Alef Logo
ابداعات
              

رأيت بيتاً يركض نحوي

مروان علي

2018-01-27

إلى نسرين عبد الله وعيشانه علي


-1-

أنا الذي ركض حافياً في شوارع كرصور ونام في حضن أمه وحين استيقظ وجد نفسه كبيراً ووحيداً في أمستردام.

في منتصف الطريق بين نيف وكرصور نزلت من السيارة، تنفست الهواء.. الهواء الذي يعرفني.

عدت طفلاً، أركض خلف خرافي البيضاء في هضاب كوتيا وقوجي وبيرا بازن وقوتكي وخربة غزال.. عادت الخراف إلى كرصور وبقيت وحيداً وبعيداً.

عدت طفلاً

أين هي دفاتري المدرسية

وأقلام التلوين ماركة النسر التي تركتها خلفي

سأجدها ذات يوم

لا شيء يضيع هنا.

وضعت حقيبتي على الأرض

وتأملت كرصور

رأيت بيتاً يركض نحوي.


-2-

حين وصلت إلى القامشلي

مررت قرب محطة القطارات الخالية

بحثت طويلاً

عن رائحتي القديمة

عن المكان الذي كنت أجلس

عن كشك الصحف

عن بائع الدخان المهرب

عن صفير القطار لحظة الانطلاق

عن سعادة الجنود القادمين

عن حقائبهم

عن ورقة الإجازة

ولم أكن أعرف

أن الحرب تلتهم كل شيء

حتى القطارات والمسافرين

والأحلام الخفيفة

التي تظل قريبة من الناس

ولا تطير عالياً

في سماء هذي المدينة.

-3-

بيني وبين كرصور الآن نظرة واحدة، هي النظرة الأخيرة التي احتفظت بها وأنا أغادر في نهاية صيف 1995 وأمي تلوح لي بدموعها بينما أبي يشعل سيجارته وينظر نحو السماء فوق كرصور.

ثمة سرب من الطيور يحلق عالياً.

-4-

تعلمت الشعر من الحياة، من السير خلف أبي في هضاب قوجي، من الركض خلف أسراب الزرازير التي تقترب من الأرض ثم تحلق عالياً بين حقول القمح، من البيوت الطينية والنوافذ الخشبية الكبيرة في كرصور، من الركاب الذين كانوا ينتظرون حسينو وسيارته شيفروليه 1957 في القامشلي قرب بقالية عزتو.

من الغبار الذي يتركه القطيع خلفه في براري بيرا بازن.

كتبت القصيدة الأولى على الجدران الطينية تحت شمس أيلول وقرأتها لأمي وأختي عيشانه وحقل القمح وعصافير الدوري في باحة البيت..

وتركتها هناك

كي لا يقول لي أحد

لم تترك شيئاً خلفك لأهلك

وذهبت بعيداً.


-5-

حين تعود إلى بيتك

بعد سنوات طويلة

ستجد أن كل شيء قد تغير

الأشجار

لم تعد في مكانها

على طرفي الشارع العام

البيوت الطينية الجميلة

هاجرت نحو القرى البعيدة

المدينة كبرت

غادرتها رجلاً

وعدت إليها طفلاً.


-6-

أسراب القطا تحلق عالياً فوق كرصور

في طريقها نحو الهضاب القريبة في بيرا بازن وكيستك

أتأملها بحرقة

مثل أم رأت ابنها الجندي

في شاحنة روسية قديمة

تنقل الجنود إلى الحرب.



-7

أحبُ العصافير في سماء كرصور

والأزهار بين حقول القمح في هضابها

والذين يعودون إليها من المدن البعيدة منهكين

وحين يضعون رؤوسهم على حجارتها

ينامون بسعادة.



القصيدة الأولى كتبتها على جدار بيتنا الطيني في كرصور وقرأتها لأمي وأختي عيشانه وحقل القمح وعصافير الدوري في باحة البيت..



أسراب القطا تحلق عالياً فوق كرصور

في طريقها نحو الهضاب القريبة في بيرا بازن وكيستك

أتأملها بحرقة مثل أم

رأت ابنها الجندي

في شاحنة روسية قديمة

تنقل الجنود إلى الحرب.



أحبُ العصافير في سماء كرصور

والأزهار بين حقول القمح في هضابها

والذين يعودون إليها من المدن البعيدة منهكين

وحين يضعون رؤوسهم على حجارتها

ينامون بسعادة.



القامشلي / كرصور، أيار 2017
تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أَعرِفُ الطرِيق مثل حصان جدّي

18-آب-2018

أعرِفُ الطرِيق مثل حصان جدّي

11-آب-2018

ع هدير البوسطة..

31-آذار-2018

رأيت بيتاً يركض نحوي

27-كانون الثاني-2018

سنـــــــــوات

12-أيلول-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow