Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

عن زبيغنيف هيربيرت ( 1924 – 1998)/ ترجمة:

صالح الرزوق

خاص ألف

2017-09-30

قال عنه روبيرت هودزيك في "مجلة المكتبة": إنه "واحد من أهم شعراء بولونيا وأكثرهم تأثيرا"، فزبيغنيف هيربيرت يتمتع بسمعة دولية واسعة، وشعره يتصف بلغة مباشرة واهتمامات أخلاقية قوية، وقد أخذ شكله من تجربة امتدت بين دكتاتورية هتلر ودكتاتورية السوفييت. وكما قالت بوغدانا كاربنتير في "الأدب العالمي اليوم": "تمكن هيربيرت أن يستفيد من تجاربه الهدامة في الوصول لنهايات بناءة، لقد شيد جسرا بين عوالم لا يبدو أنه يمكن المصالحة بينها: الماضي والحاضر، والمعاناة والشعر".

بدأ هيربيرت بكتابة الشعر حينما كان بعمر سبعة عشر عاما، ولكنه لم ينشر قبل عام 1956 "بعد خمسة عشر عاما من الكتابة وإيداع نتاجه في الجارور". ولا شك أن أحد أهم مسببات تأخر النشر هو المناخ الأدبي في بولونيا خلال الأربعينات والخمسينات: فالمواد الجاهزة للنشر تعرضت للضغط خلال الاحتلال النازي ثم على يد الرقابة القاسية في نظام ستالين القمعي. (وقد أشار هيربيرت لجوزيف ستالين ساخرا بلقب"عالم الألسنيات العقبري" الذي خرب اللغة). وكما أشار جيسلاف ميوش:" قبل 1956 لتكون صالحا للنشر يدب أن تعادي ذوقك الخاص ولكن (هيربيرت) لم يرغب بدفع هذا الثمن". عموما، هيربيرت لا يشعر بالمرارة من فترة الانتظار التي امتدت خمسة عشر عاما، بالعكس، لقد اعتبرها "فترة صيام"وفرت له الوقت لتحسين موقفه من الضغوط الخارجية.

وقد وصفه ستيفان ستيبانشيف أنه "شاهد على عصره"، ويمكن اعتبار هيربيرت شاعرا سياسيا. ولكن ستيفان ميلر اقترح في "النشاطات النادرة: مقالات على شرف فرانسيس فيرغسون" إنه:"يمكن لكلمة سياسي أن تكون غشاشة لأنها تأتي إلأى الذهن بأشعار الثلاثينات الرديئة، الشعر الذي خربته الأهداف والقضايا... والشاعر السياسي الذي يتعامل مباشرة مع شؤون تاريخية معاصرة يلعب بالعادة لعبة خاسرة. وغضبه الأخلاقي بالغالب يطغى على شعريته، ويحوله إلى صوت حماسي ومألوف وحاد النبرات.. ومع أن شعر هيربيرت مهموم بكوابيس تاريخنا الحالي.. لكنه ليس خطابا مباشرا. بل هو مغطى وبديهي، ويشع شعره بالهستيريا والكثافة القيامية". وكتب روبيرت هاس في الكتاب الدولي لواشنطن بوست يقول إن هيربيرت " ساخر وناقد ويكتب كأن من مهام الشاعر، في عالم حافل بالأكاذيب والتبجح، أن يقول حقائق لا تقبل الاختزال بصوت معتدل". وحسب قول أ. ألفاريز في "وراء كل هذه الألاعيب" إن هيربيرت" هو سياسي بفضل موقفه المعارض والقلق دائما... ومعارضته ليست دوغمائية: وخلال الاحتلال النازي حسب معرفتي لم يكن شيوعيا. ولكن خلال الاضطهاد الستاليني لم يكن بشكل ملحوظ كاثوليكيا ولا قوميا. ومعارضة هيربيرت تنطلق من مبدأ راسخ: فقد رفض أن يخفف من قناعاته ومعاييره بتأثير أي دوغما".

وربما كان موقف هيربيرت "السياسي" حاضرا في تفسيره لدور الشاعر. ذكر هيربيرت مرة " نحن في بولونيا نفكر بالشاعر وكأنه نبي، فهو ليس مجرد خالق للأشكال اللفظية أو مقلد للواقع. الشاعر يعبر عن مشاعر عميقة ووعي واسع بالجماهير... ولغة الشعر تختلف عن لغة السياسة. وفي النهاية، الشعر يستمر لفترة أطول من أي أزمة سياسية معروفة. الشاعر ينظر لنطاق عريض وعلى امتداد مسافات طويلة من الوقت. ويسجل ملاحظات عن مشكلات عصره، وبالتأكيد، هو حزبي فقط بمعنى أنه من طرف أو حزب الحقيقة. ويعمل على الشك وعدم الوثوق بأي شيء ويضع كل الظواهر موضع المساءلة. والشعر أيضا، له تأثيرات محدودة. وفي حوار مع جايسك ترزناديل في متابعات حزبية يقول هيربيرت:"من التعجرف أن تعتقد أن الإنسان قادر على التأثير بحركة التاريخ عبر كتابة الشعر. فمقياس الضغط ليس هو الذي يبدل من الطقس".

ومع أن هدف الشاعر وموضوعات شعره جادة، فقد دمج المرح والسخرية على نحو مؤثر. كتب لورنس ليبيمان في "الشعر" يقول:"أهم صفة متميزة في خيال هيربيرت هي قدرته على استثمار الفانتازيا المبالغ بها واللغو العاطفي سيء الحظ بشكل عالي الجدية. وفانتازياه الساخرة هي درع للعقل الصحيح المعافى الهازئ بالقمع السياسي. كانت الفانتازيا أداة للبقاء: هي سلاح أساسي في ترسانة شعرية تخدم كحافظة للهوية الفردية، واعتداء على الرق العقلي الذي فرضته الكنيسة والدولة الشمولية. ويرى ميلر في مرح هيربيرت "طريقة لمقاومة لغة دولة غير إنسانية وغير ذاتية ... مع الاحتفاظ بروح من الدعابة بغرض الاحتفاظ بلغة خاصة ولتحاشي التسييس الكامل للنفس".

ويتداخل شعر هيربيرت أيضا بأوهام ميثولوجية مصدرها الإغريق والإنجيل. ويؤكد ميلر أن "عدسة الأساطير تقلل من بهرجة التجربة المعاصرة، وتضعها في سياق يمكن (هيربيرت) من رؤيتها دون فقدان لعقله أو إحساسه المرح". وأشار أيضا أن استعمال الأسطورة "حرر (هيربيرت) من احتوائها في حوادث تاريخية خاصة... وفي نفس الوقت كان توظيف الأسطورة يغسل العظام الرقيقة التي تتخلل الساتير، وهذا حولها إلى شيء ماكر وأنيق، ولكنه غير واضح وله قبضة قوية". على سبيل المثال، في قصيدة "تحقيقات أولية عن ملاك" يقدم لنا مقارنة بين الأنظمة الشمولية وأسطورة الإنجيل: "ملاك" في الدولة، عضو في الهرم الوظيفي، يتعرض لمحاكمة ويدان بالذنب وارتكاب جرائم ضد الحكومة "الطاهرة". القصيدة تذكير بصعود ستالين حينما كان كل "أعضاء" الحزب تحت الشبهات. وفي قصيدة أخرى هي "لماذا الكلاسيكيات"، يقارن هيربيرت ثيوسيديدس، المؤرخ اليوناني العظيم الذي قبل مسؤولية فشله في مهمة القبض على أمفيبوليس، مع "جنرالات الحرب الأخيرة" الذين غرقوا في الشفقة على الذات وأكدوا أن الجميع، وبالتالي لا أحد، مسؤول عن فشلهم وأفعالهم.

وحسب رول ك. ولسون السيد كوجيتو واحد من أكثر أعمال هيربيرت تشاؤما. وقد ذكر ولسون الذي رأى في هيربيرت "أعظم شاعر بولوني ينتمي لما بعد الحرب" أن "اهتماماته (في السيد كوجيتو)... تخص الإنسانية وليس الإيديولوجيات التي خانت غالبا كل من آمن بها بسذاجة". وبنظر بوغدانا كاربنتر وجون كاربنتر، في مقالة نشرتها كجلة الأدب العالمي اليوم، اهتم هيربيرت بهويته الذاتية:" ولو أن هيربيرت اكتشف في نفسه بقايا من الآخرين وشعر بالمخاطر البيولوجية وإجبارية التاريخ، كان لديه في نفس الوقت وعي حاد بالانفصال عن الكائنات البشرية الأخرى. وفي كتبه السابقة استعمل على نحو متكرر الضمير "نحن" مع شعور متزايد بالتضامن والتعاطف مع الآخرين، بينما في أعماله الأخيرة بدأ يميل لاستعمال ضمير الشخص المتكلم المفرد. وهذه مفاجأة – القدرة على التماهي مع الآخر ... واحدة من أهم خصال هيربيرت".

السيد كوجيتو، وهو شخصية مركزية في الكتاب، يعتبر مشكلة بنظر عدد من النقاد، فقد وجدوا أن العلاقة بين هيربيرت وكوجيتو ليست مقنعة، وصنفوا الشخصية في عداد المثيرين للشفقة والمهزومين. فاهتماماته عملية ولكن حياته عادية. ويستمتع كوجيتو بقراءة المقالات الشيقة في الصحف، لكنه يفشل في تأملاته ومحاولته للتسامي فوق الواقع، "و تيار شعوره حافل بالبقايا الجاهزة كأنه معلبات". ولكن ولسون وكاربنتر (بوغدانا وجون) اعترضا على هذه الانتقادات فالسيد كوجيتو إنسان شفاف ورجل عالمي. وكما يقول ولسون كوجيتو هو "مثقف حديث يقرأ الصحف، ويتذكر طفولته، وعائلته. ويهتم بالفنون الشعبية وأمريكا والاغتراب والسحر والشعراء المسنين والعملية الإبداعية". وبرأي آل كاربنتر إن كوجيتو " أداة تسمح لهيربيرت أن يعترف بهذه العاديات التي نشترك بها جميعا، وأن نؤسس لها، وبعد ذلك، أن نبني عليها. كان هيربيرت يؤكد على على عادية الشيء ونقصانه لأنه أراد أن يتعامل مع الأخلاق العملية وليس المتسامية. وقصيدة "السيد كوجيتو Pan Cogito" بإلحاح تطبق الأخلاقيات ليس على الأفعال فقط ولكن الاحتمالات أيضا، الأفعال الممكنة في الحياة العادية، مع الأخذ بعين الاعتبار فشل الإنسان. والقصائد قادرة على التسامح وهي بشرية في مقاربتها، وأقل تحديدا من القصائد السابقة، وتضم قدرا أعلى من المتناقضات". ولاحظ ولسون "أنه في التحليل النهائي يوجد لكوجيتو نقاط ضعف، فهو غير قادر على التفكير التجريدي، ويرفض الدوغمائية، ولديه مخاوف إنسانية تثير الرعب والقلق، ويعاني من مشاعر بعدم الكفاية والتورط بالسخرية من الذات، وهذا الضعف هو مجال لقوته وفضائله أيضا". وفيما يتعلق بدور الشخصيات في أعماله، ذكر هيربيرت ذات مرة:" قصائدي يتلوها شخص عمومي لا يتكلم بالأصالة عن نفسه أو من أجلي ولكن في سبيل الإنسانية جمعاء. إنه ممثل لها، يتكلم من أجل جيل، لو شئت الحقيقة، ويصل لأحكام تاريخية وأخلاقية".

ولدى ترجمته باسم السيد كوجيتو واجهت الشخصية الأساسية في الكتاب تكهنات إضافية من النقاد الأمريكيين. كتب إي جي شيرفينسكي في "الأدب العالمي اليوم" مقالة لاحظ فيها ثيمة الكتاب "المرتبطة بحاضر الفوضى الملتهبة وماضي الوعي الآمن بالقيم"، وهذا يرفع السيد كوجيتو إلى مصاف "دورة شعرية هامة لا يمكن أن ترى مثلها عند أي شاعر ينتمي لهذا القرن". وبالاستناد لوضع الفلسفة الديكارتية أصبح السيد كوجيتو شخصية ذات أفكار مشتركة وقدرة على النفاذ في معضلات الحياة، ومع ذلك فهو ليس "بطلا ولا شريرا"، كما هو شأن الآخرين في أرض محتلة، إنه مناضل كما قال كينيث بوبو في الأدب العالمي اليوم، سيرة متسلسلة للسيد كوجيتو، ولكن توفر بالمقابل "وجهتي نظر... متكلم بضمير الأنا، وهو السيد كوجيتو نفسه، وشخص بضمير الغائب، وفيه يعقب شخص آخر على أحوال السيد كوجيتو". وهذه الثنائية يعبر عنها هيربيرت في قصيدة "عن ساقي السيد كوجيتو"، وفيها يبين كيف أن الساق اليسرى للسيد كوجيتو تميل لــ "تقفز/ وهي جاهزة للرقص" بينما ساقه اليمنى "قاسية كالنبلاء" ولذلك "بهذه الطريقة/ على ساقين/ اليسرى التي يمكن مقارنتها بسانشو بانزا/ واليمنى / التي تذكره بالفارس الجوال/ كان السيد كوجيتو / يرتحل/ في أرجاء العالم/ وهو يترنح قليلا". والنتيجة شخصية "متخيلة وتكسر القلب في نفس الوقت" على حد قول ريتا سيغنوريللي في "المطبعة الصغيرة".

بالإضافة لشعره، مقالات هيربيرت وأعماله النثرية القصيرة أو "الثانوية"، التي جمعها في كتاب "الحياة لا تزال مقيدة" تستحق الانتباه. فهو يضغط فيها بحثا عن أطروحة مضادة للنظام الشمولي الذي ترعرع في ظله. لقد بحث هيربيرت عن إجابات في الخلفية التاريخية لرأسمالية الطبقة المتوسطة، وهو ما يسميه ماثيو ستادلير في متابعات نيويورك تايمز للإصدارات الحديثة "أسلافنا الثقافية العظيمة، لبورجوازيو القرن السابع عشر في ا ألمانيا". ة في "الحياة لا تزال مقيدة" شذرات من أدب الرحلات والقصة والمقالة ويوظفها هيربيرت لاكتشاف التاريخ والعلم والعمارة والوثائق والرسوم بحثا عن نموذج لمعنى يخرج من كولاج، وذلك ليؤكد، بكلمات ستادلير "إن الماضي لا يمكن قراءته في جغرافيات الحاضر، ولكن في مخيلتنا". ويستعمل هيربيرت صورا مضيئة ومظلمة وملونة لتفسير رأيه:"الظلام يسقط، وآخر مصري غريب أصفر يظهر، الأحمر يصبح رماديا وهشا، وآخر الألعاب النارية في النهار تتحول إلى ظلام. وفجأة هناك صمت غير متوقع، فترة قصيرة الأجل في الظلمة كما لو أن شخصا متسرعا يفتح الباب وينتقل من غرفة مضيئة إلى غرفة مظلمة".

سافر هيربيرت في أرجاء الغرب، ليتلو من أعماله وليعمل بالتدريس في عدة جامعات. ولكن في بلده الأصلي، كانت معظم أعماله لعدة سنوات قد طبعت أولا في طبعات سرية ممنوعة أو ظهرت في الغرب بسبب اهتماماتها السياسية. بالمقابل إن الكتاب البولونيين الذين امتثلوا للخط الشيوعي تلقوا معاملة أفضل. قال هيربيرت ترزناديل:"كل من اختار (في الغرب) أن يكون كاتبا تحمل مخاطر جسيمة، بينما هنا عاشوا في أحضان الرفاهية، فوق معدل حياة المحترفين. الخطر الوحيد كان سياسيا. كان على المرء أن يعلم بأي اتجاه تهب الرياح... لو أن الكاتب عضو في اتحاد الأدباء من المؤكد أن كتبه ستلقى القبول والنشر. ولم أسمع بحالة رفض واحدة لكتاب بسبب الرداءة وتدني الأسلوب".

قال ستانيسلاف بارانشاك في الجمهورية الجديدة عن هيربيرت إنه "بلا شك الشاعر الأهم بين الشعراء الأحياء في بولونيا"، فلهربيرت تأثير عميق على الكتاب الشباب. ونصيحته لهم كما قال في لقاء مع ترزناديل:"بما أن الحياة معقدة، وغامضة وملتوية أكثر من الحزب والجيش والشرطة يجب أن نفصل أنفسنا قليلا عن الواقع اليومي المرعب ونحاول الكتابة عن الشك والقلق واليأس".

إنه شاعر التاريخ والفلسفة والسياسة والإنسان المفرد، فقصائد هيربيرت بسطورها الحاذقة ونبرتها الساخرة أكسبته سمعة دولية. وبعد وفاته عام 1998 عن عمر يناهز 73 عاما، قال عنه هاس "إنه واحد من أهم شعراء أوروبا في النصف قرن الأخير، وربما – أكثر من معاصريه مثل جيسلاف ميوش وفيسوافا شيمبورسكا – كان الشاعر البولوني المحدد لصفات شعر ما بعد الحرب". ويضيف ستيفن دوبينز في النيويورك تايمزعلى ما سبق قوله:"في عالم عادل فقط من الممكن أن يكون السيد هيربيرت قد حصد جائزة نوبل قبل الآن بوقت ملحوظ".



هذه ترجمة للمقدمة التي مهدت بها مؤسسة الشعر الأمريكية Poetry Foundation لمختارات من قصائد الشاعر زبيغنيف هيربيرت.















تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة :

17-نيسان-2021

قصائد مختارة لمارلين مونرو

03-تشرين الأول-2020

قصة / كانون الأول / كريستال أربوغاست

12-أيلول-2020

مدينة من الغرب اقصة : تميم أنصاري ترجمة

22-آب-2020

قصائد لهنري راسوف ترجمة :

20-حزيران-2020

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow