Alef Logo
ابداعات
              

ذاكرة منتعشة

نعيم الغول

2008-06-03


وصل التحقيق إلى نقطة التقاء الختانين : التهمت النار عصبونات دماغي وأنا أفكر في مخرج، فيما شوت النار بياض عينيه وهو يفكر في طريقة تخرج لساني من بين فكيّ المطبقين منذ شهور على كلمتي " لا أعرف" ..
وصلتْ إلى وجنتيّ زفرته المحملة برائحة تبغ أمريكي وعطر لا أدري إن كان باريسيا أو بحرينيا. رائحة عطر تثير الحاجة إلى العطس ممتزجة برائحة دخان يثير الحاجة إلى السعال مدفوعة بحرارة الرغبة في الخلاص من معتقل غلس وحمار وفارغ أطبق فكيه على كلمتي لا أعرف، أو ربما يكون ممثلا ويخفي الكثير خلف هذا الرأس المستطيل كحقيبة سفر قديمة.
قال بعد بضع ثواني تأمل غير فلسفي :
- هل تفضل أن أعاملك كإنسان أم كحيوان؟
تخيل أن أبيّ بن خلف يخيّّّّّّّّّر بلالا بن رباح.
تخيل الحجاج يخيّّّّّّّّّر ابن الزبير أو حجارة الكعبة
شيلوك يخير أنطونيو أو المدية تخير اللحم
تخيل "الرئيس ؟؟"عباس يخير منظمة حماس أو حماس تخير عباس (تذكر صورة الشيخ على ورقة الشدة كيفما تديرها تجدها هي هي مع أن الخيال قد "يشحطك" بحيث ترى تكشيرة وجدية هنا و ابتسامة وليونة هناك لكن الخل اخو الخردل والسطل هو الكردل وقد تستغرب إذا علمت أن الأسد قط مما يجعلك تسارع في القول ربنا عجل لنا قطنا ولكن عليك الا تحلم بالمواء فقط فكر كيف تتجنب الشواء )
تخيل محققا يحمل وشما بالليزر على جبينه" أنا الله" يخير معتقلا يحمل وشما بالليزر على جبينه "أنا كافر".
وفكر معي أيها الحبيب: أحيانا يصعب التمييز بين شيئين وبالتالي يصبح الاختيار الذي وضعني ولي أمري المحقق ضربا من الشعوذة
طرف الليل الأخير الذي لحس فوديه الشيب بلسانه الفضي المبلول وطرف النهار الأول الذي تشبث – كديكتاتور مزمن- بالكثير من السواد ،
آخر الأمل الذي ينبت جناحين بدل القدمين وأول اليأس الذي يركل على الخصيتين،
ابتسامة على وجه مومس وابتسامة على وجه متعامل بالشأن العام.
ضحكة النائم وضحكة المجنون ( بصراحة هذه لطشتها من عند ناثانيال هوثورن قدس الله سره القصصي)
وأمام ميل المحقق بجسمه نحوي بكل حماس وانفعال وروح وطنية وجدت أنني – أكيد كما يحدث معك- : أحيانا تصعب معرفة موقعك بين شيئين؛ مثلا حين تمارس الجنس مع امرأة لا تحبك وتنبطح هي تحتك كمومياء مرخية ذراعيها على طرف السرير كأنها (أو لأنها) ضلت الطريق إلى عنقك فيما تصبح أنت كحصاة في غربال تحركه يدان مجنونتان و لتحس- أنت- أنك تفعل شيئا يجلب اللذة تُسمع نفسك صوت لهاثك فيخرج كالنهيق.
أو حين تمارس الاستمناء / العادة السرية/ نكاح الكف / جلد المواطن عبدالله (كانت العرب تسميه عميرة ) فيما مثانتك منتفخة.
أو حين تمارس التفكير بجمجمة شرقية معدة مهجعا نهاريا للخفافيش والاستهلاك والتشدق بكنا وكنا وكنا فيما نهدي سيوفنا لقتلتنا ونستقبل رؤساءهم في أسواقنا.
أو حين تتعاطى إبر الهواء لأن " المخدرات ارتفع ثمنها جدا ، والحكومة تعمل على زيادتها أكثر !
كيف وهي ممنوعة أصلا؟ تسأل نفسك أو قد يسألونك.
" للرب طرق عجيبة !" تجيب نفسك أو يجيبونك.
أو حين تؤمن بحرية المرأة كي تمتليء طريقك وحقولك بالفروج وتعد جدارا إسمنتيا حول حقول الفروج وتتلو : اذهبن فإن لكنّ في هذه الحياة أن تقول واحدتكن "Noli me langeri".
صدقتُ ظنه فيّ.
حمار وغلس وفارغ.
قلت بعناد القاعد على خازوق الرافض لقول آخ ..لاستلام المرهم والشاش ( اللزي منه) والقيام- إذا قالها-( ليهتف الجميع عقب القداديس والصلوات (المعتقل قام ، المعتقل قام) :
- لو قلت "كإنسان" فسأطمع كإبليس بالجنة. عاملني كما تشاء."
أشار إلى المساعد وقال: "خذه وانقعه ساعة في حوض ماء ساخن وشامبو ثم سلط عليه الدوش ربع ساعة ثم نشفه بنشافة الهواء ثم دلكه ومسّجه واحرص على ألا يسترخي ثم ألبسه بدلة حرير وحذاء جلد ماركة "إهريني" ثم خذه إلى مطعم الضباط وليطلب ما يشاء ودعه يأكل حتى يشبع وانتبه إلى صحته ثم خذه في جولة في حديقة المدير وادخله الكشك كي يجدها هناك."
قاطعه المساعد: يجد من يا سيدي؟
- "خادمتك السيريلانكية. اتصل بها لتنام معه في الكشك."
- "ولكنها لا تفعل ذلك يا سيدي؟"
- "لا تفعل ذلك مطلقا أم مع غير أفراد الأسرة؟ أتحب أن أطلعك على الصور؟ المهم إذا تعب من المشي احمله وإذا مل "حَسّس" على ظهره، وربت على كتفه، وأسمعه من عذب الحديث واقرأ له من شعر محمود درويش لتسري عنه.
شيء واحد يجب أن يبقى تحت سيطرتك ."
سأل المساعد من داخل الشق الذي انشق قبل قليل وابتلعه:
- ما هو سيدي؟
- سلسلة ذهبية ناعمة في رقبته. أريد أن اضمن أنه لن ينسى ضيافتنا.

قلتُ غير مصدق: الجزء الأول في الزنزانة لا ينسى تماما كالجزء الثاني من "باب الحارة" فلم الجزء الثالث ؟ اقصد الثاني؟ ولكني حسبتك ستعاملني كحيوان؟!
أزاح خده الأيمن إلى أقصى اليمين ليدلل على مفهومه الخاص بالابتسامة الساخرة: كل ما سبق "تحت" كان معاملة إنسانية. حين تصفع وتركل ويداس في بطنك ويبصق في وجهك ويشتم أبوك وتلعن أمك ويدعى بالفضيحة لأختك وتعلق من مؤخرتك ويغطس رأسك بالماء حتى تكاد تخرج روحك من آخر ثقب بقي مفتوحا في جسمك إنما هي معاملة إنسانية. لأنها مصممة لإنسان.إنسان اختار شيئا .. فأساء الاختيار.
هل أنتعشت ذاكرتك؟!
همست بصوت كالفحيح: "لا أعرف"!؟"

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

رسم "بدل فساد

11-آذار-2015

قصة قصيرة / قانون النهار في تموز

15-آب-2009

من المحررات السلطانية لابن المخوزق

28-تموز-2009

مناقشة مقال" لكي نصل بالإسلام إلى القرن الثاني والعشرين" للأستاذ سحبان السواح

30-حزيران-2009

بصيمة بالعشرة

27-حزيران-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow