Alef Logo
دراسات
              

الطائفية وصراع المتشابهات الجزء الثامن

مروان عبد الرزاق

خاص ألف

2017-12-16

-٣-

*ماركس وأشباح الماضي

كتب ماركس في بداية كتابه (الثامن عشر من برومير "لويس بونابرت")، وفي تحليله للثورة البرجوازية الفرنسية (1848)، وإقامة الجمهورية الثانية (1848-1852)، ثم انقلاب لويس بونابرت (ابن اخ نابليون) في (1851)، والذي وصفه "بالنصاب الماكر" وإعلان نفسه بعد عام إمبراطوراً لفرنسا.

"يقول هيجل في مكان ما، إن جميع الأحداث والشخصيات العظيمة في تاريخ العالم، إذا جاز القول، تظهر مرتين. وقد نسي أن يُضيف المرة الأولى كمأساة، والمرة الثانية كمسخرة"(كارل ماركس-الثامن عشر من برومير-ص-6) في اشارة إلى "لويس بونابرت" –المسخرة- الذي حاول إعادة مجد الامبراطورية البونابرتية.

ويتابع ماركس:

"إن الناس يصنعون تاريخهم بأيديهم. ولكنهم لا يصنعونه على هواهم. إنهم لا يصنعونه في ظروف يختارونها هم بأنفسهم، بل في ظروف يُواجهون بها، وهي معطاة ومنقولة لهم مباشرة من الماضي. إن تقاليد جميع الأجيال الغابرة تجثم كالكابوس على أدمغة الأحياء. وعندما يبدو هؤلاء منشغلين فقط بتحويل أنفسهم والأشياء المحيطة بهم في خلق شيء لم يكن له وجود من قبل. عند ذلك بالضبط في فترات الأزمات الثورية كهذه على وجه التحديد، نراهم يلجؤون في وجل وسحر إلى استحضار ارواح الماضي لتخدم مقاصدهم، ويستعيرون منها الأسماء والشعارات القتالية والأزياء لكي يمثلوا مسرحية جديدة على مسرح التاريخ العالمي في هذا الرداء التنكري الذي اكتسى بجلال القدم وفي هذه اللغة المستعارة" (كارل ماركس-المرجع السابق-ص-6)

وفي سورية كانت "المأساة" على يد الطاغية-الأب. لكن "المسخرة"، وهو الطاغية ذاته، إنما بصورة كاريكاتورية. ولم تأتنا على الطريقة الفرنسية، إنما على الطريقة "الخلدونية"، أي التوريث للسلطة اعتماداً على "العصبية" العائلية والطائفية، وهي أخطر واكثر دموية من العصبية البدوية الخلدونية. ولم ينتظر الشعب أربعة اجيال-بحسب ابن خلدون-لانهيار الدولة. انما جيلين فقط أو نصف قرن كانت كافية لوضع حد للنظام الاستبدادي، وانطلاقة ثورة الحرية والكرامة الإنسانية.

وإذا عدنا إلى ماركس، واستمرار شبح الماضي في الحاضر. يقول: "إن ثورة 1789 اكتست بثوب الجمهورية الرومانية تارة، وثوب الإمبراطورية الرومانية تارة أخرى، ولم تجد ثورة 1848 (البرجوازية) شيئاً أفضل من التقليد الساخر لثورة 1789"(ماركس-المرجع السابق-ص-6).

أما الثورة السورية، فلم تجد ثوباً تاريخياً تكتسي به ويعبر عنها، لأنها أول ثورة للحرية في تاريخنا منذ آلاف السنين. ولم تجد ثورة تشبهها كي تقلدها. وليس في وعي شباب الثورة، من الثورات الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي، والزعامات الوطنية التي تربعت على كرسي السلطة خلال مرحلة الاستقلال. سوى علم الاستقلال الأول. والذي تم استعارته كرمز للتمييز عن علم النظام.

ولذلك اكتست في مرحلتها الأولى بثوب المستقبل واستمدت شعاراتها من هذا المستقبل المنشود الذي سيسوده الحرية والعدالة والكرامة الانسانية.

لكن أشباحاً من العهود القديمة كانت تحوم في فضاء الصراع بين النظام والثوار.

فاستعار النظام ببذلته الحديثة شعار الاستعمار التاريخي وهو "حماية الأقليات"، واستجلب الميليشيات الشيعية المذهبية وعماماتها لتستمر ف ي اللطم والنوح على المظلومية التاريخية، واستعارت لها الأسماء والشعارات من جعبتها الدينية المذهبية مثل: حزب الله، فيلق بدر، ذو الفقار، زينبيون، أبو الفضل العباس..إلخ . وكأننا لم نغادر معركة كربلاء والتي مر عليها أربعة عشر قرناً. وإنها قادمة لحماية الموتى في "المراقد المقدسة"، من أجل تمجيد وإضفاء صفة القداسة على معركتها، تحت شعار "لبيك يا حسين"، ولإخفاء المحتوى الفعلي لأهدافهم المتمثلة باستمرار السيطرة والتسلط على المجتمع، وعلى المنطقة بأسرها.

وبالمقابل، كادت الثورة أن تنتصر في عامها الأول وبعد تحريرها للكثير من الأراضي السورية. إلا أنها فشلت في إقامة مناطق محررة بالفعل، وفق شعاراتها: الحرية والعدالة والكرامة، وتقديمها للمجتمع كنموذج للثورة ولدولة المستقبل التي ستكون أكثر تطوراً وبشكل جذري من سلطة النظام.

وهذا الفشل أفسح المجال لأشباح الماضي أن تحط على الأرض وتسيطر عليها، واكتسى بها "الحجي"، و"الشيخ"، الذين حكموا بالسيف والعمامة، وعملوا على إعادة المجتمع نحو الماضي البعيد، واستعاروا أسماء الكتائب ورموزها من التاريخ القديم، وبالضبط من التاريخ الإسلامي المذهبي القديم. مثل: الكتيبة الخضراء، المهاجرين والأنصار، أنصار الدين، التوحيد والجهاد، جند الأقصى.. سرايا مروان حديد، كتيبة الإمام البخاري. إلخ . وتحت شعار "الله أكبر". وإزاحة الرايات السوداء، رمز الثورة الأخضر

وتوضح كيف "تجثم الأجيال الغابرة كالكابوس على أدمغة الأحياء". وكأننا لم نغادر مرحلة الثمانينيات. فالنظام استعاد العنف الطائفي ضد المتظاهرين، وخرج المكبوت من الصدور التي لم تتجاوز أيضا آلام الجيل السابق.

في اللحظات الثورية التي شعر فيها السوريون بأنهم "منشغلين بتحويل أنفسهم والأشياء المحيطة بهم في خلق شيء لم يكن له وجود من قبل" أي أن يكونوا أحراراً ويشعرون بالكرامة الإنسانية، ويقيمون دولتهم الديمقراطية الحرة. لم يجدوا في جعبتهم من الماضي إلا أرواح القديسين والملائكة و"طيور الأبابيل" لتقاتل معهم، وأيضاً الشخصيات التاريخية الدينية المذهبية، والشعارات المذهبية، وحتى الأزياء.

وقد حمل الطاغية ببذلته الحديثة على كتفيه، "حسن نصر الله"، بجبته السوداء، و"الخامنئي" بلحيته البيضاء، وهم يصرخون: "تحرير القدس يمر من حلب". وعلى المنصة المقابلة، يتربع "الحجي" والخنجر، و" الشيخ" بعمامته البيضاء وجلبابه القصير. والبغدادي والجولاني والسليماني ممسكين بأول الدبكة ويلوحون بسيوفهم، ومن خلفهم الملوك والشيوخ العرب بجلابيبهم الناصعة البياض. وفي الساحة السورية، اجتمع المتشابهون، "كي يمثلوا مسرحية جديدة، في هذا الرداء التنكري الذي اكتسى بجلال القدم"، على أنغام اللطم والنواح، وصليل السيوف، في صراع دموي عنوانه الرئيس: من يحكم من؟ والهدف السلطة والثروة.

وأما الجمهور الذي فقد الملايين من أبنائه بين قتيل، ونازح، ومشرد، ومهاجر، أصبح يلعن الإله والشيطان، الثوار والنظام، الثورة والحرية، وبدأ يحن للعودة إلى الأيام الخوالي حتى بوجود الطاغية.

-٤-

المجتمع والتأخر

لكن التوصيف العام، بأننا نقدس جهلنا، ونعاني من التأخر التاريخي، يجعلنا نقف أمام إشكالية كبيرة، وسنجد أنفسنا أمام أرضية لجلد الذات وتبرير اللافعل. وباعتبارنا شعباً متخلفاً أو متأخراً، تدفع الكثيرين إلى الانتظار حتى يتقدم هذا المجتمع بقدرة "القدير"، وتبرير الجهل، وبالتالي تبرير للاستبداد وكل آلياته وأشكاله ووسائله. وبذلك يصبح التوصيف العام لا يخدم المقاصد المعرفية بدون العمل على مقاربة الإشكالية المطروحة.

وعموماً يتم توظيف مفهوم الجهل، أو التأخر التاريخي من قبل المثقفين والسياسيين بشكل دوغمائي، وجعله منحصراً بالشعب، أو "الجماهير"، وجلد هذا الشعب لأنه متخلف، بقصد الترفع، وتبرير الأمر الواقع، والتهرب من المسؤولية. مثل إرجاع الطائفية السياسية، واعتبارها موضوعية، لأنها انعكاس لمجتمع متخلف منقسم إلى طوائف. وأن المجتمع المتخلف يفرز نظاماً ومعارضة متخلفين واستبداديين.. فالنظام والمعارضة من الشعب، والشعب متخلف، وبالتالي "كما أنتم يُولى عليكم". ويكون الحل برأي هؤلاء أن "الثورة الفكرية يجب ان تسبق الثورة السياسية". والثورة الفكرية المعرفية تحتاج إلى زمن طويل قد يستغرق عدة قرون. وبالتالي في هذه الحالة يتم ترحيل الثورة، أو الثورة السياسية إلى المستقبل غير المنظور.

وتبرز هذه المسالة بوضوح في المرحلة الراهنة، عند الطبقة السياسية عموماً، وخاصة حين وضع تصوراتها لسورية المستقبل، وتناولها مفاهيم الحداثة والتنوير للتعبير عن شكل وبنية الدولة القادمة المنشودة.

وكمثال، مفهوم الديمقراطية. وهو مفهوم إشكالي. وذلك إما رفضها للديمقراطية كلياً، لأنها نتاج "الغرب" الكافر!، كما هو عند الإسلاميين عموماً، أو رفض العلمانية التوأم الذي لابد منه للديمقراطية. والحجة دائماً إن مجتمعنا متخلف، متدين، غير مؤهل للديمقراطية بعد، وإن العلمانية هي ضد الدين، وبالتالي أي دولة ديمقراطية برأيهم يجب أن يكون تشريعها الفقه الديني.

هذه الرؤية الشعبوية القدرية تكمن خلفها الأيديولوجيا الاستبدادية، ومحاولة استمرار سيطرتها، والإبقاء على المجتمع متخلفاً، وتقدم التبرير للاضطهاد وأن هذا الشعب لا يكون مطيعاً لولي الأمر إلا بالقمع و"البوط العسكري" فوق رأسه كما تمارس كل الأنظمة الاستبدادية في العالم.

ويقابلها الرؤية الارستقراطية-أن صحت التسمية- في مقاربتها لإشكالية الديمقراطية، كما هي عند "جورج طرابيشي" الذي يوزع المسؤولية بين "الأنظمة الإستبدادية، التي لا تتحمل الانتخاب الحر، والمجتمع الذي لا يتحمل الرأي الحر". وأن "الديمقراطية بذرة برسم الزرع، أم ثمرة برسم القطف". والتفصيلات هامة وطويلة لكنها خارج موضوعنا. (للتفصيل. جورج طرابيشي-هرطقات-عن الديمقراطية والعلمانية والحداثة والممانعة العربية-ج١-دار الساقي-بيروت-٢٠٠٦)

وعبر التاريخ لم يختر الشعب المستبد الذي يحكمه. إنما كان دائماً الضحية لمستبد يغتصب السلطة ويحكم بالقوة. والشعب دائماً هو ضحية للحروب الداخلية والخارجية. ضحية حروب السياسيين. وهو لا يعرف وليس المطلوب منه أن يعرف عن كيفية الخروج من الأزمات التي تواجهه، أو كيف يتقدم المجتمع. وليس المطلوب منه أن يدرس الفلسفة، وعلم الاجتماع..إلخ

الطبقة السياسية التي تحكم هي التي يجب أن تمتلك الشجاعة وتتحمل المسؤولية في الانتصارات والهزائم، وليس المجتمع أو الشعب المغلوب على أمره. لا أن توزع المسؤولية على الجميع، كمن ينثر أوساخه بقصد التنظيف.

في الخميسنيات الطبقة السياسية هي التي فشلت في إقامة الدولة الوطنية، ليس لأنها جاءت من مجتمع متخلف أو لأن تركيب المجتمع متخلف ومنقسم. وليس أيضاً بسبب عدم الفهم وخاصة أن أغلبهم اطلعوا على المبادئ العامة لفلسفة التنوير.. إنما بالضبط نتيجة الأيديولوجيات المنغلقة، مثل: (حزب الشعب، والحزب الوطني) الذين سيطروا على أغلب الحكومات المتعاقبة، والذين لم يخرجوا عن إطار مصالحهم الشخصية (الاقطاعية-البرجوازية)، باتجاه الوطنية السورية.

والأنظمة العربية هي التي انهزمت في كل الحروب مع إسرائيل وخاصة (١٩٤٨-١٩٦٧)، وليس الشعب العربي هو الذي انهزم، أو لأن هذا الشعب كان متخلفاً. والنظام السوري الذي تم بناؤه كنظام طائفي، لم يتم تفويضه من الطائفة العلوية، وكذلك "الإخوان المسلمون" ومشتقاتهم المتنوعة وصولاً إلى "داعش والنصرة"، لم يتم تفويضهم من "أهل السنة".

والشعب الفرنسي عند ثورة (١٧٨٩) لم يكن أكثر تقدماً من الشعب السوري عندما نهض بثورة (٢٠١١). ولم يكن الشعب التركي أيضاً أفضل حين أعلن أتاتورك بجرأة وشجاعة إلغاء الخلافة وإعلان تركيا دولة ديمقراطية علمانية منذ ١٩٢٣. وكان الشعب في ثورات الربيع العربي أكثر تقدماً من كل الطبقة السياسة المعارضة. لكن الثورات الشعبية، والعفوية خاصة لا تدوم طويلاً، ولا تستمر إذا لم تتوفر طبقة سياسية على مستوى تحدياتها وأهدافها، تقودها إلى بر الأمان. وهذا لم يتوفر في ثورات الربيع العربي إلا جزئياً في تونس، وهي أفضل النماذج حتى الآن.

صحيح أن كل مفاهيم التنوير الحديثة مثل الديمقراطية، والعلمانية، والمساواة، والعدالة، وحقوق الإنسان، وحرية المرأة. إلخ ، ضرورية لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة والتي تحتاج إلى ظروف موضوعية ناضجة، وتبني المجتمع لهذه المفاهيم وقيم الحداثة، وهي عملية تاريخية طويلة. لكن ذلك لن يحدث بدون وجود طبقة سياسية، تكون قد انزرعت في رؤوسها هذه المفاهيم أولا، وتمتلك إرادة سياسية حاملة للمشروع الوطني. واحد العوامل لظهور المتشابهات هو غياب هذه الطبقة في الثورة السورية وعموم ثورات الربيع العربي. بمعنى آخر، البوابة السياسية هي المقدمة الأولى لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة، وخاصة نحن في القرن الواحد والعشرين، والمعرفة متاحة للجميع في عصر العولمة. ولا أعتقد أننا بحاجة إلى ثورة ثقافية على الطريقة الماوية، حتى نبني دولتنا المنشودة.


٥- هل من آفاق للخروج من النفق؟

-١-

الحديث عن آفاق للخروج يدفعنا لمقاربة الواقع الراهن، ومحاولة أن نعقل واقع سورية-الآن.

والواقع المنظور يشير إلى أن سورية أصبحت في قبضة الفاعلين الدوليين الكبار، أي روسيا وأمريكا، وتراجع دور القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران والسعودية، وبنسب مختلفة. وأيضاً قوى النظام والمعارضة. وغياب شبه كامل لقوى الثورة.

ولم تنضج الظروف بعد لأي حل سياسي، أو تسوية سياسية. وجولات جنيف ليست أكثر من تعبئة فراغات دولية، كتغطية وهمية لما يجري على الأرض. ويبدو أن إهمال جنيف، أو التسوية السياسية، في المرحلة الراهنة لم يكن عفوياً أو تكتيكياً، أو خطة روسية منفردة، إنما الخطة الروسية منسجمة مع الرؤية الأمريكية للحل في سورية، والتي تستند إلى العمل على مسار "وقف فوري لإطلاق النار، ويعقب ذلك مفاوضات حول شكل الدولة القادمة وحكومتها المستقبلية"، وليس العكس، أي تسوية سياسية أولاَ -كما يحصل في جنيف- وإصلاح مؤسسات الدولة وحكومة جديدة، وانتخابات إلخ ، يعقبه وقف لإطلاق النار، إذ سرعان ما تنهار المفاوضات وتعود الحرب من جديد، وبالتالي، "إن وضع التسوية السياسية كشرط مسبق للسلام هو وصفة لمواصلة الحرب". وهذه الرؤية ليست جديدة، إنما تعود إلى عهد أوباما، ونشرتها مؤسسة راند (Rand Corporation)، بعنوان "خطة سلام من اجل سوريا" في ديسمبر (٢٠١٥)، وهي "منظمة بحثية غير ربحية، وغير حزبية" كما تعرف بنفسها، ومقربه من الاستخبارات الأمريكية وصناع القرار. (خطة سلام من اجل سوريا-جيمس دوبنز، فيليب غوردون، جيفيري مارتيني- ترجمة مركز إدراك للدراسات والاستشارات-فبرأير٢٠١٦- http://idraksy.net/a-peace-plan-for-syria/)

وجاء ترامب ليعزز التواجد الأمريكي على الأرض مقابل روسيا، والتفاهم معها باتجاه فرض خطة سلام على الجميع في سورية. وكانت البداية الموافقة على إعطاء الاهتمام لمؤتمرات "أستانا"، ودعم مسار إيجاد مناطق "خفض التوتر"، كمقدمة لوقف إطلاق النار. والخطوة الفعلية الأولى- ولأجل إسرائيل أولا- هو اتفاق ترامب-بوتين في هامبورغ على وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية، ويشمل القنيطرة ودرعا، وتم تنفيذه بدءاَ من (٩تموز٢٠١٧)، ويهدف إلى "تأمين حدود الأردن وإسرائيل ومنع النظام، وإيران، وداعش، التواجد في تلك المنطقة" كما ورد في نص الاتفاق. ( https://www.dohainstitute.org/ar/lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/document_24A0A20C.pdf)

وسورية الآن تتقاطع إلى حد كبير مع الخطة المذكورة. والتي تتضمن: أولاً، "وقف شامل لإطلاق النار". وثانياً، "تقسيم سورية إلى ثلاث مناطق آمنة: النظام وميليشياته في المنطقة الغربية والمدن الكبرى، والمعارضة المسلحة في الشمال والجنوب السوري، والأكراد في الشمال. "والمنطقة الرابعة في الشرق لداعش، والتي ستتعاون الأطراف الخارجية لطردها منها". "ومسؤولية وقف إطلاق النار ستقع على القوى الدولية التي تدعم أطراف النزاع الآن. وهو ما يحتم على الولايات المتحدة وروسيا وإيران ضمان التزام النظام بالاتفاق، فيما ستحافظ الولايات المتحدة على إلتزامات الأكراد، وستضغط كل من تركيا والأردن على المعارضة السنية للالتزام بهذا الاتفاق وتطبيقه".

ويستند التفاهم الروسي-الأمريكي إلى وقف الدعم العسكري لفصائل المعارضة، ويقابل ذلك الضغط الروسي على النظام كي يلتزم بوقف إطلاق النار، بعد تعهد أمريكي بعدم السعي لإسقاط النظام، وإقناع السعودية وتركيا بذلك. و"لرصد وضمان الحفاظ على وقف النار، من الضروري انتشار القوات الخارجية في أماكن الأصدقاء، قوات تركية في الشمال، وأردنية في الجنوب، وقوات أمريكية في مناطق الأكراد، وقوات روسية في مناطق النظام ".

- إلا أن تنفيذ هذه الترسيمة النظرية مرهون بالتفاهم الأمريكي الروسي، وهذا غير متوفر حتى الآن، وقد لا يتكرر اتفاق هامبورغ في المناطق الأخرى. وذلك بسبب الموقف الأمريكي الملتبس من النظام، وتركيزه على محاربة داعش ودعم الأكراد. في حين الموقف الروسي أكثر وضوحاً في دعمه للنظام، والاستفادة من خطة مناطق "خفض التوتر"، بحيث يمكن للنظام استعادة المناطق المتبقية تدريجياً، بدعم روسي إيراني. ولن يكتفي النظام بالحدود الراهنة. وبالمقابل حصار الكتائب العسكرية المعارضة، بحيث لا يمكنها التقدم خطوة واحدة على الأرض.

- وبالتالي على الأرجح لن يحصل وقف كامل لإطلاق النار في عموم سورية،إلا بعد القضاء على داعش، وهذا قد يستغرق العامين القادمين. وستكون المنطقة الشرقية الأكثر توتراً ودموية، سواء خلال تحريرها من داعش، أو بعد ذلك والصراع على السيطرة عليها، بين النظام وإيران، والأكراد، والمعارضة، إذا لم "تصل إلى إدارة دولية، وقوة دولية برعاية الامم المتحدة" تراقب وتضبط وقف إطلاق النار. وليست هناك أية مؤشرات حول مصير إدلب. لكن الدول الإقليمية ستحاول برعاية روسية، تفتيت الفصائل العسكرية وإخضاعها لتركيا، أو روسيا مباشرة، وليس النظام.

- والإشكالية الأهم في مستقبل الصراع، هو النظام السوري وإيران، واللذين أصبحا يتمتعان بموقف أقوى من السابق. فالكتلة العسكرية الصلبة للنظام لم تنهر، ومازال قادراً على استخدامها بفعالية ضد المعارضة، وإيران مع حزب الله أصبحوا يشكلون رقماً صعباً على الأرض.

وكل الوقائع خلال السنوات السابقة تؤكد أن النظام لا يمكن أن يقبل أي نوع من التسوية يمكن أن تؤدي إلى مشاركته في السلطة. وتصوره للتسوية لا يتعدى صنع "جبهة تقدمية" جديدة، كما صنعها الأب. ومازال الرأي صحيحاً، إن رحيل هذا النظام لا يمكن أن يتم إلا بالقوة العسكرية، وقد فشلت المعارضة وحلفاؤها بذلك. وليس في الأجندة الأمريكية ما يشير إلى اسقاط النظام، عسكرياً، إنما يعمل الأمريكان وفق مقولة "اتركوا مشكلة الأسد للروس"، ويسعون لإضعافه بتثبيت التقسيمات الجغرافية على الأرض، ودعم المناطق ومجالسها المحلية التي يتواجدون فيها، في الجنوب. ومع الأكراد في الشمال، وبالتالي لم يعد النظام قادراً على السيطرة على كامل سورية كما كان في السابق، كما يلاحظ بعض الخبراء الأمريكيين.

وبالتالي نحن أمام مرحلة انتقالية، يرسمها الروس والأمريكان، متفاهمين، أو منفصلين، بإنشاء مناطق جغرافية متعددة، يحكمها الفاعلون الإقليميون برعاية روسية أمريكية، وإضعاف النظام المركزي، واستمراره يحكم وفق اللامركزية الإدارية، والسياسية، كأمر واقع، إلى أن يتم الحسم والوصول إلى سيناريو واضح لكيفية رحيل هذا النظام، أو إ عادة تجديده. وقد تستغرق هذ الفترة السنوات الأربع القادمة، واستحقاق الانتخابات الرئاسية، الذي قد يشكل فرصة دستورية للبحث العملي حول مصير النظام.

وخلال هذه المرحلة الانتقالية، سيستمر النظام بالعمل على كسب مزيد من الأراضي، وعدم قبوله بالحدود الراهنة. وبالمقابل تعمل القوى التكفيرية، والمعتدلة أيضاً على ترتيب أوراق الهزيمة، إذا أحسنت ترتيبها، للعود لساحة الصراع من جديد.

-

-٢-

ضمن الرؤية السابقة، وبالعودة إلى العامل الطائفي ودوره في مستقبل الصراع في سورية. "ليس محتوماً أن الطائفية سوف تزيد أو تنقص خلال العقد المقبل. وذلك لأن شدة الطائفية تعتمد على مجموعة من الدوافع" أو العوامل التي يمكن أن "تزيد أو تقلل من خطر الصراع الطائفي"، كما استنتج عدد من الباحثين في بحث هام نشرته مؤسسة راند (Rand Corporation) بعنوان "مستقبل العلاقات الطائفية في الشرق الأوسط" (مستقبل العلاقات الطائفية في الشرق الأوسط-جيفري مارتيني، هيثر ويليامز، ويليام يونغ-ترجمة احمد عيشة- http://harmoon.org/archives/4853)

وقد عمل الباحثون على فرز ثمانية عوامل/ دوافع تزيد أو تقلل من خطر الصراع الطائفي- [في منطقة " الصدع الطائفي" كما يسمونها، والتي تشمل (البحرين، وإيران، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وعمان، وقطر، والسعودية)، حيث نسبة الشيعة إلى السنة تقريباً (١:١) ويشكل الشيعة ٥٤٪ والسنة ٤٦٪] - وذلك من اجل استنتاج أربعة سيناريوهات محتملة لمستقبل الصراع الطائفي خلال العقد القادم حتى (٢٠٢٦).

والعوامل الثمانية هي: الهوية الذاتية، والخطاب الديني، والجهات الفاعلة غير الحكومية، ودور الدول الإقليمية، ونوعية/جودة الحكومة. والظروف الاقتصادية، واتجاهات النزاع، والفاعلون الخارجيون.

وتوصل الباحثون لأربعة سيناريوهات محتملة:

الأول: صعود النزعة المحلية والتي هي رد فعل على الأحزاب الإسلامية وفشلها في إدارة المناطق.

والثاني: معسكر شيعي موحد وسط الفوضى السنية. حيث سيتراجع المعسكر السني لانشطاراته وتفككه، مقابل معسكر شيعي متماسك وقوي، وعودة للنظام للسيطرة على المدن الكبيرة، وإيران ستكون أكثر استقراراً.

والثالث: مجازفة سياسية تجلب الانفراج. حيث يتصاعد النزاع الإقليمي من شانه أن يهيئ السعودية وإيران لمواجهة عسكرية مباشرة. وتمويل للأقليات في كل بلد. ووصول النزاع الطائفي بين السعودية وإيران للذروة.

والرابع: النزاع العرقي وإزاحة دافع الانعزال الذاتي.

حيث يتخامد العنف النشط تحت راية الطائفية، بسبب أن الصراع العرقي والتشرد والنزوح قد أديا إلى الفصل الفعلي بين المجتمعات المحلية، علي أساس طائفي أو عرقي. وتضع المجتمعات في خطر فيزيائي يستند على الانفصال وليس القبول. وتظهر الانقسامات الطائفية الجغرافية كأمر واقع، مترافقة مع التطهير الطائفي والعرقي. وهذا الفصل أو الانقسام يعمق التخندق الطائفي، وينذر بصراع يختمر، ويُؤسس له للانطلاق من جديد.

ويمكن مقاربة هذه العوامل في سورية خاصة، كما هي في الواقع المنظور، ومحاولة استشراف المستقبل:

- إذا افترضنا أن الحرب ضد داعش والنصرة، ستستغرق العامين القادمين، و إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار. فإن النتيجة الأولى، لن يكون البديل إقامة "الحكم الرشيد". وعلى الأرجح سيكون البديل حكومة تسووية انتقالية فاشلة، وفاسدة، بغض النظر عن الشكل الذي سيتم ترتيبه، وبالتالي عدم توفر الحكم الرشيد، والظروف الاقتصادية المنهارة، وعدم توزيع الثروات بشكل عادل، سيجعل الصراع الطائفي مستمراً.

- و"الفاعلون غير الحكوميين" مثل منظمات المجتمع المدني، والوجهاء والمشايخ، والجمعيات الخيرية، على الأرجح لن يشكلوا جسراً بين الطوائف، لأنه لم يتشكل حتى الآن هؤلاء الفاعلون على المستوى الوطني، والمتحررون من الأجندات السياسية الطائفية. كما يمكن أن نلاحظه في بنية هذه المنظمات المنتشرة كالفطر، والتي تنخرها العائلية والمناطقية، والطائفية، والفساد والافساد.

- ودور "الدول ذات الثقل الإقليمي مثل السعودية وإيران في التأثير على العلاقات الطائفية سيدوم على مدى عشر سنوات". وهذا يعني استمرار التغذية لاستمرار الصراع الطائفي. والخطاب الطائفي، سيظل مستمراً طالما تقف وراءه دول طائفية، وأموال، وفضائيات، وجوامع، وحسينيات، تعمل يومياً على التجييش الطائفي، والتكفير المتبادل، والانتقام، والثأر. وخاصة أن الحرب لم تتوقف حتى الآن، والدماء لم تجف بعد.

- ورغم تماسك المعسكر الشيعي، مقابل المعسكر السني المتشتت، والذي يزداد تمزقاً، إلا أن الصراع الطائفي بين السعودية وإيران لن يصل الي مواجهة عسكرية مباشرة-كما هو السيناريو الثالث- بسبب عدم استعداد السعودية لذلك، وانشغالها في اليمن، بالإضافة إلى أن أمريكا على الأرجح لن تدفع بالصراع إلى هذه الدرجة القصوى. وسيقتصر الأمر على استمرار إيران بدعم الأقليات الشيعية في سورية ولبنان واليمن، والسعودية والخليج عموماً، بانتظار الفرصة المناسبة، لتفجير الأوضاع الداخلية لهذه الدول الأخيرة.

- وتماسك المعسكر الشيعي، مع الدعم الروسي، أدى إلى تحقق السيناريو الثاني، بعد عام من التنبؤ به، وهو سيطرة النظام على أهم المدن الكبرى. لكنه سيظل عاجزاًعن السيطرة على كل سورية. فالمنطقة الجنوبية، والكردية في الشمال، والريف الحموي والحمصي، وإدلب، والمناطق الشرقية التي سيتم تحريرها من داعش، جميعها لن يكون النظام قادراً على العودة إليها، بسبب الفيتو الأمريكي. وأمريكا لن تضحي كلياً بعلاقاتها مع تركيا والسعودية والخليج، من أجل إعادة إنتاج النظام كما تريد روسيا وإيران.


- يبقى السيناريو الأكثر احتمالاً، وهو السيناريو الأول أي "صعود النزعة المحلية والتي هي رد فعل على الأحزاب الإسلامية وفشلها في إدارة المناطق". وكما يجري العمل عليه منذ الآن، بتشكيل المجالس المحلية حتى تحكم وتدير المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. بالإضافة إلى السيناريو الرابع، جزئياً "حيث يتخامد العنف الطائفي النشط"، مترافقاً مع الانعزال الذاتي للهويات الطائفية، والتي يغذيها النزوح الداخلي، مما يؤدي الي القضاء على المجتمعات المتعددة طائفياً وعرقياً، وهذا "الفصل بين المجتمعات يعمق التحامل وينذر بصراع يختمر ويؤسس له ببطء نحو الاطلاق"، في المستقبل.

- لكن الفصل العرقي والطائفي في سورية لم يتحقق حتى الآن. فالتخندق الطائفي والعرقي والقومي، الذي حفرته الطائفية السياسية الشيعية-السنية، والأيديولوجيا الشوفينية العربية-الكردية، رسم حدوداً جغرافية طائفية وعرقية جديدة بشكل عام، مثل: حصر العلويين في الساحل، مع استمرار تواجدهم كرموز في المناطق التي يسيطر عليها النظام، وانكفاء الدروز في مناطقهم، والأكراد في الشمال. لكن هذا التخندق لم يصل إلى مرحلة التطهير الكامل، كما حصل في القصير، واتفاق المدن الأربع "كفريا والفوعة ومضايا والزبداني"، وذلك لأسباب موضوعية وأهمها أن "السنة" يشكلون الأغلبية في المجتمع السوري، منتشرون في كل المحافظات السورية. ولا يمكن تشييع المدن الكبرى وأهمها دمشق وحماه وحلب. كما أن التداخل التاريخي يمنع إلى حد كبير التطهير، مثل حمص التي يعمل النظام على تطهيرها، محاطة بريف سني، وحماه السنية محاطة بريف إسماعيلي وعلوي ومسيحي. إلخ . والتهجير القسري، الذي يمارسه النظام وإيران وهو مقدمة للتطهير الكامل يحتاج إلى فترة زمنية طويلة لكي يتحقق على الأرض. إن إيران تعمل على نقل تجربتها في التطهير الطائفي من العراق ذي الأغلبية الشيعية إلى سورية ذات الأغلبية السنية، ولكن على الأرجح لن يساعدها الواقع الموضوعي في سورية لذلك.

- وأيضا الواقع في الشمال السوري، والذي يتخذ صورة الصراع القومي بالدرجة الأولى بين العرب والأكراد، وهو يتميز بطابعه التحرري من الاستبداد القومي العربي، لكنه يقترب من صراع المتشابهات بسيطرة العقلية الشوفينية الكردية الممثلة بحزب الاتحاد الديمقراطي-مقابل الشوفينية العربية عند النظام والمعارضة-الذي يسعى لإقامة فدرالية جغرافية في الشمال السوري، دون أية مبررات موضوعية لقيام مثل هذه الفدرالية، والتي هي جغرافية شكلاً، وسيطرة كردية مضموناً. و"قوات سوريا الديمقراطية-قسد"، شبيهة "بالجبهة الوطنية" للنظام. وعلى الأرجح ستفشل فدرالية كهذه-رغم كل التهجير القسري بحق العرب المعارضين الذي يمارسه ال(ب ي د)- لأنها ستواجه موضوعياً أغلبية عربية، وموقفاً أمريكياً-تركياً، ودولياً معارضاً. وعلى الأرجح سيكتفي ال (ب ي د)، بعد أن أصبح رقماً صعباً علي المستوى العسكري في الساحة، أن يقيم حكماً ذاتياً في المناطق الثلاث المنفصلة وهي (عفرين، وكوباني، وبعض المناطق في الجزيرة)، ضمن الدولة السورية القادمة.

- وتبقى إدارة "الفاعلون الخارجيون"، وهم أمريكا وروسيا للصراع، وكيفية توجيهه، سيكون له آثار هامة في تخفيف أو زيادة العامل الطائفي في الصراع. وإذا استمرت روسيا في دعم النظام وإيران، وتنامى الوجود الإيراني في سورية -كما هو في العراق-، فإننا سنكون أمام موجات متتالية من الدموية الطائفية.

وإذا لم يتم التفاهم الأمريكي-الروسي حول سورية، وعنوانه الحسم العسكري ضد المنظمات الإرهابية "السنية"، وترحيل النظام وإبعاد إيران وميليشياتها "الشيعية"، فالمتوقع تزايد دور العامل الطائفي في المستقبل، وحتى وصول القوى المتصارعة لحدود الإنهاك الكلي. دون أن يستطيع أي محور على إبادة الآخر كلياً.

- إن استمرار النظام والوجود الإيراني في سورية يشكل المنبع الدائم لتغذية العامل الطائفي في الصراع. وأيضاً ترحيل الرئيس، وعائلة الأسد، سيفتح بوابة جديدة للصراع، حيث سيبدأ انفراط عقد النظام ككل، وخاصة القوى العسكرية. وانفراط هذا العقد سيجعل الساحة مليئة بالميليشيات العلوية، والتي تقدر بعشرات الآلاف، أو ربما أكثر من ذلك، والتي ستدافع للنهاية عن مصالحها التي ستفقدها بانهيار النظام. وهي لاتملك من الأوراق إلا السلاح والعصبوية الطائفية. ومع أن هذا المشهد كان من المفترض أن يتحقق خلال الفترة الماضية، إلا أن عدم تحققه، لا يعدم، ضرورة تحققه في المستقبل. لأنه البوابة الرئيسية، والوحيدة، لدخول مرحلة السلم الأهلي في سورية، وهي أيضا ستكون مرحلة انتقالية، قد تشمل العقد القادم بأكمله. وأيضاً ترتيب النظام لأوراق الهزيمة سيرافقة بالتأكيد، انتقامات طائفية دموية، في المناطق المختلطة، وعودة من جديد لاطلاق الصراع الطائفي من جديد، الذي استراح قليلاً واختمر في مناطقه المغلقة. وقد نجد من جديد أيضاً داعش ومشتقاتها، في جيلها الثالث، بعد ابن لادن، والبغدادي والجولاني.

- وأخيراً، للمستقبل، ومع صعوبة تصميم مقياس لشدة الطائفية في مكان وزمان محددين. إلا أن الباحثين، يقترحون "تصميماً متغيراً مركباً يجمع بين (١) دراسة استقصائية عن المشاعر العامة. و(٢) تتبع الخطاب الطائفي، و(٣) تتبع الاجراءات الطائفية. وهذا من شأنه أن يوفر أسساً شديدة الضرورة لتحديد مقدار الثقل الذي يمكن ان تتحملها الطائفية عند تصميم التدخلات السياسية لزمان ومكان محددين." (المرجع السابق- مستقبل العلاقات الطائفية في الشرق الأوسط).

وإذا حاولنا قراءة مؤشر هذا المقياس في الواقع الراهن، نرى المؤشر في الدرجات العليا. أولا: المشاعر العامة الطائفية في أوجها. العلويون يرون في النظام ممثلاً ومدافعاً عنهم، وأهل السنة في موقع الهزيمة والضياع، ويختزنون من جديد مشاعر الحقد، والانتقام، دون أن يجدوا ممثلاً عنهم. وثانياً: الخطاب الطائفي في أعلى درجاته، كما يعبر عنه الإسلام السياسي عامة، بكل درجاته ومستوياته، عبر الفضائيات، والسلوك العملي في المناطق التي يسيطر عليها. وبنفس الدرجة خطاب الكراهية والعنصرية، العربي والكردي. وثالثاً: مازال الثقل الطائفي كبيراً، ويختمر أكثر، بحيث يمنع أية تدخلات سياسية لتدشين مرحلة السلم الأهلي من جديد.















































































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ردّاً على " قُحولة الرأي" لدى كاتب شيوعي ومعتقل سياسي!

27-آذار-2021

الذكرى العاشرة للثورة السورية

20-آذار-2021

قابيل: والحديث مع الله.. بداية الخلق بين الثواب والعقاب!

07-آذار-2020

الطائفية وصراع المتشابهات

07-كانون الأول-2019

الطائفية وصراع المتشابهات الجزء الأخير

23-كانون الأول-2017

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow