Alef Logo
يوميات
              

سلمية تحرق نفسها

حسان محمد محمود

خاص ألف

2017-07-01


لافتة صغيرة، بحجم الكف، حجم يدل على استحياء، وخفر، علقت في واجهة أحد محلات مدينة سلمية، المدينة المرمية في حضن البادية السورية، مدينة العناية العظمى بالعلم والفكر والثقافة، تقول اللافتة (لدينا كتب للتدفئة بسعر 25 ل. س).
إذن، سلمية تبيع كتبها!
تلك الكتب، الأقل صدقاً في "جلاء الشك والريب" ربما، وبعد واقع سلمية الراهن، صارت أصدق من السيوف في تلك المهمة.
امرأة عتيقة، عاقة للسلط، تضطر لبيع زينة عرسها، كي تدرأ نهم مغتصبها، فلا يطال أطفالها، فيموتون برداً.
لا يمكنك _ خصوصاً إن كنت "سلمونياً" _ أن تتحدث عن هذه اللافتة "الكارثة" إلا بهذه اللغة، البعيدة عن التقريرية والتحليل، فالوقائع الحارة تفرض فور تحققها ارتكاساً وجدانياً، أولياً، ثم يأتي بعده العقل، والمنطق، والتفنيد.
قبل نحو عامين، حلت كارثة أخرى بسوريا، مسرحها كان سلمية أيضاً، واختارت الحرق سبيلاً للإعلان عن نفسها، فلسفة "البوعزيزي" تطال أشجار جبل البلعاس، فتقطعها، وتبيعها، للتدفئة، وعمر كل شجرة ينيف عن ألف عام.
ألفاً من الأعوام، هاجعةً في جذع..تضيع.
أتيت إلى ألمانيا، تهريباً، وفي الطريق مكثت في أثينا، حيث "عش المهربين" ومحطتي في رحلتي، سال لعاب المهرب حين رأى أنني أحمل جوازي سفر سوريين، أحدهما منتهي الصلاحية، واستغرب رفضي مبلغ ألفٍ من الدولارات، لقاءه، وأبدى استعداده لدفع المزيد إن وافقته "بيعاً" له، وأغراني بأن عراقيين وأفغان يحتاجون وثيقةً تثبت "سوريتهم" كي يستفيدوا من تعاطف بعض الحكومات معنا، نحن السوريين.
كان الأمر بسيطاً، جواز كحلي ألقمه إياه، فيلقمني عشر وريقات خضراء زيتية من فئة مئة دولار، و "وضعيتي القانونية" لن تتأثر، فجوازي الساري المفعول وبطاقة هويتي تفيان بالغرض: اللجوء، وإن حدث وسئلت عن شرفي المباع، أقول "ضاع مني، أو سرق".
هل تبدو "خيانة" وطنية الآن، رغبتي بإرسال جواز سفري لأطفال سلمية كي يحرقوه، ويتدثروا بناره، في هذا القر العظيم؟


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

المتة إن عزت

05-أيلول-2020

قصة مقالة عن أدونيس

23-أيار-2020

ضحكة فلسفية

04-نيسان-2020

هكذا تكلم أبو طشت ـ جزء 6 المرأة التي قتلتها مؤخرتها

21-أيلول-2019

هكذا تكلم أبو طشت ـ الجزء 5 كورنيش الشمس لدعم النقد الأجنبي.

14-أيلول-2019

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow