسكرية البيضاء.. يلتفت يميناً ويساراً.. وإلى الخلف.. وينظر في المرايا الثلاث.
يقف وسط ساحة القرية.. ينْزل.. بذلة عسكرية زرقاء داكنة مكرمشة ممضوغة.. يجثم على كتفه صقر.. تلمع بقربه نجمتان.. مؤخِّرة مُدَوَّرة تبدو كأنّها ترفض مرافقته.. بطن مُنتفخ يكاد يفلت من القميص.. حذاء ضخم.. نظرة صارمة.. نكات داعرة.. مَظهره العام يَشِي بأنّه قد سقط عمداً من أحد كُتُب التاريخ .
العسكري.. لكنّ جيوبه دائماً عامرة بالحلوى
( 2)
... (رِيْم) تقود بقرتها السوداء.. رداء أسود تخترقه خطوط بيضاء رفيعة.. شال أسود ينسدل حتى الخصر.. وتحت السواد ـ الذي تتحصَّن به الأرامل ـ كان كلُّ شيء يترجرج.
تلتفت إلى ابنها الذي يتسلَّل إلى ساحة القرية كعادته.. ويعود وجيوبه مليئة بالحلوى.
( 3 )
... مرَّ (الجارِم) في إحدى جولاته التفقديّة من أمام بيت (رِيْم).. كانت البقرة تعلف الخبز اليابس في قصعة قديمة.
ـ حظوظ.. لا تعلف سوى الفُتات.. وأثداؤها تُلامس الأرض..!
فتل شاربه.. مسح على شفتيه.
ـ أنا أعلف بقرتي قمحاً.. ثُمّ يذهب كلُّه روثاً.. أين العدالة في هذا..؟
( 4 )
... في ظلام الفناء الخلفي كان كلُّ شيء مُرتّباً لتلك اللحظة.. مرَّر (الجارم) يديه على الجسد الأملس.. على كتفيها.. على ظهرها.. ثُمّ انحدر.. عاد إلى الثدي.. تَحَسَّسه.. مَلَّس عليه وطبطب.. ضَغَطَه.. ثُمَّ شرع يحلب.. أَحْدَثَ الشخب رنيناً في قاع السطل.. همس:
ـ الظلام سترة.. لا أُصدِّق أن كلّ هذا الحليب من الخبز اليابس.. حظوظ.
كان يستمتع بصوت الشخب في العتمة.. أحسّ باللزوجة الساخنة تسيل مع ذراعيه.. وتحت فخذ البقرة كانت النجوم تومض على كتفي (الجارِم).
( 5 )
... حين هَمّ بإخراج البقرة.. رأى (رِيْم) تقف في الضوء الخافت للمدخل.. فوضع يديه خلف ظهره.. تنحنح.. وسعل.
ـ مساء الخير يا (رِيْم).. يبدو أن بقرتك وجدت الباب مفتوحاً فدخلت.. لَم أنتبه لها إلاّ وهي في الفناء الخلفي.
حاولتْ أن تعتذر..
ـ لا بأس.. بسيطة.. إن كنتِ تقصدين هذا الزّبل الذي على البلاط فسأُنظّفه بنفسي.
( 6 )
... توارت (رِيْم) في الظلمة.. بلَّل (الجارِم) شفتيه بلسانه.. وأغلق الباب.. وحين رفع يده عن المقبض .. أجفل.. فنظر إلى كفَّيه.. كانتا مُلطَّختين بالدم.. أسرع إلى الفناء.. أشعل المصباح.. كان البلاط مُبقَّعاً بالأحمر.. وكان السطل طافحاً بالدَّمّ الأسود الْمُتخثِّر.













تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

قصة قصيرة. / انْتِحال

28-آب-2009

قصة / الدَّم

21-أيلول-2006

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow